البرلمان التركي يستقبل 36 نائباً كردياً جديداً.. مبروك لكم يا أكراد تركيا

سيامند إبراهيم

انبهرت كثيراً, وزادت  دفقات الدم في شراييني, وأنا أشاهد عمل المؤسسات الكردية في تركيا خلال السنوات الأخيرة, أمعقول كل هذا الذي يجري أما ناظري مما تحقق على أرض الواقع؟ فحيث تسير ترى الإصرار الكردي منتشر في مخيلة وممارسات الشعب الكردي, وكان لي الشرف أنني تعرفت على الكثير من الشخصيات السياسية, الحقوقية, والثقافية المختلفة, وسررت أنني كسبت أصدقاء مخلصين منفتحي العقول ومتقدي الذهن في تطلعاتهم نحو الغد المشرق لبناء الأمل الكردي وتحقيقه على أرض الواقع, أمل الكرد في التقدم والخطو مرحلة مرحلة وبشكل علمي وسليم في قراءة الواقع السياسي بهدوء وتأنٍ والعمل بجهود جبارة على كل الصعد,
 وهذا مدعاة فخر وشرف لهم في إنجاز و قطع الكثير من الخطوات في ظل القوى التي كانت لا تعترف بالواقع الكردي في تركيا؟! وتسمي الأكراد بأنهم “أتراك الجبال” فإذ هي أمام التضحيات التي بذلها الشعب الكردي ممثلاً بحزب العمال الكردستاني الذي عمل بجد وتفان لامثيل لها, وعلى الرغم من الكثير من الأخطاء بل وحتى الابتعاد كثيراً في تصرفات مستهجنة وغير مقبولة في سلوكهم في إقصاء الآخرين سياسياً والتكتيكات التي لعبوها مع الدول التي تحكم الأكراد وتمارس بحقهم سياسة تعسف وظلم وغيرها..

