أزمة منظمات حقوق الإنسان وآفاق مستقبلها في سوريا

بقلم: مسلم محمد    

      مازالت هناك نظرة إلى دعوة الديمقراطية وحقوق الإنسان بأنها دعوة إلى ثقافة غربية, ويعتقد البعض أن أهدافها تلتقي مع أهداف قوى خارجية معادية للمنطقة !!!
وكما ينظر إليها البعض بأن هذه المهمة ليست ملحة أو ضرورية ويمكن تأجيلها لصالح التعبئة والتجيش الضروريين في المعركة.


وبات معروفا للقاص والداني بأن مهمات هذه المنظمات تكمن في:

– التعريف والدعوة إلى فكر وقيم حقوق الإنسان.
– رصد الانتهاكات التي تتعرض لها هذه الحقوق.
– السعي قانونيا وسلميا إلى تغير ممارسات السلطة, وذلك لحماية هذه الحقوق.
  و من المعلوم أن منظمات حقوقية لا تطالب بالسلطات ( التشريعية, التنفيذية, القضائية), بل هي سلطة معنوية تطالب بتغير ما في النظام وليس النظام بحد ذاته, وأنها لا تعتبر نفسها بديلا له و إنما رديفا للقوى الإصلاحية.
       وإذا تمعنّا قليلا في مسيرة منظمات حقوق الإنسان في سوريا فسنجد بأنها تمر في أزمة حقيقية تتعلق بخصوصية هذه المنظمات وما تواجها من تحديات في داخلها.
      فعجز الأحزاب القومية واليسارية والإسلامية التعبير عن تحقيق طموحاتهم,  دفع بشريحة أن تترك هذه الأحزاب و تناضل في هذه المنظمات الحقوقية لتحقيق أحلامها في الحرية والعدالة, لقد أصبحت هذه الشريحة هي المكون الأساسي لهذه المنظمات الحقوقية, وحاملا معها هذه الشريحة رياح التسييس ومفاهيمها الأيدلوجية والحزبية الخاصة بها.


       حيث أصبحت هذه المنظمات كمنابر في الصراع السياسي المحلي, وبالإضافة إلى الانشقاقات المزاجية وغير الشرعية التي لا مبرر لها, وهذا ينعكس سلبا على مهام ودور وقيم حقوق الإنسان, وهنا أستطيع القول بأن نجاح أية منظمة ترتبط أساساً بنوعية المنخرطين فيها, وأجد هنا بأن الذين أتوا من الأحزاب السياسية إلى هذه المنظمات أغلبهم أثبتوا فشلهم في منظماتهم السياسية,وأسست بعض المنظمات الحقوقية على خلفيات حزبية- تابعة لحزب ما بشكل أو آخر- وهذا ما يجعل من هذه المنظمات أن تكون غير مؤهلة بالشكل المطلوب للدفاع عن مبادىء حقوق الإنسان في هذه المرحلة الحساسة.
أما بالنسبة لآفاق المستقبل لمنظمات حقوق الإنسان فعليها أن تتخذ الإجراءات المنيطة بها وهي:
– إجراء تحليل و تقييم عميقين لوضعها الراهن في هذه المرحلة.
– يجب أن تكون هذه المنظمات مستقلة عن الحكومة والمعارضة.
– تفعيل وتوسيع نطاق التأثير الإيجابي على أجندة الحكومة والمجتمع المدني في مجال حقوق الإنسان.
– الابتعاد عن مرض المنافسة الشخصية بين المنظمات على المستويين الرأسي والأفقي.
– إجراء حوار ديناميكي مع كافة التيارات السياسية بهدف تعزيز وتعميق مرتكز حقوق الإنسان وتوجهاتها الفكرية والعملية.
– الدعوة إلى الفيدرالية بين منظمات حقوق الإنسان وفتح العلاقات.
– ضرورة عقد مؤتمر وبمشاركة المنظمات الحقوقية الإقليمية والدولية لوضع استراتيجية شاملة لتعزيز حقوق الإنسان.
إذاً أستطيع القول بأن أية خطوة أو حراك تجاه مبادىء ومفاهيم حقوق الإنسان ستنعكس إيجابا على مستقبل مجتمعنا.

 

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

خالد بهلوي تحت شعار “وقف العنف والتهجير – العيش المشترك بسلام”، وبمبادرة من مجموعة نشطاء من الشابات والشباب الغيورين، شهدت مدينة إيسين الألمانية يوم 21 ديسمبر 2024 وقفة احتجاجية بارزة للتعبير عن رفض الاحتلال التركي والتهديدات والانتهاكات التي يتعرض لها الشعب الكردي المسالم. الحضور والمشاركة: حضر الفعالية أكثر من مائه شخصً من الأخوات والإخوة الكرد والألمان، إلى…

د. محمود عباس ستكثّف الولايات المتحدة وجودها العسكري في سوريا وستواصل دعمها لقوات سوريا الديمقراطية (قسد) والإدارة الذاتية. تدرك تركيا هذه المعادلة جيدًا، وتعلم أن أي إدارة أمريكية قادمة، حتى وإن كانت بقيادة دونالد ترامب، لن تتخلى عن الكورد، لذلك، جاء تصريح أردوغان بعد عودته من مصر، ووزير خارجيته من دمشق اليوم كجزء من مناورة سياسية تهدف إلى تضليل الرأي…

شادي حاجي المرء لا يذهب إلى طاولة المفاوضات وهو خالي الوفاض وإنما يذهب وهو متمكن وقادر والمفاوض يكشف أوراقه تدريجياً تبعاً لسير العملية التفاوضية فعند كل منعطف صعب وشاق يقدم المفاوض بطريقة أو بأخرى معلومة ولو صغيرة حول قدراته على إيقاع الأذى بالطرف الآخر من أجل أن يكون مقنعاً فعليه أن يسأل عن مقومات الندية والتي تتركز على مسألة القوة…

إبراهيم اليوسف منذ سقوط النظام المجرم في 8 كانون الأول 2024 وتحول السلطة إلى السيد أحمد الشرع، بات السوريون، سواء أكان ذلك في العاصمة دمشق أو المدن الكبرى والصغرى، يتطلعون إلى مرحلة جديدة يتخلصون فيها من الظلم والاستبداد. حيث سنوات طويلة من مكابدات المعذبين في سجون الطاغية الأسد وأبيه كانت كفيلة بتدمير أرواح مئات الآلاف. بعض السجناء أمضوا…