قمع الكرد بالكرد

دلشا يوسف

    شغلت قضية إطلاق سراح قادة حزب الله التركي المحظور في الفترة الأخيرة، الأوساط السياسية التركية، و إن لاقت الخطوة إستحسان مؤيدي الحزب و بعض الأطراف السياسية التي إلتزمت بعدم التعليق، فقد أثارت ردود فعل قاسية في الجبهة الكوردية، التي عانت سنوات طويلة من مظالم حزب الله الذي يتفق الجميع على حقيقة أنه صنيع الدولة نفسها و كان الهدف منه ضرب الحركة الكوردية و بالأخص تنظيم العمال الكوردستاني.و بعد ذلك و عند تزايد نفوذ الحزب بالتعاون مع تشكيلات الإستخبارات و الجندرمة المعروف ب (جيتم)، إنقلب الحزب على السلطات مما أدى إلى تغيير السلطة موقفها تجاه الحركة و بدأت بمحاربة و مكافحة قيادي و أعضاء الحزب ، حيث ألقي القبض على بعض القادة و تم قتل قائد الحركة في إشتباك مسلح خلال عملية مداهمة نفذّها قوى الأمن التركية.
   بعد مرور عشر سنوات على سجن هؤلاء القادة، تم إطلاق سراحهم بناء على المادة 102 من الدستور التركي التي تقضي بإطلاق سراح المتهمين رهن المحاكمة في قضايا إرهابية في حال تجاوز فترة محاكمتهم 10 أعوام.

و لكن و بعد أيام من إطلاق سراحهم، إختفوا عن الأنظار و بدأت السلطة التركية من جديد بحملات المطاردة  للقبض عليهم.

الأمر الذي أثار قلق الكورد و في مقدمتهم حزب العمال الكوردستاني ، هو أن  تكون هناك خطة مدبرة وراء إطلاق سراح قادة حزب الله و تستهدف الكورد مرة أخرى ، كون الحزب تأسس في المناطق الكوردية و جميع قادته و أعضائه  ذوي أصول كوردية مما أدى  بالبعض إلى الإعتقاد أن الكورد ما زالوا تحت تهديد المجازر.

ففي مقال لكاتب العمود (أورال جالشلار) و المنشور في صحيفة راديكال التركية تحت عنوان (قمع الكورد بالكورد) يذكر فيه أنه تم إختبار إستخدام الكردي المتدين في مواجهة الكوردي القومي في كثير من المرات، و لكن لم  يتم القضاء على القضية الكوردية حتى الآن.

و يعيد الكاتب للأذهان الممارسات الشنيعة لعناصر حزب الله ضد الكورد و المثقفين الأبرياء قائلا:

” أعوام التسعينات، كانت أعواما مليئة بالجرائم البشعة التي نفذها تابعي حزب الله في المدن و الأقضية في جنوب شرقي تركيا (يقصد بها المناطق الكوردية).

و كان من المعروف حينها أن عناصر الحزب تدربوا في مراكز تشكيلات الإستخبارات و الجندرمة و دخلت هذه الحقائق في سجلات مجلس الأمة التركي”.

و يتابع الكاتب مقاله قائلا:

” نمى حزب الله و تغذى على الكفاح ضد حزب العمال الكوردستاني بتوجيه من قوى الدولة.

و هذه الحرية المطلقة أدى بحزب الله إلى تطبيق أبشع أساليب القمع بحق المسلمين انفسهم”.

و كذلك و في نفس السياق يعرب الكاتب الشهير (جنكيز جاندار) عن مخاوفه من إستمرار مواجهة الكورد للمجازر و ذلك في مقال منشور في صحيفة راديكال أيضا تحت عنوان ” هل جاء دور هكاري”.

حيث يذكر الكاتب أنه كتب مقاله في هكاري نفسها، بعد قراءته لتصريحات عبد الله أوجلان، و ينقل منها الكاتب هذه العبارة التي يقول فيها:

” ما يزال خطر المجازر تحدق بالكورد.

و أعتقد أنه سيتم البدء بهكاري الأكثر تنظيما، ثم بعد ذلك جزرة، شرناخ، دياربكر و باطمان.

وعلى الجميع أن يتوخوا الحذر”.

و يضيف الكاتب لمقاله، ملقيا الضوء على بعض مميزات منطقة هكاري  بقوله:

” يقارب عدد سكان منطقة هكاري (300) ألف نسمة.

منهم (60) ألف نسمة يسكنون مركز المدينة.

و يتجاوز عدد الجنود و قوى الأمن و موظفي الدولة (10) آلاف  نسمة.

(98%) من أهالي المنطقة (رفضوا) الإستفتاء على تعديل بعض بنود الدستور الذي جرى في 12 أيلول الماضي”.

و يصف الكاتب ساكني هكاري بالأكثر (سياسيا) في تركيا و إنهم رغم معاناتهم المتعددة الأوجه، يعتقدون بأن القضية الأساسية تكمن في حل القضية الكوردية، و حل القضية الكوردية حسب رأي أحدهم و الذي نقله  دون خوف و بصدق على حد قول الكاتب،  هي: ” لا يمكن حل القضية الكوردية دون مساومة الجمهورية التركية مع حزب العمال الكوردستاني، و الشعب في هكاري لن يقبل بأي حل غير هذا”.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

اعتبر الزعيم الكوردي رئيس الحزب الديمقراطي الكوردستاني مسعود بارزاني، يوم الجمعة، أن الارضية باتت مهيأة لإجراء عملية سلام شامل في منطقة الشرق الأوسط للقضية الكوردية. جاء ذلك في كلمة ألقاها خلال انطلاق أعمال منتدى (السلام والأمن في الشرق الأوسط – MEPS 2024) في الجامعة الأمريكية في دهوك. وقال بارزاني، في كلمته إنه “في اقليم كوردستان، جرت الانتخابات رغم التوقعات التي…

اكرم حسين في خطوة جديدة أثارت استياءً واسعاً في اوساط السكان ، تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي قراراً منسوباً لهيئة الاقتصاد التابعة “للإدارة الذاتية” برفع سعر ربطة الخبز من 1500 ليرة سورية إلى 2000 ليرة سورية ، وقد جاء هذا القرار، في وقت يعاني فيه اهالي المنطقة من تهديدات تركية ، وضغوط اقتصادية ، وارتفاع غير مسبوق في تكاليف المعيشة….

عبدالله ىكدو مصطلح ” الخط الأحمر” غالبا ما كان – ولا يزال – يستخدم للتعبير عن الحدود المرسومة، من لدن الحكومات القمعية لتحذير مواطنيها السياسيين والحقوقيين والإعلاميين، وغيرهم من المعارضين السلميين، مما تراها تمادياً في التقريع ضد استبدادها، الحالة السورية مثالا. وهنا نجد كثيرين، من النخب وغيرهم، يتّجهون صوب المجالات غير التصّادمية مع السلطات القمعية المتسلطة، كمجال الأدب والفن أو…

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…