قطعة بـ عشرة أم جملة بـ عشرة أم ماذا ؟

 موسى زاخوراني ( Bavê Gulê)

 

اختار الإخوة في ( يكيتي ) وكعادتهم، العزف على أوتار العواطف القلقة، وسلكوا أسهل طرق إبراز الذات، وحب الظهور والإظهار، تمويهاً منهم على حقائق، ووقائع، وأدلة، تقض مضاجع ذوي الأفكار الصحيحة، والمزاجية والساذجة، وذلك عبر مقال يخلو من السياسة، قبل أي شيء آخر سواه مثلما خلو من الحكمة والمنطق في جريدتهم ( يكيتي ) تموز 2006م بعنوان ( السلطة ووهم الحوار مع الكرد ) حيث استهل المقال بـ « نجحت السلطة في الفترة الأخيرة في اختراق الجسد الكردي، عبر جر الفعاليات السياسية والثقافية والاجتماعية إلى دمشق تحت يافطة الاستماع إلى المطالب الكردية… »

وإزاء ما ورد، لا يسع متتبع هذه الأمور، إلا القول: أي اتهام صبياني هذا، في وصف لقاءات تمت بين ممثلين سياسيين و مثقفين كرد من جهة والسيدة الدكتورة نجاح العطار نائب رئيس الجمهورية للشؤون الثقافية من جهة أخرى ولم الاستهانة بالقيادة السياسية الكردية واسترخاصها لهذه الدرجة، وفيها من يمكن الاعتماد عليه كصمام أمان للحركة، قضى سنوات طوال في سجون ومعتقلات الحكومة السورية، المتنكرة لحقوق الشعب الكردي، والمسؤولة عن كل ما لحق ويلحق به، من إفقار واضطهاد وتجاهل و… وهل جرى تنازل عن حقوق ما من قبل هذه لوفود؟ وهل من عيب في عرض أوضاع شعبنا على الحكومة حتى ولو كانت للمرة الألف؟ وهل من الجائز الطعن في وفد ثقافي كردي اتصف بكفاءات ممتازة، ومستويات أكاديمية وثقافية علية ومعروفة، وفيه من كان ولا يزال له حضوره الوطني والثقافي المشهود له بل وفي وقت لم يكن لـ يكيتي حتى مجرد الاسم في الساحة، والغريب العجيب في هذا الأمر، إنني سمعت شخصياً، عبارات الإطراء والرضا من عضوين قياديين في يكيتي عندما رافقت احد أعضاء الوفد الثقافي إلى قيادات هذا الحزب للوقوف على حقيقة موقفهم!؟
كما وأتساءل عن العيب في اجتماع وفود كردية بمسؤول من الدرجة الثانية أو الثالثة، لا بل أضيف القول أو العاشرة ولماذا نستجيب لدعوات السلطات الهادفة لإذلال المدعوين – المستجوبين – بل وضربهم واعتقالهم ولا نستجيب لدعواتهم الهادفة – كما قالوا – للاستماع إلى مطاليب الكرد.

أما بصدد ما جاء في قولهم « والملفت للنظر أن الجميع يذهب ( يهرول ) باتجاه دمشق… » فأجيب قائلاً: ما الذي يلفت النظر في ذهاب البعض لدمشق، وللكرد كل الحق، لا بل من واجبهم الذهاب لدمشق أو أية مدينة أخرى يرون في ذلك فائدة لقضاياهم القومية والوطنية ويخدم برامجهم السياسية، أما بشان قولهم « لن نذهب بدون شروط مسبقة » فاعتقد أن الواقع أو المرحلة ليست في صالح هذا الرأي، خاصة إذا كنا نحن الكرد صادقين في قولنا بأننا لسنا اقل حرصاً من احد، على مصلحة الوطن والعلاقات الموضوعية بين الكرد والعرب، ماضياً، وحاضراً، ومستقبلاً، وهذا ما ساعدنا في التأكيد للرأي العام السوري، أن الحركة مؤمنة بالحوار وبالحل الديمقراطي للقضية الكردية وعلى تمسك الكرد بهويتهم السورية.
أما فيما يخص « كانت تشاع دعاية – قبل اللقاءات – أن رئيس البلاد يود أن يلتقي هذه الوفود… » فعذراً من الأخوة في يكيتي إن قلت بأن اللقاء بالرئيس لم يكن مدرجاً إطلاقاً وهذه لعمري إضافة غير موفقة من قبلكم، وهذا لو إنكم فكرتم ولو لمرة واحدة، أن الحقيقة قد تكمن في الرأي الآخر وان هناك احتمال نعم مجرد احتمال.

في أن تكونوا مخطئين وابتعدتم ولو قليلاً، عن ذهنية امتلاك كل الحقيقة.
ويستطرد المقال واصفاً الوفود وعودتهم بـ « خاسرين ( ساعين) » … « وما يستتبع من ذلك من (مهاترات) » « ونعوت أخرى بين فصائل الحركة … مع أن معظم الذين ذهبوا إلى دمشق نقلوا صورة واقعية مما طلب منهم التحدث عنه » فلماذا كل هذه الإساءة إلى تلك الصفحات البيضاء من الجريدة، وما الذي تريدونه أكثر من نقل الصورة الواقعية.
أما عن موقف يكيتي من الحوار وجديته واحتمالات المراوغة والمناورات وكذلك مسالة الإحصاء لاستثنائي فإن الوفد السياسي قد قدم ومشكوراً ما يجب تقديمه حول الإحصاء، ولا يؤخذ عليه في هذا الجانب سوى خلو الاقتراح من موضوع تعويض المتضررين، ولا أظنه ( أي الوفد ) ينفي ذلك.

