بشرى سارة إلى مواطني كردستان العراق . . !!

بابليسوك حسين

يحقُّ ـ منذ هذا اليوم ـ لمواطني كردستان العراق من الكرد والتركمان والعرب ، والإيزيديين والكلد آشوريين والأرمن والصابئة والمندائيين وغيرهم .

أن يزيلوا عن وجوههم آثار المعاناة والمآسي ، ويسدلوا ستائر سميكة بينهم وبين عقودٍ من سياسات السحق ، والحرق ، والمحق .

.

وأن يخرجوا فرادى وجماعات مهللين ، مكبرين ، مزغردين معلنين ، بأنَّ الفتح المبين قد أضحى قاب قوسين أو أدنى ، وأنَّ القضايا المستعصية في كردستان قد أشرفت على الحلِّ .

.

وأنَّ بعثات علمية متقدمة ، ومتخصصة في كافة المجالات الحيوية قد تخرجت من أرقى المعاهد العلمية في الولايات المتحدة الأمريكية ، وأعرق الجامعات في الإتحاد الأوربي ، جاءت لتساهم في إيجاد أفضل الوسائل والطرق للتطور والتقدم ، وتولي الإهتمام بالفكر المعاصر ، بهدف التخلص من أوهام الخرافات والخزعبلات ، وتنقذ العباد من بين براثن الخلافات المذهبية والطائفية البغيضة .
وعليهم أيضاً أن يصيخوا السمع بعمق ، ويعطوا كلَّ مشاعرهم وأحاسيسهم للبشرى السارة التي أعلنتها ” رابطة خريجي الأزهر ” ، بمناسبة إنهاء عشرين من ” دعاة كردستان ” العراق دورة تدريبية في جامعة الأزهر لمدة عامين ، والتي اختتمها وزير الأوقاف المصري الدكتور محمود  حمدي زقزوق بقوله : ” إنَّ مصر تؤمن بالتعددية الدينية والثقافية ، وترحب بوجود المذاهب الإسلامية كافة من دون انحياز لمذهب على حساب الآخر .

.

” .
عشرون من الدعاة الفطاحل قضوا عامين كاملين في تلقي ثقافات مستقاة من كتب صفراء ، تزرع اليأس في النفوس ، وتعزز الرعب والهلع في القلوب ، وتحض المتلقي على معاداة كل من لايتفق معه في الرأي ، وتعبئه بمحاربة كلِّ فكرٍ متجدد لايتناغم وثقافته القروسطية ،  وتجعله ساطوراً متعطشاً للدم الآدميِّ ، يقتل الكل ، ماداموا قد وصموا بالكفر والإلحاد .
عشرون من ” الفكوك المفترسة ” التي دربتهم ، وصاغتهم الأزهر ، كما صاغت من قبلهم عشرات الآلاف من هذه الفكوك التي افترست  ” براعم النهضة ” العربية في مهادها ، وأنتجت ومازالت تنتج مثل هذا العدد ليعيثوا في الأرض خراباً وفساداً ، وليخمدوا إشعاعات الخلق والإبداع على طول العالم الإسلامي وعرضه .

وقد أشرنا في حينه ـ في مقال بعنوان كردستان العراق بين التجاذبات العلمانية ، والإسلاموية السياسية ـ إلى خطورة ما أبرم ـ في حينه ـ بين وزارة الأوقاف في كردستان العراق ، وبين  جامعة الأزهر بتاريخ  الثاني عشر من  الشهر السادس لعام ألفين وسبعة  :  ” .

.

إن جامعة الأزهر ستفتح معهداً لها في مدينة إربيل عاصمة كردستان ، كما ستقبل في العام الدراسي االقادم من الطلبة الكرد في مختلف كلياتها وأقسامها لنيل الشهادات العليا  ” .
فهل كانت كردستان العراق بحاجة إلى طلاب يكون دأبهم تمثُل ثقافة عمرها أكثر من ألف وأربعمائة عام ؟ .

وليس هذا فحسب ، بل البقاء في رحاب وظلال ثقافة تلك العصور بكل آلامها وأوجاعها ، ثم العمل والإصرار على اسقاطها على عصر متحرك ومتبدل وفق قوانين اقتصادية براغماتية ، تتطلب الكثير من الوعي المتجدد والمتحفز لاستيعاب كل جديد .


