التحالف الكردستاني (رمانة الميزان الانتخابي)

  ماجد يوسف داوي

على الرغم من أن قائمة التحالف الكردستاني هي رابع أكبر قائمة فائزة بالمقاعد النيابية  في الانتخابات العراقية المؤخرة , إلا أنها أثبتت و بقوة للعراقيين و للدول الإقليمية بأنها قوة لا يمكن تجاهلها في ترسيم الخارطة السياسية للجمهورية العراقية.

فالتجربة الديمقراطية الناجحة لإقليم كردستان , والتي توضّحت معالمها في الانتخابات البرلمانية التابعة للإقليم , والعلاقات المتميزة لحكومة إقليم كردستان برئاسة السيد مسعود البرزاني مع الدول المجاورة ودول المنطقة , ناهيك عن علاقاتها الرائدة مع معظم الدول الأوربية والولايات المتحدة الأمريكية , بالإضافة إلى قدرتها المنقطعةِ النظير على إحلال الأمن والاستقرار في المنطقة الشمالية في الوقت الذي تصاعدت فيه نشاط العمليات الإرهابية وسط وجنوب العراق.

كل ما ورد بالإضافة إلى علاقاتها التي تتميز بالمرونة ووقوفها بنفس المسافة من جميع الكتل السياسية , جعلت من هذه الكتل المتنافسة لإعلان جم ّ رغبتها  في التحالف مع القائمة الكردستانية.
أما دعوة العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز للسيد البرزاني , والتي اندرجت بين الزيارات الإستراتيجية , فإن حفاوة الاستقبال , ومنحه الوشاح الملكي من الدرجة الأولى , واعتباره جزء من الحل في العراق , كانت خير دليل على القوة السياسية التي تتمتع بها حكومة إقليم كردستان, وعلى دورها البارز في المعادلة السياسية لتشكيل حكومة وطنية تمثل كافة أطياف الشعب العراقي بقومياته وطوائفه المختلفة.
ومن جهة أخرى فإن زيارة الرئيس مسعود البرزاني بدعوة من السيد رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري , الذي تربطه وشعب لبنان علاقة متميزة مع القيادات الكردية والشعب الكردي , والتي كانت العلاقات التجارية والثقافية وفتح الأبواب للاستثمارات اللبنانية وتعزيزها في إقليم كردستان العنوان الرئيسي لهذه الزيارة .
كما إن نجاح حكومة إقليم كردستان في مجال التنمية والأعمار , و محاولاتها لجذب الاستثمارات من كل حدبٍ و صوب , نظراً للمكانة الإستراتيجية التي تتحلى به في المنطقة , وخاصة بعد أن أصبح الإقليم مركزاً سياحياً مستقطباً للزوار من الطراز الأول في العراق والمنطقة , الأمر الذي جعلت منها أكثر انفتاحاً على الاستثمارات العربية والأجنبية .

 
إن هذا الانفتاح بالإضافة إلى تمسّك حكومة إقليم كردستان بمبدأ عراق ديمقراطي فيدرالي تعددي ومحاولاتها المستمرة لترسيخ مبادئ الحرية و الأمن والاستقرار لأبناء العراق بشكل عام والكرد بشكل خاص , منحت الثقة للقوى السياسية الداخلية والخارجية للالتفاف حولها وتمتين العلاقات السياسية والاقتصادية معها.
إن هاتين الزيارتين كانتا البرهان القاطع على تطور العلاقات بين دول المنطقة وإقليم كردستان , وكانت الدليل على القوة التي يمتلكها الائتلاف الكردي للتأثير على القرار السياسي بكتلتها النيابية والتي تبلغ حوالي نسبة 20 % من المجلس النيابي العراقي ككل , ولكن في ظل هذه القوة التي يتمتع بها الائتلاف الكردي , هل سيراهن مرة ثانية على وعودٍ سرابية من السيد المالكي وذلك من خلال التحالف معها ثانية في تشكيل الحكومة , أم سيبدأ بإيجاد حليف جديد والبدء من نقطة البداية للتفاوض مع الائتلاف العراقي , والذي يضم قائمتا ( الهاشمي و النجيفي ) , هاتان القائمتان اللتان تعتبران من أشد القوائم رفضا لتطبيق المادة (140 ) , وفي تأزيم حل مسألة المناطق المتنازع عليها مع الإقليم سابقا.
أما في حال تقاسم المالكي والعلاوي السلطة بينهما من حيث المدة الزمنية , فأين سيكون موقع الائتلاف الكردي في الحكومة الجديدة , في ظل ظهور قوى إقليمية جديدة داعمة للإتلاف العراقي , على غرار الدعم والتأييد الذي يتلقاه إتلاف دولة القانون من بعض الدول المجاورة .


