دعوني أرد عليهم : نعم نريد إزالة ( الله أكبر ) من العلم !!

علاء الدين عبد الرزاق جنكو

أحرص كثيراً ألا أتكلم في أمر لا خبرة لي فيه لا من الناحية المعرفية ولا المهارية ، لذا كنت بعيداً وما زلت عن السياسة التي لا أتقنها كوني لم أتمرس عليها في ميادينها يوماً ما ..
على إني مشاهد غير عادي لما يحدث أمامي ولي ميداني الخاص بي ، كثيراً ما يعجز الآخرون على اللعب فيه ، وخاصة الساسة منهم كونهم لم يتمرسوا في ميداني هذا …

تهم باطلة :

بداية حتى لا يقع القارئ العربي في اشكالية خطيرة تنسجها له الاعلاميات العربية ( وللأسف ) بتضليلها للراي العام العربي في قضية العلم العراقي في منطقة كردستان فالقرار الذي اتخذه الرئيس مسعود البرزاني تم عرضه من قبل الاعلام العربي كالتالي :
أولاً : الرئيس الكردي البارزاني رفض رفع العلم العراقي في كردستان ، وهذا محض افتراء عليه ، فالرجل رفض رفع العلم الصدامي وحكومته ونظامه الدكتاتوري الذي حكم لمدة تزيد على ثلاثين عاماً .
فعندما ولي نظامه النازي كان من حق الكرد المطالبة بمسح وطمس كل معالم الدكتاتورية وعلى رأسها علمه الذي ارتكب كل المجازر تحت ظله !!
إذاً البارزاني لم يرفض رفع العلم العراقي من حيث المبدأ بل طلب من البرلمان الاستعجال في تشكيل علم للعراق ويرمز لجميع مكوناته وخاصة الكرد ، لرفعه فوق كردستان إلى جانب العلم الكردي .
ثانياً : الأكراد يرفضون العلم الذي يحمل لفظ الجلالة بصيغة ( الله أكبر ) ، وهذا الاتهام هو للإستهلاك المحلي ، فكل من بكى على النظام البائد من محبيه ومؤيديه أو المتدين الجاهل الذي ينظر إلى الاسلام بسذاجة رمى بهذه التهمة على الكرد !!
ولكن جدلاً لو طلب الكرد إزالة لفظ الجلالة من العلم فهل لهم الحق في ذلك ؟ وهل تصرفهم مناف للدين والشريعة الاسلامية التي يتاجر بها اليوم ما يسمى بجمعيات وهيئات المسلمين هنا وهناك !!
لبس العمائم لا يعطي الحق للابسه أن يكون المفكر الأوحد في أمور الشريعة أو يكون الوصيل البابوي على معتقدات الآخرين !!
فالأكراد ما خلطوا بين العلم وما كتب عليه وبين مفاهيم الشريعة ، لاحترامهم وتقديسهم لشريعتهم ، وعدم تحميلها إساءات منتسبيها ، لكن خصومهم استغلوا ذلك ظانين بأن الكرد عاجزين عن فهم وإدراك شريعة ودين يتعبدون به من أكثر من أربعة عشر قرناً .
لا أدعي أن فهمي للشريعة – كوني متخصص بدراسة الجانب الفقهي منها – لاغٍ لاجتهادات الآخرين كما يدعون ، ولكني لا أستهين قطعاً باجتهاداتي وغيري من أبناء جلدتي في فهمنا لأمور شريعتنا .

( الله أكبر ضرار ) !!!

أول ما قام به رسول الله صلى الله عليه وسلم عند قدومه المدينة هو بناء مسجده حتى يكون مكاناً لاجتماع المسلمين للصلاة فيه ، وعامل وحدة بينهم ، ونقطة يلتقي عندها المسلمون لتتقوى روابط المحبة والوئام بينهم .
وبعد فترة قام المنافقون وخطوا لتمزيق المسلمين بخصوصيات المسلمين فقاموا ببناء مسجد آخر في المدينة بجوار مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم .
وحتى لا يتردد رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون تجاه هذا الرمز الكبير ( وهو المسجد ) كشف الله خطط المنافقين : بقوله تعالى : ( وَالَّذِينَ اتَّخَذُواْ مَسْجِدًا ضِرَارًا وَكُفْرًا وَتَفْرِيقًا بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَإِرْصَادًا لِّمَنْ حَارَبَ اللّهَ وَرَسُولَهُ مِن قَبْلُ وَلَيَحْلِفَنَّ إِنْ أَرَدْنَا إِلاَّ الْحُسْنَى وَاللّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ ) سورة التوبة/107
ومن ثم أمر رسوله بهدم هذا المسجد حتى لا يتمكن المنافقون من تحقيق مآربهم وبالتالي النيل من المسلمين بتمزيقهم من حيث لا يشعرون ……
فكان تصرف الرسول صلى الله عليه وسلم درس للمسلمين في تعاملهم مع المنافقين في أي وقت وأي زمان ، ومهما كانت وسيلة التفريق ، سواء كان مسجداً أو شعاراً أو رايةً .
وهنا أسأل كل من يبكي على عَلَمِ صدام ، هل هناك من أمر فرق بين المسلمين مثل مافعله هذا المجرم من مجازر تحت رايته التي جعلت المسلمين ينظرون إلى لفظ الجلالة نظرة الريب والشك ، ولا يتذكرون شيئا عند رؤيته إلا القتل والتشريد والذبح والحرمان والاعتقال ..

