ندوة حوارية بعنوان (المرجعية الكردية بين الفكرة والتطبيق)

  عن جريدة الوحدة (YEKÎTÎ) *

مع كثرة حالات الانشقاق والخلاف في صفوف الحركة الوطنية الكردية في سوريا منذ تأسيسها، هناك دعوات للوحدة والتآلف والتأطير ، تقف وراءها نفس الشخصيات والقيادات ، إلى جانب المطالبات الدائمة لأبناء الكرد وأصدقائهم بضرورة الإسراع في توحيد صفوف وخطاب الحركة ضماناً لتجميع وتوجيه الطاقات في المنحى الصحيح ، لكن شتان ما بين الدعوات والنيات والأقوال والأفعال.

أطر (تحالف، جبهة…) تأسست وتتلكأ وأخرى فشلت ، وحدات اندماجية نجحت وأخرى تمزقت أو محاولات بقيت قيد النسيان.

تتذكرون أنه في البداية تبنى حزب الوحـدة الديمقراطي الكردي في سوريا (يكيتي) شعار “المؤتمر الوطني الكردي في سوريا “ في اجتماعه الموسع الثاني أواخر أيار 2003، وتقدم بورقة عمل حول تشكيل “مجلس قيادة الحركة الوطنية الكردية في سوريا” أوائل أيار 2004 بدلاً عن صيغة “مجموع الأحزاب” إلى كل الأطراف ، فلم تلق آذاناً صاغية في حينها، إلى أنْ تطورت الأحداث وتغيرت الظروف وأصبحت ترمي بثقلها على كاهل الحركة لتضطر القيادات في البحث عن سبل إيجاد مخرج لأزمتها ، فعادت الاتصالات والحوارات تنشط بين كافة الفصائل تكللت بقبول الجميع في اجتماع لممثلي الأحزاب بتاريخ 15/7/2007 لفكرة عقد مؤتمر وطني كردي تحضره ممثلي الأحزاب والفعاليات الكردية المختلفة وتنبثق عنه تمثيلية بمثابة مرجعية كردية ، واتفقت على رؤية سياسية مشتركة (لم تنشر في حينها) ، لكن الجهود تعثرت من جديد وبرزت الخلافات حول آلية انعقاد المؤتمر ، وبدأت حملة الاتهامات المتبادلة في وسائل الإعلام على خلفية المواقف المسبقة والنيات المبطنة في دواخل بعض مسوؤلي الحركة .

بعدها تراجعت الأحزاب لتتمسك بأطرها السابقة (التحالف، الجبهة ، لجنة التنسيق…) ، وقد جرى خلال الأشهر السابقة حوارات بين تسعة أحزاب حول تشكيل مجلس سياسي من ممثليها ، طال أمدها وسط خلافات برزت هنا وهناك ، فبادر المجلس العام للتحالف الديمقراطي الكردي وفي اجتماع خاص بتاريخ 20/11/2009 وبحضور جمع من الشخصيات المستقلة من خارجه ، إلى الإعلان عن مشروع جديد لعقد مؤتمر وطني كردي في سوريا (المؤجل منذ شهور لإعطاء فرصة لحوارات المجلس كما قالوا ) ، بعد هذا الإعلان بفترة وجيزة ، تم نشر بيان تأسيس المجلس السياسي لتسعة أحزاب كردية دون حلّ أطرها السابقة .
الأخوة الحضور…
لنناقش معاً :
1 – من حيث المبدأ هل شعار ” المؤتمر الوطني الكردي في سوريا ” كفكرة يشكل الحلّ الأمثل والممكن لواقع الحركة الكردية في الظروف الحالية ؟
2 – هل يمكن لأي إطار جامع للأحزاب (مجلس سياسي مثلاً) وبدون اشتراك المستقلين الذين يمكن أن يقوموا بدورهم في تمتين الوشائج وحسم الخلافات وتعزيز الثقة بين الحركة والجماهير ،…أن يشكل مرجعية للشعب الكردي في سوريا ؟
3 – ألا يختصر المجلس السياسي الطريق إلى المرجعية الكردية المنشودة (من حيث أنه يشكل بحد ذاته المرجعية أو أن يشكل مرحلة تمهيدية نحو عقد المؤتمر الذي سيتمخض عنه المرجعية) ، أم أنه إطار للأحزاب كسابقاته من تحالفات .
4- مادام المجلس السياسي المعلن أبدى استعداده للعمل من أجل انعقاد مؤتمر وطني كردي وبحضور الفعاليات ، ما هي سبل الاتفاق الممكنة مع المجلس العام للتحالف للعمل من أجل تحقيق الهدف المشترك المنشود .
5 – من جهة أخرى لماذا لا نقبل بواقع التعددية ونترك حلم توحيد الحركة تحت سقف واحد جانباً ، شرط أن تتفق الأحزاب والأطر الحالية – على الأقل – على نبذ المهاترات وتجاوز الأجندة الحزبية وتقف صفاً واحداً أيام المحن ، ويمكن أن يعلنوا رؤية سياسية مشتركة تشكل خطاباً موحداً لأكراد سوريا .
في الختام نشكر حضوركم لهذه الندوة الحوارية ، ونتمنى لحواراتنا أن تبقَ هادئة وبناءة كي تساهم في تذليل الصعوبات وفي تضافر الجهود صوب التآلف والانسجام وأجواء الثقة بين فعاليات المجتمع الكردي ونخبه الثقافية والسياسية .
شكراً لإصغائكم
أوائل شباط 2010
هيـئة تحريـر صفحات آراء ومواقف

