رغم المشاريع العنصرية .. الكورد وطنيون بامتياز

  صوت الكورد *

مما لاشك فيه أن الشعب الكوردي يشكل ثاني أكبر مكون قومي في سوريا بعد المكون القومي العربي بتعداد يزيد عن ثلاثة ملايين نسمة،بنسبة تصل الـ15%،من مجموع سكان سوريا  ويمتلك من الخصائص القومية بما لا تقل عن تلك التي يمتلكها المكون العربي،مستندا في وجوده القومي على جذور تاريخية عريقة في مناطق سكناه الأصلية ، فضلا عن تواجده القديم والحديث في المحافظات الأخرى خاصة في دمشق التي يزداد فيها تعداد الكورد باضطراد نتيجة الهجرة المتواصلة إليها لاسيما في السنوات الأخيرة تحت تأثير تزايد قساوة ظروف المعيشة , واتساع مساحة التعطل في الحياة الاقتصادية والتي شلت بصدور المرسوم 49 لعام 2009 .

إن الشعب الكوردي في سوريا الذي وجد نفسه في مطلع القرن المنصرم إثر الاتفاقية الاستعمارية المعروفة (سايكس ، بيكو 1916) إلى جانب الشعب العربي مرة أخرى في إطار كيان واحد هو  سوريا تعايشت مع جميعها بود و ألفة و سلام ، وسطر تاريخا ناصعا في المجال الوطني المتعدد الأوجه لا يمكن المزاودة عليه أو الانتقاص منه، وتشهد على ذلك معارك التصدي للغزو الخارجي بما فيها معارك الاستقلال إبان الاحتلال الفرنسي والحروب التي خاضتها سوريا ضد المحتل الإسرائيلي،وفي كل مرحلة تعرض لها الوطن للأخطار والمحن داخليا وخارجيا ،يضاف إلى ذلك ما يبديه أبناء الشعب الكوردي من إخلاص  وتفان في مختلف مجالات العمل والبناء التي يتسنى لهم العمل فيها لخدمة هذا الوطن، وتمتين أواصر الأخوة والتضامن مع الشعب العربي على قاعدة أن الوطن بيت للجميع ، وأنه يعلو ويسمو  بكل أبنائه ومكوناته .

لكن مع كل هذا أتخذ التعامل العربي المهيمن على مقدرات البلاد مع الكورد اتجاها عكسيا لا يتناسب مطلقا مع التضحيات التي قدمها ويقدمها هذا الشريك التاريخي من أجل رفعة الوطن وازدهاره ،الذي بدا واضحا منذ أواخر خمسينيات القرن الماضي، مع تنامي النزعة الشوفينية والاستعلاء القومي العربي لدى جهات استطاعت احتكار السلطة ليبدأ التعامل مع الشعب الكوردي في سوريا بنظرة استعلائية إقصائية و غير صائبة وتبدأ السياسات الظالمة بتخطيط مسبق ومتعمد تمارس ضد الكورد بغية الطعن في وطنية الشعب الكوردي الذي كان ولا يزال يرى الهم الوطني همه الأول.

تلك السياسات التي بدأت تأخذ منحى أكثر خطورة على الوطن والمواطن السوري مع صدور الوعد المشئوم للضابط الأمني محمد طلب هلال في مطلع للشعب الكوردي ومحاولة صهره في بوتقة القومية العربية، وهي لازالت قائمة وفاعلة بكل أخطارها وتداعياتها والأسوأ من ذلك إنها لم تتوقف عند حد معين بل تلحق بين الحين والآخر بمشاريع ربما تعتبر أخطر من سابقاتها، وكان آخرها المرسوم 49 الذي استهدف المناطق الكوردية بالدرجة الأولى إمعانا في إفقار المنطقة ودفع سكانها للهجرة والتشرد ، الأمر الذي طال مختلف الشرائح ومكونات المنطقة .
إنه  في الوقت الذي تتطلب فيه مصلحة البلاد أن يؤخذ الوجود التاريخي للكورد وتضحياته بعين الاعتبار ويصار جديا إلى الاعتراف الدستوري بوجوده القومي إلى جانب الشعب العربي وبقية المكونات القومية  في هذا البلد ، والعمل الجاد لرفع كل أشكال القمع و الاضطهاد عن كاهله وتأمين حقوقه القومية والديمقراطية العادلة دستوريا  بما يضمن تحقيق العدالة والمساواة في الحقوق والواجبات بين أبناء الوطن الواحد، وتعزيز وترسيخ عوامل التفاهم والاحترام المتبادل بين جميع مكونات المجتمع السوري، بعيدا عن كل أشكال الإقصاء والاستعلاء القومي،مؤسسا لوحدة وطنية شاملة متينة، وضمانا لتطور البلاد.



* الجريدة المركزية للبارتي الديمقراطي الكوردي – سوريا – العدد (354) تشرين الأول 2010 

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

اعتبر الزعيم الكوردي رئيس الحزب الديمقراطي الكوردستاني مسعود بارزاني، يوم الجمعة، أن الارضية باتت مهيأة لإجراء عملية سلام شامل في منطقة الشرق الأوسط للقضية الكوردية. جاء ذلك في كلمة ألقاها خلال انطلاق أعمال منتدى (السلام والأمن في الشرق الأوسط – MEPS 2024) في الجامعة الأمريكية في دهوك. وقال بارزاني، في كلمته إنه “في اقليم كوردستان، جرت الانتخابات رغم التوقعات التي…

اكرم حسين في خطوة جديدة أثارت استياءً واسعاً في اوساط السكان ، تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي قراراً منسوباً لهيئة الاقتصاد التابعة “للإدارة الذاتية” برفع سعر ربطة الخبز من 1500 ليرة سورية إلى 2000 ليرة سورية ، وقد جاء هذا القرار، في وقت يعاني فيه اهالي المنطقة من تهديدات تركية ، وضغوط اقتصادية ، وارتفاع غير مسبوق في تكاليف المعيشة….

عبدالله ىكدو مصطلح ” الخط الأحمر” غالبا ما كان – ولا يزال – يستخدم للتعبير عن الحدود المرسومة، من لدن الحكومات القمعية لتحذير مواطنيها السياسيين والحقوقيين والإعلاميين، وغيرهم من المعارضين السلميين، مما تراها تمادياً في التقريع ضد استبدادها، الحالة السورية مثالا. وهنا نجد كثيرين، من النخب وغيرهم، يتّجهون صوب المجالات غير التصّادمية مع السلطات القمعية المتسلطة، كمجال الأدب والفن أو…

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…