على أعتاب الذكرى السادسة: ترميم البيت الكردي أولا

صلاح بدرالدين

يحتفي الشعب الكردي في سوريا وأصدقاؤه من المعارضة الوطنية السورية يوم غد باالذكرى السنوية السادسة لما أسميه بهبة آذار المجيدة وتعرف بما يشبه الاجماع القومي الكردي با ” الانتفاضة  ” وهو أمر لالزوم الى التوقف عنده أو اعتباره قضية خلافية لأن الانتفاضات لاتخلو من الهبات العفوية أو المنظمة الدفاعية أو الهجومية السلمية أو العنفية الجماهيرية أو النخبوية والحالة الماثلة تعفي مستخدمي التعبيرين – الهبة – و – الانتفاضة – من مشقة البحث عن الأدلة – النظرية – ماداما ينطلقان في تعريفها من مفهوم جد متقارب :
 أولا يعتبران الحدث في مستوى المنعطفات التاريخية في حياة الكرد وفي مسيرة حركتهم السياسية .
ثانيا ومايترتب عليها من ضرورات اعادة النظر في طبيعة ووسائل الصراع مع السلطة الشوفينية حتى استعادة الحقوق المشروعة.
 ثالثا العودة الى الجماهير بعفويتها الأصيلة وشجاعتها الفائقة وارادتها الصلبة التي لاتقهر .
رابعا اعادة تعريف الحركة القومية الديموقراطية الكردية بعد أكثر من نصف قرن من انبثاقها على شكل تنظيم حزبي وبعد مرور أكثر من ثلاثة عقود على أول مراجعة فكرية – سياسية لدى انبثاق اليسار القومي الديموقراطي في كونفرانس آب التاريخي وبعد أن اغتنت هذه الحركة وتبدلت وتوسعت من حيث مكوناتها وتياراتها ومفاصلها الأساسية وخارطة قواها المستحدثة وتوازناتها.
 خامسا اعادة تقييم دور الأحزاب بادارتها  المترددة الفاشلة خلال الهبة الدفاعية وقصورها في  رعايتها وتطويرها باتجاه نوع من الحركة السلمية المستمرة نحو عصيان مدني بمختلف أماكن التواجد الكردي حتى تحقيق أهدافها في ازالة أشكال الاضطهاد القومي وانتزاع الحقوق القومية المشروعة حسب ارادة الكرد وعبر تنظيم استفتاء وطني لتقرير مصيره السياسي والاداري في اطار سوريا ديموقراطية موحدة .
سادسا ويستتبع ذلك الكشف عن وظيفة التنظيمات الحزبية الراهنة بسيولتها الزائدة عن اللزوم ومبررات وجودها بهذا الشكل غير المقبول والمعقول من مهرولين ماسكين بأذيال أجهزة السلطة منذ أربعة عقود دون التمكن من اطلاق سراح موقوف واحد فكيف اذا بحل قضية شعب أو مهرولين – جدد – بطبعة مختومة على النهج ذاته ولكن عبر ممرات أخرى مختبئين وراء – أحجية – وواضعين – خرزات زرقاء – للوقاية من سهام الناقدين أو مترددين خانوا أمجاد الزمن الغابر بعد أن أضلهم – نبأ الفاسقين – ثم دارت بهم الأيام السوداء وأخيرا وليس آخرا دزينة متفرجين لهم في كل – عرس قرص – يقتلون الوقت هربا من الملل وهكذا عجزت الأحزاب عن التفاعل مع الحدث الآذاري قبل خمسة أعوام وتخلت عن موقعها – المفترض – ولم تشارك في فهم واستيعاب أسباب ونتائج ومتطلبات مرحلة مابعد الهبة وكأنها تعيش في كوكب آخر لاعلاقة لها بما حدث وليست معنية بتقديم الأجوبة على آلاف التساؤلات التي تتضاعف وتكبر مثل كرة الثلج المتدرجة والتي ستداهم الجميع دون استثناء عاجلا أم آجلا .
 سابعاعلى ضوء عفوية الهبة الدفاعية من جانب الجماهير التي بدأت في القامشلي على حين غرة من دون أن تقوم الأحزاب بواجبها المفترض قبل تنفيذ المخطط باستنفار الجماهير وتوعية الناس وشرح ما يخبأ ويرسم في الظلام ومن ثم اتخاذ الحيطة والحذر لتقليل عدد الشهداء والجرحى على أقل تقدير.
 ثامنا  غياب البرنامج أو خطة العمل الطارئة من جانب تلك الأحزاب أو وضع البدائل وتحويل ماحدث بالقامشلي الى حركة قومية شاملة تغطي من ديريك الى راجو مرورا بمناطق الرقة وكوباني وكل مواقع التواجد الكردي في المدن والعاصمة والمراكز الحضرية بشعارات موحدة وحزمة متكاملة من المطالب والأهداف تندمج فيها الوطني بالقومي والخاص بالعام ومن ثم توسيع الدائرة لتشمل القوى والتيارات العربية الديموقراطية المعارضة لتحقيق العصيان على المستوى الوطني السوري وتخفيف الضغط على الجماهير الكردية وبدلا من ذلك كانت تجتمع سرا مع ضباط المخابرات السورية في – الوكر – اياه وبمعزل عن المقاومين ومن وراء أظهرهم وبهذا الصدد فقد وجهنا النقد القاسي الى التيارات الديموقراطية العربية وبينها من هم أصدقاء ورفاق درب من منطلق الشراكة والمصير الواحد ولكن ذلك لايعفي الأحزاب الكردية على أية حال التي تعلن ليل نهار عن علاقاتها الأخوية المتينة مع الأحزاب والمنظمات العربية السورية وتنخرط مع بعضها في جبهات فاذا صح ذلك نتساءل ماطبيعة تلك العلاقات وعلى أي أساس أقيمت وماموقف السلطة منها ؟