*******

عقدت الندوة في مدينة حلب بحضور عدد من المهتمين وسكرتير الحزب الأستاذ محي الدين شيخ آلي ، وفيما يلي مداخلات البعض منهم :

تمارس السياسة أم الحزبوية…؟!
    حسن جومي
إن حالة التشرذم في الحركة الكردية ، باعتقادي، نابعة عن عاملين أساسيين بالإضافة إلى عوامل أخرى ، الأول : كل الحكومات التي تعاقبت على السلطة في سوريا منذ الاستقلال ، مارست القمع وحجز الحريات وسجن أصحاب الرأي ولم تعرف أي شكل من أشكال الديمقراطية ، والثاني: الخلفية الريفية للقيادات الكردية .
يمكن تطبيق شعار المؤتمر الوطني الكردي في الظروف الحالية، ولم تكن تجارب الأطر السابقة (تحالف- جبهة – لجنة التنسيق) ناجحة، بل عمقت الشرخ في صفوف الكرد، وبالرغم من إبداء المجلس السياسي المعلن المرونة والاستعداد لعقد المؤتمر بحضور الفعاليات، يجب التعامل معه كإطار وبتأني.


التعددية ظاهرة حضارية وديمقراطية ، لكن واقع الحركة الكردية غير ذلك وتعدديتها ليست حالة صحية .

باختصار أطراف الحركة تمارس الحزبوية ولا تمارس السياسة .

لن تكون المرجعية سحراً قادماً…
  ب.

روجين
لكل مرحلة تاريخية خصوصيتها ومفاهيمها ، علينا مواكبة العصر والنظر إلى الواقع كما هو بعيداً عن التصورات والتخيلات التي لا تجدي نفعاً وعن المزاجيات وطرح الشعارات البراقة والتلاعب بعواطف الجماهير .
هناك رؤيتان لـ (المجلس العام للتحالف – المجلس السياسي) بينهما الكثير من النقاط المشتركة ، وما دام هدفهما هو الوصول إلى مرجعية كردية عبر مؤتمر وطني كردي باشتراك المستقلين، ليس هناك أي خطر من اعتماد أحد الرؤيتين كمشروع مسودة تقدم للمؤتمر ويكون قابلاً للتعديل أو التغيير .

ينبغي ترك حرية اختيار المستقلين للأحزاب أو للإطارين بعد الاتفاق على العدد .

ويجب تحديد فترة زمنية للمرحلة الانتقالية .

لن تكون المرجعية سحراً قادماً لتحقيق أماني الشعب الكردي ، وقد تتعرض لهزات وانتكاسات قبل ولادتها أو بعدها.

خطوات ومبادرات ومشاريع
 قيادات الحركة غير مدروسة…
  ب.

