كلما زاد الاستعراض، ضاقت مساحة الصدق! ردا على مقالة (هذه بضاعتكم ردت إليكم) للأستاذ علي ميراني

بقلم: عصام حوج

في المجتمع الاستهلاكي المعاصر, كثيرا ما نجد ماركات مزيفة تنافس الماركة الأصلية للبضاعة بحيث تغلف السلعة المزيفة بغلاف جذاب، وطريقة تسويق مثيرة، ومن المعروف إن الذي يقوم بذلك يهدف إلى الاتكاء على سمعة الماركة الأصلية، لتسويق بضاعته المزيفة وعلى ما يبدو هناك من يريد تطبيق ذلك في الحقل المعرفي والسياسي، كما فعل الكاتب الذي رد على مقالنا (لمصلحة من تشويه صورة الشيوعيين لدى الشعب الكردي) فراح يعرض الوثيقة التاريخية بطريقة القص واللصق والاقتطاع والانتقاء خارج سياق النص وبالطريقة التي يريدها هو للوثيقة أن تظهر، لا كما هي على حقيقتها، وأحيانا بعكس ما يريد النص ليحاول تأكيد ما قاله في مقاله الأول (رد على شيوعي كردي تائه) عن تجاهل الشيوعيين للأكراد ليصل في مقاله التالي (هذه بضاعتكم ردت إليكم) إلى استنتاج خطير و يتحفنا بإحدى اكتشافاته في علم التاريخ الحديث إن للحزب الشيوعي أجندة خفية عنصرية
 إذ يقول” أتوجه بالسؤال التالي إليهم: أمن المعقول لحزب تمتد تجربته السياسية لفترة تزيد عن 80 سنة مرت بحلوها ومرها، أن يهمل أبناء القومية الثانية في البلاد إلى هذه الدرجة من البلادة والخزي، إذا لم يكن له أجندة خفية عنصرية غير معلنة بحيث لم يتناول حقيقة وجوده في برامجه و وثائقه البتة؟ ” طبعا هذا الاستنتاج البائس هي نتاج طبيعي لقراءة مبتذلة لتاريخ الحزب الشيوعي السوري ، قراءة تتسم بالانتقائية والبداوة القومية في عرضها، وبالخواء الفكري والسياسي في بنيتها ، قراءة معلقة في الفراغ لا علاقة لها بالظروف والوقائع، يتقاطع فيها التلفيق مع الأمية السياسية … فإذا وجد الأستاذ علي في أية وثيقة حزبية كلمة العربي أو العروبة أو الوحدة العربية فهذا يعني و حسب فهمه إن الحزب الشيوعي تجاهل الأكراد، وإذا اختلف احد من الشيوعيين مع موقف سياسي لحزب كردي فهذا يعني إن الشيوعيين هم ضد الأكراد وضد وجودهم، مما يتطلب استنفارا قوميا…

