المسك من اليد التي توجع…!

ابن الجزيرة
ربما هي طريقة عامة وليست خاصة بالساسة الكرد وحدهم – أو الكرد في سوريا خصوصا-
وهي -بلا شك- طريقة ناجحة بالنسبة إليهم، ولكنها مؤذية بالنسبة لمصلحة الشعب الكردي( أو الأمة الكردية).
ببساطة نقول:
منذ أكثر من عقد ونصف-وربما عقدين- تتعالى صيحات أبناء الكرد ، وتوسلاتهم لكي تتقارب الأحزاب الكردية بشكل يوحد خطابهم وخطاهم أيضا.

ولكن كانت المصالح الحزبية الضيقة –والمخجلة لأنانيتها- تقف حجر عثرة أمام هذه الصيحات والتوسلات..! بل أكثر من هذا، كانت هذه الأحزاب- مع تفاوت في  أسلوبها-  تقف بالضد من هذا التوجه بحجج مختلفة، وما أقدرها على اختلاقها..!

في العام 1970 انعقد المؤتمر الوطني لتوحيد الحزبين الكرديين – حينذاك- ولكن قيادات الحزبين –لأنانيتها- اتبعت كل ما من شأنه إفشال هذه الخطوة، والتي – قد لا تخلو من أخطاء في أسلوب الدعوة إليه أو في مجريات أحداثه..- إلا أن ذلك لا يلغي الدور السلبي جدا لقيادات ذلك الزمان في عملية الإفشال، بل وإيجاد مناخ سيء لتربية سياسية ، لا تزال الجماهير تدفع ضريبة قاسية لها ، أقلها: هذا التشرذم الذي امتد  أكثر من ثلاثة عقود، وما أفرزته من سلبيات اجتماعية، وثقافية واقتصادية وأخلاقية …الخ.

ومن ثم هذا الشرخ الذي يكاد يعصف بالعلاقات بين الأحزاب، وما محاولة الدعوة المستمرة،والتي لا يكاد يخلو عدد من الجرائد المركزية للأحزاب منها – تبجحا- إلى التقارب الكردي، إلى توحيد الخطاب الكردي، إلى مرجعية كردية…وكأنها تكتشف أمرا جديدا –سبقا صحفيا، اكتشافا علميا خطيرا، أو غير ذلك- وهي تعلم كل العلم أنها إنما تمسك من اليد التي توجع..
– في العام 1986 أعلن عن إنشاء تحالف ،وقد جهد بعض الوطنيين لكي يكون هذا التحالف جامعا لأكبر عدد ممكن من الأحزاب ..! ولكن بعض هذه الأحزاب عملت المستحيل لتقف عائقا أمام دخول بعضها الأخرى….
– بل على صعيد ثقافي جهدت بعض الأحزاب أن تمنع مشاركة بعضها الأخرى في العام 1997، وقبل التآلف بينها في التحالف الأخير..
– ولئن تتبعنا الخطوات التي تتبعها هذه الأحزاب  لوجدنا بسهولة الحركات الشاطرة التي قامت بها من أجل الإسراع في إعلان ما سمي بالمجلس العام التحالفي، لقطع الطريق إمام احتمال انضمام بعضها الأخرى، والتي هي بدورها عملت ما استطاعت لتعويق الجهود الرامية إلى  الانضمام إلى هذا المجلس، وكأنهما كانا على موعد معا :إذ أعلن في الليلة ذاتها المجلس العام التحالفي، والجبهة الديمقراطية الكردية، فضلا عن موقف من  أحزاب خارجهما..!!
ونسأل : لماذا التهرب من استحقاق التوحد، أو التقارب.

أو توحيد الخطاب السياسي، أو تحقيق مرجعية كردية ..الخ حينها؟؟ وما الذي استجد الآن للقيام بدعوات (مبتكرة كأنها) لفعل ذلك؟
في كل الأحوال فإننا مع القيام- إذا صدقت النوايا- بأي عمل ينتج عنه نوع من وحدة الموقف أو التوحد في القرار، أو إيجاد مرجعية ..ولكننا نذكر بأن الأسلوب الذي تتبعه بعض الأحزاب الكردية- إن لم نقل كلها- هو أسلوب المسك باليد الموجوعة..! فهل وصلت إلى قناعة في تجاوز هذا الأسلوب السمج في التعامل مع أبناء شعبها؟!

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف توطئة واستعادة: لا تظهر الحقائق كما هي، في الأزمنة والمراحل العصيبةٍ، بل تُدارُ-عادة- وعلى ضوء التجربة، بمنطق المؤامرة والتضليل، إذ أنه بعد زيارتنا لأوروبا عام 2004، أخذ التهديد ضدنا: الشهيد مشعل التمو وأنا طابعًا أكثر خبثًا، وأكثر استهدافًا وإجراماً إرهابياً. لم أكن ممن يعلن عن ذلك سريعاً، بل كنت أتحين التوقيت المناسب، حين يزول الخطر وتنجلي…

خوشناف سليمان ديبو بعد غياب امتدّ ثلاثة وأربعين عاماً، زرتُ أخيراً مسقط رأسي في “روجآفاي كُردستان”. كانت زيارة أشبه بلقاءٍ بين ذاكرة قديمة وواقع بدا كأن الزمن مرّ بجانبه دون أن يلامسه. خلال هذه السنوات الطويلة، تبدّلت الخرائط وتغيّرت الأمكنة والوجوه؛ ومع ذلك، ظلت الشوارع والأزقة والمباني على حالها كما كانت، بل بدت أشد قتامة وكآبة. البيوت هي ذاتها،…

اكرم حسين في المشهد السياسي الكردي السوري، الذي يتسم غالباً بالحذر والتردد في الإقرار بالأخطاء، تأتي رسالة عضو الهيئة الرئاسية للمجلس الوطني الكردي، السيد سليمان أوسو، حيث نشرها على صفحته الشخصية ، بعد انعقاد “كونفرانس وحدة الصف والموقف الكردي “، كموقف إيجابي ، يستحق التقدير. فقد حملت رسالته اعتذاراً صريحاً لمجموعة واسعة من المثقفين والأكاديميين والشخصيات الوطنية ومنظمات المجتمع المدني،…

د. محمود عباس من أعظم الإيجابيات التي أفرزها المؤتمر الوطني الكوردي السوري، ومن أبلغ ثماره وأكثرها نضجًا، أنه تمكن، وخلال ساعات معدودة، من تعرية حقيقة الحكومة السورية الانتقالية، وكشف الغطاء السميك الذي طالما تلاعبت به تحت شعارات الوطنية والديمقراطية المزوّرة. لقد كان مجرد انعقاد المؤتمر، والاتفاق الكوردي، بمثابة اختبار وجودي، أخرج المكبوت من مكامنه، وأسقط الأقنعة عن وجوهٍ طالما تخفّت…