الحراك الشبابي الكوردي بين مطرقة التعطيل و سندان التصعيد

زيور العمر 

لم يعد خافياً على أحد خطورة الوضع الراهن في الساحة الكوردية بسبب محاولات و مساعي حرف الحراك الشبابي الكوردي عن أهدافه و سياقاته الإعتيادية بسبب محاولات التعطيل من جهة و مساعي التصعيد من جهة أخرى.

فمنذ أن بدأت الإحتجاجات الشعبية تجتاح المدن السورية في 15 آذار و بعد أن عبر الشباب الكورد عن موقفهم بعدم إتخاذ موقف المتفرج من الأحداث العظيمة الجارية في البلاد , و المطالبة الشعبية بالحرية و الكرامة , و الإنخراط في المسيرة الوطنية المطالبة بإنهاء حقبة الإستبداد في سوريا , لم تتوقف أساليب التشويش و الإساءة و التآمر من قبل أغلبية الأحزاب الكوردية بحق الحراك الشبابي الكوردي بالضد من الإرادة الشعبية الكوردية التي تعاطفت مع هؤلاءالشباب و تضامنت مع حراكهم الشجاع.
 الأحزاب الكوردية لم تتوان منذ اليوم الأول عن التشكيك في هؤلاء الشباب و قدراتهم و إمكاناتهم في قيادة الحراك الكوردي فاعتبرته حراكا عفوياً لحظياً لا يقوى على قراءة الحدث الراهن و فك طلاسم تعقيداته المتنوعة بسبب قلة الخبرة و المعرفة بأصول التعامل السياسي, و عندما لم تنجح محاولاتها في عزل و نأي قواعدها الشابة عن الحراك الشبابي المتفجر في المناطق الكوردية من خلال تسليط سيوف الفصل و التهديد بحقها , عمدت الى تأليب الشارع الكوردي على المجموعات الشبابية من خلال نسج قصص التخويف و الترهيب بهدف إحداث شرخ بين الشباب الكورد و الشارع بذريعة أن هؤلاء الشباب سيتسببون بمجازر بحق الشعب الكوردي جراء حماقاتهم و فورانهم الشبابي , كل ذلك بينما كان مسؤولي الأحزاب الكوردية (ابطال البالتك و الغرف السرية المظلمة) لا يتوقفون عن الإدعاء و التصريح بدعمهم للشباب و مطالبهم و حراكهم الميداني رغم كل مساعي التعطيل التي تكشفت في كل يوم و خاصة عشية كل يوم الجمعة عندما كان الشباب يستجمعون قواهم لغد لا أحد يستطيع التكهن بما سيحدث فيه .

و بينما كانت الأحزاب الكوردية تحاول بكل الوسائل الدفاع عن نهجها  ووصفه بأنه النهج العقلاني البراغماتي الذي يأخذ مصالح الشعب الكوردي فوق كل الإعتبارات و التذكير بمناهضتها لسياسة القمع و الإستبداد و دعواتها المستمرة المطالبة بالديمقراطية و الدولة المدنية التعددية , فإنها كانت تجري اللقاءات السرية و العلنية في دمشق مع رموز السلطة و تطلب اللقاء مع رئيس الجمهورية بشار الأسد في الوقت الذي كان أعداد الشهداء و الجرحى و المعتقلين في تزايد ناهيك عن حصار المدن و تجويع المواطنين و إطلاق يد العصابات و قطعان الشبيحة لإرتكاب أفظع الجرائم بحق المواطنين السورييين , حتى جاءت الفرصة عندما أخبرهم محافظ الحسكة و مدير منطقة القامشلي أن بإمكانهم اللقاء مع بشار الأسد , فأعلن أحدهم و على عجل في إحدى القنوات الفضائية عن موافقة الأحزاب الكوردية على اللقاء من دون أن يعني ذلك حواراً في نهاية المطاف.