– بهذه الطريقة البدائية يقرأ الأستاذ علي التاريخ، وبهذه الطريقة يمكن لأي كان أن يلوي عنق الحقيقة ويقصم ظهر النظرية المعرفية ككل، لأنه يمكننا أن نقول بموجب هذه الطريقة إن القرآن كانت دعوة إلى الكفر، ” لاتقربوا الصلاة…” وان النبي محمد كان مع المشركين ” من دخل دار أبو سفيان فهو آمن..” وان السيد المسيح كان يفتن بين العباد ” لن يدخل الأغنياء ملكوتي….” وبهذا المنطق يمكن أن نجزم بأن الحزب الشيوعي كان “يحابي العنصر الكردي” ويتحدث عن “الماضي التليد للأمة الكردية” بدليل ما قاله خالد بكداش عن دور الأكراد ” إن دور صلاح الدين الأيوبي في توحيد العرب للوقوف في وجه الغزوات الصليبية أمر معروف كما انه وفي تاريخ سورية الحديث كان رئيس الجمهورية السورية محمد علي العابد ورئيس الوزراء عطا الأيوبي كلاهما من أصل كردي وفي الخمسينات كان وزير الدفاع رشاد برمدا وكذلك وزير الداخلية الأستاذ علي بوظو من اصل كردي، وكانا يمثلان الشعب أي إن القضية كانت طبقية ومن المعروف أيضا الدور الهام الذي لعبه العديد من المفكرين من أصول كردية ومن حركة التنوير العربية اذكر منهم الشاعر احمد شوقي وقاسم أمين والأسرة التيمورية في مصر والزهاوي والرصافي في العراق ومحمد كرد علي رئيس المجمع العلمي وخير الدين الزركلي وكذلك البطل إبراهيم هنانو الذي كان ينتمي إلى أسرة كردية في حارم ” كتاب خالد بكداش يتحدث – عماد النداف
– ويمكن أن نزعم – وفق منطق الأستاذ علي – إن الشيوعيين السوريين لم يهتموا بمسائل باقي المكونات القومية الأخرى في سوريا وانصرف جل اهتمامه إلى الاكراد اذ ورد في وثائقهم مئات المقالات عنهم ومنها نذكر على سبيل المثال لا الحصر
1- “……..قضيتا الحزام والإحصاء هما في الجوهر قضية واحدة تعود في بدئها إلى أعوام 6162 في ظل حكومة معروف الدواليبي وفي وقت كان فيه الرجعي المشبوه سعيد السيّد محافظ الحسكة أما السبب فهو في الأساس ممارسة تمييز وتعصب شوفيني ضد جماهير الفلاحين الاكراد كحرمانهم من الأرض ومن التوظيف في دوائر الدولة وغير ذلك وفي الظاهر يعود السبب إلى حجج واهية كاتهام الاكراد في سورية بمطامح انفصالية…..إننا نطالب بالعدول عن فكرة الحزام وبوقف أي تدبير لترحيل السكان وتلافي النتائج السياسية والاقتصادية الناجمة عنه….” نضال الشعب العدد83 عام 1967
2- ويمكن القول بطريقة الأستاذ أيضا إن الحزب الشيوعي السوري تبنى شعارات الأكراد وتجاهل قضايا الآخرين في الجزيرة ” لقد انتقد الحزب الشيوعي سياسة الحكومة تجاه أكراد الجزيرة وقرى عامودا والدرباسية حيث يمنع التلاميذ الاكراد من الانتساب إلى المدارس الحكومية وحتى الخاصة بحجة أنهم كما يزعمون ليسوا مواطنين سوريين، والسلطات الإدارية في المنطقة تطالب بإخراج الأكراد من سورية كونهم ليسوا مواطنين سوريين” نضال الشعب العدد 55 عام 1965 وإذا كان يريد فبامكاننا إن نعرض له العشرات من المقالات في هذا السياق ؟
– لابل أنه وبطريقة الأستاذ أيضا يمكن إثبات إن الشيوعيين السوريين كانوا ضد العرب منذ عدنان وقحطان والى يوم الدين وضد حركة التحرر العربية اذ يقول برنامجهم ” إن حركة التحرر لم تتخلص من الآثار السلبية لأفكار التعصب القومي فلاتزال تظهر هذه الآثار عند بعض القوى في عدد من الميادين وفي موقفها من القوميات في الوطن العربي…..

