نعم للإصلاح والشفافية لاللفساد والتوريث.. الإصلاح في الحزب الديمقراطي التقدمي الكردي… لماذا ؟؟؟؟

  الدكتور لقمان حسين

لقد شهد العالم في العقدين الأخيرين تطورات هامة في اتجاه نشر القيم الديمقراطية و ثقافة حقوق الإنسان ونبذ الفكر الشمولي المؤسس لقيادات أبدية مستبدة والتي طالما شكل وجودها عقبة كبيرة في نشر هذه المبادئ الديمقراطية ونشطت في هذا المجال العديد من المنظمات والمؤسسات الدولية الداعمة لحقوق الإنسان وحق الشعوب في تقرير مصيرها وتهاوت العديد من الأنظمة الاستبدادية في العالم حتى أصبح عدد الأنظمة الديمقراطية الليبرالية الآن أكثر من أي وقت مضى وهو يتزايد منذ مدة دون توقف حتى أن البعض من المفكرين يتوقعون بأن هذا التوجه سيستمر في المستقبل إلى الحد الذي ستصبح فيه الدول الديمقراطية الليبرالية المقياس العالمي لشكل المجتمع البشري وهذا التنبوء يمثل جوهر نظرية فرانسيس فوكوياما “نهاية التاريخ”
وإذا كنا نحن الكرد ننشد قيم الحرية والديمقراطية بسبب معاناتنا التاريخية من سياسات الإنكار والتهميش والقمع فحري بنا أن نكون ديمقراطيين فيما بيننا ونحترم الرأي الآخر وان نفسح المجال لتفاعل الآراء داخل التنظيمات الكردية وان نعمل جميعا لنشر ثقافة الولاء للقضية التي تجمعنا وليس الولاء لإفراد متربعين على عرش القيادة يتصرفون وفق أهوائهم ضاربين عرض الحائط كل المبادئ والقيم الديمقراطية التي قامت عليها أحزابنا الكردية.
أردت من هذه المقدمة أن أعقب على الأزمة التي تفجرت مؤخرا في الحزب الديمقراطي التقدمي الكردي في سوريا والتي جاءت بعد خلافات حزبية طويلة غير معلنة  لعلها أعادت للأذهان أهمية التغير الديمقراطي في تنظيمات الحركة الكردية وضرورته درءا للانقسام و التشتت.
فقبل انعقاد المؤتمر الثالث عشر للحزب الديمقراطي التقدمي في سوريا , كان الرفاق والأصدقاء يتوقعون منه نتائج مبشرة والتي لعلها تضع حدا للمشاكل العديدة التي يعاني منها الحزب كبدء نهج جديد قائم على مفاهيم الإصلاح والتغيير التي يمكن أن تعيد التوازن إلى علاقات الحزب الكردية والوطنية والكردستانية, إلا إن النتائج كانت مخيبة للآمال فجاء البيان الختامي للمؤتمر خاليا من أية إشارة نقدية إلى أداء الحزب المتراجع في المرحلة السابقة وعلى مختلف الأصعدة التنظيمية والسياسية والإعلامية والجماهيرية وكأن الأمور بخير وعلى مايرام فمثلا لم يتم الوقوف على أسباب انهيار التحالف الديمقراطي ولم يتم محاسبة مسؤولي مكتب
السليمانية وتصرفاتهم تجاه الرفاق والطلبة ووضع حد للتصعيد الإعلامي خلال أزمة التحالف لدفع الأمور نحو نقطة اللاعودة وغيرها من القضايا السياسية والتنظيمية كما أن القرارات المزاجية لسكرتير الحزب (وخاصة في الفترة الممتدة بين المؤتمرين الثاني عشر والثالث عشر لحزبنا) وصلت إلى حد محاولة تجميد منظمات حزبية بأكملها كما حدث في منطقة عامودا وتحديدًا في نوروز عام 2007 وبذرائع مختلقة وضيق أفق لكن الجديد في هذا المؤتمر كان محاولة البعض وبتوجيه مباشر من سكرتير الحزب تصفية الأستاذ فيصل يوسف العضو القيادي في الحزب (و بحجج وذرائع واهية مفتقدة للأدلة والبراهين) إضافة إلى مجموعة أخرى من كوادر الحزب والتي لطالما ظلت خلال الفترة الماضية مطالبة بالإصلاح والشفافية والتغيير وإيجاد أفضل السبل الممكنة  للتلاقي والتفاهم مع الحركة الكردية وعندما اخفق الساعين إلى  ذالك داخل المؤتمر أكملوا المهمة بعد المؤتمر مباشرة والتي توجها السكرتير بقرارات فصل ارتجالية لاتعود للشرعية بأي شيء .
إن الدعوة إلى الإصلاح في الحزب ليست جديدة وإنما بدأت في المؤتمر العاشر للحزب وفي المؤتمرات والمحطات الحزبية اللاحقة وكانت تواجه دائما بتهم جاهزة من قبيل أن الداعين للإصلاح إنما يريدون تنحية سكرتير الحزب وان الوقت لم يحن بعد لذلك أو أن الحزب سينشق عن نفسه إذا تم تبني الإصلاحات الديمقراطية والشفافية وهذه التبريرات كانت تولد في نفوس الرفاق الخوف والهواجس (في ظل الانقسام المفرط للحركة) مما كان يدفعهم إلى طلب التريث وتأجيل هذه المطالب إلى وقت أخر , وهكذا إلى أن جاء المؤتمر الثالث عشر وقطع الطريق مجددا على المشروع الإصلاحي ومحاولة تصفية مؤيديه أثناء المؤتمر وبعده والتي تجسدت في الإجراءات القرقوشية للسيد السكرتير وقيادته الحكيمة؟؟!!
إن الغاية من إجراءات السكرتير الأخيرة وإصداره الفرمانات ما هي إلا محاولة يائسة لقطع الطريق على المشروع الإصلاحي الذي يزداد مؤيدوه في صفوف الحزب يوما بعد يوم ودفع الحزب باتجاه الحالة الانشقاقية الممهدة والمناسبة لاستكمال مشاريع السكرتير في التأبيد والتوريث.
إزاء هذه النتائج السلبية للمؤتمر والقرارات الأخيرة فأن دعوة الكوادر الإصلاحية لم تأتي من فراغ لأن الحزب بالفعل بحاجة للإصلاح ولقد اثبت السيد سكرتير الحزب ومن خلفه بعض من ذوي المصالح الشخصية أنهم بعيدون كل البعد عن إيجاد أفق ومستقبل للحزب للمرحلة القادمة وهكذا وبكل بساطة وبجرة قلم يتم شطب تاريخ مجموعة من كوادر الحزب متوهمين بأنهم سيدفنون المشروع الإصلاحي والى الأبد والكرة الآن في ملعب الرفاق والكوادر في الحزب المخيرين بين الولاء للقضية أو الولاء والتبعية (للقائد الضرورة)…؟؟؟؟؟؟.