ولهذا كان يفترض بوزارة الأوقاف في كردستان العراق إيلاء الإهتمام برجالات الدين بين ظهرانيها من جميع الأديان ، وكافة الطوائف والمذاهب ، لتعلمهم معايير دولتها التي تقوم على أساس القانون ، وتتبنى النظام الديمقراطي القائم على مبدأ المواطنة التي تجعل كلَّ مواطنيها على اختلاف أصولهم ، أو معتقداتهم ، أو أفكارهم ، أو  دياناتهم ، متساوين في الحقوق المدنية والسياسية القائمة على ركائز الحرية  ، والعدالة ، والمساواة تحت خيمة { التسامح } ، لا أن تبعثهم إلى أشدِّ المراكز الدينية أصولية وسلفية .
كان يفترض بها ـ بدلاً من الجري المحموم وراء االقضايا الأخروية وتعقيداتها ، وتشابكاتها ، والتي يمكن اختزالها وتبسيطها ب ” علاقة الفرد بربه ” من  دون ترتيب وتوضيب وتشذيب ، ومن دون قهر وقسر وترعيب ـ توظيف جل جهودها مع الوزارات الأخرى لاستيراد وإنتاج أفضل الأفكار والمفاهيم ، وتهيئة أجيال فكر وعلم ، ليعملوا منذ اليوم على فتح الأبواب والنوافذ لاستقبال جحافل الضوء والدفء  ، والنماء والحياة .


أجيال يكون جل همها ، تجديد وتبعيث الحركة والحياة في مفاصل الحراك السياسي ، والإقتصادي ، والثقافي ، والإجتماعي  .

بهدف إبعادها عن مواطن التكلس ، والتيبس ، والإجترار ، والتراوح ، درءاً لمخاطر التفتت  ، والتبعثر ، والتشظي .

مسؤولية الرئاسة والحكومة والمؤسسات في كردستان العراق كبيرة ، وكبيرة جداً .

.

ولأنَّ المستقبل المزدهر في كردستان في قادم الأيام سيتحقق من المقدمات الصحيحة التي تثبت اليوم بيد العظماء ، والحكماء ، والعلماء ، والمفكرين .

أما دون ذلك فرغوة ، وغثاء ، وزبد ، أبطالها البلاهاء ، والأغبياء ، والسفهاء .

13 ـ 1 ـ 2010

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…

مصطفى جاويش بعد مضي عام على معركة ردع العدوان وعلى سقوط النظام السوري ووصول احمد الشرع الى القصر الرئاسي في دمشق بموجب اتفاقيات دولية واقليمية بات الحفاظ على سلطة الرئيس احمد الشرع ضرورة وحاجة محلية واقليمية ودولية لقيادة المرحلة الحالية رغم كل الاحداث والممارسات العنيفة التي جرت ببعض المحافظات والمدانة محليا ودوليا ويرى المجتمع الدولي في الرئيس احمد الشرع انه…

ماهين شيخاني مقدمة يواجه الشعب الكوردي في سوريا منذ عام 2011 تحولات سياسية وأمنية عميقة، أفرزت بيئة معقدة تتداخل فيها عوامل داخلية وخارجية. وفي ظل غياب تسوية سياسية شاملة، برزت ثلاثة أطراف رئيسية تركت أثراً مباشراً على مسار القضية الكوردية وعلى الاستقرار الاجتماعي والسياسي في مناطق توزع الكورد. هذا “الثالوث” يشمل الجماعات المتطرفة، والإدارة الذاتية، والمجلس الكوردي، وكلٌّ منها يمتلك…

حسن مجيد في الوضع الكوردي العام وبشكل خاص في إقليم كوردستان العراق كل أصناف المعارضة مرفوضة وخاصة المسلحة منها فالقيام بأعمال الشغب حتى لو لم تكن مرتبطة بأجندات إقليمية أو خارجية فقط يحق لك أن تعارض ضمن مجالات حرية الرأي والتعبير . إن النيل من المنجز بطرق غير شرعية وتخريبية تخدم المتربصين والذين لايريدون الخير للكورد . الواجب الوطني…