ويبقى النضال ضد مظاهر التعصب القومي وأخطاره ضروريا لفترة طويلة”
– ويمكن أن نقول أيضا إن خالد بكداش ضد طموحات العرب في الوحدة ويؤجلها إلى ما شاء الله عندما يقول ” الوحدة لايمكن أن تكون هدفا بذاتها، ذلك لان من الممكن أن يكون لها محتوى مختلف والهدف الرئيسي لنا نحن الشيوعيين هو الاشتراكية ومن خلال النضال في سبيل الاشتراكية يكون للوحدة مكانها”
ويمكن القول على أساس ذلك وانطلاقا مما سبق من الوثائق وبمنطق الأستاذ دائما إن للحزب الشيوعي أجندة خفية ضد الأمة العربية وبالتواطؤ مع الاكراد ؟؟؟؟!!!!!!!
– لا أدري لماذا يصف قولي له ” قومي كردي ” بأنه اتهام، ومتى كان الانتماء إلى مدرسة الفكر القومي تهمة، أو نقيصة ؟ ولماذا تحسس من العبارة وهو الذي يقول إن ثقافته القومية قائمة على أسس متينة؟ وبالمناسبة أقول: أنا أحترم الثقافة القومية للشعب الكردي والعربي  والارمني ووووو وبالأخص جانبها التقدمي الإنساني ولا يوجد في مقالي شيء يوحي بعكس ذلك فلماذا هذه المناحة القوموية ؟ و لماذا التمترس خلف الضمير الجمعي ” نحن….”” و “أنتم” وكأنّ لديه وكالة رسمية للتحدث باسم الشعب الكردي وله وحده الحق في تمثيله، و لأننا اختلفنا مع الأستاذ علي فنحن ضد الشعب الكردي ! …كل ما في الأمر هو خلاف في الرأي بين شخصين و طريقتين في فهم الظواهر وتحليل الأحداث التاريخية، وبالتالي لا داعي لاطلاق هذه العنتريات، والمزاودات, ومحاولة تسجيل النقاط وان كانت على الهامش تارة، وتارة أخرى عبر ثقافة التظلم والتباكي على الشعب الكردي الذي يعاديه الشيوعيين.
– لم يقل لنا الأستاذ علي ما هي الوثيقة التي لم نرد عليها في مقالته السابقة، هل هي عن مؤتمر الحزب المزعوم في زحلة؟ أم عن محاباة العنصر الارمني والعربي؟ أو عن الإنكار المزعوم لحقوق الاكراد لقد تم مناقشتها واحدة بواحدة ولكن الذي حدث إن الأستاذ لم يستطع رد الحجج فعرض وثائق جديدة، وبالطريقة السابقة ليؤكد ما قاله على مبدأ “عنزة ولو طارت” ولجأ إلى تعكير الأجواء, وأطلق سيل من الاتهامات وكرر الاسطوانة المشروخة (أسيادكم البعثيين)
– عن مؤتمر زحلة، أنت الذي قدمته في المقالة الأولى على أساس انه احد مؤتمرات الحزب…  لماذا؟ أليس لتقييم لاحق لمواقف الحزب بناء على ذلك؟  وتأتي وتقر فيما بعد المقالة الثانية – مشكورا – بأنه مؤتمر للمثقفين كان للشيوعي سليم خياطة دور في انعقاده وهذا ما لم ننكره، لتستنتج وبطريقة ” الضرب على المندل” بان التوجهات القومية للحزب التي “تنكر وجود الأكراد” كانت وراء انعقاده…ولكن السؤال لماذا تجاهلت ما ورد في نفس الوثيقة التي تقول “…إلى جانب الأكثرية المتآلفة من العرب يجب أن لاننسى الأكراد والشركس والأرمن واليهود والآشوريين وهم ليسوا بعدد قليل يستدعي الإهمال…  ” وهنا ننصح الأستاذ علي أن يقرأ الوثيقة كاملة لا أن يبحث فقط عن كلمة العربي أو الوحدة العربية ويقيمّها على أساس ذلك ويوفر علينا وعلى نفسه عناء الكتابة في هذا الموضوع فالوثيقة رغم أنها ليست حزبية فأنها تتضمن مقاربة واعية ومتقدمة بمقاييس تلك المرحلة لمشكلة القوميات غير العربية وذلك لأنه كان للشيوعيين دورا في صياغتها.
– بخصوص محاباة الأرمن نشير إلى نقطتين الأولى: انك قطعت كلام الرفيق خالد بكداش عن السياق الذي قيل فيه، حيث تقول الوثيقة”… فقد كانت دائما مسألة الأقليات العنصرية والطوائف الحجة التي يتذرع بها الاستعمار الأجنبي لتبرير سيطرته علينا، إن في بلادنا إخواننا الأرمن فينبغي العمل لتوطيد أواصر الإخاء والتضامن الوطني بينهم وبين العرب…”و الثانية: إنها بالفعل جاءت رداً على محاولات التفريق بين العرب والأرمن يقول خالد بكداش ” ….