روني
يجب معالجة واقع الحركة الكردية المتشرذم برؤية جديدة تتمخض عن واقع الكرد الاجتماعي والسياسي والثقافي والفكري تنسجم مع التغيرات الإقليمية والدولية ، لكن هناك بعض الأحزاب تعيش واقع أفكار الثورة والقومية المغرضة والشعارات البراقة تريد بها التأثير في عواطف البسطاء ، مما يدل على قصور في الإدراك والمعرفة وتبني التفكير الأحادي الجانب المنافي لتعدد الأفكار وثقافة الاختلاف، ولا تريد أن تستفيد من آراء الغير .
أكثرية خطوات ومبادرات ومشاريع قيادات الحركة غير مدروسة بشكل جيد ولا دور للقواعد فيها ، تأتي في دائرة القيادة ارتجالية وأحياناً عاطفية دون أن يكون لها أساس متين.
يجب أن لا يكون هناك شروط مسبقة لإنجاح أي حوار من أجل الوصول إلى توافقات واتفاقات مشتركة خالية من العقد .
إنطلاقاً من الظروف والحقائق الموضوعية والذاتية لواقع الحركة هناك صعوبة لعقد المؤتمر الوطني الكردي يشترك فيها الجميع دون استثناء ، لذلك على أصحاب هذا المشروع انجاز ما يمكن انجازه من أجل تسهيل عملية بناء الجسور والحوارات البناءة مع الآخرين والتأكيد على مشاركة الجماهير الكردية عبر فعالياته المختلفة ، وعدم تفويت الفرصة ، لينبثق عن هذا المؤتمر برنامج سياسي وتنظيمي وميثاق شرف لمنع المهاترات والاتهامات التي لا أساس لها .

الحركة فقدت مصداقيتها…
 برور فراتي
كثرة الانشقاقات في الحركة الكردية من جهة والمهاترات من جهة أخرى ، أفقدتها مصداقيتها بين الجماهير والفعاليات الكردية والعربية ، وكان لابد من طرح مشروع لحفظ ماء الوجه ، وجاء شعار ” المؤتمر الوطني الكردي في سوريا ” متأخراً وللأسف دون فعالية .


وبشأن مشروعي المجلس السياسي والمجلس العام للتحالف، فأحدهما أفضل من الآخر من حيث الشكل والشعار، أما التطبيق والمصداقية فهو شأن آخر، والله يعلم ما في القلوب وتحديداً لدى المسؤولين الأوائل، حيث في جعبتهم الداء والدواء.

من الطبيعي أن يكون هناك أكثر من حزب وأكثر من مجلس ، لكن بشرط الاتفاق والتعاون أيام المحن دون شعارات براقة ومهاترات هنا وهناك ، وذلك بما يخدم مصالح شعبنا .
لدى تصفحي لبيان إعلان المجلس السياسي ، رأيت أسماء أحزاب لم أسمع بها قط ولا أرى رفاق لها في المجتمع الكردي .

لا يمكن تشكيل مرجعية بدون المستقلين…
 روناك كرداغي
لايمكن تشكيل مرجعية كردية موثوقة بها دون اشراك المستقلين الوطنيين فيها ، لكون الأحزاب لاتشكل غالبية المجتمع الكردي ، بل العكس فالغير منتمين إلى الأحزاب هم الغالبية .

التعددية حالة صحية ، ولكن في حالتنا فهي مرضية (ما يقارب 16 حزب لعدد قليل من المنتمين ) مقابل تعداد الأكراد السوريين، وأرى أن الحركة لا تستطيع أن تتوحد ، والدليل أنه في أيام الأزمات التي مرت علينا لم تكن كلمتها موحدة ، يرجع الأمر إلى أن الأحزاب تمثل مجموعة أفراد بذاتهم ولا تشكل حالة مجتمعية (بقليل من الاستثناءات) ، مع احترامي للجميع .

يجب أن لانلغي دور أي مكون…
 زنار هيم
لا أظن أن ” عقد مؤتمر وطني كردي في سوريا ” مجرد شعار تم رفعه ، بل هو دعوة صادقة وحقيقية وأصبحت حاجة ملحة ، ولا يمكن لأي إطار أن يشكل مرجعية دون إشراك المستقلين ، لأنه يبقى يعبر عن حالة حزبية لا يمكن التجرد منها .

فالهدف من ولادة المجلس السياسي هو توحيد طاقات الجماهير للعمل مع القوى الوطنية والديمقراطية من أجل إحداث تغيير ، فإن لم يسعى إلى التمايز في بنيانه وأعماله سيبقى حاله حال التحالفات السابقة ويصبح مهدداً في أية لحظة بالتفكك ، ولكن بوجود دعائم عديدة لن يتمكن أحد من إيقاعه سواء من الداخل أو الخارج.


