رؤية حول الاحزاب والمؤسسات الكردية في سوريا

بقلم : هوزان امين
Hozan_34@hotmail.com  

في المرحلة الراهنة ورغم محاولاتنا الدؤوبة  لملاحقة هذا التطور ولو بالحد الادنى منه  ، وهذه  مهمة وعبئ يثقل كاهل كل من يكتب ويحاول عبر كتاباته وضع يده على الجرح الذي ينخر في مجتمعاتنا  و خاصةً مجتمعنا الكردي  حيث نجده يفتقد للعديد من مسميات العصر وكذلك  ما زال يرزخ تحت وطأة  عجلة الافكار البالية والقديمة التي تكون دائماً حجر عثرة في وجه أي تطور لهذا يترتب علينا نحن ان نكون ملمين بما يحصل ويدور من حولنا بكل دراية وامعان .
لانه لو لم نستطيع تجاوز هذه العقدة سنكون دائماً عرضة لموجات التخلف والبعد عن ركب موجات التقدم والتطور الذي يحصل في كل المجتمعات .
و لعلنا ندرك هذه الحقيقة العلمية ولعلنا نعلم مدى التشرزم والتشتت الحاصل في مجتمعنا الكردستاني منذ القديم والى اليوم  .
وربما نعلم الاسباب والنتائج أيضاً .

ولكننا لا نعلم الآلية اللازمة لمحاولة محو الماضي والبدء بفتح صفحة جديدة .

بدءً من الاحزاب السياسية الى باقي فئات المجتمع من جمعيات ومؤسسات تنادي بالاصلاح والتغيير في بنية المجتمع الكردي ككل .
ولعلنا ندرك التقسمة والتجزئة الحاصلة بين الكرد منذ ازمنة مختلفه وهذا عائد  الى التقسيم الجغرافي والحدود المصطنعة وكذلك سياسات الانظمة الحاكمة على كل جزء من الوطن ، من حيث  جعل اجزاء كردستان بعيد كل البعد عن روابط الاتصال والتفاعل فيما بينها وقطع دابر الصلة والعلاقة فيما بينهم بشكل شبه كلي .
إلا اننا نجد اليوم الزمان والمكان المناسبين لمحاولة ملىء تلك الهوة بين المجتمع الكردستاني خاصة بعد تقدم وسائل الاتصال وانظمة الانترنيت والتكنولوجيا الحديثة.

نعم ان الفراغ عميق يستوجب ملىء ذلك الفراغ بالوسائل الديمقراطية والوطنية مع اخذ الحيطة والحذر من مغبة الوقوع في اخطاء لطالما عانينا منها عبر سنوات النضال الطويلة .


ولا بد  ان تكون تحت ستارٍ ثقافي بعيد عن الاطر الحزبية .

والافكار الدامغة التي بقيت تقيد حركتنا وتفرض قالباً معيناً يجب السير عليه ووفق اطر ومعايير مطبوخة مسبقاً .
نعم نجد اليوم ونسمع في كل وقت انه تم تأسيس جمعية او مؤسسة او لجنة حقوقية للدفاع عن حقوق السجناء وعن حقوق المراة وكذلك  تتأسس جمعيات تحت مسميات وافكار مختلفة من اقتصادية الى اجتماعية  وكل ذلك يصب في خانة  الدفاع  عن حقوق الانسان والحفاظ على كرامته وشرفه الذي يهان يومياً تحت ظل هذه الانظمة التي تسللت الى بنية مجتمعاتنا وهذا ما نلاحظه كثيراً في غرب كردستان (سوريا ) .
  ان تأسيس المؤسسات لهو من الطرق المناسبة من الان فصاعداً ومن اهم الاعمال الواجبة دفعها قدماً الى الامام خاصة بالنسبة الى وجود هذا الكم الهائل من التناقضات والافرازات التي نتجت من تارخٍ مليىء بالضغط والكبت المفروضين من قبل سياسات الحكومات التي تتمسك بكردستان بالقوة ولا تريد التخلي عنها ، والانكى من ذلك تريد فرض ثقافتها , ومحو ثقافة الكرد من الوجود ضمن عملية ابادة منظمة تمارسها كلٍ من تركيا وايران وسوريا وفي سوريا بالتحديد نجد الوضع مختلف بعض الشيء عن الآخرين في حين يتم قبول بعض الامور ولو بالحد الادنى منه من حقوق واعتراف بوجود الكرد وثقافته إلا اننا نجد الوضع في سوريا يختلف ويسوء من يوم الى آخر حيث النظام لا يتوانى عن التمسك بمسمياته واهدافه التي طالما عرفناها واصبحت باليه بعيدة كل البعد عن التطور والالتحاق بهذا التطور والانظمة الجديدة التي تصبغ كل شيء اليوم بلون مختلف وشكل مختلف حيث الوضع كما هو عليه من عقود بل الانكى من ذلك هناك شدة في الضغط والتنكيل بالكرد من حين الى آخر.

