رسالة إلى الصحافي المصري الكبير محمد حسنين هيكل

شيركو جزراوي*
هل أصبح العالم كله في شك من أن يرى إن الإصلاح في سورية أصبح قاب قوسين من الاحتضار البطيء, لقد عرف النظام السوري على حقيقتها، سورية دولة لا تعرف أي شيء اسمه حقوق الانسان, وحرية التعبير معدومة, وعشرات الآلاف من سجناء الرأي أصبحوا منسيين في غياهب السجون,   هذا النظام العروبي المقيت والذي يستولي على كل مفصل الحياة السورية،  فمقاليد الأمور بيد هؤلاء من القومجيين,   
من يستطيع أن ينكر أن غالبية الشعب السوري يعيش تحت خط الفقر,  وأقلية سورية مستفيدة من سطوة اللصوص الكبار   كل يوم تسرق ملايين الدولارات من خزينة الشعب, كم جم من الجنايات ترتكب باسم البعث السوري والحرية والاشتراكية في سورية, من يستطيع أن يقول “لا” لا لسيطرة حزب البعث على الحكم – 40 سنة مرت من حياة السوريين وهم يذوقون العلقم المر،
الصحف السورية أصبحت خشبية لا قيمة وقرار لها أمام سلطة الأمن، وكتاب جرائد الدولة أصبحوا كالدواجن الأليفة ترعى في حضن السلطات ما لذ وطاب من الموائد العامرة وبضعة مزايا وفتات البقية من الارتزاق, لا تستثني أحد من أقلام السلطة, لقد نضب الإبداع في الصحافة السورية, أين هي الأقلام الحرة, أين هي الأقلام التي تهز الحكومات وتسقطها, وتجري انتخابات جديدة, لا شيء ب هذا الوطن الكبير, هذا الوطن الذي أصبح بمثابة سجن كبير, اسمه سوريا،  قنوات الأعلام الرسمية أصبحت أبواقاً تمجد القيادة التاريخية, وترسم صورة زاهية للوطن, منعت الصحف العربية الكبيرة من الدخول إلى سورية, لقد كانت المعاقبة الأولى مع جريدة الشرق الأوسط حيث منعت من دخول الأراضي السورية, ثم حجبت انترنيتياً, وحتى أقوى علماء الفلك والتجسس لا يستطيع خرق الحجب السوري للجريدة السعودية القوية في مواضيعها, وشر البلية ما يضحك أن الوزيرة السورية (بثينة شعبان) مثلنا حرمت من التمتع بالإطلاع على مقالاتها النارية ضد الإدارة الأمريكية, لكن لا تستطيع الوزيرة تسجيل موقف اعتراض على قيادتها الحكيمة من منع دخول الجريدة بشقيها الانترنيتي, والورقي إلى سورية, ثم أتبع المنع بجريدة الحياة اللندنية من الدخول إلى الأراضي السورية’ والسبب هو نقدها لعصابة القيادة السورية ومواقف القيادة من التدمير الحاصل في لبنان ودعم حزب الله مع كل تقديرنا لنضالاته في تحرير الجنوب اللبناني من اليهود إلاّ أنه حزب أصولي إيراني التوجه سياسياً ومذهبياً؟! لنتساءل ما هو واقع الصحافة السورية, هل هي موجودة, ما هو دورها، والصحافيون السوريون وأمثالهم من اللبنانين أصبحوا أصحاب سيوفة خشبية لا تستطبع فعل شيء,  وحدهم الصحافيون الخليجيون, وبعض من كتاب الشرق الأوسط والحياة يحللون الوضع الراهن, وينقدون القيادة السورية بموضوعية, قرأت (لفؤاد مطر) و(لعبد الرحمن الراشد), و(لداود الشريان), و(سمير عطا الله), و(عبد الوهاب بدرخان), و(حازم صاغية), و آخرين لا تسعفني الذاكرة في استحضار أسمائهم, بالفعل إنهم يكتبون بشكل رائع, وقد ابتعدوا عن عواطفهم وكتبوا بجرأة ومسؤولية يبحثون في هذه الحرب المجنونة دوافعها, أهدافها, ومن المستفيد منها, ومستقبل المنطقة بشكل موضوعي, وغاب عن هذا الحدث الجلل شيخ الصحافة المصرية الأستاذ أنيس منصور الذي لا يزال يجول بنا إلى شارع الهرم وقصور السادات وجولاته الإسرائيلية و لقاءاته مع مناحيم بيغن, وراقصات مصر الرائعات,  وقضاء الليالي الملاح معهم, والفرفشة التي أصبحت جزء من تاريخه, ولكن ألا تلاحظ يا صديقي أن لا حياة للصحافة السورية في مجريات الأحداث, جل اهتمام كتابات الصحافة السورية هي نقد وشتم الإدارة الأمريكية, وتمجيد الحرب وتغطية مساحات واسعة من الجريدة لصور حسن نصر الله الذي يدافع عن الكرامة السورية, ويقصف مستوطنات الجولان بدلاً عن القيادة السورية؟! إذٍ الصحافة السورية نائمة في أذن الثور بحسب المثل الكردي, أو هم نيام كهف في أهل الكهف؟!
أين الصحافي الكبير محمد حسنين هيكل وهو يقوم بكل براعة وموضوعية كشاهد على تاريخ مصر والشرق الأوسط وقد دونه وقدمه بشكل موضوعي وسلس, مبتغياً الحقائق التاريخية من وقوع الزعماء العرب منذ حرب ال 48 و إلى الخمسينيات في الكثير من الأخطاء,  محمد حسنين هيكل له التأثير والنفوذ الكبير في ساحة الصحافة المصرية, فنرجو منه أن لا ننتظر 30 سنة أخرى لنقرأ تحليلاته الدقيقة والصائبة بشأن وضع العرب المزري وقراراتهم التاريخية الخاطئة ( حافظ الأسد, معمر القذافي, أنور السادات, وأصحاب السمو من أمراء الخليج الأكارم, كوزير الخارجية القطري الذي يلج مكاتب الأمم المتحدة ويساهم بأضعف الإيمان في مسعى شمعي لوقف إطلاق النار والمكتب الإسرائيلي على بعد كيلو مترات من وزارته,
كاتب كردي سوري