المجلس السياسي يلقي بالمسؤولية على عاتقه في كل القرارات ويعتبر الأحزاب هي المسؤولة أولاً وأخيراً عن هموم الشعب ، بينما المجلس العام للتحالف ينظر إلى الأحزاب بأنها لا تمثل كافة فئات الشعب لذلك يفسح المجال أمام المستقلين والفعاليات للتعبير عن آرائها ولتشارك في الممارسة وصنع القرار ، أعتقد أن وجهتي النظر تلك تحملان جانباً من الصحة ، يمكن للحوار بينهما أن يصل إلى الأفضل وسيكون التجربة أكبر برهان ، يجب أن لا نلغي دور أي مكون .

أين نحن من المجلس السياسي ؟…
 أناهيتا مراد
واقع الحركة الكردية مؤسف ، يعاني التشرذم والخلافات لا تنتهي ، وقد طرحت أفكار عديدة لمعالجته من أطر وتحالفات ووحدات اندماجية ، دامت لفترة طويلة دون أن تنجح في مبتغاها النهائي ودون أن نستفيد من أخطائنا ، ولم تعد ظاهرة عصرية لإيجاد حل ومخرج للأحزاب من أزماتها التي خلقت حالة من عدم الثقة واللامبالاة وعدم المسؤولية والإستهتار ، وقد تم مؤخراً طرح فكرة عقد مؤتمر وطني كردي في سوريا تنبثق عنه مرجعية كردية عسى أن توحد آراء ومواقف الحركة وتحقق آمال الشعب الكردي ، لكن الواقع المرير يتمثل في أنانية ونرجسية القيادات .

السؤال هو أين نحن من المجلس السياسي ؟…، غيابنا عنه يدل على خلل ما ، يجب الوقوف على أخطائنا ، ثم نتطرق لنواقص غيرنا ، حينها يحق لنا أن نقول أننا تجاوزنا الشرط الذاتي ونستطيع اختيار الطريق الأنسب والأقرب إلى الواقع ، نحو عقد المؤتمر الوطني الكردي وتشكيل المرجعية بوجود المستقلين ، إذ ما هي المشكلة أن يشاركوا في الآراء والمواقف طالما لديهم الاستعداد أن يتحملوا قسطاً من المسؤولية ، أليس هذا حق وواجب قومي ووطني ، وإذا كنا حريصين على قضية شعبنا ، علينا تعزيز الثقة والعمل الحثيث والمتواصل داخل الحزب بين القيادة والقاعدة ومن ثم بين الأحزاب ، لكي لا يصاب أي حزب بكريزة الانشقاقات العشوائية من خلال بذل الجهود بتواضع وتروي وحزم في المبدأ .

لنرفع طلب انتسابنا إلى المجلس السياسي…
زانستي جومي
لا أعتقد أن يختلف اثنان أو أية مجموعة بشرية على التكاتف والتعاضد في سبيل خدمة أبناء جلدتهم ، ولكن قد يختلفون في أسلوب وآلية التنفيذ، مرجحين المصلحة العامة على أية اعتبارات أخرى .
عندما رفع الحزب شعار ” المؤتمر الوطني الكردي في سوريا ” عام 2003 ، قلنا أنه بحاجة لعمل ونضال دؤوب من أجل إقناع الأطراف الأخرى به ، ولم يناقش في حينه حضور ومشاركة المستقلين ، ولكن بعد نقاشات وحوارات عديدة فيما بعد أقرّ بضرورة مشاركتهم في ذلك ، وقد أصبح هذا الأمر كقميص عثمان لا نتخلى عنه مهما كانت الأسباب والمبررات وإن كلفنا ذلك الابتعاد عن الإطار الكردي ، رغم قناعتي بأهمية دور المستقلين ، وحالياً ترى مجموع الأحزاب المنضوية في المجلس السياسي عكس ذلك ولا تستبعد المستقلين إنما تؤجل حضورهم إلى حين انعقاد المؤتمر ، إذا الهدف واحد والاختلاف ينحصر في الأسلوب وآلية التطبيق .
معروف عن حزبنا بأنه حزب التنازلات لأجل المصلحة الكردية العامة ، وبما أن المجلس السياسي قد أعلن عن نفسه وهو مؤلف من تسعة أحزاب ، لا يهم إن كانت كبيرة أم صغيرة، فيجب التعامل معه بإيجابية ولندق أبوابه وإن تطلب الأمر أن نرفع طلب انتسابنا إليه كحزب أو كمجلس عام للتحالف بما يخدم المصلحة الوطنية الكردية ونضع خلافاتنا الحزبية والشخصية جانباً ، ثم نحاول إقناع أطرافه بضرورة إشراك المستقلين في صنع القرار السياسي وما يتطلب ذلك من إجراءات .

