محمود عباس
تباين الآراء والمواقف واضحة في سماء الكرد ” كمعارضة سورية ” رغم المحاولات المضنية لتقريب وجهات النظر على الأساسيات منها، عديدة هي الجهات الفاعلة لحمل لواء هذه المهمة، ولا يخفى دور القوى الخارجية والوطنية في التلاعب بهذه الجهود، سلباً أو إيجاباً.
رغم المحاولات المتكررة من الكرد والعديد من الإخوة العرب السوريين طَمسْ الثقافة السلبية والمغرضة التي كونتها البعث والسلطات الفاشية في سوريا، وإظهار القوى الكردية كمعارضة معزولة عن النسيج السوري، مختلفة وقائمة بذاتها، إلا أن الواقع الفعلي وما يتبين على الساحة الوطنية في الحاضر من الأيام، يعكس حقيقة مغايرة تماماً، وقد ظهرت هذه الحقيقة، من عدة أوجه في المؤتمرات التي جرت، ومن خلال الإعلام العربي والكردي نفسه أثناء تغطية مسيرة الثورة، وبشكل خاص مسيرات الشباب في شوارع المدن الكردية، ولا يستثنى لهجة الرفض من معظم القوى الكردية لطلب الرئيس بشار الأسد بالجلوس معه على طاولة التحاور في مثل هذه الظروف وتحت مظلة الأوضاع المأساوية التي خلقتها قوى السلطة بأنواعها في سوريا الوطن.
نعلم تماماً بانه ليس من السهل القضاء على الثقافة التي زرعتها السلطة والبعث في المجتمع السوري حول الوجود الكردي وقضيته، كما ولن تتمكن القوى المعارضة العربية التخلص بسهولة من تلك الشوائب الفكرية التي غرزت في الإنسان السوري منذ وصول البعث إلى السلطة، وسوف لن تستطيع القوى الكردية تجاوز هذه المفاهيم المترسخة بين الشعبين، كما ولن يكون من السهل إزاحة تلك الترسبات الفكرية لدى القوى العربية المعارضة في فترة قصيرة، ومن الصعب بلوغ هذه الغاية بدون توحيد الجهود مابين القوى الكردية بشكل اساسي، وتقريب الهوة بين الشعبين.
ما يحمد له أن النيات تتوضح على التوجه نحو إزالة هذه الشوائب ومحاولة التوصل إلى تقارب ما، على الأقل بأستمرار فتح مجالات التحاور والنقاش من مبدأ تقبل الآخر والتعامل بشفافية للوصول إلى نتيجة مرضية لأغلب الأطراف المعارضة، رغم وجود قوى عربية معارضة ” ليست دينية فقط بل بعضها تدعي العلمانية ” لا تزال متزمتة تجاه القضية الكردية وذلك تحت حجج متنوعة لا تتلائم والمسيرة الحالية للثورات في منطقتنا، وكأننا نرى من خلالهم طيف مفاهيم البعث عن الآخر، الكردي خاصة.
لهذه ولغيرها من الأسباب الملحة الآن على الساحتين الكردية والسورية عامة، نجد بأنه من الضرورة الملحة إقامة مؤتمر كردي سوري شامل في الخارج، وقد درست فكرة هذه المبادرة من قبل ” المجلس الوطني الكردستاني – سوريا ” من كل أطرافه، على أن يشمل المؤتمر جميع أطراف الحركة الكردية في سوريا، السياسية والثقافية والمستقلين وأغلب أطياف الشعب الكردي، يوحدون فيها قواهم على بعض النقاط الإستراتيجية المطلوبة لهذه المرحلة، يؤكد فيه بأنه يقام لا لإقصاء شرائح المجتمع السوري الأخرى، بل لخلق بنية نوعية جديدة من التعامل والتفاهم والتقارب، مغايرة لمفاهيم ثقافة البعث العنصرية، بين القوى الكردية والعربية والأقليات الأخرى المكونة للمجتمع السوري، والمؤتمر سيكون لجمع كلمة الكرد على مثل هذه المبادئ، وتبيان حقيقة مهمة وهي أنه لا بديل عن الشارع السوري.
كما ولا نستبعد دعوة بعض القوى العربية والأثورية كضيوف، حيث المؤتمر سيكون كردياً، يبحث في القضية الكردية والتعامل بين قواه، ومنها ينطلق للبحث في الثورة الشبابية السورية، وسويات التعامل مع القوى العربية المعارضة على اختلاف سوياتها ومفاهيمها ونظراتهم إلى القضية الكردية في سوريا.
د.
محمود عباس
الولايات المتحدة الأمريكية