ما معنى أن يحتفي المجلس السياسي بذكرى البارزاني الخالد ؟

زيور العمر

في خطوة تثير, ضمناً و شكلا ً, شكوكا عدة حول أهمية إحياء ذكرى البارزاني الخالد من قبل أحزاب المجلس السياسي , و أهداف الأتفاق , و خلفيات مقريه , في أجواء تنبئ , بخلافات و إختلافات في شأن المناسبات الأخرى الأكثر الأهمية و ذات مغزى بالنسبة الى الشعب الكردي في سوريا , هي من قبيل ذر الرماد في العيون , و الإيحاء أن أحزاب المجلس بإستطاعتها الإتفاق و لو على  إحياء مناسبة غير خلافية بين القوى السياسية , و كأن المطلوب هو إثبات عكس ما يعتقد به الجمهور , و هو أن هذه الأحزاب لا تستطيع الإتفاق على شئ , يفيد النضال الكردي .
سكرتير إحدى أحزاب المجلس, لم ينفي عدم التوصل بعد , الى شكل و كيفية إحياء المناسبات الأخرى ,  بعد أن كانت في يوم ما محطات مثيرة في تاريخ الشعب الكردي , جعلت من قضيته , ترتقي سلم الإهتمام الداخلي و الإقليمي على أقل تقدير , إلا أن إفراغ تلك المحطات من مضامينها , و محاولات إمحاء آثارها من ذاكرة الشعب , أفضت بها الى مجرد مناسبات قد تصبح في المستقبل البعيد أساطير , تشكك الأجيال القادمة في صحتها و جديتها .
الإنتفاضة الآذارية و بداية تسجيل وقائعها و أحداثها في 12 من شهرها , لم يكن محل إتفاق المجلس السياسي للأحزاب الكردية , و قد لا تتفق أحزابه على شكل إحياءها , ناهيك عن تفعيل معانيها و مضامينها الإنسانية و الديمقراطية , عندما هب جميع أطياف و مفردات المجتمع الكردي , في موجة واحدة , ترفض الظلم و الإضطهاد بحقها .

تتفق هذه الأحزاب على إحياء ذكرى البارزاني الخالد لأنه لا يجرء أحد على رفض الإقتراح (مصدره البارتي) ليس لمجرد عدم أهميته , خاصة و أن آذار ـ كرديا سوريا ـ بات يزخر بالمناسبات من صلب و ظهر أبناءها , و إنما خشية الوقوع في فخ الأخ الكردستاني , بعد أن باتت العلاقة معه , تحتكم الى قانون العرض و الطلب , في بازار سياسي فاضح , كشفت عن شروطه و أصول التعامل فيه , واقع و مآلات التواجد الكردي السوري , الغير السار , على أراضيه , منذ أن اصبح له , دويلة و برلمان و حكومة .
و إلا ما معنى الإتفاق السريع , و الغير قابل للنقاش , حول إحياء ذكرى البارزاني , في حين أن الأنظار تتجه هذا العام صوب ما سيفعله و يقوم به المجلس السياسي حيال إستحقاقات شهر آذار , فيما يتعلق بتسجيل موقف واضح و صريح من إستمرار سياسات القمع و الإضطهاد التي تنتهجها السلطات السورية بحق الشعب الكردي في سوريا , و ما أكثرها في المرحلة القريبة الماضية ؟ لا شك أن هذه الأحزاب , سواءا ً في المجلس أو خارجه , لن تبخل جهدا ًمن أجل أن تمر كل الذكريات و المناسبات في آذار مرور الكرام , من قبيل حدث و مضى .
إلا يعني هذا , أن المجلس الذي يحاول أصحابه التسويق له , إعلاما ً و جمهورا ً , هو كتلة هلامية , لا تملك ذوق و طعم سياسي , يمكن تمييزه عن المذاقات المعروفة في مشهدنا السياسي  الكردي , و بالتالي ألا يدفعنا هذه الحال الى الإعتقاد بأن  تشكيله , كان بالأساس حاجة حزبوية لأصحابه, منها حاجة نضالية و جماهيرية , تقتضيها ظروف الإستبداد و القهر التي يأن تحتها شعبنا , و إلا كيف يمكن تفسير تقاعس هذا الوليد الحديث العهد , عن إثبات عهوده و وعوده التي لم تجف حبر كتابتها بعد .
و بغية إثبات عكس الواقع , فإن هذا المجلس لن يتوان عن إستيراد العديد من المناسبات , و إحياء العديد من الذكريات من كردستان العراق , بهدف التغطية على عجزه عن القيام بمسؤولياته تجاه إستحقاقات و تحديات ساحته الأساسية .