أما بصدد التعددية ، أود القول : يجب أن نسعى إلى وحدة خطاب الحركة الكردية أمام الرأي العام الوطني والعالمي ، مهما تعددت الأسباب والخلافات .

لكن في ظل الأجواء الأمنية الضاغطة وعمل السلطة بسياسة (فرق تسد) لإبقاء الحركة متشرذمة وبشتى الأساليب ، الأجدر بنا الرجوع إلى القواعد الحزبية العريضة وتوظيف وتفعيل الإمكانيات الثقافية والسياسية المتوفرة لديها في توسيع القاعدة الجماهيرية من خلال رفع المعنويات ومستوى الإحساس بالمسؤولية وفهم سياسة الحزب وتوجهاته دون إخفاء الحقائق والوقائع عن الرفاق .

وفيما يلي الترجمة العربية
 لمداخلة سكرتير الحزب الشفهية
  في البداية أرحب بكم …
  لقد أمضى الكثيرين من أبناء شعبنا سنين طويلة في النضال دفاعاً عن قضيته العادلة وهذا رأسمال كبير لنا له قيمته التاريخية .


  كخلفية تاريخية للحركة الكردية في سوريا ، فقد أعلن عن تأسيس أول تنظيم سياسي ديمقراطي كردي صيف عام 1957 من قبل الأساتذة (المرحوم عثمان صبري – المرحوم حمزة نويران من الجزيرة “رأس العين” – المرحوم محمد علي خوجة من عفرين “معبطلي” – المرحوم المحامي شوكت نعسان من عفرين “تللف” – رشيد حمو من عفرين “هوبكا” – الدكتور خليل عبد الله من عفرين “كفردله” – حميد حاج درويش من الجزيرة “درباسية” ) في اجتماع تم عقده بمدينة حلب في منزل أحد أكراد عفرين، وتحملوا مسؤولية الإعلان .
  بعد مرور عام في 1958 أعلنت الوحدة المصرية السورية ، وكان يحكم سوريا (الإقليم الشمالي) رجل الأمن بامتياز عبد الحميد السراج – الساعد الأيمن للزعيم الراحل جمال عبد الناصر ، حيث صدر قرار بحلّ جميع الأحزاب ، إلا أن الديمقراطي الكردي والشيوعي والقومي السوري لم يمتثلوا للقرار ، فأصبح البارتي تحت الضربة – اعتقالات بالجملة ، تواري عن الأنظار – ، ومرّ بظروف صعبة ، حيث كان التنقل بين المدن والقرى سيراً على الأقدام .

في هذه المرحلة كانت الطروحات النظرية بين البارتي والشيوعي متقاربة ( ضد الإمبريالية والاستعمار وحلف الناتو…الخ، من أجل الحرية والعدالة الاجتماعية وحقوق المرأة والعمال والفلاحين…الخ) .
  إلى أن حصل الانفصال في أيلول 1961 واشتد الصراع في المؤسسة العسكرية السورية وأعلن عن انقلاب 8 آذار 1963 ، وكان قد صدر قانون الإحصاء الاستثنائي بمحافظة الحسكة عام 1962 – وعلى سبيل الذكر يمكن الرجوع إلى النشرة العربية لجريدة لوموند ديبلوماتيك الفرنسية العدد /1/ آب 2009 التي تضمنت دراسة أكاديمية موثقة عن ذلك الإحصاء.

