عن الحكم الذاتي لكردستان سوريا: لماذا نسأل من عارضه ؟

زيور العمر

منذ « إنتهاء» المؤتمر السادس لحزب يكيتي الكردي في سوريا , كما أعلن عنه الحزب , قامت الغرف الكردية على الإنترنت , حتى الآن , بإستضافة قيادي من الحزب , من أجل شرح و توضيح , ظروف و خلفيات إقرار المؤتمر السادس للحزب , الحكم الذاتي لكردستان سوريا , كحل للقضية الكردية في سوريا , و علمت من خلال المواقع الكردية , عزم غرفة أخرى إستضافة فؤاد عليكو سكرتير الحزب من أجل الإستماع إليه في نفس القضية , و هو الأمر الذي قد يبدو للعديد من المتتبعين و المهتمين بالشأن الكردي في سوريا أمراً طبيعيا
 أي من جهة , قيام قيادة أي حزب , بشرح المواقف و القرارات الجديدة , التي إتخذها المؤتمر العادي للحزب , و لكن ما هو ليس مفهوماً, كما هو الحال في حزب يكيتي , أن يتقدم إسماعيل حمه و فؤاد عليكو , كل منهما في غرفة إنترنتية , للدفاع عن قرار المؤتمر , بالرغم من معرفتنا , من أنهما كانا من أكثر المعارضين للحكم الذاتي , و شكلا , من أجل عدم تمرير قرارات المؤتمر التي نالت أكثر من ثلثي الأصوات , تكتلاً من أجل إعادة النظر في الحكم الذاتي , و تسمية الكردستاني في تعريف الحزب.

و لنا في هذا الأمر , ملاحظتين , نعتقد بشرعيتهما: الأول هو أنه كان من الأولى على تلك الغرف , إستضافة أحد الشخصيات القيادية في يكيتي , التي أوصت أو إقترحت طرح , الحكم الذاتي لكردستان سوريا , على المؤتمر , و دافعت عنه , و سعت من أجل إعتماده و إقراره , بدلاً من إستضافة من عارضه , و وقف موقفاً مناهضاً منه , و حذر  من مغبة إقراره , و خطورته  على الحزب و مستقبله .
و لعل العديد منا, سيجدون أنفسهم متفقين معي في وجهة النظر هذه , خاصة في ظل معرفة القائمين على تلك الغرف, بالملابسات و الأجواء , التي إنعقد فيها المؤتمر السادس للحزب , و الصراعات التي حدثت في داخله , و خلف كواليسه , و في الأيام التي تلت المؤتمر , و لا سيما في إجتماع الثلاثاء الذي أسفر عن إتفاق بين الكتلتين المتصارعتين , على إبقاء الحكم الذاتي لكردستان سوريا , مقابل إلغاء قرار تسمية الحزب بالكردستاني.

اما الأمر الثاني , فهو متعلق بهؤلاء من قيادة يكيتي , الذين يقبلون على أنفسهم , الخوض في أمور , من قرارات و توصيات نوقشت في مؤتمرهم السادس , من جهة الدفاع عنها , رغم أنهم إتخذوا موقف المعارضة منها , وصلت الى حد تعريض وحدة حزبهم للخطر , لولا تنازل رفاق لهم في القيادة عن بعض تلك القرارات , حفاظاً على وحدة الحزب أو تأجيل إنقسامه أطول مدة ممكنة ,  الى حين تغير موازين القوى في الحزب الى جانبهم.

و نحن عندما نتحدث عن هذا الأمر بهذا الوضوح و الشفافية , فإننا لا نقصد منه , حرمان أحد من حقه في الإعتراض و التحفظ , على قرار أو موقف ما , و إنما نقول , أن  قدر من المصداقية و المبدئية , مطلوب من هؤلاء, عندما يتطلب الأمر منهم الدفاع عن قضية ما , هم وقفوا موقف المعارض منها , كما هو الحال مع الحكم الذاتي , الذي كان موقف إسماعيل حمه و فؤاد عليكو منه , واضحاً كوضوح الشمس في وضح النهار.


فالدفاع عن قضية ما , لا نؤمن بها , تدخلنا في تناقضات مع أنفسنا , بحيث نفقد الإنسجام الفكري و السياسي , ناهيك عن تعريض مصداقيتنا للمحك , و هو ما لا نتمناه لأحد.

