zarakobani@hotmail.com
منذ الوهلة الأولى من إعلان حزب آزادي الكردي في سوريا كان هناك عدم ارتياح من قبل بعض المستاءين للعملية الوحدوية الضرورية التي جرت بين حزبي اليساري والاتحاد الشعبي الكرديين, نعم تعرض هذا الحزب إلى هجوم عنيف لمجرد أن خطا خطوة عملية في اتجاه بناء حزب نضالي قوي مواكب لطموحات أبناء الشعب الكردي في كردستان سوريا.
وعندما قام حزبا آزادي ويكيتي الكرديين بخطوة نضالية في مسيرة 5/6/ 2005 ليس فقط حُوربا من قبل السلطات السورية, بل حتى من قبل بعض القوى الكردية في ساحتنا الكردية في سوريا, عبر بيانات وتصريحات بشكل علني, بحجة أن النضال العملي السلمي الديمقراطي في المناطق الكردية سيعرض الشعب الكردي إلى الويلات والدمار!!!!
وخلال هذه الفترة النضالية باركت الجماهير الكردية هذه الخطوات العملية التي قام بها حزب آزادي الكردي وغيره من الأحزاب الكردية النشطة, والتفّت فئات من أبناء الشعب الكردي حول نهجه السياسي النضالي, وبارك أيضاً هذه الخطوات قبل غيره السيد صلاح بدر الدين المؤسس للتيار اليساري في كوردستان سوريا والأمين العام السابق لحزب الاتحاد الشعبي الكردي.
ومن جانب آخر فقد كثر الرهان على هذه التجربة الفتية, وحُوربت قيادتها بشكل علني, واتُّهمت بالخيانة القومية وما شابه من هذه الأقاويل التي عفا عليها الزمن كون هذه القيادة هي التي بنت وحمت هذه التجربة الوحدوية النضالية, لكن إثر هذه الاتهامات والأقاويل أثبت حزب آزادي وفاءه وجديته لمشروعه النضالي الجديد, فجاء مؤتمر حزب آزادي ليثبت ما وعد به وأسس مرحلة جديدة من النضال القومي الكردي في كوردستان سوريا.
يبدو أن محاربة آزادي تأتي كونه يسعى جاهدا ليكون حزباً مواكباً للتحولات الجارية من جهة, وحزباً بارزاً في الساحة الكردية السورية في هذه المرحلة المصيرية من خلال النضال العملي السلمي الذي أدى إلى تغيير جزئي في الموازين السياسية في الساحة السورية, علماً أنه أكد مراراً أنه لن يكون بديلا لأحد, بل هو جزء من النضال الكردي, ويؤمن بالعمل الجماعي السلمي الديمقراطي, وأثبت هذا من خلال طرحه للدعوات إلى اللقاءات بين الأطراف الكردية لتوحيدها.
لقد أشرتُ في مقالة سابقة إلى أن حزب آزادي سيواجه تحديات كثيرة خلال المرحلة القادمة من نضاله, وهذه التحديات هي السلطة السورية, وبعض أصحاب الذهنية التشتتية والمؤامراتية في الحركة الكردية, وحتى في آزادي نفسه هناك متضررون لكنهم لا يتجاوزون أصابع اليدين, لأن مشروعاً كهذا بكل التأكيد سيلاقي الرفض والمحاربة.
وفعلاً كان التحدي هذه المرة من داخل الحزب, حيث صرّح السيد ربحان رمضان عضو الهيئة القيادية في حزب آزادي, وهو تابع لمنظمة آزادي في أوروبا, تصريحاً مليئاً بالشتائم والاتهامات لحزب آزادي وقيادته المناضلين, وأعلن فيه استقالته.
ليس المأخذ في الاستقالة أو الانتساب, فكلّ شخص حرّ في هذا الجانب لكن المأخذ والعيب في العقلية التي يتعامل بها, لا أعرف كيف يسمح لنفسه بأن يتهم قيادة حزب بالعمالة والخيانة القومية بكل بساطة, وفي الحقيقة ليست هذه المرة الأولى التي تتهم وتحارب قيادات هذا التيار, ففي السابق أيضا شُتم و حُورب واتهم السيد صلاح بدر الدين باتهامات أبشع.
حيث يقول السيد ربحان رمضان في تصريحه: ( وبعدما تخلصت من كابوس الأمن وعملاءه بأني أقدم استقالتي من حزب آزادي الكردي منذ أن غادرت الوطن, وأعلن بأني لم أستطع تقديمها وأنا فيه خوفا من بطش الأجهزة الأمنية التي نصبت السيد خير الدين مراد أميناً عاماً على حزب آزادي (علنا) بغية سد الأبواب على أية مشاريع وحدوية كردية ووطنية أخرى بأسلوب منهجي ومبرمج, وبتمثيلية المؤتمر التوحيدي الذي فرض انتخاب السيد خير الدين مراد( خيرو) من جانب جناح الاتحاد الشعبي بأوامر عليا غير معروفة المصدر, 000).