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

بوتان زيباري   في خضم هذا العصر المضطرب، حيث تتداخل الخطوط بين السيادة والخضوع، وبين الاستقلال والتبعية، تطفو على السطح أسئلة وجودية تُقلب موازين السياسة وتكشف عن تناقضاتها. فهل يمكن لدولة أن تحافظ على قرارها السيادي بين فكي كماشة القوى العظمى؟ وهل تُصنع القرارات في العواصم الصاعدة أم تُفرض من مراكز النفوذ العالمية؟ هذه التساؤلات ليست مجرد تنظير فلسفي،…

د. محمود عباس   لا يزال بعض الكتّاب العنصريين، ولا سيما أولئك الذين يختبئون خلف أسماء مستعارة، يتسكّعون في فضاءات بعض المواقع العربية، لا ليُغنوا النقاش ولا ليُثروا الحوار، بل ليُفسدوه بسموم مأجورة، تعيد إنتاج خطابٍ مريض يستهدف الكورد، هويتهم، وقضيتهم، بلهجةٍ مشبعة بروح بعثية أو طورانية حينًا، وبخطابٍ ديني شوفيني متكلّس حينًا آخر. هؤلاء لا يهاجمون فكرًا ولا يناقشون…

علي شمدين مع سماعنا للتصريحات الإيجابية التي أدلت بها، بعد انتظار طويل، رئاسة المجلس الوطني الكردي في سوريا، بات الطريق مفتوحاً أمام انعقاد المؤتمر الكردي في سوريا، الذي سوف تشارك فيه أوسع قاعدة جماهيرية، وينبثق عنه موقف كردي موحد ووفد مشترك يمثل مختلف أطراف الحركة الكردية في سوريا. لا نريد العودة إلى أسباب هذا التأخير والتي كادت أن تفوت هذه…

.. المحامي عبدالرحمن محمد   إلى السيدة.. إلهام أحمد، مسؤول العلاقات الخارجية.. وإلى كل مسؤول وقيادي حزبي كوردي في المجلس الوطني الكوردي: يرجى عدم طرح وتداول المفاهيم والمصطلحات الخاطئة في الرؤية السياسية الكوردية المرتقبة، كونها لها نتائج سلبية كارثية وخطيرة على حق تقرير المصير للشعب الكوردي في المستقبل، وللأجيال القادمة. من الناحية القانونية والسياسية والحقوقية، حسب القانون الدولي وميثاق الأمم…