لذلك من المتوقع أن نشهد إحتفالات ميلاد البارزاني الخالد , و ذكرى رحيله , و ذكرى إندلاع ثورة أيلول, و إستذكار فجيعة فشله , فضلا ً عن مناسبات تأسيس الديمقراطي الكردستاني , و البرلمان الكردستاني ووو غيرها .
لذلك ليس من المتوقع أن نشهد أي مظهر من مظاهر النهوض في الأيام الآذارية القادمة , سوى مناكفات معتادة بين حلفاء/فرقاء سياسيين كرد , حول نية هذا الطرف و إستنكاف ذلك الطرف , عن القيام بما هو مطلوب و اجب في هذه المرحلة , و كل ذلك على مذبحة إبقاء الكردي في سوريا , مشدودا ً بخيط أمل لن يظهر , طالما أن هذه الأحزاب باقية جاثمة على صدره , تعربد و تعبث بمصيره و مستقبله .

2/3/2010

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

تحيَّة طيّبة وبعد: انطلاقاً من حقيقة كون الشّعب الكُردي يشكّل جزءاً أصيلاً من النَّسيج البشري للمنطقة عموماً ومن النّسيج المجتمعي لسوريا على وجه الخصوص، وكون هذا الشَّعب قد تعرَّض لظلمٍ تاريخيٍّ لا يمكن تجاوزه بصمت، نتوجّه إليكم بوعي عميق تجاه سوريا الجديدة وقضيَّة الشّعب الكُردي لنعرض أمامكم الآتي: قبل سقوط نظام البعث/ الأسد، كلَّما حاولتِ النُّخب الكرديَّة في سوريا الحديثَ…

ريزان شيخموس شهدت سوريا تطورًا تاريخيًا غير مسبوق مع سقوط نظام بشار الأسد، الذي استمر في السلطة لأكثر من خمسة عقود، محكمًا قبضته الحديدية على البلاد. هذا الحدث لم يكن مجرد نهاية لنظام استبدادي بل بداية لتحولات جذرية تحمل في طياتها تحديات وفرصًا كبيرة، على المستويات المحلية والإقليمية والدولية. شكل سقوط نظام الأسد نقطة تحول في المشهد السوري الداخلي….

حسين جلبي لم تؤسس قسد للدفاع عن الكُرد، بل أسسها الأمريكيون لقتال تنظيم داعش، وبذلك تعتبر مجموعة مرتزقة تتلقى المال والسلاح من الأمريكيين لتحقيق مصالح أمريكية، قرارها في القتال بيد الأمريكيين. لم تخض قسد معركة واحدة للدفاع عن الكُرد، وكل المعارك التي خاضتها كانت ضمن الأجندة الأمريكية لمحاربة تنظيم داعش. لم تدافع قسد عن الكُرد في معارك مفصلية مثل عفرين…

إبراهيم اليوسف ما أن تسقط الأنظمة الدكتاتورية بعد عقود من القمع والدماء، حتى تبدأ الأسئلة الكبرى بالظهور حول مستقبل المجتمع وما خلفته تلك السنوات من أزمات نفسية، اجتماعية، وسياسية. إذ أنه وبعد أربع عشرة سنة من القتل والدمار، انهار النظام السوري، كما كان متوقعاً، تحت ثقل الجرائم التي ارتكبها، متوهماً أن وصفة القمع التي ورثها عن أبيه ستظل…