صلاح برواري- السليمانية
تصاعدت مؤخراً، وضمن وطيس حملة الدعاية الانتخابية، وتيرة الخطابات النارية (والخنفشارية) للسيد نوشيروان مصطفى وجماعته في (شركة وشه)، كتلة (التغيير).
السيد نوشيروان وجماعته يتحدثون كثيراً؛ لكنهم في الحقيقة لا يقولون شيئاً!.
يظلون يعلكون الشعارات الطنانة والرنانة، التي لا تسمِن ولا تغني من جوع، مستغلين بساطة بعض المواطنين، الذين ينخدعون بشعاراتهم “الثورجية” لبعض الوقت، ثم لا يلبثون أن ينقلبوا على أعقابهم، عائدين إلى تنظيمهم الأم (الاتحاد الوطني الكوردستاني) فرادى وجماعاتٍ، بعد أن شبعوا من تلك الشعارات الخلـّبيّة.
تصاعدت مؤخراً، وضمن وطيس حملة الدعاية الانتخابية، وتيرة الخطابات النارية (والخنفشارية) للسيد نوشيروان مصطفى وجماعته في (شركة وشه)، كتلة (التغيير).
السيد نوشيروان وجماعته يتحدثون كثيراً؛ لكنهم في الحقيقة لا يقولون شيئاً!.
يظلون يعلكون الشعارات الطنانة والرنانة، التي لا تسمِن ولا تغني من جوع، مستغلين بساطة بعض المواطنين، الذين ينخدعون بشعاراتهم “الثورجية” لبعض الوقت، ثم لا يلبثون أن ينقلبوا على أعقابهم، عائدين إلى تنظيمهم الأم (الاتحاد الوطني الكوردستاني) فرادى وجماعاتٍ، بعد أن شبعوا من تلك الشعارات الخلـّبيّة.
لا أحد ينكر حق هؤلاء الأخوة في الاعتراض والمعارضة، حتى لو كان اعتراضهم ومعارضتهم، لأجل الاعتراض والمعارضة فقط؛ كما هو شأنهم الآن (ولا سيما التشويش على جلسات برلمان كوردستان، للإثبات السلبي للذاتِ المملوءةِ عُقداً!).
لكن ما يحز في النفس، هو تلاعب هؤلاء بعواطف الناس البسطاء، عبر إيهامهم بأنهم قد هبطوا عليهم من كوكبٍ آخر، وأن في أيديهم العصا السحرية، القادرة على إحداث تغييرات متسارعة في حياة الناس، وأنهم سَدَنة التغيير في هذا العصر!، وأن في أيديهم “البف باف” القادر على تنقية الأجواء من الفساد والمفسدين!.
لا أحد ينكر أيضاً، أن لجماعة (شركة وشه) الفضل الكبير في تنقية صفوف الاتحاد الوطني الكوردستاني، إلى حد كبير، من العديد من رموز الفساد والإفساد، عبر احتوائهم في صفوفهم؛ وهذا أمر يُشكرون عليه!.
لكن المضحك المبكي في الأمر، هو قيام هؤلاء الفاسدين والمفسِدين بالذات، بالحديث عن الفساد!؛ وسبحان مُغيّر الأحوال!.
منذ نحو عقد ونيّف، التقيت السيد نوشيروان مصطفى أول مرة في منزل “مام جلال” بدمشق، إبان مرحلة الاقتتال الداخلي المشؤوم.
فوجئت يومها بسبابهِ المقذع للبهدينانيين؛ مع أنه كان يعرف بأني بهديناني، وكنت أجلس إلى جانبه بالضبط!.
وحين اعترضتُ على كلامه هذا، برر ذلك بأنه يقصد حصراً “جماعة البارتي”، حسب تعبيره!.
حينها اقتنعت بعدم جدوى مناقشة هذا الرجل الانفعالي، المضطرب نفسياً وفكرياً؛ والذي يذكـّرني بنمط شريحة معينة من الثوريين الكلاسيكيين، من الذين يبهرهم اجترار الشعارات الثورية العتيقة، التي خلـَّفها الزمن وراءه.
