مؤتمر أنطاليا وضرورة مشاركة الكورد

جيكرخون علي

مع الإعلان عن تحضير لعقد مؤتمر للمعارضة السورية في مدينة أنطاليا التركية أعلنت بعض الآحزاب الكوردية مقاطعتها للمؤتمر ، مبررة مقاطعتها على مكان عقد المؤتمر وعلى عدم تلقيها دعوة من اللجنة التحضيرية للمؤتمر ، فيما أن بعض الأعضاء في اللجنة المذكورة أكدوا على إرسال الدعوات الى تلك الاحزاب لحضور المؤتمر ، وفي كل الأحوال لست بصدد اتهام تلك الاحزاب لمقاطعتها أو إدانة اللجنة التحضيرية لعدم دعوتها تلك الاحزاب المقاطعة للمؤتمر ، بل كل ما يهمني ويهم جميع المتابعين هو أن مقاطعة تلك الاحزاب للمؤتمر ليست لخلاف سياسي حول القضايا المصيرية التي تهم كافة السوريين بمختلف انتمآتهم الاثينية والدينية والمذهبية في هذه المرحلة التي يعيشها الشعب السوري ، هذا ما ظهر على الاقل في تصريحات بعض الشخصيات المتحدثة باسم تلك الاحزاب ،
 وكما صدر بيان عن مجموعة من الاحزاب والشخصيات في الخارج لم تعلن رفضها للمؤتمر ولم تعلن موافقتها على ما سيتمخض عنه المؤتمر بل اعلن استعداده التنسيق معه على أرضية دعم ومساندة الثورة السورية وعلى لم شمل جميع أطياف المعارضة تحت سقف واحد ، وفي كل الاحوال عدم مشاركة كافة القوى الكوردية في المؤتمر يدل على مدى ضعفها على الصعيدين السياسي والدبلوماسي وعدم قدرتها روؤية المستقبل السياسي لسوريا ما بعد الثورة بعين حركة سياسية بكافة مقاييسها.

إن موقف المقاطعة أوعدم المشاركة من قبل بعض الأحزاب الكوردية في الداخل أو في الخارج ولأي سبب كان ليس موقفا حكيما بما فيه الكفاية وليس موضوعيا بقدر ما هو موقف ذاتي ، يعود أسبابه إلى عمق الأزمة التي عاشتها وتعيشها الحركة الكوردية السورية من الانقسامات في صفوفها ، ولتجاوز المرحلة والعمل بحسب متطلباتها يجب تجاوز الخلافات والنزاعات الحزبية والسير باتجاه توحيد الكلمة وذلك لأسباب كثيرة وأهمها :
– الثورة الشعبية السورية بحاجة إلى دعم سياسي ودبلوماسي ومادي وهذا الدعم لن يتحقق الإ من خلال وحدة المعارضة السورية ووجود هيئات رسمية وشرعية تتمخض عن مؤتمر شامل للمعارضة تمثل الثورة السورية في المحافل الدولية الرسمية والغير رسمية .
– الثورة بحاجة الى توجيه سياسي لتفادي الوقوع في المطبات والاخطاء وعدم الخروج عن شعاراتها التي سيستفيد منها النظام بكل تأكيد ، وكما أنها بحاجة إلى تنظيم صفوفها لتفادي الفوضى وسهولة تحديد مواقع الضعف والخلل ومعالجتها بالسرعة المطلوبة ، وهذا لن يتحقق إلا بوجود قيادة موحدة للثورة .
–  مقاطعة المؤتمر او عدم الحضور لأي سبب كان يعني عدم وصول إلى الصيغة ولو مؤقتة لإدارة المرحلة وهذا يعني المساهمة في إطالة عمر النظام واستمراره في قتل الأبرياء ومزيد من الشهداء والجرحى والمعتقلين واستمرار الحصار على الشعب  وربما يؤدي إلى حالة من الإحباط واليأس لدى الثوار وبالتالي تراجع الثورة والنتيجة ستكون لصالح النظام وبقائه في الحكم .
– لتثبيت حقوق ومطالب الشعب الكوردي في ميثاق المعارضة والقرارات التي ستتمخض عن المؤتمر وعدم الحضور سوف يؤدي إلى الإنقاص من الحقوق المشروعة للشعب الكوردي ، وكما نعلم بأن قرار جعل النظام في العراق فيدراليا تمخض عن مؤتمر المعارضة العراقية في لندن قبل سقوط نظام صدام ببضعة أشهر ، وقرار الفيدرالية لم يأتي بإصرار من أحمد جلبي أو غيره من المعارضيين العراقيين بل كان الإصرار من القوى الكوردستانية المشاركة في المؤتمر ، والتي حضرت مؤتمر لندن بورقة كوردية بما تلبي تطلعات الشعب الكوردي في كوردستان العراق ، والسؤال المهم من يستطيع أن يدعي بوجود الورقة الكوردية السورية إن كان في مؤتمر أنطاليا أو غيرها من المؤتمرات التي ستعقد في المستقبل القريب ؟ هل برامج الأحزاب على إختلافها وتعددها ستكون الورقة المنشودة ؟ وكلنا نعلم بأحوال تلك البرامج وبيد غير اختصاصية كتبت وعلى العجل وهي غير مدروسة وغير مؤهلة لتطبيقها على أرض الواقع .
لكل هذه الاسباب ولغيرها من الاسباب لم يسعني ذكرها جميعها هنا  أقول أن الذين لم يوجهوا الدعوة والذين قاطعوا المؤتمر لأي أسباب كانت والذين سيحضرون لمجرد إكمال القائمة وإثبات الوجود أن كلهم أخطؤا لأنهم لم يفكروا بمستقبل الشعب السوري ، بل أنهم فكروا بذواتهم الزائلة .

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…

مصطفى جاويش بعد مضي عام على معركة ردع العدوان وعلى سقوط النظام السوري ووصول احمد الشرع الى القصر الرئاسي في دمشق بموجب اتفاقيات دولية واقليمية بات الحفاظ على سلطة الرئيس احمد الشرع ضرورة وحاجة محلية واقليمية ودولية لقيادة المرحلة الحالية رغم كل الاحداث والممارسات العنيفة التي جرت ببعض المحافظات والمدانة محليا ودوليا ويرى المجتمع الدولي في الرئيس احمد الشرع انه…

ماهين شيخاني مقدمة يواجه الشعب الكوردي في سوريا منذ عام 2011 تحولات سياسية وأمنية عميقة، أفرزت بيئة معقدة تتداخل فيها عوامل داخلية وخارجية. وفي ظل غياب تسوية سياسية شاملة، برزت ثلاثة أطراف رئيسية تركت أثراً مباشراً على مسار القضية الكوردية وعلى الاستقرار الاجتماعي والسياسي في مناطق توزع الكورد. هذا “الثالوث” يشمل الجماعات المتطرفة، والإدارة الذاتية، والمجلس الكوردي، وكلٌّ منها يمتلك…

حسن مجيد في الوضع الكوردي العام وبشكل خاص في إقليم كوردستان العراق كل أصناف المعارضة مرفوضة وخاصة المسلحة منها فالقيام بأعمال الشغب حتى لو لم تكن مرتبطة بأجندات إقليمية أو خارجية فقط يحق لك أن تعارض ضمن مجالات حرية الرأي والتعبير . إن النيل من المنجز بطرق غير شرعية وتخريبية تخدم المتربصين والذين لايريدون الخير للكورد . الواجب الوطني…