هذا ومن المعلوم إن السلطة ستحاول ما بوسعها لتقزيم المطاليب، وكذلك ابتزاز الوفود وما إلى ذلك من أمور تهمها أو تهدف غليها، وهنا ليس على الكرد إلا العمل لإفشال تلك المحاولات، بشفافية وجرأة وعقلانية، تصب في خدمة كل الأطياف، وليس للحوار من داع أو معنى سوى التقريب بين وجهات النظر المختلفة والعمل للوصول لرؤية مشتركة للمسائل المطروحة، فلو أن الشروط التي / يدعو / إليها يكيتي متوفرة لتضاءلت دواعي الحوار، ثم إن الحركة تستطيع بل وتدعوا لمثل هذه المسائل في أي لقاء وعلى كل فإن ما تسعى إليه الحركة، هو تحقيق الممكنات بالحوار الجاد والديمقراطي، ومن النادر وجود التكافىء بين المتحاورين.
وأما ما جاء في المقال من أن لجوء النظام للدعوة لهذه اللقاءات بقصد التمويه على أزماته… ولإشاعة البلبلة في صفوف الشعب الكردي وتمزيق لـ ( بنيانه ) فهذا ما يسعى إليه كل محاور تقريباً، أياً كانت مقاصده وبغض النظر عن أطراف الحوار ومواضيعه، أما بشأن عبارة تمزيق بنيانه، فليتسع صدور المناضلين الحقيقيين في يكيتي وأطراف الحركة عموماً، لقولي بأن يكيتي هذا بذاته يتحمل بشكل مباشر وشبه مباشر مسؤولية خمسة انشقاقات في هذا البناء، وبطرق وأساليب بعيدة كل البعد عن مصلحة الشعب الكردي وحركته أيضاً وليس هذا فحسب، فيبدو أن البعض لم يرتوِ بعد، فها نحن نرى دعوة صريحة لتمزيق أعمق في بناء الحركة والمزيد المزيد من الانشقاقات حيث جاء في المقال « إن القضية في هذا المجال لا تستقيم إلا في إيجاد بدائل سياسية أخرى، أو ما يسمى بالتغيير الجزري للبنى السياسية الحالية سواء كانت البنى السياسية للسلطة أو لمعظم أطراف الحركة من أجل تهيئة المقومات الضرورية للحوار،… ».
وختاماً أدعو الإخوة الأخوة في ( يكيتي ) ومن يشاركهم في آلية التفكير والرؤى ومن باب الحرص على مصلحة الحركة وقضية شعبنا، إلى قراءة الماضي والحاضر بلغة العقل والقضية بلغة الواقع والتكتيك الذي يخدم الإستراتيجية وليس التكتيك الذي يغتال الإستراتيجية، المتمثلة في وطن ينعم فيه الجميع بالسلام والحقوق والمساواة ويسوده الحب والحرية
قامشلي  24 – 8 – 2006

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إياد أبو شقرا عودة إلى الموضوع السوري، لا بد من القول، إن قلة منا كانت تتوقّع قبل شهر ما نحن فيه اليوم. إذ إن طيّ صفحة 54 سنة خلال أقل من أسبوعين إنجازٌ ضخم بكل ما في الكلمة من معنى. سهولة إسقاط نظام الأسد، وسرعة تداعيه، أدهشتا حتماً حتى أكثر المتفائلين بالتغيير المرجوّ. إلا أنني أزعم، بعدما تولّت قيادة العمليات…

طارق الحميد منذ فرار بشار الأسد، في 8 ديسمبر (كانون الأول)، إلى روسيا، وهناك سيل من النقد والمطالبات للحكام الجدد، وتحديداً أحمد الشرع. والقصة ليست بجدوى ذلك من عدمه، بل إن جل تلك الانتقادات لا تستند إلى حقائق. وسأناقش بعضاً منها هنا، وهي «غيض من فيض». مثلاً، كان يقال إن لا حل عسكرياً بسوريا، بينما سقط الأسد في 12 يوماً…

خليل مصطفى مِنْ أقوال الشيخ الدكتور أحمد عبده عوض (أُستاذ جامعي وداعية إسلامي): ( الطَّلَبُ يحتاجُ إلى طَالِب ، والطَّالِبُ يحتاجُ إلى إرادة قادرة على تحقيق حاجات كثيرة ). مقدمة: 1 ــ لا يختلف عاقلان على أن شعوب الأُمَّة السُّورية قد لاقت من حكام دولتهم (طيلة 70 عاماً الماضية) من مرارات الظلم والجور والتَّعسف والحرمان، ما لم تتلقاه شعوب أية…

أحمد خليف الشباب السوري اليوم يحمل على عاتقه مسؤولية بناء المستقبل، بعد أن أصبح الوطن على أعتاب مرحلة جديدة من التغيير والإصلاح. جيل الثورة، الذي واجه تحديات الحرب وتحمل أعباءها، ليس مجرد شاهد على الأحداث، بل هو شريك أساسي في صنع هذا المستقبل، سواء في السياسة أو في الاقتصاد. الحكومة الجديدة، التي تسعى جاهدة لفتح أبواب التغيير وإعادة بناء الوطن…