إذاً إنه يستخدم كلمة ( عملاءه) وهي كلمة تدلّ على الجمع، يبدو أنه يشير إلى أكثر من عميل في قيادة آزادي, ويؤكد هذا الكلام عندما يشير إلى أوامر عليا من جناح الاتحاد الشعبي, والشيء الذي يدل على الاستغراب هو أنه قبل أن يأتي إلى الوطن أعلن استقالته من حزب آزادي, وعندما وصل إلى الوطن تراجع عن قراره وصرح وأكد بأنه مازال عضوا قياديا, وعندما خرج من الوطن صرّح بالاستقالة, في الحقيقة هذه المتناقضات غير واضحة وغير مفهومة!!!
لكن هل طلبت الجهات الأمنية من السيد ربحان أن ينتسب إلى آزادي؟ والجميع يعلم أن السيد ربحان معه جنسية أجنبية وسوف يعود إلى بلده!!
وهل يعقل أن قيادة آزادي تضغط وتفرض على شخص سيغادر بعد فترة وجيزة من الوطن حتى يكون حزبيا؟؟؟؟
ولو استقال السيد ربحان رمضان أو لم يصرح بأنه عضو في آزادي هل كان فعلاً سيعتقل؟؟؟؟
إن الشيء الذي أعرفه عن السيد ربحان هو أنه عندما اُعتقل سابقا في الاتحاد الشعبي, وبعد خروجه من السجن صرح للجميع بأن الجهات الأمنية طلبت منه أن ينشق عن حزب الاتحاد الشعبي في ذلك الوقت ويؤسس حزبا باسم الاتحاد ويعمل لصالح الجهات الأمنية.
لا أعرف هل طُلب منه شيء كهذا أم لا ؟؟؟؟
ثم يشير إلى سد الأبواب على مشاريع وحدوية لا أعرف كيف سيسد آزادي ويمنع مثلا الجبهة والتحالف الكرديين من القيام بوحدة بينهما؟؟؟؟
وكيف يفسر التنسيق الموجود بين آزادي ويكيتي وتيار المستقبل؟؟؟
والشيء الآخر هو أن السيد ربحان رمضان يستخف بعقول رفاقه السابقين عندما يقول نفذوا أوامر عليا, لا أعرف هل فعلا هؤلاء المناضلون بسطاء سذج لهذه الدرجة أنهم ينفذون أوامر من جهات عليا !!!! أليس هذا استخفافاً بعقولنا؟؟؟؟
أما بالنسبة للمؤتمر يا سيدي الكريم كان يمتاز بالنزاهة والديمقراطية والشفافية, واُنتخب السيد خير الدين وفق آليات ديمقراطية وكان ينافسه السيدان مصطفى جمعة وبشار أمين المعروفان بإخلاصهما وحرصهما على مشروع آزادي والقضية الكردية, إنهم موضع ثقة واحترام لدى جميع المناضلين في حركتنا الكردية.
ثم يتحدث عن الدلائل والإثباتات والتآمر حيث يقول السيد ربحان رمضان: ( أني مستعد لتقديم الأدلة والقرائن على مساهمة بعض القياديين الذين خرجوا من حزب الاتحاد الشعبي في مؤامرة ضرب الحركة الكردية عموما وحزب الاتحاد الشعبي الكردي في سوريا بشكل خاص عاشت الحركة التحررية الوطنية الكردية رغم المتآمرين).
إن السيد رمضان يشير إلى مسألة التآمر والدلائل, لا أعرف لماذا لم يطلعنا عليها ومتى سنحصل عليها؟؟؟
يبدو أن السيد ربحان رمضان مازال أسيراً لثقافة الحرب الباردة التي مضى عليها الزمن, وثقافة التخوين والتآمر يا سيدي الكريم هي من سمات الأنظمة الشمولية والجماعات الإسلامية التكفيرية المتطرفة, وأيضا دليل على الفشل وعدم مواكبة التحولات الجارية, في الحقيقة عندما يسمع المراقب السياسي هكذا تصريحات مباشرةً يتذكر عقلية الأنظمة التي تضطهد الشعب الكردي, لأن هذه الأنظمة أمطرت ومازالت تمطر الحركة الكردية الوطنية بما فيه الكفاية من هذه الشتائم والاتهامات الرخيصة.
إنني أريد أن أطمئن السيد ربحان رمضان وغيره للذين يطبلون لهذه العقلية التخوينية أن حزب آزادي ليس مشروعاً أمنياً بل هو حزب كردي مناضل مواكب للتغيرات السياسية التي تجري, وجاء رداً على التشتت والتشرذم, وكانت ولادة آزادي حاجة موضوعية للشعب الكردي في كوردستان سوريا, وإنه يملك نهجا تصاعديا يلتزم بقضايا الشعب الكردي, وسيكون عاملاً مهما لتوحيد الصفوف في الحركة الكردية, وسيكون آزادي ثقافة جديدة ومشروعاً سياسياً بعيداً عن ثقافة التخوين والعمالة والعقلية الكلاسيكية التي مضى عليهما الزمن.