الهزال الأخير للجوقة البكداشية

سيامند إبراهيم

في القامشلي خرجت إحدى الفصائل الشيوعية جناح (وصال بكداش) بمظاهرة تندد بالتدخلات الأمريكية الأوربية والتركية في الشأن السوري على حد زعمهم, وهذا من حقهم وبحسب مبادئهم في محاربة الامبريالية الأمريكية التي تتوسع وتهيمن على خيرات الشعوب في عموم الكرة الأرضية, ومرحى لكم أيها الشيوعيون الذين ناضلتم في سوريا ولبنان منذ الانتداب الفرنسي على سويا ولبنان , وذقتم مرارة السجون في العهود العسكرية الانقلابية, وتوجتم نضالكم وكفاحكم العظيم في مقارعة الاستخبارات الناصرية ممثلاً بعبد الحميد السراج الذي حول سوريا إلى سجن كبير؟!  ودفعتم الدم الغالي رخيصاً باستشهاد المناضل (فرج الله الحلو) هذا الإنسان المناضل الأصيل الذي أذيب بالأسيد في زنزانان الناصرية السراجية المقيتة؟
لكن لن نلج في التاريخ الطويل لكم بإيجابياته وسلبياته كثيراً, لكن لنذكركم بأنكم مازلتم ذو عقلية متحجرة ومتأثرين بممارسات الدكتاتور ستالين القمعي الذي قتل 3 ملايين من الشعب السوفييت في بناء سد الدنيبر, و خرب جمهورية (نقشفان) ذات الحكم الذاتي وشرد أكراد روسيا إلى مختلف الجمهوريات؟! ثم قضى بوحشية على جميع مناوئيه ومعارضيه, حتى رحل غير مأسوف, ومنذ السبعينيات من القرن الماضي, فقد دخلتم مرحلة الكمون والسبات الشتوي؟ ولم تمسوا الواقع أبداً, فقد ابتعدتم عن الجماهير الكادحة والعمالية؟! وضعتم؟! وابتعدت عنكم الجماهير على أرض الواقع في سياساتكم هذه في محاباة السياسة السوفيتية قبل سقوطها على يد (غورباتشوف) ثم انهيار الاتحاد السوفييتي وأصبح في خبر كان.