  لسنا هنا في مجال تشريح الأحزاب واستنطاقها لأهداف ذاتية خاصة مبيتة بقدر ما نحاكم وظائفها القومية المفترضة المنصوصة عليها في مناهجها وبياناتها كما لسنا من خصوم العمل الكردي المنظم والسياسي السري والعلني ومابينهما لأنه السبيل – قد يكون الوحيد – الى تحقيق الأهداف والمعبرعن حركة المجتمع المدني ولسنا بالأخير من ناكري التاريخ النضالي للحركة السياسية والحزبية وتضحياتها الجسام من حركة – خويبون – وحتى الحزب الديموقراطي الكردستاني في سوريا وامتداداته فيما بعد التي كنا ومازلنا جزءا منها وخاصة في تحولها اليساري القومي الديموقراطي النوعي في انعطافة الخامس من آب عام 1965 مانحن بصدده يؤكد دور الأحزاب ولايلغيه رغم تراجعه الكبير ولكن بتناول نقدي موضوعي صريح لسلوكها واخفاقاتها وضرورة تجديدها تنظيما وبرنامجا وقيادة واسلوب عمل .
 علينا أن لانغرق في مستنقع التهجم من أجل الاساءة وتخوين الآخر – وبكل أسف يمارسه البعض – ونحن لسنا من أولئك وأن لانضيع في متاهات الجزئيات والانشغال بصغائر الأمور بدلا من كل ذلك من المفيد الاستمرار في البحث والنقاش حول قضايانا المصيرية ومتابعة البحث عن الحقيقة وتقييم ونقد تجاربنا وبخاصة اذا كانت من حجم ومكانة حدث هبة آذار قبل خمسة أعوام وحسنا يفعل المثقفون الوطنييون الغيورون الكرد من الرجال والنساء في تناول الحدث من مختلف الرؤا ولاشك أن ميل الغالبية باتجاه المساهمة في حل الأزمة المتفاقمة في الحركة السياسية وطرح البدائل والتصورات صوب التغيير والتجديد وبكل تواضع أقول لاسبيل أمامنا سوى بذل كل الجهود الفكرية والثقافية والعملية من أجل اعادة بناء البيت الكردي أولا ومن ثم ترميم البيت الوطني السوري تاليا والانتقال بعدئذ الى انجاز الخطوات اللاحقة وبعبارة أوضح البدء بالأهم والمدخل الى ذلك حسب ماأراه هو افتتاح دورة نقاشية جديدة متطورة في تناول مشروعنا الموسوم ” الحركة الوطنية الكردية في سوريا ” بعد توافر عوامل موضوعية وذاتية مشجعة بشأنه وهو كما أراه أثمن وفاء لتكريم شهداء الهبة الآذارية والشهيد معشوق الخزنوي وشهداء نوروز وجميع الجرحى والطلاب الأشاوس الذين حرموا من الدراسة والتحق بعضهم بجامعات خارج البلاد وكل العوائل التي تضررت ولجأت الى ديار الغربة والشتات لأنني لاأرى سبيلا آخر غير ذلك خاصة بعد أن فسرت الأحزاب بعد طول انتظار وترقب – الماء بعد الجهد بالماء  –  حيث تمخضت وعودها فولدت بديلا – مشوها – ومجلسا – أعرجا – .

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

اكرم حسين في خطوة جديدة أثارت استياءً واسعاً في اوساط السكان ، تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي قراراً منسوباً لهيئة الاقتصاد التابعة “للإدارة الذاتية” برفع سعر ربطة الخبز من 1500 ليرة سورية إلى 2000 ليرة سورية ، وقد جاء هذا القرار، في وقت يعاني فيه اهالي المنطقة من تهديدات تركية ، وضغوط اقتصادية ، وارتفاع غير مسبوق في تكاليف المعيشة….

عبدالله ىكدو مصطلح ” الخط الأحمر” غالبا ما كان – ولا يزال – يستخدم للتعبير عن الحدود المرسومة، من لدن الحكومات القمعية لتحذير مواطنيها السياسيين والحقوقيين والإعلاميين، وغيرهم من المعارضين السلميين، مما تراها تمادياً في التقريع ضد استبدادها، الحالة السورية مثالا. وهنا نجد كثيرين، من النخب وغيرهم، يتّجهون صوب المجالات غير التصّادمية مع السلطات القمعية المتسلطة، كمجال الأدب والفن أو…

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…