بقي أن انوه إن الظاهرة الحالية في التقدمي وأسلوب تعامل السكرتير مع الكوادر تضع الحركة الكردية والوطنية والمثقفين على المحك فكيف يمكن تمرير هذا التصرف من قبل السيد السكرتير الذي يدعي قيادته للمعارضة السورية (التي تطالب بالتغيير الديمقراطي) مع كوادر الإصلاح داخل حزبه, سؤال برسم الإجابة ….!!!!!! ؟؟؟؟؟؟

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…

عنايت ديكو   الوجه الأول: – أرى أن صفقة “بهچلي – أوجلان” هي عبارة عن اتفاقية ذات طابع أمني وجيوسياسي بحت، بدأت معالمها تتكشف بشكل واضح لكل من يتابع الوضع عن كثب، ويلاحظ توزيع الأدوار وتأثيراتها على مختلف الأصعدة السياسية، الأمنية، والاجتماعية داخل تركيا وخارجها. الهدف الرئيسي من هذه الصفقة هو ضمان الأمن القومي التركي وتعزيز الجبهة الداخلية بجميع تفاصيلها…

اكرم حسين العلمانيّة هي مبدأ سياسي وفلسفي يهدف إلى فصل الدين عن الدولة والمؤسسات الحكومية ، وتنظيم الشؤون العامة بما يعتمد على المنطق، والعقلانية، والقوانين الوضعية بدون تدخل ديني. يتضمن مبدأ العلمانيّة الحفاظ على حرية الدين والمعتقد للأفراد، وضمان عدم التمييز ضد أي شخص بسبب دينه أو اعتقاده. تاريخياً ظهرت العلمانية مع اندلاع الثورة الفرنسية حيث خرجت الطبقة البرجوازية…