الاًحزاب الجديدة !


صلاح علمداري
 
saalamdari@yahoo.com  

تشكلت الاًحزاب السياسية ” التقليدية” على اًنها إتحادات طوعية لاَناس ذوي اًهداف واَمال مشتركة تسعى الى الشان العام وتكسر احتكار الفرد ( القوي – القائد – الملك … ) في إتخاذ قرار “الفوق” الحاكم وتحديد مستقبل و مصيرمئات الالاف بل الملايين من الناس في “التحت” الشعبي… ويقال ان اًول حزب سياسي خرج الى النور كان في بريطانيا اواخر القرن السابع عشرثم انتشرت فكرة تاًسيس الاًحزاب الى اصقاع الارض لتساهم ولا تزال الى الاَن في ادارة و تنظيم الشان العام وقيادة الدول والمجتمعات .
في المنطقة الاسلامية ظهرت الجمعيات و الاحزاب بعد وصول نظام “الخلافة” الفردي الى محطته الاخيرة وعجزه الكامل عن ادارة شؤون المناطق والاصقاع وإستحالة مواكبته لاَمال وتطلعات المجتمعات المتنامية باستمرار.
نقل الاستعمار الغربي معه الى المنطقة في بداية القرن العشرين بعض “الكمونات” الايجابية على صعيد الفكر والثقافة والسياسة اًدت الى إنهيار سريع للنظام القديم في الادارة والحكم وظهرت على إثرها الجمعيات والاحزاب السياسية وانظمة حكم مستمدة من النموذج الاوربي.


ولكن..

و في اوج انتعاش الانظمة الاوربية ( الاًم ) في بلدانها حدثت انتكاسة للحياة السياسية في بلداننا اثر استيلاء ضباط من الجيش على السلطة المدنية – مصر مثالا- او اًحزاب بعينها في بعض البلدان عن طريق القوة او انقلابات عسكرية – سوريا مثالا – واحتكارها للسلطة في الحالتين لمدد طويلة مفردة او بمعية بعض الدائرين في فلكها تسمى باحزاب السلطة التي تحولت في الحقيقة الى مجرد اداة لحكم الفرد ( القائد ) وحاضنة لإنتاج ديكتاتوريات تحتكر القرار والثروة بقوة السلطة في بلدانها وتعزل بقوة سلطتها – هذه – وثروتها اًصحاب الراَي الاخر (المعارضة) احزابا وافرادا في مساحات ضيقة تكاد تكون من دون تاثير يذكر على القرار الوطني .

وهكذا تمثل المشهد السياسي في بلداننا خلال ما يقرب النصف قرن بقطبين فقط .


القطب الاول يمثله الفرد الحاكم المطلق باسم الحزب او المجموعة او الفرد الحاكم المطلق باسم الحق التاريخي للعائلة ( الانظمة الملكية والامارات ) والقطب الاخر يمثله ما تبقى من الراًي الاَخر المتمثل في كفاءات وفي رموز وفي احزاب صغيرة هامشية .
الثنائية التقليدية المتمثلة بالسلطة القوية المستبدة من جهة والمعارضة الضعيفة المشتتة من الجهة الاخرى والمستمرة منذ عقود تحولت الى اَلية كابحة لطموح واَمال ومطالب الغالبية الشعبية العظمى في الحرية والازدهار ولا سيما الشباب والذين تعاطوا بجفاء مع الاحزاب وهجروا السياسة في العقود الاخيرة و ُوصفوا مرارا ومن قبل قطبي الثنائي نفسه بجيل النت والخليوي والدش .

وكان هذا ذما .


قبل ” سيدي بوزيد ” كانت توصف الاغلبية الشعبية في بلداننا بالصامتة وبالسلبية لكن ثورة تونس وبعدها ثورة مصروالثورات العارمة التي تجتاح معظم المدن والعواصم العربية كانت بمثابة الاعلان عن “حزب” او احزاب جديدة لها دويها الصاخب وقوتها الجبارة اعضاؤها شباب من الاغلبية الصامتة يجتمعون وينظمون انفسهم ويختارون قياداتهم ويرسمون شعاراتهم ومطالبهم على مساحات مواقع التواصل الاجتماعي ( تويتر – فيسبوك – يوتيوب ..

) .
فجر هؤلاء الشباب ( هذه الاحزاب ) مكامن القوة الحقيقية في عمق المجتمعات وتجاوزا بقوتهم وجماهيريتهم وفي وقت قياسي جدا المعارضات التقليدية كلها بل واسقطوا السلطة نفسها قي اكثر من بلد .


تنتقل شعلة الشباب المطالبة بالحرية والكرامة من يد الى اًخرى ومن بلد الى اخر وتسقط عروش الطغاة تباعا فهل نحن امام عصرالتغيير المنشود ؟ وهل ستقود الاحزاب الجديدة هذه بلدانها الى بر الامان ؟ هل سيحافظ “الحزب الجديد” على ثقافة الجماعة وممارسة الديمقراطية ؟ ام سيفرز ديكتاتوريات جديدة و باشكال جديدة ؟ في كل الاحوال يجب ان نمنح شبابنا الفرصة وهذه فرصتهم .

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

ماجد ع محمد بعد أن كرَّر الوالدُ تلاوة قصة الخريطة المرسومة على الجريدة لأولاده، شارحاً لهم كيف أعادَ الطفلُ بكل سهولة تشكيل الصورة الممزقة، وبما أن مشاهِدَ القصف والتدمير والتدخلات الدولية واستقدام المرتزقة من دول العالم ومجيء الجيوش الأجنبية والاقليمية كانت كفيلة بتعريف أولاده وكل أبناء وبنات البلد بالمناطق النائية والمنسية من بلدهم وكأنَّهم في درسٍ دائمٍ لمادة الجغرافيا، وبما…

صلاح بدرالدين لاتحتاج الحالة الكردية السورية الراهنة الى إضفاء المزيد من التعقيدات اليها ، ولاتتحمل هذا الكم الهائل من الاخذ والرد اللذان لايستندان الى القراءة العلمية الموضوعية ، بل يعتمد بعضها نوعا من السخرية الهزلية وكأن الموضوع لايتعلق بمصير شعب بكامله ، وبقدسية قضية مشروعة ، فالخيارات واضحة وضوح الشمس ، ولن تمر بعد اليوم وبعبارة أوضح بعد سقوط الاستبداد…

المهندس باسل قس نصر الله أتكلم عن سورية .. عن مزهرية جميلة تضمُّ أنواعاً من الزهور فياسمين السنّة، ونرجس المسيحية، وليلكة الدروز، وأقحوان الإسماعيلية، وحبَق العلوية، ووردة اليزيدية، وفلّ الزرادشتية، وغيرها مزهرية تضم أطيافاً من الأكراد والآشوريين والعرب والأرمن والمكوِّنات الأخرى مزهرية كانت تضم الكثير من الحب اليوم تغيّر المشهد والمخرج والممثلون .. وبقي المسرح والمشاهدون. أصبح للوزراء لِحى…

د. آمال موسى أغلب الظن أن التاريخ لن يتمكن من طي هذه السنة بسهولة. هي سنة ستكون مرتبطة بالسنوات القادمة، الأمر الذي يجعل استحضارها مستمراً. في هذه السنة التي نستعد لتوديعها خلال بضعة أيام لأن كان هناك ازدحام من الأحداث المصيرية المؤدية لتحول عميق في المنطقة العربية والإسلامية. بالتأكيد لم تكن سنة عادية ولن يمر عليها التاريخ والمؤرخون مرور الكرام،…