منذ شهر تقوم هذه العناصر نفسها بمساع كبرى لإقناع بعض زعماء الأحزاب الارمنية بان حلول جنيف هي لمصلحة الأرمن أيضا لان زوال الانتداب عن اسكندرونة ليس معناه تعرض الأتراك للإفناء من قبل العرب فقط، بل معناه أيضا ضياع حقوق الأرمن وخضوعهم لاستبداد العرب ” هذه هي المقدمات التي قيلت فيه كلمة الرفيق خالد فالموضوع لا علاقة له بنكران دور الأكراد ولا محاباة الأرمن ولا من يحزنون ! وعندما تطلب الموقف أن يتحدث عن دور الأكراد قال الرفيق خالد ما عرضناه آنفا.
– صحيح انه ليس جديدأ القول بأن الحزب حورب من قبل القوميين العرب بالنسبة للمنصفين في قراءة التاريخ, ولكنه جاء رداً على قولكم إن الحزب الشيوعي هو حزب عروبي، فاذا كان كذلك فلماذا حورب من قبل القوميين العرب في أهم قضيتيتن قوميتيتن للعرب في العصر الحديث الوحدة العربية – القضية الفلسطينية؟  وجوابا على ذلك نوضح:إن البرجوازية العربية التقليدية، والحكام العرب، والإقطاع العربي المرتبطين مع أصحاب وعد بلفور كانوا يحاولون ومن خلال بعض الشعارات القومية والدينية البائسة تبرئة أسيادهم وتحميل الاتحاد السوفيتي مسؤولية التفريط بفلسطين لدرجة إن سفير دولة عربية في مجلس الأمن رد على دعوة المندوب السوفيتي للتنسيق بالموضوع قبل اجتماع مجلس الأمن بالقول: أتنازل عن فلسطين كلها ولن اجتمع مع هذا الملحد!  هذا هناك أما هنا في سوريا ورغم إن الحزب لم يوافق على قرار التقسيم فقامت الدنيا ولم تقعد و هاجم المتعصبين القوميين والمتأسلمين وأصحاب الصليب المعقوف مكاتب الحزب وقتلوا حسين عاقو في دمشق، بحجج تشبه حججك اليوم…..

أما القول إن الحزب تعرض لنقمة الرأي العام السوري كما تزعم فتلك كذبة رخيصة يفندها تطور الأوضاع نفسه؟ بربك من ينقم عليه الرأي العام يستطيع إيصال نائب إلى البرلمان بعد ذلك بسنوات قليلة في مدينة دمشق   ؟ إن الذي نقم على الشيوعيين ليس الرأي العام بل تلك القوى صاحبة الهوسات القومية نفسها التي كانت وراء انضمام سورية إلى الأحلاف الاستعمارية، وأصدرت القوانين الرجعية، ووصفت صديق شركات النفط الأمريكية حسني الزعيم ب ” منقذ الأمة العربية من الخطر الشيوعي ” وسلطت الأجهزة الأمنية على خيرة رجالات سوريا ومختصر الحديث إن الشيوعيين اختلفوا مع أصحاب التفكير القومي العربي الضيق بما فيها احد ابرز رموز القومية العربية في العصر الحديث ( عبد الناصر)، وبالتالي إن أي حديث عن تقديس القومية العربية أو العنصر العربي هو هراء وافتراء لاأكثر ولا أقل.
 – بخصوص الموقف من الحركة الانفصالية في الجزيرة وتقديمها دليلا على وقوف الشيوعيين ضد الطموحات القومية الكردية فثمة خلط للأمور كالعادة يجب توضيحه: فالحزب الشيوعي كان له ذات الموقف من جميع الحركات الانفصالية في سوريا ومن المعروف إنه كانت هناك محاولات لتقسيم سوريا إلى عدة دويلات دويلة الدروز – دويلة العلويين – دويلة اسكندرون….

وبموجب قراءة الأستاذ يمكن الاستنتاج إن الحزب كان ضد الدروز وضد أهالي اسكندرونة, وضد العلويين وضد أهالي حمص وحماة، وحقيقة الموقف إن الشيوعيين واستنادا إلى وعي متقدم على جميع القوى في تلك المرحلة كان ينبه إلى خطورة المشروع الاستعماري القائم على التفتيت، لان الموضوع برمته كان جزء من الصراع على سورية فيما بين النفوذ الفرنسي والإنكليزي والتركي أحيانا وبالتواطؤ مع بعض القوى المحلية من كل المكونات وكان الهدف ضرب تلك المكونات القومية والدينية والمذهبية بعضها ببعض للتحكم بها جميعا كما تبين لاحقا, أضف إلى ذلك إن المحاولة لم تكن محل اجماع الزعامات الكردية أنفسهم فالوسط الكردي نفسه انقسم حول الموضوع إلى قسمين، وأعتقد لا داعي لنشر الغسيل كله والحديث عن مزيد من التفاصيل في هذا الموضوع…..

