وتتشابك كل هذه العوامل، ونتيجة لهذه السياسات التي استمرت لعقود من الزمن وإلى الآن، بتنا نرى أكثر من المظاهرات الاحتجاجية والانتفاضات والثورات في أكثر من بلد عربي، مطالبة بالحياة الحرة والكريمة للشعوب، كما حدث الآن في الجزائر والأردن وتونس ومصر والسودان ولا ندري أين ومتى ستتوقف؟ كون طبيعة هذه الأنظمة جميعها متشابهة وان بنسب مختلفة.
من هنا لا بد من التوقف قليلاً عند ثورة الياسمين المباركة في تونس، التي أطاحت بنظام زين العابدين بن علي، والذي استمر حكمه 23 عاماً، وانتفاضة الغضب المجيدة في مصر ضد نظام حسني مبارك، والذي يحكم منذ 30 عاماً، هذان النظامان اللذان حكما بقبضة من حديد، ولو أحياناً في قفاز مخملي في مسعى منهما لخنق كل التعبيرات المجتمعية، السياسية منها والمدنية.
هذه الثورة وتلك الانتفاضة لهما أكثر من مغزى ومعنى نستنبطها من السياق التاريخي لهما ومن آلية وكيفية عملهما كالآتي:
في هذه الأثناء نشاهد فصلاً جديداً من فصول الأزمة اللبنانية والتي تشكل إحدى تجليات الأزمات البنيوية التي تعاني منها المنطقة، ويتكثف الفصل الحالي من الأزمة في الخوف من المحكمة الدولية، والتي تم تشكيلها بقرار من مجلس الأمن الدولي، ومن القرار الاتهامي الذي أحاله المدعي العام الدولي للمحكمة السيد دانيال بلمار إلى قاضي الإجراءات التمهيدية القاضي دانييل فرانسيسن، والذي من المتوقع بموجبه أن يتم توجيه الاتهام لعناصر من حزب الله في لبنان، الذي يدعو مع أطراف 8 آذار إلى اتخاذ موقف واضح ضد القرار قبل صدوره، والدعوة لوقف تمويل المحكمة والتي يوصفها بأنها مشروع أمريكي – إسرائيلي؟، وسحب القضاة اللبنانيين.
هذه المطالب الذي رفضت أطراف 14 آذار المتمسكة بالمحكمة الدولية كأداة لتحقيق العدالة وانتظار صدور القرار ليتم اتخاذ الموقف الصحيح منه، ما يعني انقسام 8 آذار و 14 آذار إلى فريقين، فريق قبل وفريق بعد.
في هذا الوقت الذي يصَر كل فريق على موقفه، أعلن أطراف 8 آذار نعي المبادرة أو التسوية السورية السعودية، والجهر بأن هذه المبادرة انتهت من دون نتيجة ايجابية ما حدا بها إلى سحب وزرائها من الحكومة، وإسقاطها بعد أن تضامن معهم وزير آخر من حصة رئيس الجمهورية، هذه العملية برمتها وصفتها قوى 14 آذار بأنها انقلاب من جانب حزب الله على الحكومة الشرعية، وبأنها تشكل خرقاً فاضحاً لاتفاق الدوحة الذي بموجبه تشكلت الحكومة برئاسة سعد الحريري الذي كان في البيت الأبيض بواشنطن حينما تحول إلى رئيس لحكومة تسيير أعمال، وعلى اثر ذلك تم تكليف السيد نجيب ميقاتي بتشكيل الحكومة الجديدة، حيث نال 68 صوتاً نتيجة تحول السيد وليد جنبلاط ونواب حزبه إلى جانب حزب الله، مقابل 60 صوتاً للسيد سعد الحريري.
على الصعيد الداخلي السوري لا ريب أن مجمل تلك التطورات والأحداث الجارية في المنطقة تستدعي وقفة تأمل ومراجعة حقيقية من جانب النظام لمجمل سياساته الداخلية، واننا وحرصاً منا على بلدنا سوريا ندعوه للقيام بذلك بأسرع وقت، كون هذه السياسات تتشابك في أجه كثيرة منها مع نظيراتها في البلدان التي حدثت فيها هذه الاضطرابات، والعمل الجاد والملموس على إيجاد حلول عملية لها، وقد تكون هذه الخطوات الآتية بمثابة مفتاح لحل الكثير من الاحتقانات داخل مجتمعنا السوري:
إلا أنه وعلى عكس المتوقع تتواصل الاعتقالات الكيفية وتصدر الاحكام الجائرة بحق نشطاء سياسيين والمهتمين بالشأن العام، فقد تم اعتقال كلاً من الكاتب حواس محمود والشاعر إبراهيم بركات، كما تم اعتقال الشابين الآشوريين سمير أويتر تشابا وجوني بادل دافيد.
كما أصدرت محكمة أمن الدولة العليا احكاماً جائرة بحق كلاً من: عباس عباس ( 65 سنة) سبع سنوات ونصف وعلى أحمد النيجاوي وغسان حسن وتوفيق عمران أربع سنوات، وذلك بعد اتهامهم بالانتساب إلى جمعية سرية ( حزب العمل الشوعي )، ووقف الإجراءات التأديبية بحق المحامي والناشط الحقوقي رديف مصطفى.
وأخيراً لا آخراً، استمرار مسلسل الفصل والنقل لمعلمين ومعلمات أكراد من وظيفتهم كإجراء تعسفي ومناقض لكل مبادئ والقواعد الدستورية وللقوانين والمواثيق الدولية التي وقعت عليها الحكومة السورية.
وفي سياق الحديث عن الاعتقالات لا بد أن ندعو كافة منظمات حقوق الإنسان والمهتمين بالشأن العام والقوى والمنظمات الديمقراطية في العالم، للتضامن مع أبناء شعبنا الكردي في كردستان إيران، الذي يتعرض لمسلسل الاعتقالات اليومية والإعدامات داخل سجون النظام الإيراني في مدن: مهاباد وسنة وسقز وغيرها من المدن الإيرانية.
اللجنة السياسية