الهاشمي يريده رئيسا عربيا

  عبد الرحمن الراشد

ربما لم يكن جلال طالباني الرئيس المثالي للعراق في الأربع سنوات الماضية، لكن لا يمكن الادعاء بأن وجوده على سدة الرئاسة ككردي هو السبب في تردي علاقات العراق مع الدول العربية.

طارق الهاشمي نائب الرئيس العراقي، المنتهية ولايتهما، اقترح ألا يعين كردي آخر لرئاسة الجمهورية حتى لا يعرقل المصالحة مع العرب.

تصريح يمكن أن يوصف بالعنصرية خاصة من قبل سياسي يشتكي من الطائفية البغيضة وعنصريتها في العراق وأسس طرحه الانتخابي على مفهوم العراق للجميع.
لو افترضنا أن العرب لا يريدون كرديا رئيسا للجمهورية بل عربيا، فهل يعقل أن ينحني العراقيون لشرط كهذا؟ ليس من حق أحد في الخارج أن يملي على العراقيين من يختارون رئيسا، أو مناصب رئاسية، إلا إذا كان للرئيس المرشح مواقف عدائية ضد العرب الآخرين، حينها يصبح الخيار خيار الناخبين.


وإذا كان العرب يفاخرون في تاريخهم بقائد مثل صلاح الدين ولا ينتقدون في تاريخهم حكم الأيوبيين لنصف العالم العربي، فما الذي يضيرهم إن حكم كردي آخر بلده العراق، خاصة أن العرب هم ضد استقلال كردستان عن العراق، ويصرون على عراق موحد بكرده وعربه.

هنا يصبح الكردي عراقيا من حقه أن يتولى أي منصب يختاره مواطنوه لتقلده.


وقد سعى رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني إلى تبرير رحلة طالباني المشبوهة إلى طهران، قائلا: إنه لم يدعَ إلى القمة العربية، مما يوحي بأن هناك عنصرية عربية ضد الرئيس لأنه كردي وأن طالباني رد على مقاطعتهم بزيارة إيران.

وهنا، لست متأكدا من أن القمة العربية في سرت تعمدت تجاهل طالباني ولم تدعه.

أظن أن المشكلة عراقية داخلية بسبب وجود منصبين رئاسيين، رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء.

والدعوة يفترض أنها وجهت وفق الأصول السابقة إلى الحكومة العراقية.

والدليل أن وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري، وهو كردي، كان موجودا وممثلا للعراق.

وعندما همّ بالانسحاب بسبب استقبال الليبيين للبعثيين العراقيين المطرودين، سعى كل العرب الموجودين لثنيه.

وهكذا استمر الوزير زيباري مشاركا في المؤتمر.


ومشكلة المنصبين الرئاسيين موجودة في لبنان، ويصطدم المنصبان في دعوات القمة أيضا، وأذكركم بالفوضى التي دبت في القمة العربية في عمان، عندما أصر الرئيس لحود على الحضور وكذلك رئيس الوزراء الراحل رفيق الحريري، وجلس الاثنان متنافرين، وتكررت المشكلة في قمة بيروت نفسها.


تفسيري للجفوة العربية هو أن العرب يبحثون عن ذريعة للابتعاد عن رمال العراق المتحركة، لكنهم ليسوا معنيين بمن يصبح رئيسا ما دام لا يعاديهم.

والرئيس طالباني على الرغم من قربه المقلق من الإيرانيين، لم يعادِ أحدا من العرب أو الحكومات العربية.

أيضا العرب لم يقاطعوا العراق بسبب كردية الرئيس بدليل أنهم كانوا يقاطعونه عندما كان الياور، وهو عربي أصيل، رئيسا للجمهورية.

وقد استمرت الحال منذ ذلك اليوم إلى الآن.

اليوم العلاقة العربية أقل قطيعة مع العراق، والجميع في حالة انتظار للوضع الأمني والسياسي المقبل، ولن يختلف الوضع كثيرا أيا كان الرئيس أو رئيس الوزراء.

alrashed@asharqalawsat.com  

الشرق الأوسط

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف من الخطة إلى الخيبة لا تزال ذاكرة الطفولة تحمل أصداء تلك العبارات الساخرة التي كان يطلقها بعض رجال القرية التي ولدت فيها، “تل أفندي”، عندما سمعت لأول مرة، في مجالسهم الحميمة، عن “الخطة الخمسية”. كنت حينها ابن العاشرة أو الحادية عشرة، وكانوا يتهكمون قائلين: “عيش يا كديش!”، في إشارة إلى عبثية الوعود الحكومية. بعد سنوات قليلة،…

سمير عطا الله ظهر عميد الكوميديا السورية دريد لحام في رسالة يعتذر فيها بإباء عن مسايرته للحكم السابق. كذلك فعل فنانون آخرون. وسارع عدد من النقاد إلى السخرية من «تكويع» الفنانين والنيل من كراماتهم. وفي ذلك ظلم كبير. ساعة نعرض برنامج عن صيدنايا وفرع فلسطين، وساعة نتهم الفنانين والكتّاب بالجبن و«التكويع»، أي التنكّر للماضي. فنانو سوريا مثل فناني الاتحاد السوفياتي،…

بوتان زيباري في صباح تملؤه رائحة البارود وصرخات الأرض المنهكة، تلتقي خيوط السياسة بنسيج الأزمات التي لا تنتهي، بينما تتسلل أيادٍ خفية تعبث بمصائر الشعوب خلف ستار كثيف من البيانات الأممية. يطل جير بيدرسن، المبعوث الأممي إلى سوريا، من نافذة التصريحات، يكرر ذات التحذيرات التي أصبحت أشبه بأصداء تتلاشى في صحراء متعطشة للسلام. كأن مهمته باتت مجرد تسجيل نقاط…

صلاح بدرالدين نحن في حراك ” بزاف ” أصحاب مشروع سياسي قومي ووطني في غاية الوضوح طرحناه للمناقشة منذ اكثر من تسعة أعوام ، وبناء على مخرجات اكثر من تسعين اجتماع للجان تنسيق الحراك، وأربعة لقاءات تشاورية افتراضية واسعة ، ومئات الاتصالات الفردية مع أصحاب الشأن ، تم تعديل المشروع لمرات أربعة ، وتقويم الوسائل ، والمبادرات نحو الأفضل ،…