نداء حول الاقدام على رفض عقوبة الاعدام

وداد عقراوي

الى فخامة رئيس اقليم كوردستان المحترم

 

على ضوء ما تناقلته وكالات الانباء حول قرار البرلمان الاخير لإعادة عقوبة الاعدام في كوردستان ابعث بهذا النداء والرجاء، والذي من خلاله اعرب لسيادتكم عن قلقي البالغ ازاء تعديل القانون رقم 22 لسنة 2006 الخاص بإعادة العمل بعقوبة الاعدام.

انها خطوة نحو الوراء وتعيد كوردستان والعراق الى صف الدول الاخرى التي تطبق هذه العقوبة مثل ايران والصين وفيتنام واوزباكستان.

وهي اي العقوبة ستقوض الجهود الرامية الى ضمان وتعزيز حقوق الانسان والحريات الاساسية العامة والفردية في كوردستان والعراق.

 

لا يخفى على فخامتكم بان منظمتنا منظمة العفو الدولية تشجع الدول على الغاء عقوبة الاعدام ـ تلك العقوبة التي نرفضها تحت أي ظرف من الظروف لاننا نعتبرها ابشع طريقة للتعذيب.

 

كان اقليم كوردستان حتى الان يعتبر نموذجاً يحتذى به لدول المنطقة ولكن العمل بهذا القرار سيغيير من موقف ورأي المجتمع الدولي حيال الاقليم وسيكون من الصعب تغيير فكرتهم مرة ثانية.

 

ومن الدلالات التي ترتسم امام اعيننا كشواهد مستقلة ومستقرة، مترابطة ومنفصلة، تنصب في دائرة اعتبار اي مجتمع مجتمعاً متحضراً هي ان يتم التعامل حتى مع المجرمين باسلوب متحضر وان يكون لكل انسان، على قدم المساواة التامة مع الاخرين، الحق في التعبير عن رأيه وان تباشر قضيته في محكمة مستقلة ومحايدة بانصاف تام وعلنية ضرورية، للفصل في حقوقه والتزاماته وفي اية تهمة جزائية توجه اليه.

كما يجب الاسراع باحضار المقبوض عليه امام القاضي ويجب ان يُمنح حق الاتصال باسرته.

 

عقوبات الاعدام لا تتلائم مع المحاولات المستمرة لترسيخ التأثير والتغيير المرجو في مجال حقوق الانسان في العراق عامة وكوردستان خاصة.

 

اناشد فخامة الرئيس الذي يغدق كل من يقصده بكرمه وسخاء قلبه الكبير ووفائه بعهوده والتزاماته وورعه وشجاعته وحبه لعقيدة الحياة والحكمة والتأمل والتفائل والامل والطموح والنضال من اجل التغيير.

 

اناشد الاخ الحليم نجل البارزاني الخالد لعلمي بانه سيلبي طلب اخت له قاسمته الالام وفراق الاحبة والقهر والصمود، وتشاركه الارض والوطن، وشربت من ماء نفس الينابيع الكوردستانية التي لطالما خدمت الانسان في خارج كوردستان ايضاً.

 

للقوى السياسية العراقية والكوردستانية، البرلمانية وغير البرلمانية، بشقيها المؤيدة لعقوبة الاعدام والرافضة لها ولكنهم يرون بان الوضع الذي يمر به العراق وكوردستان يتطلب هذا النوع من العقوبات، ولكل من يؤكد على ضرورة تشديد الاحكام بحق مرتكبي الجرائم وعمليات التفجير، ولكل من يقول بان هذا القرار جاء للدفاع عن الوضع الحياتي للمواطنين ولردع من يحاول قتل الابرياء والاطفال والنساء باللجوء الى الارهاب والتخريب… اود ان الفت عنايتهم جميعاً الى ان الارهاب لا يُردع بالارهاب.

ولو نجحنا في بناء المجتمع المتحضر فلن يكون للارهاب اي مكان بيننا.

ولم نلاحظ في اية دولة من دول العالم بان نسبة الجرائم قلت بمجرد تطبيق عقوبة الاعدام بحق المجرمين… بالتأكيد يتوجب علينا محاربة الارهاب والاجرام ولكن يجب فعل ذلك مع احترام حقوق الانسان وليس بانتهاك الحقوق المدنية والسياسية لاي شخص.

 

رفض القرار يمكن ارجاعه للاسباب التالية:

 

اولاً: لان العراق وكوردستان كاقليم داخل الحدود العراقية ملتزم باتفاقيات دولية ومثل هذا القرار يخل بها.

 

* العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، الذي وقعه العراق في 18 فبراير 1969، وصادق عليه في 25 يناير 1971، ودخل حيز النفاذ في 23 مارس 1976، ينص في بابه الثالث، تحت مادته السادسة على:

 

1ـ الحق في الحياة حق ملازم لكل إنسان.

