معاناة نوروز.. تتمة لمقالة «معنى نوروز»

حسين عيسو

قبل عيد نوروز بيومين , نشرت بعض المواقع على صفحاتها : أن القيادة السياسية في البلد وافقت على الاحتفال بنوروز هذا العام , فابتهجنا جميعا لتلك المبادرة , وليلة نوروز كنت أكتب عن هذه المناسبة مقالة بعنوان “معنى نوروز” واذ بالأخبار ترد بأن جهات أمنية هدمت مسارح وخربت التربة في أماكن الاحتفالات , فكتبت :
“نوروز يعني الحرية والخلاص من الظلم واستعباد الإنسان لأخيه الإنسان.
 وما اشعال النيران ليلة نوروز الا رمزا للنور الذي يبدد الظلمة.

فهل مازال هنالك من يكره النور في بلدنا سوريا “مهد الحضارة الإنسانية  وموزاييك الثقافات”.
متى ينعم شعبنا السوري بكرده وعربه وآثورييه بالحرية والاحتفال بأعياده دون خوف من رجل “أمن” يرعب المحتفلين ويمنع إيقاد هذه الشعلة التي لا تعني سوى تبديد الظلام.
أتمنى أن يكون ما حصل ليلة نوروز من هدم للمسارح وجرف للتربة في مواقع الاحتفال مجرد خطأ ارتكبه أناس غير أسوياء.
فلا أحد يقبل أن يكون ضد النور وحرية الإنسان.
هل يعقل أن يكون هنالك أناس يكرهون المشاعل والموسيقى والدبكات الجميلة والطبيعة الخلابة.
دعونا نحلم أن كل ما جرى كان خطأ , وسيتم إصلاحه ويُعاقَب المتسبب في منع البسمة عن شفاه طفل ينتظر هذا اليوم منذ شهور…..أتمنى أن يكون يوم نوروز الكردي , يوما سوريا , كما ليلة رأس السنة وغيرها من الأعياد التي نحتفل بها جميعا , حتى نشعر بأننا جميعا أبناء وطن واحد , متساوون في الحقوق والواجبات والأعياد …دعونا  نحلم فقط !”.


وفي صباح نوروز حصلت بادرة أفرحتنا جميعا في الحسكة , حين انضم إلينا في الاحتفال بنوروز عدد من الأخوة الذين يمثلون كافة أطياف مجتمعنا السوري ,عربا وكردا وآثوريين , لمشاركتنا الفرحة بالعيد , ثم انتقلنا جميعا الى باقي المحتفلين , للتهنئة في مواقع الاحتفال , في السد , جولبسان وعلي فرو , ما ضاعف من سعادة المحتفلين في تلك المواقع , وأشعر الجميع بأن نوروز الكرد , عيد سوري أيضا , كما باقي أعيادنا السورية.


لكن الفرحة لم تكتمل تلك , لأن أناسا يكرهون الفرح ويحقدون على البسمة والسعادة على وجوه الآخرين , لم يحرموا طفلة كانت تنتظر هذا اليوم منذ شهور, لم يحرموها من البسمة فقط , بل حرموها من حق الحياة أيضا !.
غريب أمر القتلة , يفرحون لبسمة أطفالهم , ثم وبدم بارد يقومون بسفك دماء أطفال آخرين , هل يستحق مثل هؤلاء القتلة المعاملة كبشر ؟, هل يعلم أصحاب القرار في البلد بأن الطفلة لم تقتل خلال معركة دارت بين طرفين متكافئين , أو حتى لو قيل أن اشتباكا بالأيدي بين رجال من السلطة مسلحين , وبين مواطنين غير مسلحين وقتل فيها عدد من الأشخاص لكانت بشاعة الجريمة أقل , لكن أن يقوم أناس من المفترض أن وظيفتهم حماية أبناء الوطن , إطلاق النار عشوائيا على جماعة من المحتفلين بعيدهم !, لا أعتقد أن هذا يحدث في أي مكان من عالم اليوم , فكيف به يحصل في أرض الحضارة , في بلدنا سوريا , هل اشتبكت تلك الطفلة معهم حتى يحرموها من حق السعادة والحياة وهي في عمر الزهور !!!!!.
انني أرفع هذا النداء الى السيد رئيس الجمهورية , الدكتور بشار الأسد , وهو أب , راجيا كشف الحقائق بشكل علني وشفاف , لمعرفة كيف قتلت تلك الطفلة ورفاقها ومحاكمة القتلة ومعاقبتهم من أي جهة كانوا.


سيادة الرئيس انتشرت خلال اليومين الماضيين دعايات كثيرة حول تلك الجريمة النكراء التي حصلت في مدينة الرقة , وأملنا التدخل المباشر من سيادتكم هذه المرة , وكشف الحقائق ومعاقبة المجرمين , حتى يحس الإنسان الكردي أنه مواطن سوري له الحق في الفرح والحياة , مثل باقي البشر.
الحسكة في 26 – 03 – 2010
Hussein.isso@gmail.com

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

شيروان شاهين تحوّل الصراع في سوريا، الذي بدأ منذ 14 سنة كحركة احتجاجات شعبية، من حالة صراع بين ميليشيات مسلحة وسلطة منهكة على مستوى أطراف المدن والأرياف إلى صراع طال شكل الدولة ككل. حيث أفرزت الحرب الأهلية واقعًا وعنوانًا جديدًا في 8 ديسمبر 2024: انهيار دولة البعث وإعلان دولة القاعدة. تميّز حكم البعث، الذي بدأه أمين الحافظ “السني”…

اكرم حسين   طرح الأستاذ عاكف حسن في مقاله هل ما زلنا بحاجة إلى الأحزاب السياسية؟ إشكالية عميقة حول جدوى الأحزاب السياسية اليوم، متسائلاً عمّا إذا كانت لا تزال ضرورة أم أنها تحولت إلى عبء ، ولا شك أن هذا التساؤل يعكس قلقاً مشروعًا حيال واقع حزبي مأزوم، خاصة في سياقنا الكردي السوري، حيث تتكاثر الأحزاب دون أن تنعكس…

صلاح عمر   ثمة وجوه تراها حولك لا تشبه نفسها، تبتسم بقدر ما تقترب من الضوء، وتتجهم حين تبتعد عنه. وجوهٌ لا تعرف لها ملامح ثابتة، تتشكل وفقًا لدرجة النفوذ الذي تقترب منه، وتتلون بلون الكرسي الذي تطمح أن تجلس بقربه. هؤلاء هم “المتسلقون”… لا يزرعون وردًا في القلوب، بل ينثرون شوك الطمع على دروب المصالح. لا تعرفهم في البدايات،…

أزاد فتحي خليل*   لم تكن الثورة السورية مجرّد احتجاج شعبي ضد استبداد عمره عقود، بل كانت انفجاراً سياسياً واجتماعياً لأمة ظلت مقموعة تحت قبضة حكم الفرد الواحد منذ ولادة الدولة الحديثة. فمنذ تأسيس الجمهورية السورية بعد الاستقلال عام 1946، سُلب القرار من يد الشعب وتحوّلت الدولة إلى حلبة صراع بين الانقلابات والنخب العسكرية، قبل أن يستقر الحكم بيد…