حركتنا الوطنية الكردية، مهامٌ منتظرة …

  جريدة الوحدة (YEKÎTÎ)*

   لا شكَّ بأن المتتبعَ لشؤون الحركة الوطنية الكردية في سوريا يلحظ بوضوحٍ بأنها تعيشُ حالة غير مقبولةٍ من التشتت والانقسام.

فعلى الرغم من المحاولات التي جرتْ على مرّ السنوات الماضية بهدف تأطير هذه الحركة للسير بها نحو تمثيل شعبنا وقيادة نضالِه نحو تحقيق أهدافه العادلة المشروعة في إطار وحدة البلاد وتعزيز اللحمة الوطنية، إلا أنها لا تزال-وللأسف- لم تصلْ إلى تحقيق غايتها المرجوة.

   كما لا يختلف اثنان على أن هذه الحركة بوضعها الحالي الذي يرثى له لا تستطيع القيام بمهامها في التصدي للسياسة الشوفينية المستفحلة والتي أدّتْ نتائجها إلى جانب الجفاف وشحِّ الأمطار إلى نزوح جماعي مخيفٍ لأبناء شعبنا من مناطقه واللجوء إلى أطراف المدن الداخلية وإلى خارج الوطن لتأمين لقمة عيشٍ لأبنائهم، تاركين قراهم وبيوتهم وذكريات آبائهم وأجدادهم، ليلاقوا الغربة والاستغلال ويعانوا الفقر والمرض والمشاكل الاجتماعية التي تودي أحياناً بحياة أبنائهم، عدا عن إحداث خللٍ في الوضع الديموغرافي لمناطقه.
   إن استمرار السياسة الشوفينية ومحاربة الكرد بلقمة عيشهم، قد تركت آثاراً خطيرة على بنية مجتمعنا الكردي وباتت تهدد كيانه ما لم تقمْ هذه الحركة برصّ صفوفها ونبذ المهاترات والصراعات التي تظهر بين الأخوة بين فترة وأخرى، والعمل على إشراك كافة فئات وشرائح مجتمعنا الكردي لأخذ أماكنها في النضال ومدّ اليد إلى القوى السياسية الوطنية السورية والفعاليات المجتمعية المختلفة لمواجهة هذه السياسة التي تتبعها الحكومة ضد مكوّن أساسي من مكونات الشعب السوري، لأن هذه السياسة خطيرة ومنافية لأبسط مبادئ حقوق الإنسان والمواثيق الدولية التي وقعَ عليها بلدنا سوريا.

ولهذا، ينبغي علينا جميعاً ومن موقع الشعور بالمسؤولية أمام شعبنا الكردي وشعبنا السوري عموماً ومصلحة وطننا، أن نعيدَ النظرَ في حساباتنا الحزبوية دون إبطاءٍ ونوليَ المصلحة العليا لشعبنا الأولوية، هذه المصلحة التي تقتضي أولاً تنقية الأجواء السياسية بين أطراف هذه الحركة والكفّ عن المعارك الجانبية التي لن تزيد وضعَ شعبنا إلا تعقيداً وتزيد الهوة بينها وبين شعبنا، وصولاً إلى بناء مرجعية كردية تكتسب المصداقية من جانب شعبنا لقيادة دفة نضاله بحكمة.

   إنه لمنَ الأهمية بمكانٍ أن تبادر أطراف حركتنا السياسية إلى عقد اجتماعٍ تداولي بين المجلس العام للتحالف والمجلس السياسي الكردي والأحزاب الكردية خارج الإطارين، والتسامي عن صغائر الأمور للبحث الجاد والمسؤول في سبل وكيفية الخروج من هذا المأزق الذي تعيشه حركتنا السياسية، وتوحيد كلمتها وخطابها لتصبح فاعلة على أرض الواقع وتمدَّ يدَ التعاون إلى القوى السياسية الوطنية السورية عامة مَنْ هي داخل الجبهة القائمة أو خارجها للعمل معاً دفاعاً عن مجمل القضايا الوطنية التي أصبحت القضية الكردية إحداها، ومواجهة العقلية الشوفينية التي باتت تهدد الوجود الكردي في البلاد وتسيء إساءة بالغة إلى الوحدة الوطنية ومبادئ العيش المشترك بين أبناء الوطن الواحد في ظل المساواة التامة بين المواطنين في الحقوق والواجبات، والاعتراف الدستوري بالوجود الكردي على أرضه كشريكٍ في هذا الوطن، والكفّ عن الممارسات الممنهجة الرامية لصهر الأكراد أو رميهم خارج الزمان والمكان.

إنها مهامٌ منتظرة أمام حركتنا الوطنية الكردية نأمل أن تجدَ طريقها إلى التحقيق عبر تضافر كل الجهود الخيّرة.



*
الجريدة المركزية لحزب الوحـدة الديمقراطي الكردي في سوريا(يكيتي) – العدد (209) كانون الأول 2010م- 2622 ك –

لقراءة مواد العدد انقر هنا

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

مصطفى منيغ/تطوان باقة ورد مهداة من بساتين تطوان ، إلى عراقية كردية ملهمة كل فنان ، مُلحِّناً ما يطرب على نهج زرياب قلب كل مخلص لتخليص ما يترقب تخليصه من تطاول أي شيطان ، على أرض الخير العميم وزرع نَضِر على الدوام وجنس لطيف من أشرف حسان ، بنظرة حلال تداوى أرواحا من داء وحدة كل عاشق للحياة العائلية المتماسكة…

خالد حسو لم تُكتب الحقوق يومًا على أوراق الهبات، ولا وُزّعت بعدلٍ على موائد الأقوياء. الحقوقُ لا تُوهب، بل تُنتزع. تُنتزع بالصوت، بالكلمة، بالفعل، وبالإيمان الذي لا يلين. نحنُ الكُرد، أبناء الجبال والريح، لم نكن يومًا طارئين على هذه الأرض، ولا عابرين في ليلِ الخرائط. نحن الأصل، نحن الجذر، نحن الذين إذا تحدّثوا عن النكبات كان لحنُها لغتنا،…

صلاح عمر   في كل مرة تلوح فيها تباشير الأمل في أفق القضية الكردية في كردستانسوريا، تظهر إلى العلن أصوات مأزومة، تأبى إلا أن تُعيدنا إلى الوراء، أصوات لا تُتقن سوى صناعة الضجيج في وجه أي محاولة صادقة للمّ شمل البيت الكردي الممزق. الحقد، يا سادة، ليس موقفًا سياسيًا، بل مرض نفسي. الحقود هو إنسان معتقل من الداخل، سجين قفصه…

اكرم حسين في الوقت الذي تشهد فيه الساحة الكردية السورية جُهوداً متقدمةً لتوحيد الصفوف من خلال عقد “كونفراس ” كردي جامع يضم مختلف القوى السياسية والمنظمات المدنية والفعاليات المجتمعية، بالتوازي مع الاتفاق المبرم في العاشر من آذار بين قائد قوات سوريا الديمقراطية وحكومة أحمد الشرع الانتقالية، تفاجأ المواطنون في مناطق “الإدارة الذاتية” بقرارٍ غيرِ مدروس ، يقضي برفع…