وبالأخص عندما تحالفتم مع أحزاب الجبهة الوطنية حزب البعث, الناصريين المشرذمين والذين لا يتسعون في باص نقل داخلي؟ ونستطيع أن نقول إنه منذ اللحظات التي دخلتم في الجبهة الوطنية التقدمية, وبعد أن زاد الضغط على خالد بكداش من القيادة السوفيتية وحثه على التحالف مع البعث, وقبل على مضض والسوفييت يبحثون عن المزيد من النفوذ على حساب الجماهير وتطلعاتها؟! وهكذا شكل البعث  الجبهة الوطنية التقدمية المفصلة على مقاسهم و حجمكم ووضعكم في زاوية ميتة؟ و تناقص عدد رفاقكم يوماً بعد يوم؟ وأصبحت قيادتكم تعيش في بحبوحة وحياة المترفين الزائدة عن البرجوازية سلوكا ومالاً ؟! وطارت فكرة وممارسات البروليتاريا من أذهان القيادة, ونتيجة ممارساتكم الخاطئة فقد انشق عنكم فصيلين آخرين وهذه حقيقة واقعة لاتستطيعون إنكارها, وناديتم ونادت الفصائل الأخرى بوحدة الشيوعيين السوريين, ولكن لا حياة لمن تنادي؟!
لكن يا رفاق ما رأيناه أمس من مظاهرتكم التي تندد بالتدخل الأجنبي الأمريكي التركي, والأوروبي في الشؤون السورية؟ وأنا كنت واحدا من المراقبين لهذه المظاهرة, لأرى حراككم, وشعاراتكم, والجماهير الملتفة حولكم وقد كنت الشاهد منذ بدايتها في المقر وحتى دوار مدينة الشباب, فقد كان الحضور متواضعاً بحيث لم يكن يتجاوز الأربعمائة شخصاً وطغت الأعلام الحمراء على الحضور البشري, ومن خلال المتابعة والسؤال فقد جاء رفاقكم من كل محافظة الحسكة وقراها؟ وأسألكم أين أنتم وشعاراتكم وأين الحجم والزخم الجماهيري من رفاقكم وأصدقائكم ؟ وبصراحة كان الحضور متواضعاً ومن المخجل أن يكون حزباً شيوعياً عريقاً وله تاريخ طويل في النضال ومرخصاً ويعمل بشكل علني في سوريا أن يظهر بهذا الحضور الهزيل؟ وفي حقيقة الأمر يجب علينا أن لا نكون اقصائيين كما تربينا تحت ظل هذا النظام الشمولي؟ ففي سوريا يجب علينا أن نعترف بكل القوى السياسية ولا نكون اقصائيين لأحد, وأن   لا ننظر إلى الأمور بعيون وشعارات الحزب الواحد الذي يخون الآخرين؟   
 وعلى كل حال لن نزيد كثيراً في تاريخكم النضالي الطويل ووقعكم في عشرات الأخطاء القاتلة كإقصاء الشعراء الأكراد مثل جكرخوين, والعمل ضد كل من يعلن انتمائه القومي الكردي؟! وجانبتم موقف السلطات السورية أكثر من ملامستكم الواقع الكردي ؟! وفي هذه المظاهرة كان عدد الأكراد يتفوق على عدد العرب بكثير؟ إذ لا زلتم تعملون في الشارع الكردي وتبنون قصور من الأحلام للشعب الكردي؟ ولنا استفسارات أخرى نضع إشارات استفهام حول إعلامكم؟  ونسأل ما هو الثمن الذي يحدوا بمطابع دار البعث في طبع جريدتكم (نضال الشعب) على حسابها؟ وعشرات المواقف الأخرى؟! ونتيجة هذا السلوك الغير مقبول في أسلوب نضالكم بعد دخولكم الجبهة الوطنية التقدمية فقد تراجعت أسهمكم بين الجماهير في عموم سوريا,  فأولاً إن دوركم في الجبهة الوطنية التقدمية السورية لا يحل ولا يربط ولا تشكلون ثقلاً سياسياً كبيراً؟ وأنتم بمثابة المتبوع على كل المناحي السياسية واتخاذ القرارات المصيرية؟! وأنتم في الحكم  ليس لكم سوى وزير واحد وبلا حقيبة ولا حياة سياسية لكم في الجبهة والبرلمان السوري وغيرها؟
وأذكركم بمقولة السيد خالد بكداش عندما قال له: السيد الرئيس “إن الشعب جائع” ومنذ السبعينيات من القرن الماضي لم تقوموا بمظاهرة ضد الفقر في عموم سوريا؟ّ نعم قدمتم العرائض, ونقدتم الحكومة في برنامجها الاقتصادي وكتبتم في جرائدكم عن البرجوازية الطفيلية والفساد وعن النفايات الذرية ودور خدام ودفنها في تدمر, لكن أين مظاهرتكم وهذا السم المميت الذي يقال إنه دفن في تدمر وعلى مرأى من حلفائكم البعثيين ولم نشاهد مظاهرتكم في عموم سوريا ؟
لكن من وجهكم إلى القيام بهذه المظاهرة؟ وما هي الرسالة التي قدمتموها في هذا الوقت الحرج والوطن يحترق؟! ومن المرجح أن شمسكم يتجه نحو الأفول؟ وبصراحة أكثر فإن غالبية شعاراتكم التي سمعناها وأنتم ترددونها فهي قديمة وشاخت وأصبحت رثة ومضحكة؟! (هي الوحدة الوطنية, وحدة عامل وفلاح, ضدك يا امبريالية, والهجمة الأمريكية والصهيونية وسوريا لن تركع, وعاش الحزب الشيوعي عاش بقيادة وصال بكداش) شعارات فضفاضة, وعقيمة أمام ما يجري من قمع وتنكيل وأنتم لا تزالون تغردون في حضن البعث؟! والسؤال الملح هنا.

