كيف نفهم ” بناء الذات “
يبدأ ذلك من دون شك وكل من موقعه وفي مجاله بمراجعة التجارب الجبهوية أو التحالفية وكل الحراك المعارض في الداخل والخارج والتي تشمل : اعلان دمشق وجبهة الخلاص ومنظمات حزبية عربية وكردية وغيرها وتجمعات وشخصيات فكرية وثقافية بتقييم مختلف الجوانب سلبا كانت أم ايجابا واستخلاص الدروس منها لفائدة المستقبل وأعني بها : البرامج والخطاب السياسي والشعارات المعمولة بها والتيارات المؤتلفة وشكل وآليات التركيب التنظيمي والممارسات العملية وطرق التعامل مع البعض الآخر التي أحبطت الطموحات وعمقت مظاهر انعدام الثقة بكل أسف بأصحاب الفكر الشمولي ومن من حولهم ومن دون هذه العملية الصريحة الشائكة نوعا ما يستحيل اعادة الثقة المفقودة ولا يمكن حتى التفكير ببناء أطار جديد اذا اريد له النجاح ويعتبر تحقيق هذه الخطوة من الأولويات الواجبة اتخاذها أما الخطوة التالية فتكمن في الحاجة الماسة الى مناقشة ودراسة جملة من القضايا الخلافية في المشهد الوطني السوري أو التي مازالت في خانة المحظورات والبحث عن توافقات بشأنها ومنها : أولا – اعادة تعريف سوريا وتشخيص وتسمية مكونات البلاد القومية والدينية والمذهبية وتعداد نفوسها ونسبها المئوية وذلك استنادا الى الوقائع الحية وليس الى المواقف الأيديولوجية المسبقة أو صفحات التاريخ المسيسة المنحازة التي أنتجتها – المكاتب الثقافية – القومية والقطرية لحزب البعث وبيان معاناتها وحرمانها وحدود حقوقها المستحقة وسبل مساواتها مع الغالبية والاعتراف بعد ذلك بأن المجتمع السوري تعددي ومركب وليس أحاديا بسيطا وقد تصل نسبة غير العرب وغير المسلمين السنة الى أكثر من ثلاثين بالمائة .
ثانيا – اعادة قراءة طبيعة النظام ومعرفة قاعدته الطبقية الاجتماعية ووظيفته المناقضة لمصالح غالبية الشعب السوري وفهم دوره العربي والاقليمي والدولي وبالتالي مدى صوابية تغييره وانعكاس ذلك على القضايا المصيرية .
ثالثا – تحليل شكل وطبيعة الدولة الاستبدادية القائمة ومشروعية تفكيكها لاعادة بناء الدولة الحديثة .
رابعا – بحث قضية الجولان المحتل وسبل تحريرها ومسؤولية النظام ومجمل مسائل الحرب والسلام المتعلقة بعدوانية وعنصرية اسرائيل واستخلاص أفضل وسائل التضامن مع القضية الفلسطينية بما في ذلك اتخاذ الموقف السليم المزدوج تجاه حصار غزة ومعاناة شعبها من جهة والانقلاب العسكري – الحماسي – من الجهة الأخرى.
خامسا – مناقشة عملية التغيير الديمقراطي وإسقاط الدكتاتورية في العراق واعادة النظر في المواقف الملتبسة حول ماتسمى بالمقاومة العراقية وبحث الخطوات النوعية في حل المسألة الكردية هناك على أساس الفدرالية كانجاز ناتج عن التوافق الكردي العربي والتعايش السلمي في ظل العراق الجديد .
سادسا – الإجابة على التساؤل المطروح : هل كرد سوريا شعب يقيم على أرضه التاريخية ومن السكان الأصليين ؟ مع مناقشة القضية الكردية في سوريا وجودا وحقوقا ومعالجتها عبر الحوار والتوافق في مجرى التحول الديمقراطي وإيجاد أفضل الصيغ المناسبة مع مراعاة إرادة الشعب الكردي في الحل المنشود .
سابعا – العمل الجاد للاتفاق على مبادئ صيغة جديدة للدستور السوري تعبر عن مصالح الوطن وجميع مكوناته وأطيافه ويصون حقوقها ويضمن سلامتها .
ثامنا – مناقشة دور جماعات الإسلام السياسي السلبي وبالأخص – حركة الإخوان – وموقعها في حركة المعارضة الوطنية والتوصل الى ثوابت مشتركة على ضوء تجارب التاريخ وتجربتنا الخاصة على صعيد سوريا حيث كان – الإخوان – من مؤسسي الإعلان والجبهة وفي عداد عضويتهما حتى يوم – وقف معارضتهم – وهذا ما يؤكد على تشابه الإطارين من حيث النشأة والمكونات والتيارات الفكرية والأفق السياسي العام والتحديات ومكامن الخلل وكذلك موقف المعارضة من كل التيارات الشمولية دينية كانت أم علمانية على ضوء إعادة النظر في مقولة جواز الاستفادة من كل المتضررين في مرحلة العمل الجبهوي ومقارعة الاستبداد .
تاسعا – بحث جميع خيارات النضال السياسي من أجل التغيير الديمقراطي وأولوياتها وآلياتها ودور وتأثيرات الرأي العام العالمي ومحبي الحرية والسلام والمعنيين بحقوق الإنسان ومدى امكانية الاستفادة منها .عاشرا – مناقشة وتوثيق قضية السجناء والمعتقلين والمحكومين والملاحقين والمجردين من الحقوق المدنية والمصادرة أملاكهم وأراضيهم الزراعية وأموالهم المنقولة وغير المنقولة بموجب المراسيم والقوانين الاستثنائية والذين قضوا نحبهم بالتصفيات والاغتيالات لأسباب سياسية ومانتج عنها من مآسي عائلية واجتماعية وإنسانية وبحث مدى إمكانية اللجوء الى محكمة العدل والمحاكم الجنائية ذات الطابع الدولي .
حادي عشر – دراسة وتقييم نظام – التوافقية الديمقراطية – بإمعان ومدى صلاحيته وتناسبه للحالة السورية وتطبيقاته الإقليمية والعالمية لأنني أزعم أن ذلك المبدأ أو الأسلوب في إدارة الدولة أو النظام السياسي مناسب للدول متعددة القوميات والمكونات والثقافات مثل سوريا .
هذه هي حسب ما أراه غالبية عناوين المسائل الخلافية والمثيرة للجدل والمصيرية في الوسط السياسي المعارض التي تنتظر الحسم والتوافق حولها وكذلك الخطوات ( الثقافية والسياسية والإجرائية والمنهجية ) التي نراها ضرورية – لبناء الذات – ومن ثم الانتقال الى مرحلة ولادة الأداة التنظيمية الجامعة كإطار ديمقراطي موحد متقدم عصري داخل الوطن ترفده فروع وامتدادات ومكاتب في الخارج لقيادة عملية التغيير الديمقراطي في بلادنا .