سوف أحاول التطرق في هذه الحلقة كما كنت قد وعدت قراءنا في “الحلقة الأولى” من هذا المقال إلى أهم المنعطفات التي تكون قد تركت آثاراً سلبية على حياة شعبنا الكوردي.
مرفقاً إياها بردود أفعال أحزابنا تجاه كل حالة على حدا.
تاركاً لشعبنا تحديد درجة شرعية تمثيلهم له.
وهم الذين ما زالوا يدعونها بكل جرأة وثقة.
كما و تتزاحم أغلبها على أحقيتها لوراثة تراث أول حزب كردي “كوردستاني” يكون قد أنشأ عام 1957 بسوريا…
1.
اعتقالات بدايات ستينات القرن الماضي التي سبق أن تعرض لها كوادر ومؤيدي أول حزب كردي في سوريا..
ـ أما ردود أفعال قياديي هذا الحزب ممن كانوا قد بقوا خارج معتقلات النظام.
لم تتعدى سوى التخفي عن الأنظار دون اللجوء إلى تحريك قواعد الحزب أم مؤيديه ضد السلطات.
والتي كانت مندفعة وقتها بقوة نحو هذا الحزب الوليد.
حيث لم يكن مستبعدا أن يدافعوا بقوة عن حزبهم لو ظهر من بين قادته من يحسن قيادتهم.
هذا ولم يمضي على هذا الوضع سوى بعض الوقت حتى انقسمت قيادته على نفسها ليصبح لدينا حزب عرف باليمين، وآخر باليسار، ليدخلا في صراع استمر حوالي عقد من الزمان من دون أن يستجيبوا لقرارات المؤتمر الوطني عام 1970 بقيادة البارزاني الخالد.
2.
حريق سينما عامودا عام 1960: حيث نكبت هذه البلدة الوادعة بحرق جيل كامل من أطفالها في سينما البلدة، من الذين فرض عليهم حضور فلم خصص ريعه لدعم ثورة الجزائر.
ليبلغ عدد شهداء ذاك الحريق حوالي 300 طفل كوردي تراوحت أعمارهم ما بين السابعة والرابعة عشر.
ردود فعل الحزب الكوردي الوحيد في سوريا بخصوصه:
لم يتعدى ردود فعل الحزب ما قام بترديده المغفور له عصمت سيدا من شعارات متواضعة في تظاهرة عفوية جرت أثناء اشتراك محافظ الحسكة في إحياء أربعينية الشهداء.
حيث ردد معه عشرات من أهالي المدينة شعارات طالبت بالتحقيق في الحادث ونددوا بمن تسبب في إحراق تلك السينما دون توجيه اتهام إلى جهة بحد ذاتها.
3.
إحصاء عام 1962.
وهو الذي أصبح اليوم حديث كل مهتم بشأن الشعب الكردي في سوريا.
حيث جرد في حينه أكثر من 150 ألف مواطن كوردي من جنسيتهم السورية.
ليبلغ عدد من جردوا من جنسيتهم طرداً مع الزيادة الطبيعة للسكان ليصل عددهم الآن إلى حوالي 400 ألف مواطن ..
ردود فعل الحزب الكوردي الوحيد في سوريا بخصوصه:
كعادته لم يقم الحزب بأية فعاليات ميدانية مضادة لذلك الإجراء العنصري، واكتفوا بتوثيقه عبر النشرات الحزبية وبياناته، أما نشاطات الحزب فلم يتعدى غير محاولات تقديم عرائض لمجلس الوزراء الذي لم يرضى وقتها استلامها منهم.
4.الاستيلاء على أراضي أكثر من عشرة آلاف عائلة كوردية ممتدة على الشريط الحدودي التركية السورية والعراقية السورية بطول 370 كم وعمق من 10 إلى 15 كم وإقامة مستوطنات عليها أسكنت من العشائر العربية التي جلبها النظام من محافظتي حلب والرقة.
سمي ذلك الشريط باسم الحزام العربي والذي طبق في أواخر الستينات بداً من 1966 وما بعد.
ردود فعل الحزبين الكورديين المتواجدين وقتها على الساحة السورية:
لم يقم الحزبان بأية محاولات جادة بخصوص ذلك الإجراء العنصري أيضاً، والذي كان هدفه هو تجويع الأكراد وتغيير الطبيعة الديموغرافية للمنطقة الحدودية الكوردي وعزل الأكراد السوريين عن أهلهم من أكراد تركيا.