في 8 آذار 1963 أعلنت حالة الطوارئ والأحكام العرفية من قبل المجلس العسكري ، كلبجت الحياة السياسية في البلاد ، ويكون قد مضى عليها إلى الآن 47 عاماً .
 من 1957 إلى 1965 ، كانت تصدر جريدة الحزب كل (6-7) أشهر بواسطة ورق الكربون وفيما بعد على آلة النسخ اليدوية ، تركز على أن الأكراد لهم لغة وهم شعب ذو تاريخ ، وتقف إلى جانب الإتحاد السوفيتي والثورة العالمية ، وفي كردستان العراق اندلعت ثورة 1961 بقيادة المرحوم الملا مصطفى البارزاني ، كانت شعلةً لنا ، حيث كان اسم (pdk) في العراق وسوريا وإيران وتركيا محظوراً ومن الممنوعات .

كنا نبحث عن جريدة أو مجلة قد ترد فيها كلمة كردي أو كردستاني ، همنا الأساس كان الحفاظ على وجودنا القومي وعدم انصهاره ، وكانت أشعار جكرخوين وعثمان صبري وأغنية “شيخ سعيد” وغيرها المادة الأساسية في الدعوة القومية.
  منطلق حزب البعث قومي ناكر لوجود الأكراد ، حيث كانت طروحات ومقترحات محمد طلب هلال – ضابط الأمن السياسي في الحسكة – مستندة إلى نمط تفكير قومي عنصري ، ترمي إلى وضع خطة لتفريق وتشتيت الأكراد ومحاربة لغتهم وخلق الصراعات فيما بينهم من خلال دعم أوساط من التيار الديني والإقطاع والملاكين على حساب التطلعات القومية لديهم ، هكذا كان الظرف الموضوعي فموقف الدولة والسلطات بكل مؤسساتها سلبي وقمعي تجاه الكرد وحركتهم السياسية ، إلى جانب تخلف المجتمع وتدني مستوى التعليم وضعف التواصل بين المناطق الكردية (كوباني – عفرين – الجزيرة) إلا ما ندر ، لم يكن هناك تواصل مجتمعي وثقافي وسياسي .

في هذا الواقع لم يمت نبض الشعب وكانت كردستان العراق وجهة الأمل لدينا ، حيث شكلت اتفاقية 11 آذار 1970 بين الحكومة العراقية والملا مصطفى البارزاني حافزاً مهماً ، إلا أن غدر الحكومة العراقية وفيما بعد إيران وأمريكا ومن ثم انتكاس الثورة ، أثر بشكل سلبي كبير على الكرد وحركتهم السياسية في سوريا .

في تلك المرحلة من كان يأتي بجريدة “خبات” ويوزعها هنا ، يعتبر نفسه الطرف الشرعي كناحية عاطفية ، أما تشخيص الواقع السوري الاقتصادي والاجتماعي والثقافي والسياسي وكيف يكون الحوار وماذا نريد في سوريا ، لم يكن واضحاً لدى الحركة ، بل كانت في موقع الدفاع عن النفس والتقوقع والسلبية والانعزال عن المحيط ، وتتأثر بمفاهيم وترسبات مرحلة الحرب الباردة من قبيل (ضد أمريكا والغرب والرأسمالية ) والانحياز إلى الكتلة الشرقية والتواصل مع اليسار العالمي ، حيث كنا ندعم بشكل عملي الكفاح الفلسطيني ونقف إلى جانب السوفييت وحلف وارسو ضد قواعد الناتو في تركيا ، هكذا كانت مجمل حركات التحرر في العالم ، كانت المفاهيم خاطئة (الشرق والغرب ، والاشتراكية كلي القدرة لأنه صحيح ، الحزب الطليعي وعدم قبول الآخر…)، ولم تكن مفاهيم (حقوق الإنسان ، المجتمع المدني، الديمقراطية، الحوار والنقاش ، الرأي والرأي الآخر…) واردة ومن يطرحها يتهم بالارتباط بالاشتراكية الدولية أو غيرها ، لقد أثبتت التجربة فشل الاشتراكية في روسيا وبلغاريا وتشيكسلوفاكيا ورومانيا …الخ ، ولم تخدم الاقتصاد والمجتمع .

أن تكون مؤسسات الدولة تحت رحمة السلطة مضرة كبيرة وتخلق السلبيات والمشاكل في العديد من المجالات ولاسيما الاقتصاد بشكل أساسي، وتبين أن اقتصاد السوق الحرّ هو الطريق الأفضل للإبداع والإنتاج ، حيث له ضوابطه في أوربا وتتدخل الدولة في بعض المجالات .