هنالك العديد من العراقيل واجهت حكومة الإقليم كنوع من التحدي في السنوات الماضية , لا تزال آثارها متراكمة إلى يومنا هذا , فهل الظروف التي آلت إليه بغداد , جعلت من سياسيها أن تؤمن ببناء المجتمع الديمقراطي الحر ؟!! الذي يمكن أن يكون الأساس في بلورة الوعي السياسي والثقافي والاجتماعي، وأن يجعل من الفرد قادراً على التحرر من كل القيود المفروضة عليه قومياً ودينياً وطائفيا ، ويجعله مؤمناً بقدرته وكفاءته في بناء المجتمع , وبالتالي رفض العنف ونبذ التطرف , والإقبال على الاعتراف بالآخر.

(ناشط حقوقي وسياسي)

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

عنايت ديكو   الوجه الأول: – أرى أن صفقة “بهچلي – أوجلان” هي عبارة عن اتفاقية ذات طابع أمني وجيوسياسي بحت، بدأت معالمها تتكشف بشكل واضح لكل من يتابع الوضع عن كثب، ويلاحظ توزيع الأدوار وتأثيراتها على مختلف الأصعدة السياسية، الأمنية، والاجتماعية داخل تركيا وخارجها. الهدف الرئيسي من هذه الصفقة هو ضمان الأمن القومي التركي وتعزيز الجبهة الداخلية بجميع تفاصيلها…

اكرم حسين العلمانيّة هي مبدأ سياسي وفلسفي يهدف إلى فصل الدين عن الدولة والمؤسسات الحكومية ، وتنظيم الشؤون العامة بما يعتمد على المنطق، والعقلانية، والقوانين الوضعية بدون تدخل ديني. يتضمن مبدأ العلمانيّة الحفاظ على حرية الدين والمعتقد للأفراد، وضمان عدم التمييز ضد أي شخص بسبب دينه أو اعتقاده. تاريخياً ظهرت العلمانية مع اندلاع الثورة الفرنسية حيث خرجت الطبقة البرجوازية…

اننا في الفيدرالية السورية لحقوق الانسان والمنظمات والهيئات المدافعة عن حقوق الإنسان في سورية، وبالمشاركة مع أطفال العالم وجميع المدافعين عن حقوق الطفل وحقوق المرأة وحقوق الانسان، نحيي احتفال العالم بالذكرى السنوية الثلاثين لاتفاقية حقوق الطفل، التي تؤكد على الحقوق الأساسية للطفل في كل مكان وزمان. وقد نالت هذه الاتفاقية التصديق عليها في معظم أنحاء العالم، بعد أن أقرتها الجمعية…

نظام مير محمدي* عادةً ما تواجه الأنظمة الديكتاتورية في مراحلها الأخيرة سلسلةً من الأزمات المعقدة والمتنوعة. هذه الأزمات، الناجمة عن عقود من القمع والفساد المنهجي وسوء الإدارة الاقتصادية والعزلة الدولية، تؤدي إلى تفاقم المشكلات بدلاً من حلها. وكل قرارٍ يتخذ لحل مشكلة ما يؤدي إلى نشوء أزمات جديدة أو يزيد من حدة الأزمات القائمة. وهكذا يغرق النظام في دائرة…