لم يتعدى ردود أفعال الحزبين الكرديين سوى ما قاما به من توثيق أسماء القرى المستولى عليها والتي تم إسكانها بالعرب الذين جلبتهم السلطات من محافظتي حلب والرقة.
وقاما بتقديم عرائض تطالب بإرجاع الأوضاع إلى ما كانت عليه قبل ذلك..
كان هذا كل ما قام به الحزبان وحتى الأحزاب التي أتت فيما بعدهما.
ـ من جهة أخرى وكبادرة خاصة قام أهالي قرية “علي فرو” باعتراض الجرارات التي وزعتها الدولة على أراضيهم لفلاحتها لصالح المستوطنين الجدد.
وأغلب أهالي تلك القرية كانو من منتسبي الحزب الشيوعي السوري، وسرعان ما توقفوا هم أيضاً عن نشاطاتهم بعد أن قدموا شهيداً واحداً لمنع فلاحة أراضيهم على ما أذكر..
5.
اعتقال قيادة البارتي ومجموعة من كوادره وبعض من مؤيده.
على إثر إصدار الحزب لبيان شديد اللهجة بخصوص الأراضي المستولى عليها وتسميتها من قبل النظام باسم الحزام العربي.
وذلك في عام 1973 .
أمضى بعض المعتقلون حتى ثمان سنوات في السجن.
لم يسيير الحزب وقتها ولا بعدها أية فعاليات ميدانية من أجل إطلاق سراحهم، وكانت النتيجة قيام المرحوم الشيخ باقي بالتعاون مع بعض من رفاقه بعملية انشقاق عن الحزب وتشكيل حزب باسمه.
6.
تعريب أسماء المدن والقرى الكردية وحتى أسماء مدارسهم وشوارعهم ومناطقهم، ومنع تسجيل أسماء أولاد الأكراد بأسماء كوردية..
العمل الوحيد الذي قامت به الأحزاب الكردية متمثلة في التحالف الديمقراطي الكردي في سوريا هو قيامهم بإدراج تلك الأسماء وتوثيقها في جداول خاصة..
7.
حادث سير مشبوهة أدت إلى وفاة سكرتير البارتي المحامي كمال أحمد درويش، وعضو المكتب السياسي للحزب اليساري المغفور له شيخموس يوسف في 1996.(سجل الحادث قضاءً وقدراً ولم تقم الأحزاب الكوردية بأية نشاطات ميدانية للكشف عن ملابسات الحادث.
حيث كان الاثنان في مهمة رسمية عن التحالف الديمقراطي الكردي في سوريا للقاء بمحافظ الحسكة وأمين فرع حزب البعث بالمحافظة واللذين لم يحضرا للاجتماع بشهيدي الحركة الكردية ليعودا أدراجهما فتصطدم بسيارتهما شاحنة عند نقطة التقاء طريق الحسكة عامودا مع الطريق الدولي).؟؟ حيث بقي الحاث موضع تساؤولات كثيرة..
تدور حول ماهية الحادث نفسه “هل كان الحادث مدبراً بفعل فاعل.؟ أم كان عبارة عن حادث سير عادي..؟؟.
8.
انتفاضة قامشلو 2004 ، والتي انطلقت من أرض الملعب البلدي بعد قيام الأمن بقتل ثلاثة أطفال من الأكراد المشجعين لفريقهم على أرض الملعب على إثر صدام بينهم وبين مشجعي الفريق الضيف القادم من دير الزور، والذين كانوا قد نظموا قبل يوم من الحادث مسيرة معادية لأهل مدينة قامشلو وعموم الشعب الكردي تحت أنظار الأمن السوري.
لا نرغب أن نكتب عن هذه الانتفاضة فمازلت ذاكرة شعبنا تحتفظ بكل حيثياتها.
أما ما نرغب التنويه إليه.
هو أن مجمل لأحزاب الكوردية لم تستطع أن تقود هذه الانتفاضة بأي شكل من الأشكال ولم تستطع تنظيمها.
بالرغم من انتشارها من قامشلو إلى كل المدن الكردية لتمتد حتى إلى الداخل السوري.
وتقول كل المعطيات بأن تلك الأحزاب ساعدت السلطات على إخماد نيران تلك الانتفاضة تحت حجج كثيرة منها منع السلطات وشبيحتها من قتل أبناء شعبنا ونهب وتخريب ممتلكاتهم.
بعد أن استطاعت تلك الانتفاضة أن تنقل قضيتنا إلى الكثير من المحافل الدولية..
وكان ثمنها أكثر من ثلاثين شهيداً وتدمير ممتلكات ونهب أموال أبناء شعبنا، واعتقال المئات من خيرة شبابنا..
