مصر على صفيح ساخن

زيور العمر

الجميع يترقب الحدث في مصر.

الشعب المصري يترقب.

منطقة الشرق الأوسط , بشقيها الشعبي و الرسمي تراقب.

المجتمع الدولي يراقب.

الجميع في حالة ترقب لما سيحدث في ميدان التحرير الذي بات رمزا ً لمستقبل البلاد.


هل سيجبر المتظاهرين في ميدان التحرير في القاهرة الرئيس المصري حسني مبارك على التنحي ؟ أم أن الرئيس ما زال لديه فرصة لإقناع القوى السياسية في البلاد لمنحه بعض الوقت , بغية إجراء ترتيبات , من أجل إنتقال سلمي و سلس , للسلطة , بهدف تجنب الفوضى و الفراغ السياسي في البلاد؟
لا شك أن المجتمع الدولي , و في مقدمته الولايات المتحدة الأمريكية, بات يقر بصعوبة إستمرار الرئيس في ممارسة مهامه في ظل المناخ الراهن , الذي أملته إستمرار و إتساع رقعة الإحتجاجات على حكمه.


فالإهتمام الدولي الغير مسبوق بالشأن المصري مرده الموقع المهم الذي يشغله نظام الرئيس مبارك في توازنات المنطقة , خاصة و أن إحتمال إمتداد موجات الغضب الشعبية في المنطقة أبعد من تونس و مصر الى دول أخرى , اغلبها حليفة للولايات المتحدة الأمريكية و الغرب , يجعل من موازين القوى تميل بشكل جذري لصالح المحور الراديكالي المناهض لسياساتها ومصالحها الإستراتيجية في منطقة الشرق الأوسط.

و ما يعزز من مخاوف الغرب في المرحلة الراهنة هو ضعف القوى الديمقراطية , المعتدلة , في مقابل القوى الإسلامية الراديكالية التي وجدت معينها في الطبقات المسحوقة والمهمشة في  المجتمعات العربية و الإسلامية , مستفيدة من سياسات الأنظمة الشمولية الموالية للغرب بحق الطبقات و الشرائح الوسطى.


فنظرة على خريطة التنظيمات و الأحزاب و الجماعات في المشهد السياسي المصري , لا بد أن يظهر ضعف و هشاشة القوى التي تطالب بالحريات و الديمقراطية , عكس القاعدة الشعبية الواسعة و الراسخة للتنظيمات و التشكيلات الإسلامية و على رأسها جماعة الإخوان المسلمين .

و نظراً لجدية هذه المخاوف , رغم عدم وجود مؤشرات قطعية لإمكانية حدوثها , فإن إمكانية حدوث فوضى أو عدم إستقرار , أو تعرض عملية التغيير الديمقراطي لعقبات و إنسدادات سلبية , تبقى من الأمور التي تحظى بالإهتمام المتزايد من قبل الولايات المتحدة و المجتمع الدولي برمته.

وعليه نفهم المقاربات الحذرة من قبل إدارة الرئيس أوباما للأزمة المصرية , و التعامل المتوازين من قبلها تجاه تطورات الحدث المصري.

وبالرغم من وجود أوساط في الغرب تحاول جاهدة تخفيف هذه المخاوف و تعزيز فكرة ولادة قوى حية من داخل ومن حضن المجتمعات العربية والإسلامية , ستعمل على نشر و ترسيخ المفاهيم المتعلقة بالحريات , بما يؤمن , في حالة نجاحها , فرصة تحديث مجتمعاتها وتحسين مستوى حيواتها , في أجواء من الهدوء و التعقل , الضرورية لضمان التركيز على مصالحها و مستقبل أبناءها.


المهم أن ظاهرة إنبعاث الإرادة الحية والصلبة لدى المجتمعات العربية والإسلامية , بعد عقود من الركود و الإنكماش , و نجاحها في تونس من خلال إزاحة إحدى أصنام الإستبداد , و إستمرار ثباتها في مصر منذ إنطلاقتها في الخامش و العشرين من الشهر الفائت , لهو دليل على أن شعوب المنطقة ما عادت بإستطاعتها السكوت و الصمت عن إستمرار الأنظمة الديكتاتورية في العبث بمقدراتها و مستقبلها , بعد أن وصلت درجات الظلم و الإهانة مستويات لا يمكن الإرتضاء بها , و إعتبارها قدراً حتمياً لا فرار منه.

الشعب المصري لم يعد يحتمل, لذا فهو على صفيح ساخن , يغلي غضباً و قهراً, اليوم , مصمماً على إنهاء حقبة الإستبداد و أدواته , تواقاً الى مستقبل يتحقق فيه لأبناءه كل شروط الحياة الكريمة و المستقرة.

فألف تحية الى ثورة الأحرار في مصر, متمنين لها النصر و الظفران.
01/02/2011    

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…

عنايت ديكو   الوجه الأول: – أرى أن صفقة “بهچلي – أوجلان” هي عبارة عن اتفاقية ذات طابع أمني وجيوسياسي بحت، بدأت معالمها تتكشف بشكل واضح لكل من يتابع الوضع عن كثب، ويلاحظ توزيع الأدوار وتأثيراتها على مختلف الأصعدة السياسية، الأمنية، والاجتماعية داخل تركيا وخارجها. الهدف الرئيسي من هذه الصفقة هو ضمان الأمن القومي التركي وتعزيز الجبهة الداخلية بجميع تفاصيلها…

اكرم حسين العلمانيّة هي مبدأ سياسي وفلسفي يهدف إلى فصل الدين عن الدولة والمؤسسات الحكومية ، وتنظيم الشؤون العامة بما يعتمد على المنطق، والعقلانية، والقوانين الوضعية بدون تدخل ديني. يتضمن مبدأ العلمانيّة الحفاظ على حرية الدين والمعتقد للأفراد، وضمان عدم التمييز ضد أي شخص بسبب دينه أو اعتقاده. تاريخياً ظهرت العلمانية مع اندلاع الثورة الفرنسية حيث خرجت الطبقة البرجوازية…

اننا في الفيدرالية السورية لحقوق الانسان والمنظمات والهيئات المدافعة عن حقوق الإنسان في سورية، وبالمشاركة مع أطفال العالم وجميع المدافعين عن حقوق الطفل وحقوق المرأة وحقوق الانسان، نحيي احتفال العالم بالذكرى السنوية الثلاثين لاتفاقية حقوق الطفل، التي تؤكد على الحقوق الأساسية للطفل في كل مكان وزمان. وقد نالت هذه الاتفاقية التصديق عليها في معظم أنحاء العالم، بعد أن أقرتها الجمعية…