 !فلماذا تصوير الأمر وكأن دولة كردية كانت قاب قوسين أو أدنى من القيام ووقف ضدها الشيوعيين؟  
– بخصوص مؤتمر الوفاء العربي: ليس صحيحا إن خالد بكداش سمى المؤتمر الثاني للحزب الشيوعي في سوريا ولبنان بمؤتمر الوفاء العربي بالصيغة التي ذكرتها، بل إن هذه العبارة هي عنوان فرعي من جملة عناوين فرعية في الكلمة الختامية للرجل مثل مؤتمر الروح الجديدة، مؤتمر التحرر الوطني والاتحاد الوطني، مؤتمر آمال الشعب وأمانيه، مؤتمر الحريات الديمقراطية….

والتي يقول في إحدى فقراتها حرفياً ”  وكان مؤتمرنا مؤتمر الوفاء العربي فأرسل تحية إجلال واحترام إلى جنود إنكلترا وروسيا السوفيتية وفرنسا المحاربة الذين يعود الفضل لهم في إنقاذ بلادنا من ويلات الاستعمار الهتلري وإبعاد خطر الحرب على بلادنا فانفتح أمامنا مجال النضال الوطني الذي انتصرنا فيه وحققنا بعض حقوقنا” فلماذا تجزئة النص وتقديمه بغير ما يريد يا أستاذ علي من خلال زعمكم ( أطلق بكداش على المؤتمر اسم “مؤتمر الوفاء العربي ” وعلل ذلك بقوله “لان مؤتمرنا كان أمينا لتقاليد الوفاء العربي) متى علل خالد بكداش الموقف كما عرضته أنت؟ لماذا هذا التزوير؟
– و لماذا ذكرت البند التاسع فقط من قرارات المؤتمر (يهتم الحزب بتربية النشء تربية وطنية والاهتمام بالرياضة البدنية وتشجيع ونشر الثقافة في البلاد، وإحياء التراث الفكري العربي) من الميثاق الوطني الذي اقره المؤتمر وتجاهلت بنداً يسبقه (البند السادس) الذي يقول (المساواة بين جميع السوريين على اختلاف أديانهم وعناصرهم وتمتين روابط الإخاء والتضامن بينهم) وإذا كانت الدعوة إلى إحياء التراث العربي في حزب يعمل على ساحة سوريا ولبنان قومية ضيقة كما تزعم، فماذا يمكن أن نقول عن الحقوق الثقافية للأكراد الذي يطرحها الشيوعيين منذ عشرات السنين ؟
 ولماذا تجاهلت شهادة الأديب عمر الفاخوري في المؤتمر ذاته إذ قال باسم المثقفين السوريين (لقد عرفنا في حزبكم منظمة تضم مختلف الطوائف والأجناس والطبقات وتبث فيهم روح المفاهمة والمسامحة والمناصرة فنحن نحي في الحزب الشيوعي هيئة تسعى في سبيل وطن لجميع المواطنين على السواء من أية طائفة كانوا أو جنس أو طبقة)
وإذا كان يهم الأستاذ معرفة التراث الذي يريد الحزب إحيائه نعود إلى الوثيقة نفسها التي تقول” لقد تبنينا في نضالنا السياسي الآية الكريمة ” وأمرهم شورى بينهم” والحديث الشريف” من أعان ظالما سلطه الله عليه”وكلمة عمر بن الخطاب ” أشقى الرعاة من شقيت به رعيته”وكلمة خالد بن الوليد ” أنا لاأحارب من أجل عمر” فما الضير من إحياء هذا الجانب من التراث العربي الذي طالما أخفاه الظلاميون العرب؟ وما يضر الأكراد في ذلك ؟
– بيان الشيوعيين في منظمة حلب ليست دراسة عن أصل وفصل القائد الوطني هنانو وليس ذنب الشيوعيين إن البيئة الثقافية السياسية والوعي السياسي للرجل كانت عربية، وهو الذي يقول في خطبته” أيها الفلاحون والقرويون…يا بني وطني ويا أبناء سورية الأشاوس يا أباة الضيم: من قمم الجبل الأشم أستصرخ ضمائركم، وأقول لكم: إن بلادنا العزيزة أصبحت اليوم محتلة مهددة من قبل المستعمرين؛ أولئك الذين اعتدوا على قدسية استقلالنا وحرياتنا، قاصدين من وراء ذلك فرض الاستعمار الجائر، والانتداب الممسوخ، اللذين قاومهما العرب أعواما كثيرة، وسفكوا الدماء الزكية في سبيل الحرية والاستقلال التام.

