لكن مع تقدم القضية الكردية نحو آفاق جديدة, بفضل الكفاح المسلح لحزب العمال الكردستاني أولاً, ويجب علينا أن لا ننسى التضحيات الجسام التي قدموها من الشهداء وبتمريغ أنف الذئب التركي في التراب, وجعله يعترف بالهزائم على ذرى جبال كردستان وتكبدهم المزيد من الخسائر في العدة والعتاد, والبشر من العسكر, فكل هذا أدى إلى تقديم حزب العدالة تنازلات على أرض الواقع من فتح هذه المؤسسات الثقافية ومعاهد اللغة الكردية وتدريس اللغة الكردية في جامعتي دجلة وماردين, وفتح قناة Tv 6, وهي ليس من منح وعطاءات هذا الحزب الأردوغاني بل هي نتيجة الدم الكردي الذي روى جبال قنديل, وآغري وغيرها.
إذٍ لا بد من الاعتراف بالشعب الكردي الذي وقف وراء هذه المؤسسات الثقافية والسياسية والإعلامية في آمد, و المدن الكردية وإنه لباعث على الفرح والغبطة من عمل أولئك الشباب والفتيات اللواتي يعملن بجهد مضاعف في هذه المرافق وبحيوية زائدة في إنجاز ما يترتب عليهم, والله لقد رأيت الفتيات المناضلات في معهد ديار بكر يجلسن على الكمبيوتر لساعات طوال, فهذه سجنت ثمان سنوات, وتلك سجنت 11 سنة, أناملهن الشموع تستحي الشمس أن تلامس قلوبهم لكبريائهم الوطني ولأخلاقهم العالية, وصبر ودأب على انجاز مشروعهم الثقافي الكردي في مناحي الفلكلور والشعر والأدب و إخراج الكتب والمجلات الثقافية على نحو راقٍ كمثيلاتها التركية المتقدمة.
كنت أنظر ملياً إلى هذه الكوادر الثقافية وأذهب إلى مبنى بلدية ديار بكر, والسور, ونصيبين وباتمان وغيرها وأرى الجد و الحافز القوي لديهم في خدمة شعبهم الكردي والتركي على أكمل وجه, ورأيت بعض الشخصيات التركية المتعاطفة مع حقوق الشعب الكردي وهم يتحملون عناء السفر, وإقناع الأتراك الفاشيست بعدالة قضية هذا الشعب.
ومن منا ينسى البرلمانية الكردية ليلى زانا هذه المناضلة التي قضت سنين طوال في السجون التركية وطردت من البرلمان لأنها تكلمت باللغة الكردية, وخرجت مرفوع الرأس أكثر قوة وعزيمة وإشراق على تحدي الفاشية التركية وخدمة أبناء شعبها وأصبحت بمثابة الرمز العظيم في العالم كله, وأمام هذه التحديات فيمكننا أن نلامس أن النخب السياسية الكردية والكوادر السياسية يعملون كخلايا النمل ويقتربون من هموم وقضايا الشعب الكردي, وفي خدمة البلديات رغم ما تعانيه البلديات من سياسة التنقيط بالقطارة لميزانية هذه البلديات بحيث لا تستطيع أن تنجز كامل مهماتها في تحسين الخدمات من شوارع, وحدائق ومرافق أخرى, ولابد من الاعتراف بأنه لا يزال مجموعة لابأس بها في كوادر وناشطي هذه البلديات في السجون التركية , وهم صامدون كالصقور لا يأبهون للذل والهوان أمام رسالتهم السياسية في نيل المزيد من الاعتراف بالشعب الكردي البالغ 20 مليوناً, وفي هذه الانتخابات التي تقدم الكرد كثيراً فقد تقدم حزب (السلام والديمقراطية) وحصل على 36 مقعداً في البرلمان التركي على الرغم من تسييس الدين لصالح هذا الحزب الذي يمتطي حصان الدين في تحقيق مآربه السياسية والتغلغل في المجتمع الكردي لكسب أصوات الناخبين الكرد, والرشاوى وطرق الترهيب والترغيب التي قام بها أردوغان في المناطق الكردية ومن تجييش كل القوى التركية من اليمين إلى اليسار في حملاته الحزبية الانتخابية وإن كان الفوز في ديار بكر ليس بالمستوى المطلوب لكن الفوز كان كاسحاً في الشرق الكردي وحتى في استانبول فقد حصل الحزب الكردي على3 مقاعد في البرلمان التركي., ويوم بعد يوم يصل الناخب الكردي الحقائق والألاعيب السياسية لهذه القوى الدينية والعلمانية التي تريد سرقة صوته, وهذا الوعي وهذه النتائج لهي تبعث الارتياح وتجعل و العيون دموعاً تذرف على هذه الانجازات العظيمة التي يسير عليها الكرد في المحافل الكردية والتركية وإيقاظ وتنمية عقول وقلوب ذاك الشعب الخامل سياسياً , وهذا مدعاة فخر لهم ولنا في نيل الدروس المستقاة بالعمل والجهد والنشاط الكردي لأجل الشعب الكردي, وليس لأجل الياقات وحضور الولائم و الهروب نحو الوراء وتفضيل خدمة الحزب على الشعب, والتواضع والنظر بعيون ثاقبة إلى مستقبلهم بعيداً عن مخططات السلطات المضللة للشعب من التفريس, والتعريب والتتريك وكل هذه السياسات فشلت وستفشل أمام كسر حاجز الخوف, و النضال بشكل عقلاني وواقعي والمضي واتخاذ القرارات الشجاعة في الظرف والوقت المناسب وهذه مسئولية قيادات الأحزاب لتكون على قدر المسئولية الملقاة على عاتقهم في الابتعاد عن روح حب الذات والأنانية, ويستحضرني هنا تذكر رئيس بلدية ديار بكر المحامي (أوصمان بايدمر) الذي رأيته شخصية كاريزمية ومتواضعاً ويعمل بدأب ونشاط في الحقل الثقافي والسياسي, وغيرهم الذين تعرفت عليهم من النساء والرجال في عموم تركيا ولا ننسى أيضاً العديد من الشخصيات الوطنية المؤثرة في الشارع السياسي من كتاب, سياسيين وفنانين في دعم مسيرة هذه الحزب الذي أنجز الكثير على أرض الواقع, فقد أقاموا خيم السلام في كل مكان, وسحبوا البساط المبرقع التركي الواهي من تحت أقدام الشوفونيين الترك المتدينين, وواجهوا آلة القمع التركية في المدن والبلدات, وبثوا روح جديدة في نسغ الكردي المغيب نتيجة سياسات التتريك الطويل, فهناك ( شرف الدين آلجي, والفنان فرهاد تونج) وغيرهم من الكتاب في تركيا شكلوا خلايا نضالية و العمل في الحملات الانتخابية وعلى رأسهم المناضل القدير صاحب الكردية الصافية (احمد ترك) الذي ألهم الجماهير بتواضعه وحضوره السياسي وبلغته الكردية الرقية وملامسة إحساس الكرد الذين نسوا لغتهم وها هم يعملون من جديد في رفع شأن اللغة والثقافة الكردية, وهنا لابد من تذكر شاعر تونس الخالد:
إذا الشعب يوماً أراد الحياة فلا بد أن يستجيب القدر.
وهنا في سوريا أيضاً نجد البرلمان السوري لا تجد كردياً واحداً يمثل شعب كردي سوري تعداده 4 ملايين نسمة في سوريا؟1 ولا اعتراف ثقافي وسياسي على الرغم من الاعتراف ب” الأكراد المكون الثاني للنسيج الوطني السوري” فلا تتعجب ياهذا!!