أين كانت مبادراتكم وموقفكم الحزبي منذ بداية هذه الأزمة السورية؟ وكيف جاء عمار بكداش وأقام محاضرة في القامشلي وما المغزى من قدومه في هذا الوقت العصيب؟ إ؟ ولمصلحة من يصب هذا الحراك المشبوه؟!  وأين هي شعاراتكم التي تفضح القتلة والفاسدين في الحكم أصحاب الشركات القابضة وغيرهم الذين ابتلعوا سوريا؟! إذ لن نطيل عليكم فمن الواضح أن مظاهرتكم هذه تندرج في موقف السلطات السورية في الخروج بمظاهرات مناوئة ضد المتظاهرين في أيام الجمع في الجزيرة؟!  ووضح من موقف آخر للسلطات المسئولة في الحسكة بتحريك بعض رموز العشائر العربية التي تغازل البعض منها السلطات السورية, بالإضافة بعض الشخصيات المسيحية و غيرها في عدم ترديد شعارات إسقاط السلطة, وهذا يخرج عن قدرتنا في ضبط الشباب و الناس أحرار  لكن حذاري من لعب أي دور لمواجهة احتجاجات الجمع التي تخرج بشكل سلمي ولا تخرب المؤسسات الحكومية غيرها ؟! وأخيراً نقول لكم إذا كان سيبقى موقفكم هذا كما نراه ونرى حراككم المتناغم مع خطاب السلطة فرحمة الله عليكم وأظن أنه لو كان  الرفيق فلادمير إيلتش لينين الذي حب اللغة الروسية والعمال والفلاحين والمثقفين والكتاب لوضع الكثير من الاستفهامات حول نضالكم ومواقفكم هذه.

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف باتت تطفو على السطح، في عالم يسوده الالتباس والخلط بين المفاهيم، مصطلحات تُستخدم بمرونة زائفة، ومن بينها تجليات “الشعبوية” أو انعكاساتها وتأثيراتها، التي تحولت إلى أداة خطابية تُمارَس بها السلطة على العقول، لا لتوجيهها نحو النهوض، بل لاستغلالها في تكريس رؤى سطحية قد تقود إلى عواقب وخيمة. لاسيما في السياق الكردي، حيث الوطن المجزأ بين: سوريا، العراق، إيران،…

شادي حاجي القضية الكردية في سوريا ليست قضية إدارية تتعلق بتدني مستوى الخدمات وبالفساد الإداري وإعادة توزيع الوظائف الادارية بين المركز وإدارات المناطق المحلية فإذا كان الأمر كذلك لقلنا مع من قال أن المشكلة إدارية والحل يجب أن يكون إدارياً وبالتالي حلها اللامركزية الادارية فالقضية الكردية أعقد من ذلك بكثير فهي قضية شعب يزيد تعداده على ثلاثة ملايين ونصف تقريباً…

اننا في الفيدرالية السورية لحقوق الانسان والمنظمات والهيئات المدافعة عن حقوق الإنسان في سورية ومع مناصري ثقافة التسامح واحترام حقوق الانسان ومع أنصار السلم والحرية، نقف مع السوريين ضد الانتهاكات الجسيمة والاعتداءات الصريحة والمستترة على حقوق الانسان الفردية والجماعية، وسياسات التمييز ضد المرأة والطفل، وضد الأقليات، وضد الحرب وضد العنف والتعصب وثقافة الغاء الاخر وتهميشه، وتدمير المختلف، والقيام بكل ما…

نحن، المنظمات الحقوقية الكردية في سوريا، نهنئ الشعب السوري، بجميع مكوناته وأطيافه، على إسقاط نظام الاستبداد، إذ تمثل هذه الخطوة التاريخية ثمرة نضال طويل وتكاتف الشعب السوري ضد آلة القمع، وهي بلا شك نقطة انطلاق نحو بناء سوريا المنشودة. إن سوريا الجديدة، بعد إسقاط النظام البائد، تدخل مرحلة حاسمة، وهي مرحلة البناء والسلام والصفح. لذا، ينبغي أن تسود فيها العدالة…