طائرة الخذلان الكردية

سيامند إبراهيم

بداية قد يبدو العنوان قاسياً جدا, ومجرحاً للعديد من أصدقائي في الأحزاب الوطنية الكردية السورية, وقد ينزعج الكثيرين من هذه القيادات على هذه المقالة التي تنسف حلمهم في ركوب طائرة الخذلان الكردية وهم ينون الذهاب إلى ما يسمى بالحوار الوطني مع السلطات السورية والالتقاء مع رأس السلطة السيد د.

بشار الأسد.

لكن الصداقة شيء وتناول المسائل الوطنية المصيرية هو شكل آخر في فرز المواقف على كل الصعد؟
 وفي دمشق سينزلون في إحدى فنادقها الفخمة ويأتي عراب هذا اللقاء, ويمشي واثق الخطوة مطأطأ الرأس لأسياده, والجوقة الحزبية الكردية تقهقه ولا تعرف كيف تسير وفي أي اتجاه تخطو وإلى فضاءات مجهولة يسيرون؟!  وهل فعلاً سيتحاورون الند للند؟ وهل سيكون الحوار من طرف واحد؟ وألم تقرأ السلطات مبادرتهم وتنظر فيها جيداً وهم قدموا تصورا حلاً شاملاً للخروج بسورية نحو بر الأمان؟!
لا..لا هم فقط سيسمعون إملاءات  ونصائح وبعض المجاملات عن عدم الانخراط في الاحتجاجات السلمية التي تجري في المنطلق الكردية, وتهدئة الشارع الكردي أكثر؟! وإن سقف مطالبيكم قد نفذناها وماذا تريدون أكثر؟
وثمة حقيقة أخرى أنه وصمة العار إن ذهبوا في هذا الظرف التاريخي الصعب؟!
ورجعوا بخفي حنين؟! أو ينطبق عليهم المثل الكردي :
(Polî poshman vegeriyan )  ونستغرب هنا كيف وصل تفكير قيادات هذه الأحزاب إلى هذا الدرك المستنقعي في قراءة الأحداث في سوريا؟!
وقد وضعوا الشارع السوري والكردي في مأزق حقيقي ولعبوا بأعصاب الناس وهم بانتظار من سيذهب ومن سيشاور, والبعض يلعب سراً هنا؟ ويساوم مع أطراف أخرى هناك؟! متناسين أن الشرعية الوطنية الكردية بالدرجة الأولى لا تؤخذ من تحالفاتهم مع الأحزاب الكردستانية ورؤساء هذه الأحزاب هناك؟! وهذا ما قرأناه في جريدة الوطن السورية :” [انه جاءت أوامر من هولير, والسليمانية وإيمرلي بالذهاب إلى دمشق وإجراء الحوار” ونقول هنا:”  لا وصاية لأحد منهم على الشعب الكردي في سوريا, وكفانا خدمة لهؤلاء واستراتجياتهم وتكتيكاتهم مع هذه الدولة التي تمارس أبشع أنواع الظلم والقهر مع الشعب السوري والكردي بشكل خاص؟! ومن الآن فصاعداً نقولها بالفم الملآن لا وصاية لأحد منهم علينا؟! ويكفينا فخر نحن الكرد السوريين بأننا قدمنا لهم التضحيات أكثر ما قدموه لنا ؟!
لكن الشيء اللافت أن جميع هؤلاء الذين سيذهبون إلى دمشق من هذه الأحزاب لا يتجاوز المئات؟ وهم في الواقع فإن الملايين من الشعب الكردي لم يسمع بأسمائهم أو أسماء أحزابهم الصغيرة؟ والبعض منهم لا يستطيع أن يملأ ميكرو سرفيس صغير؟! فالواجب الوطني أن يلتزموا بيوتهم وكفاهم استعراضاً على المنصات وإزعاجنا بصوتهم العالي؟!
ومن الواضح أيضاً أنهم لم يستطيعوا أن يفكروا بجدية كالنظام في قراءة احتراق الوطن فيصرون على السفر وإتمام مشروع الفتنة التي تفتقت بها عقلية البعض من السلطات المسئولة في دمشق والنفخ في طنبور هذه الأحزاب التي ستذهب, وهذا هو الإفلاس الحقيقي والضربة القاضية التي ستكون لهم في تلقيها وصفعة مدوية لصفحات تاريخهم وسقوطهم المدوي إلى رحمة الله تعالى.
لكن ثمة أمر آخر وهو لماذا لم يقيموا حوارات مجدية مع النخب الثقافية الكردية والشباب الكردي الذي يتظاهر في كل جمعة في المناطق الكردية, ومع الشارع الوطني الكردي الحقيقي؟ والجواب هو أنهم عاجزون عن ذلك للعديد من الأسباب, وهم سيتلقون الجواب الشافي من الجميع إن استطاعوا أن يجيبوا على مختلف الاستفسارات والمسائل الكردية و خروج الكرد بشكل مشرف مع أخوتهم العرب, وباقي المكونات السورية في قرار وطني حقيقي  صائب, حينئذٍ نقول لكم مرحى لكم.
لكن أن تطيروا بطائرة الخذلان و تمثلوا الشعب الكردي فهذا مرفوض  من كل الشرائح الكردية السورية؟! وعودوا إلى رشدكم ووعيكم ولا تتسرعوا فتصبحوا نادمين؟! وقضية الشعب الكردي بشكل خاص أكبر منكم ومن طموحاتكم الشخصية والحزبية وأحلامكم؟!
وزبدة الكلام أن مصداقية وطنيتكم وشرعيتكم هي الاعتذار الكلي لهذه الدعوة المشبوهة, و سلك طريق الاحتجاج السلمي الحضاري.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…

عنايت ديكو   الوجه الأول: – أرى أن صفقة “بهچلي – أوجلان” هي عبارة عن اتفاقية ذات طابع أمني وجيوسياسي بحت، بدأت معالمها تتكشف بشكل واضح لكل من يتابع الوضع عن كثب، ويلاحظ توزيع الأدوار وتأثيراتها على مختلف الأصعدة السياسية، الأمنية، والاجتماعية داخل تركيا وخارجها. الهدف الرئيسي من هذه الصفقة هو ضمان الأمن القومي التركي وتعزيز الجبهة الداخلية بجميع تفاصيلها…

اكرم حسين العلمانيّة هي مبدأ سياسي وفلسفي يهدف إلى فصل الدين عن الدولة والمؤسسات الحكومية ، وتنظيم الشؤون العامة بما يعتمد على المنطق، والعقلانية، والقوانين الوضعية بدون تدخل ديني. يتضمن مبدأ العلمانيّة الحفاظ على حرية الدين والمعتقد للأفراد، وضمان عدم التمييز ضد أي شخص بسبب دينه أو اعتقاده. تاريخياً ظهرت العلمانية مع اندلاع الثورة الفرنسية حيث خرجت الطبقة البرجوازية…

اننا في الفيدرالية السورية لحقوق الانسان والمنظمات والهيئات المدافعة عن حقوق الإنسان في سورية، وبالمشاركة مع أطفال العالم وجميع المدافعين عن حقوق الطفل وحقوق المرأة وحقوق الانسان، نحيي احتفال العالم بالذكرى السنوية الثلاثين لاتفاقية حقوق الطفل، التي تؤكد على الحقوق الأساسية للطفل في كل مكان وزمان. وقد نالت هذه الاتفاقية التصديق عليها في معظم أنحاء العالم، بعد أن أقرتها الجمعية…