و بغية تمرير هذه اللعبة المكشوفة سلفاً نظراً لكشف بعض المواقع الكوردية عن لقاء مرتقب قبل الإعلان عنه رسميا بعدة أيام , و بعد أن توضح أن مؤتمر أنطاليا يرفض الحوار مع النظام حاولت بعض الأحزاب الكوردية التلاعب على الشباب الكورد من خلال المشاركة في جمعة أطفال الحرية بهدف إرسال رسائل سياسية للنظام مفادها قدرة هذه الأحزاب على ضبط الشارع الكوردي و لجم كل محاولة لتصعيد الخطاب الشبابي الكوردي من جهة و التأكيد على أن الشارع الكوردي ليس مع إسقاط النظام و أنما مع الحوار و الإصلاح  من جهة أخرى.

أما في الجهة الأخرى فإن أطراف كوردية تعمل في الخارج لا تتوقف عن  إثارة المشاكل و الإزعاجات للحراك الشبابي من خلال محاولاتها لفرض هيمنتها على القرار الشبابي و تجييره لصالح إشكالاتها الشخصية و الحزبوية الضيقة , مستخدمة كل أساليب الترغيب و الترهيب في سياق نهج التصعيد الذي حاولت جر الحراك الشبابي لها عبر الخروج عن الشعارات و المطالب المعتمدة من قبل قيادات الشباب   ووصل الأمر الى حد عرض الأموال و المساعدات المادية على بعض قيادات الشباب , و عندما لم تنجح محاولاتها عمدت الى إتباع إسلوب التفرقة و الشرزمة بغية إجبار الشباب الكورد على الإنصياع لأهدافهم و مراميهم الغامضة , فلم يتوانى هؤلاء عن نشر البيانات بإسم المجموعات الشبابية الفاعلة في الشارع   الكوردي و إحداث الإنقسام في صفوفها و كل ذلك في سبيل تقوية أوراقهم و مواقعهم لدى تجار السياسة .

 
لقد بات توضيح هذه الحقائق المؤلمة مهمة ملحة في ظل إستمرار محاولات و مساعي التعطيل و التصعيد الآنفة الذكر سيما و أو أصحابها لا يتوانون عن إستخدام كل الوسائل من أجل الإضرار بالشباب الكورد و الإساءة الى نضالهم المشروع و العادل من أجل الحرية و الكرامة إسوة بباقي مكونات و أطياف الشعب السوري.
05/06/2011

   

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…

عنايت ديكو   الوجه الأول: – أرى أن صفقة “بهچلي – أوجلان” هي عبارة عن اتفاقية ذات طابع أمني وجيوسياسي بحت، بدأت معالمها تتكشف بشكل واضح لكل من يتابع الوضع عن كثب، ويلاحظ توزيع الأدوار وتأثيراتها على مختلف الأصعدة السياسية، الأمنية، والاجتماعية داخل تركيا وخارجها. الهدف الرئيسي من هذه الصفقة هو ضمان الأمن القومي التركي وتعزيز الجبهة الداخلية بجميع تفاصيلها…

اكرم حسين العلمانيّة هي مبدأ سياسي وفلسفي يهدف إلى فصل الدين عن الدولة والمؤسسات الحكومية ، وتنظيم الشؤون العامة بما يعتمد على المنطق، والعقلانية، والقوانين الوضعية بدون تدخل ديني. يتضمن مبدأ العلمانيّة الحفاظ على حرية الدين والمعتقد للأفراد، وضمان عدم التمييز ضد أي شخص بسبب دينه أو اعتقاده. تاريخياً ظهرت العلمانية مع اندلاع الثورة الفرنسية حيث خرجت الطبقة البرجوازية…

اننا في الفيدرالية السورية لحقوق الانسان والمنظمات والهيئات المدافعة عن حقوق الإنسان في سورية، وبالمشاركة مع أطفال العالم وجميع المدافعين عن حقوق الطفل وحقوق المرأة وحقوق الانسان، نحيي احتفال العالم بالذكرى السنوية الثلاثين لاتفاقية حقوق الطفل، التي تؤكد على الحقوق الأساسية للطفل في كل مكان وزمان. وقد نالت هذه الاتفاقية التصديق عليها في معظم أنحاء العالم، بعد أن أقرتها الجمعية…