وما فتح المجال لقوى المجتمع المدني ومحاولة هذه القوى ايصال صوتهم الى الشعب في الداخل والخارج إلا دليلاً على ضعف هذا النظام وعدم استيعابه لهم وخوفه من مكاسبه ومن الضغوطات التي تتعرض لها بين فترة الى اخرى من قبل الخارج  .
ان هذا التحول الذي حصل يجدر بنا مراجعة بسيطة لمجريات الاحداث في الشرق الاوسط في الاعوام الاخيرة  و بشكل خاص  بعد التحول الكبير الذي حصل في العراق وانهيار النظام العراقي البائد وبدأ تشكيل نواة لدولة كردية في كردستان العراق  بعد اقرار العراق دولة فدرالية ويتكون من قوميتين اساسيتين (الكرد والعرب).

والاستحقاقات التي جرت في العراق والتصويت عليها عبر انتخابات في نهاية عام 2005 وتكلل في النهاية بإقرار دستور عادل وديمقراطي يحفظ حقوق القوميات والاقليات الاثنية والطائفية في العراق .

يعتبر من اهم الانجازات التي تركت بصماتها في الشرق الاوسط ربما لا ينبغي بنا مدح هذه التجربة كثيراً إلا انه لا مناص من ذلك حيث تغيير الانظمة في الشرق الاوسط لا يتم إلا بتدخل خارجي  إلا انه تحول يجدر بنا عدم تلافيه ونعلم جميعاً ان التطور يحصل في المجتمعات بشكل متتالي ومتدرج وفق تطور المجتمع  حيث ان في اوروبا لم تحصل مثلما تحصل اليوم هنا فمفهوم “المجتمع المدني” في التاريخ الأوروبي الحديث كان يتحدد وفق معايير ومحددات تفرضه بنية المجتمع من الداخل وليس من الخارج حيث طرح مفهوم السلطة المدنية  بعد حروب ومعاناة طويلة عاشتها تلك الشعوب وكان دور المثقفين آنذاك دور الطليعة وايجاد المخرج وطرح الحلول حيث في كل فترة من الفترات يتطلب اسس ومعايير مختلفة ناتجة من بنية المجتمع الطبقية حيث التحول من مجتمع اقطاعي  يعتمد على الزراعة والرعي الى مجتمع شبه صناعي في الفترات الاولى من حيث خلق وابتكار آلات حديثة تراعي متطلبات تلك المرحلة  بالاضافة الى ضرورة التغيير وايجاد البدائل لسلطة الكنيسة من ناحية سياسية والبديل لسلطة القبيلة والعشيرة من ناحية عائلية اجتماعية .
كان لا بد لي من التطرق الى هذا المثال للتأكيد على ان التحول في المجتمعات تأتي تلقائيا في كل مرحلة من المراحل ولا يمكن التسبق او التعجيل في الامر واريد ذكر مثال آخر هنا ( عدم نجاح ثورة لينين في روسيا إلا بعد نضوج الطبقة العاملة ( البروليتاريا )  فكان عاملا لانتصاره في ثورة اكتوبر ) اذاً فالعملية ديالكتيكية محضة وغير قابلة للجدال سوى انه ضرورة ان تحصل مثل هذه الامور في ظل هكذا انظمة وهكذا شعوب لا حول لها ولا قوة .
رغم ذلك ان الوضع الذي يعيشه العراق منذ فجر يوم التحرير من النظام العراقي البائد الى اليوم نابع من  وعي وادراك الجماهير لم يصل الى مستوى يقدر على استيعاب هذه المتغيرات جميعاً فيصارع في سبيل التمسك بالماضي والبقاء على ما كان عليه في السابق بالاضافة الى العديد من الاسباب والدواعي الاخرى .
