(من راقب الناس مات هماً) الإنترنت في سوريا ما بين الدعارة والسياسة

 بافل علي
bafil2@gmail.com  

رغم الأرباح الخيالية التي تجنيها المؤسسة العامة للاتصالات من خدمات الإنترنت فهي لا تزال باهظة الثمن لعامة الناس فضلاً عن حجب المواقع التي لا تروق لها ، سواء كانت سياسية أو ثقافية أو دينية بالمقابل تدفعهم إلى المواقع الجنسية والإباحية  غير المحجوبة في سوريا.

لم يحظى الإنترنت منذ دخوله سوريا عام / 1998 / بالانتشار الواسع وذلك لعدة أسباب منها الأسعار المرتفعة والمراقبة والملاحقة ولكن في الآونة الأخيرة شهد ازدياداً ملحوظاً للمشتركين في هذه الخدمة وذلك بعد تحسين بعض الخدمات ، وقد تجاوز عدد المشتركين في هذه الخدمة حتى نهاية /2005 / أكثر من 300 ألف مشترك في المزودات السورية الرئيسية .

جدير بالذكر إنه هناك أربعة مزودات خدمة إنترنت في سوريا هي بالترتيب حسب الأقدم:
1-     المؤسسة العامة للاتصالات ( البريد ).

2-     الجمعية العلمية السورية للمعلوماتية ( الأولى ).
3-     آية (AYA).
4-     الشركة الهندسية للحواسب (CEC).
الأول حكومي بحت تابع لوزارة الاتصالات، وهو المسيطر على شبكة الإنترنت في سوريا والمالك الحصري لها.

يتميز بأسعاره المرتفعة وخدماته المحدودة، ومدى نجاح الاتصال بالشبكة عن طريقها لا تتجاوز 30 % مقارنة بالمزودات الأخرى.
والثاني ( الأولى ) يعتبر أقدم مزود خدمة انترنت بعد المؤسسة العامة للاتصالات.

يتميز بأسعاره المعقولة نوعاً ما وسرعة الاتصال وخدمة نقل الصوت التي تم تفعيلها مؤخراً عليه.
والثالث لا يختلف عن الرابع بشيء – سوى مدى تبعية الشركة للمؤسسة العامة للاتصلات – فعند ظهور المزودين كمنافسين في السوق تنازلت المؤسسة العامة للاتصالات لهما بتقديم خدمة (VOIP) نقل الصوت مجاناً على الرغم من إن تلك الخدمة كانت محجوبة على ( الأولى ) و ( البريد )!!.
على العموم تعتبر الجمعية العلمية السورية للمعلوماتية أفضل مزود خدمة إنترنت في سوريا وأنقاه وأسرعه وأرخصه.

ولكن تبقى هناك مشكلة ( الحجب أو المنع أو «FORBIDDEN» أو السجن الإنترنيتي ) تواجه مستخدم الإنترنت.

فمعظم خدمات الشبكة محجوبة في سوريا سوى التصفح وحتى التصفح أصبح محصوراً في بعض المواقع التي تروق للسلطة تصفحها.

فخدمة نقل الصوت والصورة ممنوعة في سوريا تم الإفراج عنها قبل حوالي عشرة أشهر وذلك بعد ظهور شركة ( آية ) كمنافس في السوق وتقديم التنازلات لها من قبل المؤسسة العامة للاتصالات من حيث نقل خدمة الصوت والصورة فقامت الجمعية العلمية السورية للمعلوماتية اثر ذلك بتفعيل تلك الخدمة وتقديمها بالمجان بعد أن كان رسم الاشتراك بها / 4000 / ليرة سورية شهرياً، رغم بقاء هذه الخدمة محجوبة في المؤسسة العامة للاتصالات حتى الآن.
أما خدمة نقل الملفات (FTP) تم الإفراج عنها مع الصوت والصورة، وبقيت أيضاً محجوبة في البريد، وحتى خدمة (SSL) بروتوكول النقل الآمن عبر الإنترنت.
هذا من ناحية الخدمات ، أما من ناحية التصفح فهذا بحد ذاته مشكلة أساسية لم يتم حلها حتى الآن فمنذ دخول الإنترنت سوريا لم تتوقف السلطات المختصة بحملات الاعتقال الواسعة على المواقع السياسية والإخبارية والدينية فحجبت العديد من المواقع أهمها : ( إيلاف – أخبار الشرق – إسلام اون لاين – عرب تايمز ) ومواقع الإخوان المسلمون والمواقع الإسرائيلية بدون استثناء حيث إن المواقع الإسرائيلية تنتهي بلاحقة (.il)  فعند كتابة أي موقع فيه (.il) فسوف تظهر لك صفحة تبين إن الموقع ممنوع (FORBIDDEN) على الرغم من إن العنوان قد يكون خاطئاً.
وحتى أهم مكونات الإنترنت  البريد الإلكتروني [EMAIL] الأجنبية منها والعربية لم تسلم من الاعتقال وأهمها كانت:  (Hotmail – Yahoo – Gawab – Maktoob – Ayna …)وبقيت محجوبة حتى نيسان 2004 ليطلق سراحها.