(كاك نوشيروان) شخصية قلقة بامتياز؛ وهو من نمط الثوريين المضطربين والقلقين، الذين يلاقون صعوبة كبيرة جداً، في التأقلم مع مرحلة الانتقال من “الثورة” إلى “الدولة” أو السلطة.
كثيرون يعرفون الثوري الأرجنتيني العالمي “أرنستو تشي غيفارا”، الذي لاقى صعوبة كبيرة في التأقلم مع مرحلة الانتقال من الجبل إلى المدينة، ومن الثورة إلى السلطة أو الدولة.
هذا الثوري الحالم دوماً، بدأ يشكل هاجساً لرفاقه الكوبيين، الذين قاتل معهم لسنوات، لأجل الظفر بهذه السلطة.
بدأ غيفارا ينتقد علانية (الاتحاد السوفييتي)، الداعم والمساند الأول والأساس للثورة الكوبية، في وقت كانت فيه الدولة الكوبية الجديدة تحبو حبواً، وسط بحر من المصاعب الاقتصادية والإدارية والسياسية، ضارباً عرض الحائط، بكل الأعراف الدبلوماسية، المتعارف عليها بين الدول!.
لم يستطع (غيفارا) التأقلم مع مرحلة (الدولة) أو (السُلطة) الجديدة.
بدأ يخلق لها المشاكل، على أكثر من صعيد.
ترك وظيفته الإدارية المرموقة في الدولة الجديدة، متنقلاً سراً- وبرفقة مجموعات مسلحة صغيرة- بين حدود هذه الدولة وتلك، لإحداث وقيادة ثوراتٍ غير ناضجة، حتى من ناحية الظروف الذاتية، فضلاً عن الموضوعية، هناك.
وانتهى به المطاف أخيراً إلى (بوليفيا)، قائداً لمجموعة مسلحة صغيرة، تهدف إلى محاربة (أميركا).
وهناك- في بوليفيا- اصطدم قبل كل شيء بالحزب الشيوعي البوليفي، بدلاً من الاتفاق والتنسيق معه؛ مما أفقده القاعدة الشعبية والجماهيرية اللازمة، لنجاح ثورته تلك.
وانتهى إلى مصير مأساوي معروف.
سردُ هذه الأحداثِ سِراعاً، يكشف لنا جوانب مهمة من شخصية ونفسية وعقلية السيد نوشيروان مصطفى؛ الذي لم يستطع أبداً التأقلم مع مرحلة ما بعد الثورة (مرحلة السلطة).
بدأ يتذمر من كل شيء، وينتقد كل شيء، لسببٍ ومن دون سبب أيضاً!.
شرع يُعكـّر أجواء أي اتفاق ممكن بين (اليكيتي) و(البارتي)، لإدارة السلطة بشكل مشترك في إقليم كوردستان العراق.
بدأ يضع العصي في عجلة أي اتفاق أو تفاهم بينهما، مُذكِياً نار الخلافات القديمة، عبر النفخ في جذوة أي خلافٍ بسيط بينهما.
بدأ يقطع شجرة (الاتحاد الوطني الكوردستاني)، وهو في أعلاها (نائب الأمين العام للاتحاد).
وصل إلى هذا المنصب، وسرعان ما تركه متذمّراً، موحياً للكثيرين بأنه لم يأخذ بعد فرصته التي يستحقها، والمنصب الذي يليق به!.
آخر مرةٍ التقيته فيها، في شتاء عام 2005، في منزله بالسليمانية.
يومها سألته عن سبب عزوفه عن السياسة، واعتكافه المنزل؟.
رد قائلاً إنه آثرَ التفرغ للقضايا الثقافية والإعلامية حصراً.
كدت أقتنع بكلامه، كما اقتنعَت به قيادة الاتحاد؛ التي منحته ملايين الدولارات، لتحقيق رغبته في التفرغ للعمل الثقافي والإعلامي المُزمَع.