لكن مع تقدم القضية الكردية نحو آفاق جديدة, بفضل الكفاح المسلح لحزب العمال الكردستاني أولاً, ويجب علينا أن لا ننسى التضحيات الجسام التي قدموها من الشهداء وبتمريغ أنف الذئب التركي في التراب, وجعله يعترف بالهزائم على ذرى جبال كردستان وتكبدهم المزيد من الخسائر في العدة والعتاد, والبشر من العسكر, فكل هذا أدى إلى تقديم حزب العدالة تنازلات على أرض الواقع من فتح هذه المؤسسات الثقافية ومعاهد اللغة الكردية وتدريس اللغة الكردية في جامعتي دجلة وماردين, وفتح قناة Tv 6, وهي ليس من منح وعطاءات هذا الحزب الأردوغاني بل هي نتيجة الدم الكردي الذي روى جبال قنديل, وآغري وغيرها.
إذٍ لا بد من الاعتراف بالشعب الكردي الذي وقف وراء هذه المؤسسات الثقافية والسياسية والإعلامية في آمد, و المدن الكردية وإنه لباعث على الفرح والغبطة من عمل أولئك الشباب والفتيات اللواتي يعملن بجهد مضاعف في هذه المرافق وبحيوية زائدة في إنجاز ما يترتب عليهم, والله لقد رأيت الفتيات المناضلات في معهد ديار بكر يجلسن على الكمبيوتر لساعات طوال, فهذه سجنت ثمان سنوات, وتلك سجنت 11 سنة, أناملهن الشموع تستحي الشمس أن تلامس قلوبهم لكبريائهم الوطني ولأخلاقهم العالية, وصبر ودأب على انجاز مشروعهم الثقافي الكردي في مناحي الفلكلور والشعر والأدب و إخراج الكتب والمجلات الثقافية على نحو راقٍ كمثيلاتها التركية المتقدمة.
كنت أنظر ملياً إلى هذه الكوادر الثقافية وأذهب إلى مبنى بلدية ديار بكر, والسور, ونصيبين وباتمان وغيرها وأرى الجد و الحافز القوي لديهم في خدمة شعبهم الكردي والتركي على أكمل وجه, ورأيت بعض الشخصيات التركية المتعاطفة مع حقوق الشعب الكردي وهم يتحملون عناء السفر, وإقناع الأتراك الفاشيست بعدالة قضية هذا الشعب.
ومن منا ينسى البرلمانية الكردية ليلى زانا هذه المناضلة التي قضت سنين طوال في السجون التركية وطردت من البرلمان لأنها تكلمت باللغة الكردية, وخرجت مرفوع الرأس أكثر قوة وعزيمة وإشراق على تحدي الفاشية التركية وخدمة أبناء شعبها وأصبحت بمثابة الرمز العظيم في العالم كله, وأمام هذه التحديات فيمكننا أن نلامس أن النخب السياسية الكردية والكوادر السياسية يعملون كخلايا النمل ويقتربون من هموم وقضايا الشعب الكردي, وفي خدمة البلديات رغم ما تعانيه البلديات من سياسة التنقيط بالقطارة لميزانية هذه البلديات بحيث لا تستطيع أن تنجز كامل مهماتها في تحسين الخدمات من شوارع, وحدائق ومرافق أخرى, ولابد من الاعتراف بأنه لا يزال مجموعة لابأس بها في كوادر وناشطي هذه البلديات في السجون التركية , وهم صامدون كالصقور لا يأبهون للذل والهوان أمام رسالتهم السياسية في نيل المزيد من الاعتراف بالشعب الكردي البالغ 20 مليوناً, وفي هذه الانتخابات التي تقدم الكرد كثيراً فقد تقدم حزب (السلام والديمقراطية) وحصل على 36 مقعداً في البرلمان التركي على الرغم من تسييس الدين لصالح هذا الحزب الذي يمتطي حصان الدين في تحقيق مآربه السياسية والتغلغل في المجتمع الكردي لكسب أصوات الناخبين الكرد, والرشاوى وطرق الترهيب والترغيب التي قام بها أردوغان في المناطق الكردية ومن تجييش كل القوى التركية من اليمين إلى اليسار في حملاته الحزبية الانتخابية وإن كان الفوز في ديار بكر ليس بالمستوى المطلوب لكن الفوز كان كاسحاً في الشرق الكردي وحتى في استانبول فقد حصل الحزب الكردي على3 مقاعد في البرلمان التركي., ويوم بعد يوم يصل الناخب الكردي الحقائق والألاعيب السياسية لهذه القوى الدينية والعلمانية التي تريد سرقة صوته, وهذا الوعي وهذه النتائج لهي تبعث الارتياح  وتجعل  و العيون دموعاً تذرف على هذه الانجازات العظيمة التي يسير عليها الكرد في المحافل الكردية والتركية وإيقاظ وتنمية عقول وقلوب ذاك الشعب الخامل سياسياً , وهذا مدعاة فخر لهم ولنا في نيل الدروس المستقاة بالعمل والجهد والنشاط الكردي لأجل الشعب الكردي, وليس لأجل الياقات وحضور الولائم و الهروب نحو الوراء وتفضيل خدمة الحزب على الشعب, والتواضع والنظر بعيون ثاقبة إلى مستقبلهم بعيداً عن مخططات السلطات المضللة للشعب من التفريس, والتعريب والتتريك وكل هذه السياسات فشلت وستفشل أمام كسر حاجز الخوف, و النضال بشكل عقلاني وواقعي والمضي واتخاذ القرارات الشجاعة في الظرف والوقت المناسب وهذه مسئولية قيادات الأحزاب لتكون على قدر المسئولية الملقاة على عاتقهم في الابتعاد عن روح حب الذات والأنانية, ويستحضرني هنا تذكر رئيس بلدية ديار بكر المحامي (أوصمان بايدمر) الذي رأيته شخصية كاريزمية ومتواضعاً ويعمل بدأب ونشاط في الحقل الثقافي والسياسي, وغيرهم الذين تعرفت عليهم من النساء والرجال في عموم تركيا ولا ننسى أيضاً العديد من الشخصيات الوطنية المؤثرة في الشارع السياسي من كتاب, سياسيين وفنانين في دعم مسيرة هذه الحزب الذي أنجز الكثير على أرض الواقع, فقد أقاموا خيم السلام في كل مكان, وسحبوا البساط المبرقع التركي الواهي من تحت أقدام الشوفونيين الترك المتدينين, وواجهوا آلة القمع التركية في المدن والبلدات,  وبثوا روح جديدة في نسغ الكردي المغيب نتيجة سياسات التتريك الطويل, فهناك ( شرف الدين آلجي, والفنان فرهاد تونج) وغيرهم من الكتاب في تركيا شكلوا خلايا نضالية و العمل في الحملات الانتخابية وعلى رأسهم المناضل القدير صاحب الكردية الصافية (احمد ترك) الذي ألهم الجماهير بتواضعه وحضوره السياسي وبلغته الكردية الرقية وملامسة إحساس الكرد الذين نسوا لغتهم وها هم يعملون من جديد في رفع شأن اللغة والثقافة الكردية, وهنا لابد من تذكر شاعر تونس الخالد:
إذا الشعب يوماً  أراد الحياة فلا بد أن يستجيب القدر.
وهنا في سوريا أيضاً نجد البرلمان السوري لا تجد كردياً واحداً يمثل شعب كردي سوري تعداده 4 ملايين نسمة في سوريا؟1 ولا اعتراف ثقافي وسياسي على الرغم من الاعتراف ب” الأكراد المكون الثاني للنسيج الوطني السوري” فلا تتعجب ياهذا!!

