هل نحتاج إلى كل هذا الدم لكي يتم التغيير الحقيقي في سوريا؟

  عبدالباقي حسيني

يبدو ان قدر شعوب منطقة شرق الأوسط  لكي تنال حقوقها الانسانية من الحرية والتعبير والعيش الكريم، تحتاج إلى الكثير من الدم.

هذه الحقوق البسيطة والتي هي بالمحصلة حقوق طبيعية للانسان في المجتمعات المتحضرة، بينما في دول التي تتسلط عليها أنظمة دكتاتورية تجعل من هذه الحقوق العامة، مطالب صعبة المنال وعصية على التحقيق، لكي تبقى هذه الشعوب دائما تحت رحمة تلك الأنظمة.

هذه الحالة تنطبق على سوريا أيضا، فقبل ان اناقش القرارات التي اتخذتها الحكومة السورية، بل حزب البعث في سوريا أثر أحداث درعا، أريد ان أعرج على كلام المستشارة بثينة شعبان، وخاصة ما يتعلق بالكورد وعيدهم نوروز.
 لأول مرة يأتي على لسان مسؤول سوري رفيع المستوى كلمة أكراد سوريا وتبارك لهم عيدهم القومي “نوروز” .

طبعاً هذه خطوة إيجابية ومتقدمة في الفكر العربي في سوريا، على انه بدأ يقبل بالآخر المختلف.

لكن الذي كنت أتمناه من المستشارة الاعتراف بعيد نوروز، كعيد وطني طالما تطلب من الشعب الكردي في سوريا ان يكون سوريين فقط.

شخصيا أعرف بثينة شعبان منذ زمان، وفي كل مرة كان الحديث عن أكراد سوريا، كانت المستشارة ترفض سماع هذا الأسم، أو “المصطلح” كما أرادت ان تسميها في مؤتمرها الصحفي.

أما اليوم يأتي على لسانها وهي الناطقة الاعلامية لرأس النظام، هذا أمر نستغربه نحن الكورد.

أتمنى ان لا تكون هذه الخطوة مرحلية أو تكتيكية لكسب الكورد إلى صفها حالياً، كون الشعب السوري عموما يعيش حالة غليان، مطالبا الحرية.

أما بالنسبة للقرارات السياسية والتي اتخذتها القيادة القطرية البعثية في سوريا، كونها هي قائدة الدولة والمجتمع، فعليها الكثير من إشارات الأستفهام والتساؤل، كون جميعها جاءت بدون سقف زمني لتحقيق هذه القرارات على أرض الواقع.
1.

بالنسبة للفساد ووضع آليات جديدة لمحاربتها، لاأعرف أي آلية سيخترعها هذه القيادة لإستئصال هذا المرض الخطير والمتفشي في سوريا.

ولا أعرف مع من سيبدأون؟ المعروف للقاصي والداني في سوريا ان رموز الفساد يتربعون في قمة النظام.

هل ستنجح قيادة البعث من مكافحة الفساد في سوريا، لاأعتقد ذلك.


2.

حالة الطوارئ والتي هي موجودة في سوريا منذ عام 1963، الآن وبعد 48 سنة من معاناة الشعب السوري من هذه الحالة البوليسية، تريد قيادة البعث إنهاء هذه الحالة قريباً.

بقناعتي إلغاء حالة الطوارئ مطلب كل الشعب السوري منذ سنوات بعيدة، فكان الأجدر بهذه القيادة إلغاءها مباشرة، وليس الإنتظار لدراسة إنهاء هذه الحالة، والأمر ليس بهذه الصعوبة.


3.

إصدار قانون جديد للإعلام، كلام جميل، لكن على أرض الواقع نرى حتى الآن زج الصحفيين والاعلاميين في السجون لمجرد إبداء آرائهم على وسائل الاعلام من الأنترنيت أو الصحف أو القنوات التلفزيونية.

كلنا أمل ان تعود جريدة ” الدومري” إلى الصدور من جديد في سوريا.


