كلا … كلا .. لقائمة التغيير

علي الاركوازي

التغيير سُنة كونية والاصلاح والتجديد هو دأب المصلحين والمجددين عبر الزمان , يقوم بحمل اعبائها رجال تكون لهم مؤهلات علمية وقيادية يستطيعوا من خلالها ان يقودوا حركات التغيير في مجتماعاتهم وان يثوروا على النظم الفاسدة , ويناضلوا من اجل انتشال المجتمع من الامراض التي تسببت بها ممارسات تلك الانظمة , ودائما يكون الانسان ومسألة اسعاده ورفع العناء والمشقة عن كاهله الهدف الاسمى لتلك الحركات , اما حركات التغيير التي تهدف الى التسلط على هذا الانسان وخيراته وعقله وبالتالي انسانيته تجابه دائما بمقاومة شعبية كما حصل مع اتباع حركة التغيير (گۆڕان) التي حصلت في كردستان والتي حركت مياه التفاعل السياسي الراكدة في تلك البقعة من ارض كردستان منذ زمن.
 ولو عدنا الى اسباب نشوء هذه الحركة نجد ان المحرك الاساسي لها منذ البداية كان الصراع الحزبي والشخصي بين قيادات الاتحاد الوطني الكردستاني على النفوذ و المناصب وعلى الحصص من الموارد المالية , اي ان المحرك الاساسي لم تكن حركة تغييرية منبثقة من القاعدة الجماهيرية لسكان الاقليم , وبالتالي فأن الغرض النبيبل من التغيير والذي هو اسعاد الانسان الكردي ورفع العناء والمشقة عن كاهله لم تتحقق في هذه الحالة .

 ولم تكن حركة التغيير في كوردستان مبنية على اسس منطقية للاختلاف و التي تؤدي في النهاية الى الثورة على الاوضاع الشاذة القائمة كما في كل حركات التغيير في العالم , كما ان قادة التغيير لم يكونوا من نوعية قادة التغيير التي قرأنا وسمعنا عنهم عبر التاريخ فالاخ نوشيروان مصطفى كان والى زمن قريب جزءا فاعلا ومؤثرا في الجهة التي يريد الآن الانقلاب عليها واسقاطها في الساحة الكوردية وبالتالي فأن السلبيات التي يأخذها على الاتحاد الوطني الكردستاني بصفة خاصة كان هو ومن معه الآن جزءا اساسيا في وجودها وكما قيل ( رمتني بدائها وانسلت ) .
نحن نتفق مع الكثير من مؤاخذات الاخ نوشيروان وجماعته على الاوضاع القائمة في كردستان ونؤمن ايضا ان في عصر التحضر والتحرر وقيم الديمقراطية الحقيقية لا مكان لأحزاب وشخصيات سياسية مقدسة فالجميع سواسية امام القانون , و المواطن له الحق في ان ينتقد ويحاسب عن طريق ممثليه في المجالس النيابية والتشريعية , وعلى تلك الاحزاب ان تعي جيدا بأن هدفهم الاسمى يجب ان يكون اسعاد المواطن وتقديم افضل الخدمات له والا سيكون من حق هذا المواطن ان يغيرهم ويأتي بمن هو اقدر واصلح منهم  ومن احزابهم على خدمته , ولكن نختلف مع الاخ  نوشيروان ورفاقه  في امور جوهرية من حقنا عليهم ككرد ان يسمعوها منا ومن حقهم علينا ان نصارحهم بها وهي :
اولا-  ان التغيير الحقيقي يجب ان يكون مبنيا على اسس صحيحة و واقعية وتأتي من رغبة جامحة لاكثرية ابناء الشعب وشعورهم بالحاجة الى هذا التغيير وان لا تأتي ضمن تصفية حسابات في اطار حزبي ضيق مبني على مصالح شخصية يدفع في النهاية المواطن الكوردي اثمانا باهضة لها .
ثانيا – التغيير لا يمكن ان يأتي من اناس شاركوا ولزمن طويل في التسبب بهذا الكم الكبير من  الموبقات وهذا الفساد المالي والاداري الذي يجتاح كردستان والتي يريد الاخ نوشيروان ومن معه ان يغيروها الآن لأن فاقد الشيئ لا يعطيه , فهل اعتذر الاخ نوشيروان او من معه للشعب الكردي على ما تسبب به من سلبيات يريد الآن ان يغيرها ؟؟ .
ثالثا- من اهم مبادئ التغيير هو ان يأتي بجديد للشعب وان يعطي حلولا لمشاكل مستعصية استشرت في جسد النظام السياسي والاقتصادي ونحن رأينا ان  حركة الاخ نوشيروان قد حصل على مقاعد عديدة في برلمان كردستان ومرت فترة طويلة على تسنم رفاقه مناصبهم الجديدة وامتيازاتها المغرية فما هو الجديد او (التغيير) الذي قدموه للشعب الكردي؟؟ , ما هي الحسنات التي على المواطن الكردي ان يتذكرها لهم كي ينتخبهم مرة اخرى , الا اللهم ضربهم على الطاولات داخل البرلمان الكردستاني في تقليد (صيني) لما يحصل احيانا في برلمانات الدول المتحضرة ديمقراطيا ؟؟.
رابعا – من المبادئ الاساسية التي على دعاة التغيير ان يحافظوا عليها والعض عليها بالنواجذ هي ثوابت الشعب, ولكن الذي حصل مع الاخ نوشيروان ورفاقه العكس تماما فرأينا منهم مواقف تشمئز منها النفوس عندما توددوا لاحزاب وشخصيات تجاهر ليل نهار بعدائها للشعب الكردي ولمطالب هذا الشعب المشروعة في العيش الكريم على ارضه والتي من اجلها اريقت دماء زاكية , ويُتمت الاطفال وترملت النساء , فنراهم على وفاق مع اثيل النجيفي وقائمة الحدباء, ويغازلون الجبهة التركمانية , ويتطاولون على البيشمركه رمز نضال الكرد ومفخرة شعبهم , ويريدون الحفاظ على الهوية العراقية لكركوك بالرغم من علمهم من ان كركوك كردستانية ومن اجل كردستانيتها حارب نوشيروان ورفاقه سنين طويلة واليوم يساهم في نزع تلك الهوية عنها فما عدى مما بدى ؟؟؟ .
اننا نرى ان الخاسر الاكبر من كل هذا العبث الذي يجري بأسم التغيير هو شعب كردستان ومستقبله , وستكون نتائجها مخيبة لآمالهم .