وبعد إنشائهِ لشركة (وشه- الكلمة)، أصبحت كلمته العليا السعي بشتى الوسائل الملتوية، لجمع الأنصار والمؤيدين حوله، لتحقيق حلمه الذي أرّقهُ زمناً طويلاً؛ ألا وهو الانتقال من موقع (الشخص الثاني)، إلى موقع (الشخص الأول)، مهما كلفه ذلك، ومهما كان عدد أنصارهِ ضئيلاً!.
وبدأت أناهُ بالتضخم، بشكل يبعث على الحيرة والأسى؛ حتى بلغ الأمر بأحد هَداهيدِهِ مؤخراً، إلى النيل من قدسية بُناة مجد كوردستان “البيشمركة”، في وقتٍ كان فيه “حَبرهُ الأعظم” أيضاً من أبرز رموز “البيشمركايتي”.
من حق البيشمركة أن يقول اليوم: “إذا أتتكَ مذمّتي من “هُدهُدٍ”!؛ فهي الشهادة لي بأني كاملُ”.
مع الاعتذار إلى الشاعر الكبير (المتنبي).
لكن ما يحز في النفس، هو تلاعب هؤلاء بعواطف الناس البسطاء، عبر إيهامهم بأنهم قد هبطوا عليهم من كوكبٍ آخر، وأن في أيديهم العصا السحرية، القادرة على إحداث تغييرات متسارعة في حياة الناس، وأنهم سَدَنة التغيير في هذا العصر!، وأن في أيديهم “البف باف” القادر على تنقية الأجواء من الفساد والمفسدين!.
لا أحد ينكر أيضاً، أن لجماعة (شركة وشه) الفضل الكبير في تنقية صفوف الاتحاد الوطني الكوردستاني، إلى حد كبير، من العديد من رموز الفساد والإفساد، عبر احتوائهم في صفوفهم؛ وهذا أمر يُشكرون عليه!.
لكن المضحك المبكي في الأمر، هو قيام هؤلاء الفاسدين والمفسِدين بالذات، بالحديث عن الفساد!؛ وسبحان مُغيّر الأحوال!.
منذ نحو عقد ونيّف، التقيت السيد نوشيروان مصطفى أول مرة في منزل “مام جلال” بدمشق، إبان مرحلة الاقتتال الداخلي المشؤوم.
فوجئت يومها بسبابهِ المقذع للبهدينانيين؛ مع أنه كان يعرف بأني بهديناني، وكنت أجلس إلى جانبه بالضبط!.
وحين اعترضتُ على كلامه هذا، برر ذلك بأنه يقصد حصراً “جماعة البارتي”، حسب تعبيره!.
حينها اقتنعت بعدم جدوى مناقشة هذا الرجل الانفعالي، المضطرب نفسياً وفكرياً؛ والذي يذكـّرني بنمط شريحة معينة من الثوريين الكلاسيكيين، من الذين يبهرهم اجترار الشعارات الثورية العتيقة، التي خلـَّفها الزمن وراءه.
(كاك نوشيروان) شخصية قلقة بامتياز؛ وهو من نمط الثوريين المضطربين والقلقين، الذين يلاقون صعوبة كبيرة جداً، في التأقلم مع مرحلة الانتقال من “الثورة” إلى “الدولة” أو السلطة.
كثيرون يعرفون الثوري الأرجنتيني العالمي “أرنستو تشي غيفارا”، الذي لاقى صعوبة كبيرة في التأقلم مع مرحلة الانتقال من الجبل إلى المدينة، ومن الثورة إلى السلطة أو الدولة.
هذا الثوري الحالم دوماً، بدأ يشكل هاجساً لرفاقه الكوبيين، الذين قاتل معهم لسنوات، لأجل الظفر بهذه السلطة.
بدأ غيفارا ينتقد علانية (الاتحاد السوفييتي)، الداعم والمساند الأول والأساس للثورة الكوبية، في وقت كانت فيه الدولة الكوبية الجديدة تحبو حبواً، وسط بحر من المصاعب الاقتصادية والإدارية والسياسية، ضارباً عرض الحائط، بكل الأعراف الدبلوماسية، المتعارف عليها بين الدول!.