4.

إعداد مشروع لقانون الأحزاب السياسية وعرضها على العامة.

نعرف سلفا رأي النظام من هذا المشروع، ففي مؤتمر حزب البعث السوري عام 2005 كان هذا الكلام متداول، وقتها قالوا إذا ما تم هذا الأمر فسيتم منع تشكيل أحزاب على أساس قومي أو ديني، وكان القصد بها، عدم تمكن الأكراد تشكيل أحزاب خاصة بالقومية الكردية.

وكذلك سد الأبواب أمام جماعة الأخوان المسلمين في سوريا من تشكيل حزب خاص بهم على أساس ديني.

بمعنى إذا كان المشروع الجديد بهذه الذهنية وهذا المفهوم، فسيستبعد أكبر شريحتين في المجتمع السوري (الأكراد والأخوان المسلمين) من مزاولة العمل السياسي.


5.

تعديل المرسوم 49 الخاص بشراء وبيع العقارات في المناطق الحدودية.

كلنا يعلم ان المرسوم 49 صدره رئيس الجمهورية عام 2008 فهو حديث العهد، بالرغم من شكاوي المواطنين وعرض الأثار السلبية لهذا المرسوم من قبل المحاميين على الرأي العام .

أصرت الحكومة على تنفيذها.

فكان المتضرر الأول والرئيسي منها محافظة الحسكة (الجزيرة) ومحافظة درعا (الحوران).

فبدلاً من تعديل المرسوم كان الأجدى بالنظام إلغاءه، كون المرسوم جاء ضد مصلحة الشعب وليس لصالحه.


6.

تعزيز سلطة القضاء في سوريا.

كما هو متعارف عليه في جميع أنحاء العالم ان السلطة القضائية هي سلطة مستقلة لاتتأثر بالحكومة او الاجهزة الأمنية.

في سوريا سلطة القضاء غير مستقل، تسير فيه المحاكمات ويتم أصدر القرارات بناء على أوامر السلطات العليا في الدولة، وبالضغط على القضاة.

كل الشعب السوري يأمل ان تكون السلطة القضائية مستقلة وتأخذ دورها الصحيح وفق القانون.


أخيراً، كان على السيدة المستشارة ان ترد على سؤال الصحفي عندما سألها عن الكورد المجردين من الجنسية السورية ومتى سترد لهم جنسيتهم.

علماً أننا سمعنا من رئيس الجمهورية أكثر من مرة على ان هذه القضية ستحل قريبا، لكن لم يتم هذا.
السؤال الذي يبادر إلى ذهن السوريين هو، هل ستكون القرارات الأخيرة هي أيضا مجرد وعود كسابقاتها، أم هي فعلا بداية الاصلاحات والتغيير؟   

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…

عنايت ديكو   الوجه الأول: – أرى أن صفقة “بهچلي – أوجلان” هي عبارة عن اتفاقية ذات طابع أمني وجيوسياسي بحت، بدأت معالمها تتكشف بشكل واضح لكل من يتابع الوضع عن كثب، ويلاحظ توزيع الأدوار وتأثيراتها على مختلف الأصعدة السياسية، الأمنية، والاجتماعية داخل تركيا وخارجها. الهدف الرئيسي من هذه الصفقة هو ضمان الأمن القومي التركي وتعزيز الجبهة الداخلية بجميع تفاصيلها…

اكرم حسين العلمانيّة هي مبدأ سياسي وفلسفي يهدف إلى فصل الدين عن الدولة والمؤسسات الحكومية ، وتنظيم الشؤون العامة بما يعتمد على المنطق، والعقلانية، والقوانين الوضعية بدون تدخل ديني. يتضمن مبدأ العلمانيّة الحفاظ على حرية الدين والمعتقد للأفراد، وضمان عدم التمييز ضد أي شخص بسبب دينه أو اعتقاده. تاريخياً ظهرت العلمانية مع اندلاع الثورة الفرنسية حيث خرجت الطبقة البرجوازية…