بعد انهيار الإتحاد السوفياتي تغيرت المعادلة وظهرت مفاهيم جديدة كفكر وطرح نظري وسياسي وأصبح لزاماً على الأفراد والأحزاب إجراء مراجعة نقدية لوضعها ، فعاد الأوروبيون إلى صياغة برامجهم من جديد وغيرت العديد من الأحزاب الشيوعية مناهجها (تحول الحزب الشيوعي السوري – المكتب السياسي إلى حزب الشعب الديمقراطي السوري )، حيث تبللور في مجال الفكر اعتماد مبدأ الحوار وقبول الآخر وما هي وظيفة الحزب ، ليس طبقي إيديولوجي إنما حراك مجتمعي .


  الطرح هو قومي ديمقراطي وليس طبقي إيديولوجي متخندق، أي يجب التوجه نحو فعاليات المجتمع والإهتمام بدورها ، صحيح هناك أحزاب (مجازياً، كبيرة كانت أم صغيرة)، يجب التعامل معها واحترام الكل ما دمنا  نريدها مع المستقلين .
  اعتمد شعار المؤتمر الوطني الكردي في سوريا من قبل حزبنا ووافق عليه فيما بعد التحالف الديمقراطي الكردي ، وأصبح بحاجة لخطة عمل ونضال دؤوب لأن المسألة معقدة ، على خلفية أنه لايمكن لأي حزب أن  يشكل تمثيلية مجتمعية بدون فعالياتها ، ليس من حيث الكم فقط إنما تستطيع أن تلعب دوراً رقابياً وتشكل ضمانة لإستمراريتها .

المؤتمر صاحب الصلاحية لإعتماد خطاب (برنامج سياسي ، ميثاق شرف ، ورقة عمل…) وتنبثق عنه ممثلية عن طريق الإنتخاب ، عسى أن تكون مرجعية وتعتمد الشفافية والعلانية ولغة الحوار في عملها ، وليكون ما نريده في سوريا واضحاً ، الموضوع ليس إرضاء الأحزاب .

هناك مرجعيات دينية أو طائفية أو عشائرية ، لكن ما نبتغيه هي ممثلية سياسية (مجازاً سميناها مرجعية) .
  الموضوع ليس إرضاء الأحزاب ، إنما يحتاج الأمر إلى مراجعات نقدية ونبذ أمراض الأنانية ، ومادام مبدأنا هو الحوار ، سنتعامل بإيجابية مع المجلس السياسي ولا يضيق صدرنا منه بصرف النظر كيف تأسس ، وقد وجه المجلس العام للتحالف رسالة خطية إليه تضمنت الدعوة للتعاون فيما بينهما ، فليكن بيننا أي شكل من الحوار والتنسيق ، ومسألة أن الداء والدواء عند الشخص أو المسؤول الأول لا مستقبل لها .
  مشروع المؤتمر لأجل اللغة والقضية الكردية وتعريف فعاليات الوسط السوري بها ، كذا شخص في الممثلية يحملون صوت الأكراد ومطالبهم في ائتلاف إعلان دمشق ومحاورة مختلف فعاليات الحراك السياسي ورئاسة الجمهورية كلما أمكن ذلك ، والتعاطي مع كل الجهات كإطار .

هذا المشروع قومي ديمقراطي ، ولن يلقى النجاح اليوم أو غداً ، نتطلع لأعمال مشتركة مع المجلس السياسي تستمر وتزدهر ، والإستقواء بأحد الأحزاب الكردستانية سيصبح بلاءً علينا وتقع السياسة في المغالطات .