وعلى القانون أن يحمى هذا الحق.

ولا يجوز حرمان أحد من حياته تعسفا.
4.

لأي شخص حكم عليه بالإعدام حق التماس العفو الخاص أو إبدال العقوبة.

ويجوز منح العفو العام أو العفو الخاص أو إبدال عقوبة الإعدام في جميع الحالات.
5.

لا يجوز الحكم بعقوبة الإعدام على جرائم ارتكبها أشخاص دون الثامنة عشرة من العمر، ولا تنفذ هذه العقوبة بالحوامل.

 

6ـ ليس في هذه المادة أي حكم يجوز التذرع به لتأخير أو منع إلغاء عقوبة الإعدام من قبل أية دولة طرف في هذا العهد.

 

المادة 7

 

لا يجوز إخضاع أحد للتعذيب ولا للمعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو الحاطة بالكرامة.

وعلى وجه الخصوص، لا يجوز إجراء أية تجربة طبية أو علمية على أحد دون رضاه الحر.

 

 المادة 9

 

1.

لكل فرد حق في الحرية وفى الأمان على شخصه.

ولا يجوز توقيف أحد أو اعتقاله تعسفا.

ولا يجوز حرمان أحد من حريته إلا لأسباب ينص عليها القانون وطبقا للإجراء المقرر فيه.

 

* الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي اعتمد ونشر في 10 ديسمبر 1948 :

 

المادة 1

 

يولد جميع الناس أحرارا ومتساوين في الكرامة والحقوق.

وهم قد وهبوا العقل والوجدان وعليهم أن يعاملوا بعضهم بعضا بروح الإخاء.

 

المادة 5

 

لا يجوز إخضاع أحد للتعذيب ولا للمعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو الحاطة بالكرامة.

 

ثانياً: لان عقوبة الاعدام لا تتوافق مع الدستور العراقي الدائم:

 

* الباب الثاني من الدستور العراقي يتضمن فصله الاول اولاً على الحقوق المدنية والسياسية، وتركز المادة 15 على حق كل فرد في الحياة والأمن والحرية.

* من ناحية اخرى فلاقليم كوردستان الحق في رفض اعادة العمل بعقوبة الاعدام حتى لو استمرت الحكومة العراقية في ممارستها لان الباب الخامس بخصوص سلطات الأقاليم يتضمن المواد 116 و117 واللتين تشملان قيام الاقليم “بوضع دستورٍ له، يحدد هيكل سلطات الاقليم وصلاحياته، وآليات ممارسة تلك الصلاحيات”، ولسلطات الاقاليم “الحق في ممارسة السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية، وفقاً لاحكام الدستور”، ويحق لسلطة الاقليم “تعديل تطبيق القانون الاتحادي في الاقليم، في حالة وجود تناقض او تعارض بين القانون الاتحادي وقانون الاقليم، بخصوص مسألة لا تدخل في الاختصاصات الحصرية للسلطات الاتحادية.”

ثالثاً: لان القرار يعيق بناء هيكل المجتمع الانساني والمجتمع المدني الديمقراطي المتحضر.

 

 رابعاً: العقوبة للاصلاح وليس للانتقام وعقوبة الاعدام ماهي الا عبارة عن انتقام جانب من جانب اخر.

ويمكن اعتبار هذا السبب احد اهم الاسباب لالغاء عقوبة الاعدام نهائياً.

 

خامساً: تقديراً من رئيس اقليم كوردستان لما صرح به الممثل الخاص للسكرتير العام للامم المتحدة في العراق السيد اشرف قاضي بعد اصدار حكم الاعدام بحق 140 شخصاً وتطبيقه على 50 منهم منذ غسطس عام 2004  حيث  اعيد العمل بهذه العقوبة في العراق.

 

سادساً: تلبية لرغبة لجنة الامم المتحدة لحقوق الانسان التي كانت قد وجهت دعوة بالغاء عقوبة الاعدام كلياً وايقاف تنفيذها.

 

سابعاً: لبلورة احترام اقليم كوردستان لقرار الامم المتحدة 2005/59 الذي تم اتخاذه في ابريل 2005 وتمت فيه اعتبار عقوبة الاعدام كانتهاك واضح لحقوق الانسان.

 

نأمل ان نحضى بسماع اخبار سارة تشير الى الغاء عقوبة الاعدام من قبل رئيس اقليم كوردستان، كما نرجو من سيادتكم ومن خلال منبركم وموقعكم ان تبادروا بمفاتحة الحكومة العراقية وحثها على الغاء هذه العقوبة وحثها ايضا على اطلاق صراح المعتقلين ممن اعتقل بدون اي ذنب او دليل.