وها أنذا أتقلد السلاح للذود عن حياض الوطن الغالي والاستقلال الثمين الذي نحن له الفدى.

فيا أبطال الوغى ويا حماة الديار…إلى الجهاد…إلى النضال…عملا بقول الله تعالى (وجاهدوا بأموالكم وأنفسكم في سبيل الله) وأن يكون الرجل فقيد الأمة العربية لا يعني نفي أصله الكردي، ولماذا هذا التباكي على موضوع نسب رجل أقام محاكم لكل من تعاون مع الفرنسيين, وفي نفس الوقت التحسر على فشل المحاولة الانفصالية في الجزيرة للمتعاونين مع الأجنبي؟  إن الانتماء الواقعي عند رجالات السياسة والفكر هو الانتماء للموقف والموقع، لا الانتماء البيولوجي وهذا هو سر تعدد الانتماءات الفكرية والسياسية داخل كل قومية، وهذا هو سر الخلافات و الصراعات بين افراد الشعب الواحد أحيانا هنا وهناك.
– كنت أظن انك تعمل على تزوير التاريخ فقط لكن يبدو أن التشويه طال أيضا موقفا لم يمض عليه أيام ورد في مقالتي السابقة ومازال بين يدي القراء، كل ما قلته إن بغية فهم صحيح للقضية الكردية يجب اخذ الثلاثية بعين الاعتبار سايكس بيكو – عجز بورجوازيات الدولة الوطنية عن الحل – الأخطاء الاستراتيجية لبعض القيادات الكردية وماذا في كلامي من دفاع فج عن الأنظمة القمعية؟ وليس ذنبي انك لم تفهم كيف إن الكردي يتحمل جزءاً من المسؤولية عن مأساته، ولاستيعاب ذلك يمكنك الرجوع إلى تقييم تجارب الثورات الكردية والنقد الذاتي الذي قدمه العديد من قادة هذه الثورات.
– أما عن فتح بعض المثقفين الكرد بابا للصراع فانا لم اقصد لا الشاعر جكرخوين ولا الأستاذ رشيد حمو فلا داعي للاختباء خلفهما، بل أنت المعني به والأستاذ توفيق عبد المجيد؟ فلم يصل الأمر بأحد من الذين اختلفوا مع الحزب من المثقفين القوميين الأكراد ومنهم الأستاذ رشيد والشاعر جكرخوين في عدائيته إلى المستوى التي وصلتما إليها بل إن أغلبيتهم الساحقة بقيت بينهم وبين الحزب الشيوعي علاقات سياسية قائمة على الاحترام رغم اختلاف المواقع والمواقف ورأو في الحزب حليفا موضوعيا لحركة التحرر الكردية وإذا كنت تريد وثائقا في هذا المجال فعلى الرحب والسعة ؟! أضف إلى ذلك فان مثقفين أكراد آخرين لا يقلوا عنهم أهمية بقوا في صفوف الحزب حتى آخر لحظة من حياتهم ونذكر منهم على سبيل المثال اللغوي الكردي والشيوعي الصلب رشيد كرد، لماذا؟   
– إذا كان كلام المسؤول الكردي العراقي مفهوما وهو الذي يقول إن حزبه يناضل من اجل الحكم الذاتي فلماذا كلام خالد بكداش ليس مقبولا وهو الذي يطالب بنفس ما يطالب به المسؤول الكردي؟ أم إن موقف خالد بكداش خاطىء وفيه إنكار لحقوق الأكراد فقط لأنه صادر عن خالد بكداش ؟
– أما الإقرار بان “العوائل الكردية الشيوعية جزء من الأمة الكردية” فنحمد الله عليها ونسبّح بحمده من اجل الإقرار بهذا الحق التاريخي الذي منحتنا اياه طالما إن صكوك “الغفران” والانتماء أصبحت بيدك… لماذا هذا الخطاب الاستعراضي يا أستاذ علي ؟ وكأن قطار المعرفة توقف امام باب بيتك؟ و كأنك تنتمي إلى حزب لم يخطأ، ولم ينقسم ولم يتراجع وكأنك الوحيد الذي يملك الوثائق ويستطيع التلاعب بها كيفما اتفق ويضلل الرأي العام..

