إيران تقصف الأرض وتنسف الصداقة

فوزي الاتروشي

   إيران تقترف جريمة عمدية مع سبق الإصرار والترصد دون أن تكسب شيئا لا من الناحية المادية ولا المعنوية.

فقصفها المستمر للمناطق الحدودية في إقليم كوردستان العراق لا يطال إلا الأبرياء وممتلكاتهم ومزارعهم ويجعل مواطني الإقليم  ينظرون بعين الشك والريبة إلى التصرف الإيراني العدائي ولا يولي المصداقية لأقوال الساسة الإيرانيين حول الصداقة والتعايش واحترام الواقع الجديد في العراق.

   لإيران سفارة في بغداد وقنصلية في اربيل وتجارة عامرة بالمليارات مع العراق وزيارات على مدار السنة للعتبات المقدسة ، ولها معارض كتب ووفود تأتي لإقليم كوردستان العراق باستمرار.

ولكن يأتي القصف الايراني الذي مازال متواصلا ليهدم الكثير من السمعة والأكثر من المصالح وهذه لعبة لا تستبطن الذكاء مطلقاً .
   وحسناً فعلت وزارة الأوقاف والشؤون الدينية حين رفضت بعض الفعاليات المشتركة مع القنصلية الإيرانية في اربيل ، فالقنابل التي تسقط على رؤوس الأبرياء وحرائق المزارع والبساتين صوتها كفعالية تدميرية أقوى وأكثر وقعاً ولا تترك أي هامش للتعاون المشترك .
   لقد طالب السيد رئيس الإقليم مسعود البارزاني الحكومة العراقية بما هو أكثر من التنديد والشجب ، والمظاهرات في الإقليم ذهبت إلى حد المطالبة بمقاطعة البضائع الإيرانية ، فلا معنى لصداقة تهدي القنابل ولا مغزى لعلاقة تنفتح من فوهات المدافع ولا موجب لشراكة اقتصادية تجعل السيادة العراقية في مهب الريح وتخترق الحدود وكأن الجيش الإيراني في نزهة .
   تقول إيران إنها تقصف مكامن وملاذات المعارضة الكردية الإيرانية التي تلتجئ إلى داخل الإقليم، وهذا زعم وذريعة واهية وورقة توت لا تستر بقدر ما تفضح وتعرّي ، وحتى لو افترضنا وجود هكذا عناصر في منطقة جبلية شديدة الوعورة فهو عذر ولكنه العذر الأقبح من الذنب .
   إن الإقليم آمن ومستقر ويعيش تنمية اقتصادية واجتماعية وثقافية لها انعكاساتها الايجابية على مجمل المشهد العراقي ، وهذا هو مربط الفرس وجذر المشكلة من وجهة النظر الإيرانية وبعض دول الجوار الأخرى التي تنظر بعين الحسد إلى واقع الاقليم المتنامي والذي سيكون له حتما تأثير على واقع العراق كله مستقبلا إذا ما سحبت دول الجوار خناجرها المسمومة من جسد الوطن العراقي وأوقفت تدخلاتها المفعمة بالشكوك في العملية السياسية .

   إن إيران دولة إقليمية كبرى ولا يمكن تجاهل دورها وصداقتها ، ولكن هذه الصداقة قابلة على المدى البعيد إلى التحول تلقائيا إلى عداء مستحكم إذا استمرت المدافع الإيرانية مسلطة على رؤوس المواطنين في الإقليم في انتهاك أكثر من صارخ للسيادة العراقية، فهل هذا من مصلحة إيران؟.

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

شادي حاجي في السنوات الأخيرة، بات من الصعب تجاهل التحوّل المتسارع في نبرة الخطاب العام حول العالم . فالعنصرية والكراهية والتحريض عليهما لم تعودا مجرّد ظواهر هامشية تتسلل من أطراف المجتمع، بل بدأت تتحول، في أكثر الدول ديمقراطية ولم يعد ينحصر في دول الشرق الأوسط ( سوريا . لبنان – العراق – تركيا – ايران وو .. نموذجاً ) وحدها…

ياسر بادلي ليس اختيارُ الرئيس العراقيّ السابق، برهم صالح، مفوّضاً سامياً لشؤون اللاجئين حدثاً عابراً يمرّ على أطراف الأخبار؛ بل هو لحظةٌ ينهضُ فيها تاريخُ شعبٍ كامل ليشهد أن الأمم التي صُنعت من الألم تستطيع أن تكتب للإنسانيّة فصلاً جديداً من الرجاء. فالمسألة ليست منصباً جديداً فحسب… إنه اعترافٌ عالميّ بأنّ الكورد، الذين حملوا قروناً من الاضطهاد والتهجير، ما زالوا…

المحامي عبدالرحمن محمد   تتواصل فصول المسرحية التركية وسياساتها القذرة في الانكار والنفي للوجود التاريخي للشعب الكوردي على ارضه كوردستان، ومحاولاتها المستمرة لالغاء ومحو كلمتي كورد وكوردستان بوصفهما عنوانا للهوية القومية الكوردية والوطنية الكوردستانية من القاموس السياسي والحقوقي والجغرافي الدولي، سواء على جغرافيا كوردستان او على مستوى العالم. تارة يتم ذلك بحجة وذريعة الدين (الاسلام)، وتارة اخرى باسم الاندماج والاخوة،…

  إبراهيم اليوسف وصلتني صباح اليوم رسالة من شاعرة سورية قالت فيها إنها طالما رأتني وطنياً لكنها تجدني أخرج عن ذلك، أحياناً. رددت عليها: صديقتي، وما الذي بدر مني بما يجعلك ترين وطنيتي منقوصة؟ قالت: أنت من أوائل الناس الذين وقفوا ضد ظلم نظام البعث والأسد. قلت لها: ألا ترينني الآن أقف أيضاً ضد ظلم السلطة المفروضة- إقليمياً ودولياً لا…