 

واود هنا ان اشكر حكومة اقليم كوردستان لاطلاقها لصراح عدد كبير من السجناء… كانت تلك خطوة رائعة وجاءت في الوقت المناسب وكم من عائلة  سكنت اشواقها بعد لم شملها والفضل في ذلك يعود لكم.

 

في نفس الوقت نرجو من سيادتكم اعادة التدقيق في الملفات المتبقية وفي حال وجود اي سجناء ضمير فنرجو الاسراع في اطلاق صراحهم.

اما اذا كان هناك معتقلين سياسيين فنرجو المباشرة باجراء محاكمات عادلة لهم وتطبيق القانون واعطائهم فرصة الاتصال بذويهم.

فالمادة التاسعة من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية تتضمن:

 

“2ـ يتوجب إبلاغ أي شخص يتم توقيفه بأسباب هذا التوقيف لدى وقوعه كما يتوجب إبلاغه سريعا بأية تهمة توجه إليه.
3ـ يقدم الموقوف أو المعتقل بتهمة جزائية، سريعاً، إلى أحد القضاة أو أحد الموظفين المخولين قانوناً مباشرة وظائف قضائية، ويكون من حقه أن يحاكم خلال مهلة معقولة أو أن يفرج عنه.

ولا يجوز أن يكون احتجاز الأشخاص الذين ينتظرون المحاكمة هو القاعدة العامة، ولكن من الجائز تعليق الإفراج عنهم على ضمانات لكفالة حضورهم المحاكمة في أية مرحلة أخرى من مراحل الإجراءات القضائية، ولكفالة تنفيذ الحكم عند الاقتضاء.
4ـ لكل شخص حرم من حريته بالتوقيف أو الاعتقال حق الرجوع إلى محكمة لكي تفصل هذه المحكمة دون إبطاء في قانونية اعتقاله، وتأمر بالإفراج عنه إذا كان الاعتقال غير قانوني.”

 

ان تدخل رئيس اقليم كوردستان في هذا المسعى الانساني، وكذلك عدم تصديقه لقرار البرلمان والاعلان عن موقفه الرافض لعقوبة الاعدام وخصوصاً ونحن امام استقبال اليوم العالمي ضد عقوبة الاعدام وذلك في العاشر من شهر اكتوبر، سيكون انجازاً محلياً وعالمياً مميزاً، وهو عمل حقوقي انساني في غاية الأهمية ومدعاة للفخر وسيظل نقطة مضيئة ليس في تأريخ كوردستان والعراق فحسب بل في تأريخ المنطقة ككل، وبناء عليه قدمت الرسالة أعلاه بين ايادي فخامتكم.

 

تفضلوا بقبول فائق الاحترام والتقدير والشكرالجزيل

 

 

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف منذ سقوط النظام المجرم في 8 كانون الأول 2024 وتحول السلطة إلى السيد أحمد الشرع، بات السوريون، سواء أكان ذلك في العاصمة دمشق أو المدن الكبرى والصغرى، يتطلعون إلى مرحلة جديدة يتخلصون فيها من الظلم والاستبداد. حيث سنوات طويلة من مكابدات المعذبين في سجون الطاغية الأسد وأبيه كانت كفيلة بتدمير أرواح مئات الآلاف. بعض السجناء أمضوا…

شكري بكر هذا الموضوع مطروح للمناقشة قد يؤدي بنا للوصول إلى إقامة نظام يختلف عما سبقونا من سلاطين وحكام وممالك وما نحن عليه الآن حيث التشتت والإنقسام وتبعثر الجهود الفكرية والسياسية والإقتصادية والعمل نحو إقامة مجتمع خال من كل أشكال الصراع وإلغاء العسكرة أرضا وفضاءا التي تهدر 80% من الإقتصاد العالمي ، إن تغلبنا على هذا التسلح يمكن…

إياد أبو شقرا عودة إلى الموضوع السوري، لا بد من القول، إن قلة منا كانت تتوقّع قبل شهر ما نحن فيه اليوم. إذ إن طيّ صفحة 54 سنة خلال أقل من أسبوعين إنجازٌ ضخم بكل ما في الكلمة من معنى. سهولة إسقاط نظام الأسد، وسرعة تداعيه، أدهشتا حتماً حتى أكثر المتفائلين بالتغيير المرجوّ. إلا أنني أزعم، بعدما تولّت قيادة العمليات…

طارق الحميد منذ فرار بشار الأسد، في 8 ديسمبر (كانون الأول)، إلى روسيا، وهناك سيل من النقد والمطالبات للحكام الجدد، وتحديداً أحمد الشرع. والقصة ليست بجدوى ذلك من عدمه، بل إن جل تلك الانتقادات لا تستند إلى حقائق. وسأناقش بعضاً منها هنا، وهي «غيض من فيض». مثلاً، كان يقال إن لا حل عسكرياً بسوريا، بينما سقط الأسد في 12 يوماً…