كل ما هنالك كان للاكراد حصة الاسد من كل هذه العملية حيث يعيش اقليم كردستان العراق اليوم بشكل آمن ومستقر بالنسبة الى المحافظات الاخرى في العراق وهذا هو بيت القصيد اي الاكراد من الان فصاعداً عرفوا كيف يستثمروا الظروف وفق مصالحهم ويستغلوها في سبيل خدمة شعبهم ربما خرج الموضوع من اطاره إلا كان يجدر بي التطرق الى هذه المسألة فقط لكي لا يسيء القارئ الفهم ويقول انه يمدح التجربة الامريكية في العراق ويدعوا الى تطبيقها في سوريا بعد انقطاع كل سبل الحوار والاصلاح في المجتمع السوري ………..لا بل ادعوا الى ان يقوم هذه المؤسسات والجمعيات والروابط والنقابات الى زرع الوعي والمعرفة بين الجماهير ويعتبر من اهم واجباتهم طالما ينادون بالتحرر والاصلاح ولكن للاسف الشديد نرى ان هذه المؤسسات بقيت في واد والجماهير في واد آخر حيث عزلوا تماماً‘عن الجماهير وبقي نشاطهم محصوراً في تنديد واستنكارٍ وشجب ووعيد  كل ذلك امتهناه في مدارس النظام واتقنا قرائته في صحف النظام لماذا لا يخرج خطابنا السياسي الى شكل ارقى واجمل من ذلك لماذا نبقى اسير القواعد والاطر الموجودة لماذا لا نقدر على ايجاد آليه اخرى وبديل اكثر نفعاً من هذا الخطاب ، ادعوا بشكل خاص القوى الكردية الى مراجعة نفسها ، ويبدو باننا اصبحنا محترفين في فن تأسيس الاحزاب والجمعيات واللجان كل يوم نسمع بولادة حزب او بميلاد مؤسسة حقوقية او اجتماعية كلها غير رسمية وتتأسس في الغرف المظلمة وبعيدة عن الاضواء خوفاً من ازلام النظام وامنه المستبد ، انا اثني على يد كل انسان يريد خدمة شعبه وفق فكره ومنظوره ولكن هناك اطرر يجب علينا جميعاً الالتفاف حولها وصونها وحمايتها وقبولها على انها حلقة وطنية يجب على الجميع الالتفاف حولها أليس افضل من ان نسمع من 14 تنظيماً سياسياً 20 مؤسسة مدنية نفس الديباجة والكلام على موضوع او حدث  ما الكل يندد او الكل يؤيد او ربما وجد بين الحين والاخر ما هو تضاد ومتناقض للآخر .
اذا بقي الحال كما هو عليه سواء من النظام الحاكم في سوريا او من قبل طالبي الاصلاح والتغيير فإن الحلول والتكهنات تكثر وتفرض ابعاداً جديدة .
رغم ذلك شئنا ام ابينا فالتغيير قادم سواء وفق رغبة الجماهير  او دونه فلا يمكن ان تسير عجلة التطور الى الوراء بل بالعكس يفترض ان تستعجل بعض الشيء الى الامام وتفرض متغيررات جديدة ومن كان يصدق بزوال الطاغية في العراق ربما لم نحبذ الطريقة ولكن كان من المفروض ان يُقال وفق ضرورة داخلية إلا انه لم يحصل ذلك وجرى وفق مصالح امريكا وقوات التحالف الدولية ورغم ذلك  دحضت كل المراهنات وكانت ضربة في صميم الانظمة الشمولية والمستبدة التي تحكم مجتمعاتها بالحديد والنار .

