على أن الاختلاف يكون دافعاً للتطور لا معطلاً للتقدم كما هو الحال لدى تنظيماتنا ) ويعود السبب في ذالك إلى تركيبة هرمها التنظيمي والفكري وأدواتها النضالية المنتهية الصلاحية والطاغي عليها الشمولية الشخصية القبلية التي طغت في دورها بأفكار متخلفة ومؤثرة سلباً جملة وتفصيلاً على مجريات النضال وأداءها التنظيمي وخارطة تحركها السياسي والثقافي مما جعلها تدور في بوتقة متحجرة وسياقات سُباتية متأخرة عن الأدوات المطلوبة فوقعت ضحية لخلل التوازن بين المطلوب منها – والموكل عليها – وما ينتج عنها ) وهذا يعني أن تنظيماتنا لم تصل بعد إلى الوعي النضالي الجماعي المتكامل ولم تخلق طوال نصف قرن مضت إطار أو فلك متطور حيث يسودها التسابق الشريف نحو تحقيق مطالب الشارع ويكون المقياس والتقييم له هو تقديم الأفضل ..
بينما اختارت أن تكون في سابق معاكس ألا وهي ترك قضية المركز والمضي في الصراعات الشخصية والتنظيمية المعادية للفكر والنهج القويم وبدل من أن ( تقدم – تبني – توحد ..
ذهبت تأخر : تهدم – تشرذم )..
وفي هذه الحالة من الطبيعي أن تكون قلتها أفضل من كثرتها ..
إذا كان التشرذم أهم جزأ يتسبب في تشتت تنظيماتنا وتسقطها بعين الشارع وتأخرها عن النضال المطلوب وتجعل منها عرضة للنقد والتجريح فلا بد أن توحيدها يسقط الجزء الأكبر والأهم من معادلة بقائها متشرذمة ، فصناعة خطاب موحد هو غاية الشارع الكوردي السوري – ومجموع القواعد الحزبية المتشرذمة بفعل جوقة القيادة – ومطالبي الإصلاحات – إذا صح التعبير ، ترى كيف ستكون اللوحة السياسية الكوردية في ظل وحدة تنظيماتها ، ألا يقطعون بذلك أهم شوط من الخلافات الحزبية المزمنة التي تسببت في تحجيم عمل الأحزاب ونشاطاتها وجعلها تدخل في حلقة صراعات وخانة تضييع الفرص والوقت .
– عندما نصدر بخطاباتنا ومقالاتنا وتصريحاتنا فرمانات ضد هذه التنظيمات نحن بذلك نشجب سباتية نضالها فيما ان سباتيتها نتاج واضح وصريح لتشرذمها وإذا حاولت هذه التنظيمات أو بعضها توحيد نفسها من التشرذم أفلا يجب مساندتها حتى تتطور في تجاوز خلافاتها وتكون عبرة لباقي التنظيمات .
– هذه التنظيمات نتاج واضح وحقيقي للشارع الكوردي وتمثل هذا الشارع على الأقل شرائح واسعة منها كونها ترجمة عملية لها ، وتقاعسها نتيجة حتمية لتشرذمها وحين تنوي التوحيد علينا الوقوف بجانبها ودعمها بكل الوسائل الممكنة حتى وإن كانت أقلامنا تنتقدها بلذعة فالغاية من النقد هو تحوير المسيرة من الخطأ إلى الصواب وهذا ما نتلمسه من أي توحيد للتنظيمات الكوردية وإن أقتصر الأمر مبدئياً على اتجاهات البارتي الثلاثة .
كغيري اضطلعت على المشروع المقدم من السيد الفاضل محمد سعيد ألوجي ولعل الجميع من اطلع عليه قد يوافقني ويشاطرني الرأي إذا قلت إن ما تم تناوله في هذا المشروع هو الجامع الأشمل لتوحيد البارتي على أن جميع المشاريع المقدمة لتوحيد التنظيمات لا بد أن تكون خيرة وخطوة في الاتجاه الصحيح ، وما يتطلبه الظروف الحالية هو الوقوف إلى جانب هذا المشروع ودعمه حتى يتسنى فرضه على أطراف البارتي الثلاثة وتكون قواعد هذه الأحزاب دافعاً آخر لفرض مشروع توحيد البارتي على القيادة ومن ثم تأتي القيادة عن قناعة وعزيمة وإرادة وإيمان حقيقي بضرورة توحيد خطاب الحركة الكوردية وهكذا نكون قد قطعنا الشوط الأكبر من خلافاتنا الحزبية على أن تكون هذه التجربة برنامجاً مطروحاً على جميع التنظيمات المتشرذمة .
فاتجاهات تنظيماتنا أصبحت واضحة المعالم وخطابها منقسم إلى ثلاثة أفكار أو رؤى أو ليس من المفروض أن تتوحد جميع التنظيمات ضمن الأطر الثلاثة ( تنظيمات اليمين ترصف في إطار واحد ، وتنظيمات اليسار في إطار آخر ، وتنظيمات الوسط في إطار ثالث ، وتحل جميع التنظيمات نفسها داخل التنظيمات الثلاثة وتعقد مؤتمراتها وتعلن عن ثلاث تنظيمات كوردية في سوريا ، أو ليس نقطع بذلك الشوط الأعظم للخلافات الحزبية .؟؟
لذا فمساندة خطوة توحيد البارتي يجب ان تأخذ بعين الاعتبار حقها في المساندة من قبل المثقفين والكتاب المطالبين بالإصلاح إذا كنا بجد نعمل ونكتب للإصلاح والتغير .
ولكن السؤال الأعظم هو : إن البرنامج تم تقديمه وربما مساندته من كل الخيرين ولكن هل هناك من يجيب ويبلغ مشاكله ونزاعاته الغير مبررة ويتجاوز الحقبة الزمنية القديمة التي توقفت كسد أمام أي تطور .
بالتأكيد الجواب لدى أطراف البارتي وعليهم الإجابة عليها فالفرصة سانحة وبإمكانهم صناعة الحدث والتسابق نحو صناعة خطاب كوردي موحد وواضح المعالم والتنقل بالقضية الكوردية نحو فضاء آخر لطالما المشاريع تنتظر بفارغ الصبر خطوة وحدوية نحو الاتجاه الصحيح .
الحديث في هذا المضمار يطول كثيراً وما كنت أود قوله هنا باختصار : نعم لتوحيد طاقات تنظيماتنا السياسية – رغم أن اللوحة السياسية الكوردية لا تكتمل بتوحيد بعض أطرافها وإنما هناك الكثير يجب تغيرها وإصلاحها وفي مقدمتها إزالة جميع العوائق التي تقف أمام تطور حركتنا السياسية ولعل القضاء على الفساد والقيادات الفاسدة الآسرة للقرارات المركزية والقائدة للتنظيمات حسب أهواءها وعصبياتها جزأ لا يستهان بها في التحول من التخلف إلى التطور ..
وتأتي بعد ذلك إعادة التركيبة التنظيمية بما يتوافق ويليق مع الظرف والمتغيرات الجارية وبناء ثقة المبنى على الإيمان الحقيقي بالقضية وصناعة أفكار وأدوات تقاربي تجاذبي ..
لا تفارقي تشرذمي .
المشوار مازال في بداياته ولنعمل من اجل إصلاح وتغير حركتنا السياسية الكوردية السورية فهل ستكون توحيد البارتي بداية لعهد جديد من التصالح والتصاهر والإصلاح والتغير داخل الحركة الكوردية ..
31-8-2010
إبراهيم مصطفى ( كابان )