تقول تجربة الحكماء ” كلما زاد الاستعراض ضاقت مساحة الصدق”… ومن باب النصيحة أقول: لاتتسرع في قراءة الفاتحة على روح الشيوعيين الأكراد أوغيرهم، فالكثير من السذج بين الأكراد وغيرهم سبقوك إلى قول ذلك وفي كل مرة كان التاريخ يخذلهم ويسخر منهم.
 – مرة أخرى نقول: إن للشيوعيين نظرتهم الخاصة إلى القضايا القومية سواء كانت عربية أو كردية أو المانية، وقد يتفقوا أو يختلفوا مع البعض من هذه الحركة القومية أو تلك ولا ينبغي تفسير ذلك بان الحزب ضد القومية الفلانية أو مع القومية الفلانية كما فعل بعض القوميون العرب عبر التاريخ، وكما يفعل صاحبنا الآن.
– أما ورود عبارات العروبة والشعب العربي والتراث العربي….

وما إلى ذلك في وثائق حزب وجد في بلدين ذو أغلبية عربية (سوريا ولبنان) و كانا نقطتي انطلاق التيار القومي العربي، واصطدم وهو في مخاض الولادة والتأسيس بمشكلات كبرى ذات شكل قومي قضية فلسطين، سايكس بيكو, الوحدة العربية وحورب وهو في المهد تحت ستار العدمية القومية ومعاداة الدين من قبل قوى متواطئة مع المستعمر وبعض السذج والجهله، وقيل عنه انه غير صالح لبلد مثل بلدنا، إن حزب كهذا من الطبيعي أن يبرز الجانب الديمقراطي التقدمي من الفكر القومي العربي أي جانب معاداة الاستعمار وحلفائه من النخب العربية ومشاريعهم المختلفة ويؤكد عليها، ولا يعني ذلك أنه يحارب قومية أخرى أو يعاديها أو يتجاهلها بدليل ما ورد في وثائقه عن الأكراد وغيرهم والتي عرضنا جزءا منه آنفا والتي سنعرض منها الكثير لا حقا اذا تطلب الأمر.

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف ليس خافياً أن سوريا ظلت تعيش، بسبب سياسات النظام، على صفيح ساخن من الاحتقان، ما ظل يهدد بانفجار اجتماعي واسع. هذا الاحتقان لم يولد مصادفة؛ بل كان نتيجة تراكمات طويلة من الظلم، القمع، وتهميش شرائح واسعة من المجتمع، إلى أن اشتعل أوار الثورة السورية التي عُوِّل عليها في إعادة سوريا إلى مسار التأسيس ما قبل جريمة الاستحواذ العنصري،…

صديق شرنخي كردنا الاعزاء، هل يمكن ان نفكر خارج هذه البروباكندا التي اسمها وحدة الحركة وثم توحيد الموقف الكردي وثم تشكيل وفد مشترك الى اخرما يرد من أمان، والتي اطرنا بها اهدافنا في الخروج من هذه المحنة التي اسمها ايصال طلبنا المشروع الى دمشق لصيانة الحق الكردي المشروع بصيغة جماعية، انها احلام لن تتحقق! لو تحققت يوما سيكون هذا…

السيد ممثل الولايات المتحدة الأمريكية السيد ممثل دولة فرنسا السادة ممثلي التحالف الدولي تحية طيبة وبعد؛ بداية نُقدّر عالياً جهودكم الرامية لتوحيد الموقف السياسي الكوردي في سوريا، ونكتب إليكم هذه الرسالة بخصوص أفراد عوائلنا المختفين قسرياً في سجون قوات سوريا الديمقراطية. السادة الكرام، لا يزال مصير أفراد عوائلنا في سجون قوات سوريا الديمقراطية مجهولاً منذ لحظة اختطافهم ولحين كتابة هذه…

شكري بكر من أشرف على حركة الإنشقاقات في صفوف الأحزاب الكوردية عبر بعض الأدوات لن يدع الحركة في العودة إلى الوحدة مرة أخرى ، وبنفس الوقت من كان مساهما في شق الأحزاب لم يعد يتوحد مرة أخرى ، وإلا لماذا إنشقوا ؟. أعتقد أن دوافع الإنشقاق عديدة منها : 1 – الخضوع للضغوطات الخارجية إن كان من جانب النظام…