  في هذه المرحلة خطاب حزبنا عقلاني ديمقراطي وله استمراريته ويؤمن بالتواصل والحوار ، الموضوع ليس تنازلات بقدر أنه حرص وشعور بالمسؤولية ، لكن أحياناً ينقلب الأمر بشكل سلبي ويفهم بوجه خاطئ ويستغل أيضاً ، هنا يتوجب المراجعة ، أي إنسان أو جماعة لا تفهم ذاتها وموقعها ستقع في المطبات .
  كحزب ، لم نتخلف عن مسؤولياتنا أيام المحن ، قمنا بدور أساسي ضمن مجموع الأحزاب الكردية أثناء أحداث 12 آذار 2004 ، وكنا سباقين لأي عمل ميداني أو مشترك ، ودفعنا الفاتورة أمام سلوكيات أجهزة الأمن ، لا ننظر إلى كيان الحزب بعين صغيرة ، له حضوره السياسي والجماهيري والتنظيمي في معظم مناطق التواجد الكردي وله تمايزه – مع احترامي لجميع الفصائل – ، وسباق في تعاطيه مع أطراف المعارضة وتأسيس إعلان دمشق ، والنضال في المعترك الوطني الديمقراطي ، وليس من أدبياتنا الدخول في المهاترات .
  مفهوم (سوريا وطن للجميع) أصبح واضحاً لدى الحركة الكردية، فإذا كانت سوريا بخير سنكون بخير ، وإذا صدر قانون للأحزاب عصري وديمقراطي ويحظى بدعم الدولة لها ، سيكون الأكراد أول المستفيدين لأن هناك أرضية والبعض من الديناميكية، فالحزب ليس الهدف إنما وسيلة لتبني برنامج عمل ومسؤولية عن مطالب وخدمة الناس وحياتهم ، ,إذا كان هناك قضاء مستقل واحترام لجموع المحامين ، سنكون أيضاً أول المستفيدين .
  علم سوريا علمنا الوطني ، علينا احترامه والحفاظ عليه ، وأية سلوكيات سلبيات في عيد نوروز تضر به ، يجب أن لا نخلق الحجج والذرائع لعناصر الأجهزة لتقوم بدورها القمعي المعروف.
  في سوريا قضية كردية عادلة ، تزداد أعداد المهتمين بها والمدافعين عنها يوماً بعد آخر .

  وشكراً لإصغائكم

تـنويه : ما ينشر في صفحات “آراء ومواقف” يعبر عن آراء ومواقف أصحابها.

* الجريدة المركزية لحزب الوحدة الديمقراطي الكردي في سوريا (يكيتي) – العدد (199) شباط 2010

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

صلاح بدرالدين مؤتمر جامع في قامشلو على انقاض اتفاقيات أربيل ودهوك الثنائية لسنا وسطاء بين الطرفين ( الاتحاد الديموقراطي و المجلس الوطني الكردي ) وليس من شاننا اتفقوا او اختلفوا او تحاصصوا لانهم ببساطة لن يتخلوا عن مصالحهم الحزبية الضيقة ، بل نحن دعاة اجماع قومي ووطني كردي سوري عام حول قضايانا المصيرية ، والتوافق على المهام العاجلة التي…

شادي حاجي لا يخفى على أي متتبع للشأن السياسي أن هناك فرق كبير بين الحوار والتفاوض. فالحوار كما هو معروف هو أسلوب للوصول الى المكاشفة والمصارحة والتعريف بما لدى الطرفٍ الآخر وبالتالي فالحوارات لاتجري بهدف التوصّل إلى اتفاق مع «الآخر»، وليس فيه مكاسب أو تنازلات، بل هو تفاعل معرفي فيه عرض لرأي الذات وطلب لاستيضاح الرأي الآخر دون شرط القبول…

إبراهيم اليوسف باتت تطفو على السطح، في عالم يسوده الالتباس والخلط بين المفاهيم، من جديد، وعلى نحو متفاقم، مصطلحات تُستخدم بمرونة زائفة، ومن بينها تجليات “الشعبوية” أو انعكاساتها وتأثيراتها، التي تحولت إلى أداة خطابية تُمارَس بها السلطة على العقول، انطلاقاً من أصداء قضايا محقة وملحة، لا لتوجيهها نحو النهوض، بل لاستغلالها في تكريس رؤى سطحية قد…

شادي حاجي القضية الكردية في سوريا ليست قضية إدارية تتعلق بتدني مستوى الخدمات وبالفساد الإداري وإعادة توزيع الوظائف الادارية بين المركز وإدارات المناطق المحلية فإذا كان الأمر كذلك لقلنا مع من قال أن المشكلة إدارية والحل يجب أن يكون إدارياً وبالتالي حلها اللامركزية الادارية فالقضية الكردية أعقد من ذلك بكثير فهي قضية شعب يزيد تعداده على ثلاثة ملايين ونصف تقريباً…