وما زال شعبنا يدفع ضريبتها.
لكن الأحزاب ما زالت مختلفة حتى على تسميتها ما بين ” الفتنة والانتفاضة.
والهبة”.، وما زالوا ينكرون اتفاقهم مع محمد منصورة وغيره من الجهات السلطوية الرسمية على وقف وإجهاض تلك الانتفاضة المجيدة ولم يعترفوا حتى الآن بتقاعسهم عن قيادتها..
ـ لم تقم الأحزاب من أجلها إلا بفعاليات خجولة ومحدودة تمثلت في زيارات لأهل الشهداء، ووضع باقات من الزهور على أضرحتهم وإلقاء كلمات عليها..
وبالمقابل سعت إلى وقف نشاطات كل منظماتها الخارجية كي لا تحرجهم أمام السلطات السورية، لأن تلك المنظمات استطاعت أن تشكل ضغطاً نوعياً على السلطات أمام الرأي العام الخارجي، ومنظمات حقوق الإنسان..
9.
قتل الشيخ الشهيد محمد معشوق الخزنوي على أيد السلطات السورية وردود أفعال الأحزاب الكوردية على ذلك.
لا ننكر على أحزابنا ما اشتركت به أغلبها من أجل إقامة تعزية تليق به.
كما قام ممثلوها بإلقاء كلمات حماسية وقيمة في الجماهير التي لم تفارق خيمة العزاء.
وتنشطوا اجتماعياً وشعبياً من أجله.
لكن هذه الأحزاب لم تتجرأ على تحريك الشارع ضد السلطات التي نالت منه..
ـ قامت أحزاب لجنة التنسيق الكردية بفعاليات ميدانية مميزة من أجله في قامشلو.
لكنها جوبهت من قبل الأمن وشبيحتها بكل الوسائل العنصرية لقمعهم.
كما يقومون الآن بقمع الثورة السورية، إن استثنينا منها اختراق المدينة بالدبابات، وقتل المواطنين.
وما يؤسف له تعرض تلك الأحزاب وقتها إلى ما أشبه بحرب إعلامية للنيل منهم وإيقاف أنشطتهم تلك.
من قبل أحزاب التحالف الكردية وخاصة من قبل رفاق حميد درويش.
ليضطر الأستاذ فؤاد عليكو وقتها إلى تقديم شبه اعتذار للشعب بخصوص اختيار مكان تسيير تلك الاحتجاجات..
10.
قتل ثلاثة شبان أكراد أثناء إشعالهم لشعلة نوروز عام 2008 .
لم تبدي أحزابنا أية حركة احتجاجية من أجلهم، وبالمقابل جعل بعضهم يوم نوروز في ذلك العام يوم حداد، حيث توافق إعلانهم ذاك مع الرغبة الأمنية التي ما كانت ستقدم على قتل أولئك إلا من أجل منع أبناء شعبنا من الاحتفال بعيدهم القومي نوروز..
لكن الكثيرين لم يعبؤوا بحدادهم…
كما قامت السلطات في نوروز 2009 بقتل شاب كوردي آخر في الرقة، ولم تبدي الأحزاب الكردية أية ردود فعل عنيفة ضد السلطات كعادتها.
11.
تواصل مسلسل قتل المجندين الأكراد في الجيش السوري في ظروف غامضة.
من دون أن تحرك أحزابنا أية ردود أفعال غاضبة لوقف ذلك العمل الشنيع.
واكتفت كل الأحزاب بإصدار بيانات كرفع للعتب..
أية فعاليات ميدانية مبرمجة ضد السلطات السورية على الإطلاق منذ تاريخ تدشين أول حزب كردي في 14 آب عام 1957لاوحتى الآن..
بقي أن ننكر بما سمية بمسيرة للأطفال سيرت في عام 2003 من قبل يكيتي في دمشق…
أكتفي بهذا القدر من توضيحات عن هذه الأحزاب التي لا يمكننا وصفها بكل الأسف إلا بأحزاب عرضية.
والتي تشيخت على ما ترعرعت عليه، وهي التي ما تزال تستعصي على أي تجديد.
لتبقى متخلفة عن كل تطور يحصل حول أو في العالم ..
حججهم لدحض كل ما يقال عنهم لا تنتهي في جدل سفسطائي ممل..
للحديث بقية وصولاً إلى خيارات هذه الأحزاب من الثورة السورية..
في الحلقة القادمة..
محمد سعيد آلوجي
19.05.2011