نعم انه لامر مهم الحديث عن هذه النقطة لانه لو لم ندرك حجم هذه العملية القوية في التحول ، لما ادركناالحقيقة بان هناك واقع مفروض ويجب التقيد به وان هناك نهاية لكل نظام ظالم مستبد لا بد انه قادم ويضع حدأ للطغيان والجبروت الذي يفرضه على شعبه .
إذاً فالعملية مستمرة ولا بد للشعب ان يدرك ان هذه الانظمة زائلة شاؤوا ام ابو ، فالواقع الموجود من الاحتقان المفزع في كل جوانب الحياة ، فالفساد الاداري معشش في كل مؤسسات الدولة الى ما هنالك من اسباب ودواعي للتغيير وأخص بالذكر سوريا طبعاً ً  .
المهم بالنسبة لنا كشعب كردي عانى عبر تاريخه الطويل من ويلات الحروب ادت الى القتل والتدمير والتهجير وقد عانا الشعب الكردي معاناة ربما لا يتحمله شعوب أخرى ربما لو لم يكن شعباً صامداً مقاوماً مثل الشعب الكردي لما صمدوا في وجه هذه الآلة العملاقة التي تمتهن القتل والدمار ولعل سياسة الابادة العرقية ( الجينوسيد) لهي من اكثر الآلات الفتاكة على الشعوب وربما نجد عبر التاريخ شعوباً ابيدوا أو غيرت هويتهم القومية رغمأً عنهم واستسلموا وانصهروا في بوتقة المجتمع الحاكم وثقافته .
نعم و بالرغم من ذلك نجد بأنه ونتيجة لهذه السياسات خلق فجوة عميقة بين المجتمعات ككل وبين فئاته حيث بنيت بينهم سدودأ وجدران عريضة عرض جدار برلين ، لا يمكن ان تزول إلا بثورة ثقافية تشمل المثقفين بالدرجة الاولى لانه ونتيجة افرازات الماضي جعل المثقفين ايضاً ابواقاً للنظام يركبون موجة المد البحري القوي الصادر من النظام الحاكم ويحاولون التغطية على ممارساته بل والانكى من ذلك يحاولون فرض ثقافتهم وطمس هوية الشعوب العاجزة والمظلومة .
ان دور الثقافة والفن في اعلاء شأن المجتمع واضح وجلي ودور المثقف والفنان ايضاً واضح في تغيير الواقع المعاش وابداء الغيرة والخوف عليه عبر كافة جوانب ونواحي الحياة .
فالمثقف يدرك ويعي الواقع قبل غيره ويستطيع التكهن بالمستقبل .

فالثقافة والفن   بكل فروعها ونواحيها دوركبير يفرض عليهم  ، ففي عصر النهضة والتنوير في اوروبا  اصبح المثقف والفنان كالشمعة التي تحترق لتنير درب شعوبهم الغارقة في الظلام .

واحياناً اخرى اصبحوا ضحايا لافكارهم في سبيل خير وتطور مجتمعاتهم .

 

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…

عنايت ديكو   الوجه الأول: – أرى أن صفقة “بهچلي – أوجلان” هي عبارة عن اتفاقية ذات طابع أمني وجيوسياسي بحت، بدأت معالمها تتكشف بشكل واضح لكل من يتابع الوضع عن كثب، ويلاحظ توزيع الأدوار وتأثيراتها على مختلف الأصعدة السياسية، الأمنية، والاجتماعية داخل تركيا وخارجها. الهدف الرئيسي من هذه الصفقة هو ضمان الأمن القومي التركي وتعزيز الجبهة الداخلية بجميع تفاصيلها…

اكرم حسين العلمانيّة هي مبدأ سياسي وفلسفي يهدف إلى فصل الدين عن الدولة والمؤسسات الحكومية ، وتنظيم الشؤون العامة بما يعتمد على المنطق، والعقلانية، والقوانين الوضعية بدون تدخل ديني. يتضمن مبدأ العلمانيّة الحفاظ على حرية الدين والمعتقد للأفراد، وضمان عدم التمييز ضد أي شخص بسبب دينه أو اعتقاده. تاريخياً ظهرت العلمانية مع اندلاع الثورة الفرنسية حيث خرجت الطبقة البرجوازية…