ولكن إطلاق سراحها لم يكن تشفعاً بالبريد الإلكتروني لا بل بسبب ضيق السجون بالمواقع والتي امتلأت بعد أن تم حجب الكثير من المواقع الكردية السياسية منها والثقافية والإخبارية بسبب نشرها صور الضحايا والجرحى ومقاطع فيديو فاضحة للحكومة وبتهمة إن تلك المواقع تسيء إلى سمعة الدولة ( وتسعى إلى اقتطاع أجزاء من الوطن وإلحاقها بدولة أجنبية ) !!!.

فقامت بحجب المواقع التالية:
( قامشلو – عامودا – عفرين – كوباني – تيريز – شبكة الأخبار الكردية – سيدا … ).
ملاحظة:
1-   تم حجب المواقع الكردية على الطريقة نفسها التي تم بها حجب المواقع الإسرائيلية أي انه إذا كتبت: www.qamislo.(any) فإنه سوف يعطيك  إشارة الحجب على الرغم من عدم وجد مثل هذا العنوان على الشبكة.
2-     إعادة حجب موقع (HOTMAIL) مقدم خدمة البريد الالكتروني المجاني في 17-7-2006.
ولا ننسى مواقع خدمات الاستضافة وحجز المواقع حيث تعاني هي أيضاً من الحجب.
إن هذه الساسة القاسية والمتشددة اتجاه المواقع السياسية المعارضة والإخبارية والثقافية والدينية والخدمية تأتي بمقابل سماح السلطات للمواقع الجنسية والإباحية كاملا!..، فلا اعلم هل مراقبو الإنترنت يتمتعون بهذه المواقع اللاأخلاقية؟، ويتفادون تصفح موقع معارض  وليس حتى معارض بل أي موقع يقدم بعض الحقيقة.
((حدثت معي قصة قصيرة: في إحدى الأيام وأنا اكلم صديقي العراقي عن الإنترنت واعدد له بعض المواقع المحجوبة في سوريا ، فتعجب كثيراً وقال لي بسخرية: كم موقع محجوب عندك في سوريا!؟ فقلت له: يا أخي اسأل كم موقع مفتوح عندكم في سوريا!!..))
من هنا أرى بأنه لا داعي لحجب أي موقع سواء كان سياسياً أو ثقافياً أو…الخ ، فالمستخدم إن كان مهذباً فسوف يبتعد عن المواقع اللاأخلاقية من دون أن تكون هنالك حاجة لحجبها، وإن كان وطنياً فسوق يبتعد عن المواقع اللاوطنية من دون أنتكون هنالك حاجة لحجبها.
وهكذا نكون قد طبقنا حرية الرأي والتعبير وحرية الإعلام والصحافة الإلكترونية.
لذلك أدعو السلطات المختصة بالكف عن حجب المواقع وفتح ما تم حجبه وتوسيع الخدمات وتسريع الخطوط وتخفيض الأسعار ن كي لا ينطبق عليها المثل القائل: ” من راقب الناس مات هماً “.

23 /9 / 2006

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إياد أبو شقرا عودة إلى الموضوع السوري، لا بد من القول، إن قلة منا كانت تتوقّع قبل شهر ما نحن فيه اليوم. إذ إن طيّ صفحة 54 سنة خلال أقل من أسبوعين إنجازٌ ضخم بكل ما في الكلمة من معنى. سهولة إسقاط نظام الأسد، وسرعة تداعيه، أدهشتا حتماً حتى أكثر المتفائلين بالتغيير المرجوّ. إلا أنني أزعم، بعدما تولّت قيادة العمليات…

طارق الحميد منذ فرار بشار الأسد، في 8 ديسمبر (كانون الأول)، إلى روسيا، وهناك سيل من النقد والمطالبات للحكام الجدد، وتحديداً أحمد الشرع. والقصة ليست بجدوى ذلك من عدمه، بل إن جل تلك الانتقادات لا تستند إلى حقائق. وسأناقش بعضاً منها هنا، وهي «غيض من فيض». مثلاً، كان يقال إن لا حل عسكرياً بسوريا، بينما سقط الأسد في 12 يوماً…

خليل مصطفى مِنْ أقوال الشيخ الدكتور أحمد عبده عوض (أُستاذ جامعي وداعية إسلامي): ( الطَّلَبُ يحتاجُ إلى طَالِب ، والطَّالِبُ يحتاجُ إلى إرادة قادرة على تحقيق حاجات كثيرة ). مقدمة: 1 ــ لا يختلف عاقلان على أن شعوب الأُمَّة السُّورية قد لاقت من حكام دولتهم (طيلة 70 عاماً الماضية) من مرارات الظلم والجور والتَّعسف والحرمان، ما لم تتلقاه شعوب أية…

أحمد خليف الشباب السوري اليوم يحمل على عاتقه مسؤولية بناء المستقبل، بعد أن أصبح الوطن على أعتاب مرحلة جديدة من التغيير والإصلاح. جيل الثورة، الذي واجه تحديات الحرب وتحمل أعباءها، ليس مجرد شاهد على الأحداث، بل هو شريك أساسي في صنع هذا المستقبل، سواء في السياسة أو في الاقتصاد. الحكومة الجديدة، التي تسعى جاهدة لفتح أبواب التغيير وإعادة بناء الوطن…