شذرات من مفهوم المواطنة

سيامند إبراهيم
siyamendbrahim@gmail.com

من المؤكد أن هذه المناقشات المستفيضة في تناول  موضوع المواطنة الذي أخذت ولا تزال تأخذ الكثير من الآراء وتقدم صورة كاملة لهذا المفهوم من مختلف جوانبه فقد بعثت الحيوية إلى حد ما؟ ولا شك بأن هذه الكتابات والآراء ستكون مفيدة في فهم هذه المسألة الحيوية التي نعيشها بكل دقائقها, وقوانينها وعلى  مختلف المستويات الثقافية والفكرية والحقوقية, و
إذ عدنا قليلاً إلى التاريخ القديم نجد أن بعض الباحثين قد رأوا أن منشأ  المواطنة هي” رحم الأمم الرءوم”.

وبذلك فإن تكوين البذرة الأولى لتطور هذا المفهوم و تطوره بدأت من رحم حواء التي حضنت هذا المولود, الذي خرج ونزل إلى أرض الله الواسعة رست سفينته وسط أنواء عالية أدمت وحولت حياته  بأزمنة تسبغ عليها بعض المرارة, وقليلاً من الحلاوة .
وموضوع المواطنة هو موضوع قديم قدم التاريخ, أي يوم البدء بدبيب الإنسان على سطح البسيطة وعيشه في الكهوف وعلى جنبات الأنهار, والأدغال حيث بدأ وعيه, حياته, واجباته حقوقه, ودافع عنها بشراسة, وشهدت الممالك والقبائل والأفراد صراعاً شرساً في سبيل إثبات الذات الإنسانية لهذا الكائن الذي يرى في أرضه ودولته التي يعيش على ترابها حقوقه المستلبة والمستبدة؟!
ويرجع الباحثين جذور المواطنة إلى ” العهود القديمة منذ اليونان والرومان الذي تراجع قليلاً بعد سقوط هذه الإمبراطورية ” وتجلت بشكل واضح منذ الثورة الفرنسية ومبادئ قيم الحرية والقانون التي نادت بها”
وقد عرف علماء الاجتماع المواطنة:” انتماء الإنسان إلى بقعة أرض, ويحمل جنسية هذه الدولة, ويتمتع بشكل متساوي مع بقية المواطنين بالحقوق الكاملة, ويخضع للقوانين الصادرة عنها بشكل متساوي” لكن لنسأل عن ماهية هذه القوانين ومن شرعها, و وأي برلمان و مجلس تشريعي وضع حروفها الأولى وبحث فيها دقيقاً وتمحيصاً في سلبيات هذه القوانين, وإلى أية درجة حققت العدالة الاجتماعية والسياسية للمواطنين من مختلف الأثنيات والطوائف الذين يعيشون على ثرى هذا الوطن, وهنا نقرأ القوانين الأولى في البشرية التي وضعها حكماء الأكاديين وهم الذين نوروا قلب (حمو رابي) وبثوا في ضلوعها روح القانون وتطبيقها:”
ويروي التاريخ ”  أن حمو رابي العظيم فاختار الحكماء  282 مادة تشريعية تشمل جميع مناحي الحياة, وهذا الحدث كان في سنة 1782 ق.

م .

وفي هذه المواد كل حقوق الإنسان, وأن القانون على رأس الملك, وعلى رأس الشعب.

ولا أحد فوق القانون من الشعب,
 وقد حاول العديد منهم إنقاص هذه المواد واختصار حقوق الإنسان وكرامته, لكن حمو رابي رفض تماماً إلا أن يكون الإنسان حراً ومحترماً.

وأن يكون العدل أساس الملك “.

( 1)
إذٍ إن الحريات العامة,  من حق الأثنيات التعلم بلغتهم الأم, وتطوير ثقافتهم في الدولة التي  يعيشون فيها, تحقيق العدالة الاجتماعية لهم من حق الانتخاب, وحرية التعبير, والاعتقال التعسفي لهي من أساسيات حقوق لمواطنة في أي دولة  كانت؟, وإن فرض دين أو مذهب أو عقيدة ايدولوجية, أو ثقافة اللون الواحد لهو بداية النهاية للعدالة الاجتماعية, إن استمر هذا النهج التسلطي في هذه الدولة أو تلك, وستظل  تزيد جراحات مفهوم  البغضاء والكراهية من قبل هذه الشريحة أو تلك الأثنية إلى رجالات الدولة والمفسدين فيها, وتضعضع سمعة الدولة إلى الهاوية وتمزق في أوصال المجتمع المتعدد الموزاييك,  إحقاق حق كل أثنية من هذه هي التي تجعل المجتمع يعيش بقلوب دافئة وصحيحة وغير ذلك فهي مقوضة للمجتمع نحو المزيد من الانقسام والتغريب القسري بكل نواحيه؟

(1)   –  جريدة الشرق الأوسط  العدد 11682  – الاثنين 22 نوفمبر 2010-11-
أنيس منصور  –  أمسك أبرع اللصوص.

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

كفاح محمود حينما كان الرئيس الراحل عبد السلام عارف يُنعى في أرجاء العراق منتصف ستينيات القرن الماضي، أُقيمت في بلدتي النائية عن بغداد مجالسُ عزاءٍ رسمية، شارك فيها الوجهاء ورجال الدين ورؤساء العشائر، في مشهدٍ يغلب عليه طابع المجاملة والنفاق أكثر من الحزن الحقيقي، كان الناس يبكون “الرئيس المؤمن”، بينما كانت السلطة تستعدّ لتوريث “إيمانها” إلى رئيسٍ مؤمنٍ جديد! كنّا…

نظام مير محمدي *   عند النظر في الأوضاع الحالية الدائرة في إيران، فإن من أبرز ملامحها ترکيز ملفت للنظر في القمع المفرط الذي يقوم به النظام الإيراني مع حذر شديد وغير مسبوق في القيام بنشاطات وعمليات إرهابية خارج إيران، وهذا لا يعني إطلاقاً تخلي النظام عن الإرهاب، وإنما وبسبب من أوضاعه الصعبة وعزلته الدولية والخوف من النتائج التي قد…

خالد حسو تعود جذور الأزمة السورية في جوهرها إلى خللٍ بنيوي عميق في مفهوم الدولة كما تجلّى في الدستور السوري منذ تأسيسه، إذ لم يُبنَ على أساس عقدٍ اجتماعي جامع يعبّر عن إرادة جميع مكونات المجتمع، بل فُرض كإطار قانوني يعكس هيمنة هوية واحدة على حساب التنوع الديني والقومي والثقافي الذي ميّز سوريا تاريخيًا. فالعقد الاجتماعي الجامع هو التوافق الوطني…

تصريح صحفي يعرب “تيار مستقبل كردستان سوريا” عن إدانته واستنكاره الشديدين للعملية الإرهابية الجبانة التي استهدفت دورية مشتركة للقوات السورية والأمريكية بالقرب من مدينة تدمر، والتي أسفرت عن سقوط عدد من الضحايا بين قتلى وجرحى. إن هذا الفعل الإجرامي يستهدف زعزعة الأمن والاستقرار، ويؤكد على خطورة الإرهاب الذي يتهدد الجميع دون تمييز، مما يتطلب تكاتفاً دولياً جاداً لاستئصاله. كما يُعلن…