ان اعداء الكرد يتمايلون طربا لما يرونه من تراشق اعلامي واتهامات بالخيانة واللصوصية لقيادات واحزاب قارعت الدكتاتورية عقودا طويلة قد نختلف مع سياساتهم وننتقد بعض تصرفاتهم ونطالبهم بالحد من الفساد المالي والاداري في مؤسسات حكومة الاقليم ولكن لن نكون مطلقا اداة لاضعافهم في بغداد , وان ترتيب واصلاح البيت الكردي لا يكون بهذه الطريقة التي يريدها الاخ نوشيروان ورفاقه لانها وببساطة عبارة عن خداع لشعب مسكين يتلاعب بمقدراتهم مجموعة استغلت اوضاعا سياسية واقتصادية صعبة ليحققوا مصالح شخصية لا علاقة لها بالتغيير الحقيقي الذي تطالب به الجماهير الكردستانية , والتي تتمثل بالقضاء على الفساد المالي والاداري وتحقيق العدالة الاجتماعية وترسيخ مفهوم الديمقراطية والتداول السلمي للسلطة  والحفاظ على الثوابت القومية للشعب الكوردي و بقاء الصف الكردي موحدا وقويا في مواجهة غربان الشوفينية الذين يتربصون بنا الدوائر ويتحينون الفرص للاجهاض علينا مرة اخرى لتكملة ما بدأه قائدهم الضرورة .
لذا اقولها وبالقلم العريض  كلا..كلا..

لقائمة التغيير.
كردي مستقل
Ali_Alarkawazi@hotmail.com

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…

عنايت ديكو   الوجه الأول: – أرى أن صفقة “بهچلي – أوجلان” هي عبارة عن اتفاقية ذات طابع أمني وجيوسياسي بحت، بدأت معالمها تتكشف بشكل واضح لكل من يتابع الوضع عن كثب، ويلاحظ توزيع الأدوار وتأثيراتها على مختلف الأصعدة السياسية، الأمنية، والاجتماعية داخل تركيا وخارجها. الهدف الرئيسي من هذه الصفقة هو ضمان الأمن القومي التركي وتعزيز الجبهة الداخلية بجميع تفاصيلها…

اكرم حسين العلمانيّة هي مبدأ سياسي وفلسفي يهدف إلى فصل الدين عن الدولة والمؤسسات الحكومية ، وتنظيم الشؤون العامة بما يعتمد على المنطق، والعقلانية، والقوانين الوضعية بدون تدخل ديني. يتضمن مبدأ العلمانيّة الحفاظ على حرية الدين والمعتقد للأفراد، وضمان عدم التمييز ضد أي شخص بسبب دينه أو اعتقاده. تاريخياً ظهرت العلمانية مع اندلاع الثورة الفرنسية حيث خرجت الطبقة البرجوازية…