سنحفظ ( الله أكبر ) :

أما الكرد يريدون أن يمسحوا هذه النظرة ، حتى يضعوا الشيء في مكانه الصحيح ، وأن يعيدوا بلفظ الجلالة إلى قلوب أبناء شعبنا ، ليدل على الخير والتفاؤل ، وأن نسمعه عند الأذان ، وفي صباح العيد ، ومع قدوم المولود الجديد ، وفي يوم زواج عروسين ، ومع تفتح الأزهار ، وتغريد الطيور ..
ويريدون أن يزيلوها من علم سقط بين الأرجل عند سقوط المجرم وهروبه تاركا لفظ الجلالة بين أيدي اللاعبين والعابثين !!!
فكما سمى الله تعالى بيته الذي بناه المنافقون ( ضرارا ) وتشرف الرسول بهدمه بيده الشريفة حفاظا على هيبة المسجد ، أنا أقول بأن ما كتبه المجرم صدام أيضا من لفظ الجلالة أنه ( ضرارا ) يتشرف الكرد بإزالته حفاظا على هيبة لفظ الجلالة ..
كما أن علم أي دولة يرتبط ببروتوكولات دولية ومنها : تنكيس الأعلام في الحداد وغيره ، فماذا سيكون حال المسلمين إذا أعلنوا الحداد في دولة علمها مكتوب عليه لفظ الجلالة ؟!!
وكم ينتابني شعور سلبي عندما أرى علم بلد مكتوب عليه لفظ الجلالة أو ما يدل عليه يهزم في مباراة كرة قدم في الوقت الذي يرفع فيه أعلام أخرى !!!

بدعة !!

ثم لم يرد في التاريخ الإسلامي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا صحابته الكرام ولا حتى التابعين لهم ، أن اتخذوا رايات مكتوبة عليها أية كتابة لا اسم الله تعالى ولا آية قرآنية ، بل كانت عبارة عن رايات بألوان .

وأكثر ماورد فيما يكون على العلم من شعارات أنه عُقِد لسعد بن مالك الأزدي راية سوداء فيها هلال أبيض .
قال ابن عباس رضي الله عنه : ( كانت راية  النبي صلى الله عليه وسلم سوداء ولواؤه أبيض ) رواه الترمذي ، وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنه : ( أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل مكة ولواؤه أبيض ) رواه أبو داود.
كماروى الترمذي عن البراء بن عازب أنّهُ سُئِل عن راية رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «كانت سوداء مربعة من نَمِرَة» والـنَّمِرَةُ ثوب حِبَرَة قال في القاموس المحيط: (والـنَّمِرَة كفَرِحَة، القطعة الصغيرة من السَّحاب جمعها نَمِرٌ، والحِـبَرَةُ، وشَمْلَةٌ فيها خطوط بيضٌ وسُودٌ أو بُرْدَةٌ من صوفٍ تَلْبَسُها الأعراب) وكانت للنبي صلى الله عليه وسلم راية تُدعى العُقَاب مصنوعة من الصوف الأسود.
وهذا ما استند إليه الفقهاء الأجلاء عند حديثهم عن الرايات كما أورده الشيرازي الشافعي في : المهذب 2/231 ، والبهوتي الحنبلي في : كشاف القناع 3/64.
كما أن الدولة العباسية مثلا كانت رايتها باللون الأسود ، والأيوبية باللون الأصفر .

لنا رب يحاسبنا :

ثم لماذا هذه المواقف المتشنجة من قبل الشارع العربي تجاه هذه القضية ، أين كان هذا الشارع عندما كانت الأرواح تحصد تحت راية المجاهد الولي صدام ؟!!
الأكراد جميعا متفقون في المطلب الشرعي لرئيس إقليمهم ، وعليه يجب أن يتفهم العربي هذا الحق لأخيه الكردي أن يستقل بمشاعره القومية رافعاً علماً يدل عليه وعلى وجوده!!
أنا متأكد أن الكرد لن يترددوا عندما يتحد المسلمون في كل الدنيا على علم واحد يرمز للمسلمين جميعا ، أن يرفعوه على رؤسهم وقلوبهم قبل أبنيتهم وقلاعهم وجبالهم ، أما ويطلب من الكرد مواقف ميثالية ، يتفرج عليهم الآخرون عندما يصبحوا ضحية لتلك المواقف فهو زمن قد ولى ..

نعم قد ولى ..

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…

عنايت ديكو   الوجه الأول: – أرى أن صفقة “بهچلي – أوجلان” هي عبارة عن اتفاقية ذات طابع أمني وجيوسياسي بحت، بدأت معالمها تتكشف بشكل واضح لكل من يتابع الوضع عن كثب، ويلاحظ توزيع الأدوار وتأثيراتها على مختلف الأصعدة السياسية، الأمنية، والاجتماعية داخل تركيا وخارجها. الهدف الرئيسي من هذه الصفقة هو ضمان الأمن القومي التركي وتعزيز الجبهة الداخلية بجميع تفاصيلها…

اكرم حسين العلمانيّة هي مبدأ سياسي وفلسفي يهدف إلى فصل الدين عن الدولة والمؤسسات الحكومية ، وتنظيم الشؤون العامة بما يعتمد على المنطق، والعقلانية، والقوانين الوضعية بدون تدخل ديني. يتضمن مبدأ العلمانيّة الحفاظ على حرية الدين والمعتقد للأفراد، وضمان عدم التمييز ضد أي شخص بسبب دينه أو اعتقاده. تاريخياً ظهرت العلمانية مع اندلاع الثورة الفرنسية حيث خرجت الطبقة البرجوازية…