القامشلي  13-6-2011   

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

صلاح بدرالدين مؤتمر جامع في قامشلو على انقاض اتفاقيات أربيل ودهوك الثنائية لسنا وسطاء بين الطرفين ( الاتحاد الديموقراطي و المجلس الوطني الكردي ) وليس من شاننا اتفقوا او اختلفوا او تحاصصوا لانهم ببساطة لن يتخلوا عن مصالحهم الحزبية الضيقة ، بل نحن دعاة اجماع قومي ووطني كردي سوري عام حول قضايانا المصيرية ، والتوافق على المهام العاجلة التي…

شادي حاجي لا يخفى على أي متتبع للشأن السياسي أن هناك فرق كبير بين الحوار والتفاوض. فالحوار كما هو معروف هو أسلوب للوصول الى المكاشفة والمصارحة والتعريف بما لدى الطرفٍ الآخر وبالتالي فالحوارات لاتجري بهدف التوصّل إلى اتفاق مع «الآخر»، وليس فيه مكاسب أو تنازلات، بل هو تفاعل معرفي فيه عرض لرأي الذات وطلب لاستيضاح الرأي الآخر دون شرط القبول…

إبراهيم اليوسف باتت تطفو على السطح، في عالم يسوده الالتباس والخلط بين المفاهيم، من جديد، وعلى نحو متفاقم، مصطلحات تُستخدم بمرونة زائفة، ومن بينها تجليات “الشعبوية” أو انعكاساتها وتأثيراتها، التي تحولت إلى أداة خطابية تُمارَس بها السلطة على العقول، انطلاقاً من أصداء قضايا محقة وملحة، لا لتوجيهها نحو النهوض، بل لاستغلالها في تكريس رؤى سطحية قد…

شادي حاجي القضية الكردية في سوريا ليست قضية إدارية تتعلق بتدني مستوى الخدمات وبالفساد الإداري وإعادة توزيع الوظائف الادارية بين المركز وإدارات المناطق المحلية فإذا كان الأمر كذلك لقلنا مع من قال أن المشكلة إدارية والحل يجب أن يكون إدارياً وبالتالي حلها اللامركزية الادارية فالقضية الكردية أعقد من ذلك بكثير فهي قضية شعب يزيد تعداده على ثلاثة ملايين ونصف تقريباً…