لم يستطع (غيفارا) التأقلم مع مرحلة (الدولة) أو (السُلطة) الجديدة.
بدأ يخلق لها المشاكل، على أكثر من صعيد.
ترك وظيفته الإدارية المرموقة في الدولة الجديدة، متنقلاً سراً- وبرفقة مجموعات مسلحة صغيرة- بين حدود هذه الدولة وتلك، لإحداث وقيادة ثوراتٍ غير ناضجة، حتى من ناحية الظروف الذاتية، فضلاً عن الموضوعية، هناك.
وانتهى به المطاف أخيراً إلى (بوليفيا)، قائداً لمجموعة مسلحة صغيرة، تهدف إلى محاربة (أميركا).
وهناك- في بوليفيا- اصطدم قبل كل شيء بالحزب الشيوعي البوليفي، بدلاً من الاتفاق والتنسيق معه؛ مما أفقده القاعدة الشعبية والجماهيرية اللازمة، لنجاح ثورته تلك.
وانتهى إلى مصير مأساوي معروف.
سردُ هذه الأحداثِ سِراعاً، يكشف لنا جوانب مهمة من شخصية ونفسية وعقلية السيد نوشيروان مصطفى؛ الذي لم يستطع أبداً التأقلم مع مرحلة ما بعد الثورة (مرحلة السلطة).
بدأ يتذمر من كل شيء، وينتقد كل شيء، لسببٍ ومن دون سبب أيضاً!.
شرع يُعكـّر أجواء أي اتفاق ممكن بين (اليكيتي) و(البارتي)، لإدارة السلطة بشكل مشترك في إقليم كوردستان العراق.
بدأ يضع العصي في عجلة أي اتفاق أو تفاهم بينهما، مُذكِياً نار الخلافات القديمة، عبر النفخ في جذوة أي خلافٍ بسيط بينهما.
بدأ يقطع شجرة (الاتحاد الوطني الكوردستاني)، وهو في أعلاها (نائب الأمين العام للاتحاد).
وصل إلى هذا المنصب، وسرعان ما تركه متذمّراً، موحياً للكثيرين بأنه لم يأخذ بعد فرصته التي يستحقها، والمنصب الذي يليق به!.
آخر مرةٍ التقيته فيها، في شتاء عام 2005، في منزله بالسليمانية.
يومها سألته عن سبب عزوفه عن السياسة، واعتكافه المنزل؟.
رد قائلاً إنه آثرَ التفرغ للقضايا الثقافية والإعلامية حصراً.
كدت أقتنع بكلامه، كما اقتنعَت به قيادة الاتحاد؛ التي منحته ملايين الدولارات، لتحقيق رغبته في التفرغ للعمل الثقافي والإعلامي المُزمَع.
وبعد إنشائهِ لشركة (وشه- الكلمة)، أصبحت كلمته العليا السعي بشتى الوسائل الملتوية، لجمع الأنصار والمؤيدين حوله، لتحقيق حلمه الذي أرّقهُ زمناً طويلاً؛ ألا وهو الانتقال من موقع (الشخص الثاني)، إلى موقع (الشخص الأول)، مهما كلفه ذلك، ومهما كان عدد أنصارهِ ضئيلاً!.
وبدأت أناهُ بالتضخم، بشكل يبعث على الحيرة والأسى؛ حتى بلغ الأمر بأحد هَداهيدِهِ مؤخراً، إلى النيل من قدسية بُناة مجد كوردستان “البيشمركة”، في وقتٍ كان فيه “حَبرهُ الأعظم” أيضاً من أبرز رموز “البيشمركايتي”.
من حق البيشمركة أن يقول اليوم: “إذا أتتكَ مذمّتي من “هُدهُدٍ”!؛ فهي الشهادة لي بأني كاملُ”.
مع الاعتذار إلى الشاعر الكبير (المتنبي).