فعندما تحدث إسماعيل حمه عن الحكم الذاتي , و دافع عنه , رغم معارضته له , سرعان ما إكتشفنا التناقض الواضح بين دفاعه عن الحكم الذاتي لكردستان سوريا , بدلاً من الإدارة الذاتية التي إعتمدها المؤتمر الرابع , و عدم قبول تسمية الكردستاني للحزب , مع العلم أن شعار الحكم الذاتي هو , أولا و أخيرا , طرح جغرافي , و ليس قومي محض, بإعتبار أن المنطقة الكردية هي منطقة متعددة القوميات و الأديان , و تسمية الحزب بالكردستاني ينسجم مع شعار الحكم الذاتي و لا يناقضه.

و للعلم نحن لسنا في موقع الدفاع عن الحكم الذاتي , و لا تسمية الحزب بالكردستاني, و لكننا نتحدث عن واجب الشخصية القيادية في التعبير عن آراءها و مواقفها , و ضرورة تجنب التناقض و عدم الإنسجام في شرحها و تسويقها.

فما كنت لأتحفظ على أي موقف معارض أو مخالف غير متقف مع محاولات تسمية الحزب بالكردستاني من جانب حمه أو عليكو , لأني أعرف موقفهما , حق المعرفة من هذا القضية , و على علم بالضغوط التي مارساهما على أعضاء المؤتمر وباقي رفاقهم في القيادة من أجل عدم نشر بيان المؤتمر تحت إسم حزب يكيتي الكردستاني , طالما أن موقفهما كان موقفاً ثابتاً , طوال الفترة الأخيرة الماضية , ينم عن قراءة سياسية مختلفة عن موقف رفاقهم.
لذلك نتوقع من أخوتنا في الغرف الإنترنتية , أن يعيروا ملاحظاتنا الإهتمام اللائق , و يضعوها في حسبانهم , عند مناقشة قضية ما , متعلق بالأحزاب الكردية , حتى لا يختلط الحابل بالنابل كما يقال , مع فائق الإحترام .

19/12/2009

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إياد أبو شقرا عودة إلى الموضوع السوري، لا بد من القول، إن قلة منا كانت تتوقّع قبل شهر ما نحن فيه اليوم. إذ إن طيّ صفحة 54 سنة خلال أقل من أسبوعين إنجازٌ ضخم بكل ما في الكلمة من معنى. سهولة إسقاط نظام الأسد، وسرعة تداعيه، أدهشتا حتماً حتى أكثر المتفائلين بالتغيير المرجوّ. إلا أنني أزعم، بعدما تولّت قيادة العمليات…

طارق الحميد منذ فرار بشار الأسد، في 8 ديسمبر (كانون الأول)، إلى روسيا، وهناك سيل من النقد والمطالبات للحكام الجدد، وتحديداً أحمد الشرع. والقصة ليست بجدوى ذلك من عدمه، بل إن جل تلك الانتقادات لا تستند إلى حقائق. وسأناقش بعضاً منها هنا، وهي «غيض من فيض». مثلاً، كان يقال إن لا حل عسكرياً بسوريا، بينما سقط الأسد في 12 يوماً…

خليل مصطفى مِنْ أقوال الشيخ الدكتور أحمد عبده عوض (أُستاذ جامعي وداعية إسلامي): ( الطَّلَبُ يحتاجُ إلى طَالِب ، والطَّالِبُ يحتاجُ إلى إرادة قادرة على تحقيق حاجات كثيرة ). مقدمة: 1 ــ لا يختلف عاقلان على أن شعوب الأُمَّة السُّورية قد لاقت من حكام دولتهم (طيلة 70 عاماً الماضية) من مرارات الظلم والجور والتَّعسف والحرمان، ما لم تتلقاه شعوب أية…

أحمد خليف الشباب السوري اليوم يحمل على عاتقه مسؤولية بناء المستقبل، بعد أن أصبح الوطن على أعتاب مرحلة جديدة من التغيير والإصلاح. جيل الثورة، الذي واجه تحديات الحرب وتحمل أعباءها، ليس مجرد شاهد على الأحداث، بل هو شريك أساسي في صنع هذا المستقبل، سواء في السياسة أو في الاقتصاد. الحكومة الجديدة، التي تسعى جاهدة لفتح أبواب التغيير وإعادة بناء الوطن…