بعيدا عن نظرية المؤامرة

حنان  سيدو
henansido@googlemail.com

منذ زمن ليس بالقصير ، بل منذ سنوات ، و تحديدا منذ أن تم فرط عقد المرجعية الكردية التي لم يكن قد مضى على اكتمالها غير سنوات معدودات ، حتى اخذت الأصوات ترتفع من هنا و من هنالك و من هناك و هنا – و قد تعمدنا أن نعدد أدوات الإشارة لأن الدعوات انطلقت هي الأخرى من اتجاهات متعددة – تطالب جميعها بضرورة تأسيس مرجعية كردية يوحد صوت المنظمات الكردية ، و يؤطر عملها ، و يوجه هذا العمل.
في البداية اعتقدنا أن هذه المنظمات صادقة في دعواتها ، مؤمنة بالذي تقدم عليه ، و أنها تملك من العزيمة ما يكفي لأن تترجم تلك الدعوات على أرض الواقع ، خاصة و أنها مرت بتجربة صعبة في (سرهلدانا قامشلو) افتقدت معها ذلك الإطار ، و أنها اقتنعت بأنها و لكي تتجنب مآزق مستقبلية ، فإن عليها أن تتهيأ لها ، و أن المرجعية من أولى أولويات التهيؤ ، إلا أن توالي الأيام و الشهور و السنوات ، و خفوت الأصوات ، و تبعثرها و تباعدها دفعنا لأن نطوي هذه الصفحة ، و لأن نصم الآذان عن تحريك للموضوع صوتا أو كتابة يصدر من هنا أو من هناك ، إلى الدرجة التي تشكلت لدينا قناعة بأن هذه الأصوات لا تهز أصحابها ، ناهيك عن الجماهير الكردية التي تعيش في عالم آخر .
إلا أن ما حدث مؤخرا من تحريك للمياه الآسنة ، في مستنقع المنظمات الكردية ، من قبل كل من التتقدمي و الوحدة ، دفعنا لأن نتمعن أكثر في الحالة ، خاصة و أن الأمر لم يقتصر على منتسبي تينك المنظمتين ، بل تعدى إلى لفيف من القريبين إلى العمل التحزبي ، و إلى قلة ممن لا يزالون يراهنون على بقية من امل ، مما أضفى على الدعوة في هذه المرة طابعا من الجدية ، و شعورا من أن هاتين المنظمتين لديهما من الجدية و الاهتمام و الاصرار لأن تدفعا بهذا المشروع قدما ، و إن تعثرت منهما الخطوات فإنهما براء من النتيجة ، و يكفيهما من الثواب شرف المبادرة .
 و حتى لا يتهمنا أحد بنظرية المؤامرة ، و يحملنا فشل المشروع و لما يبصر النور ، و يتهمنا بأن الأمور كانت ستسير في مساراتها السليمة ، لو لا أننا وضعنا العصا الأولى في دولاب هذا التحرك بقصد لجمه ، و إيقافه فإننا نقول : إننا نتمنى لأي مشروع يهدف إلى وحدة الكلمة ، و وحدة الصف الكردي ، و تجميع الامكانات كليا أو جزئيا ، كل التقدم و الاستمرارية ، و نؤكد على أن من واجب الجميع و باختلاف الانتماءات و التوجهات ، تقديم الدعم و المساندة في هذا الاتجاه ، و لكننا نرى أيضا أن من حقنا أن نقف على الأحداث و أن نمعن فيها ، طالما أنها تلامسنا ، و أن نبدي رأيا قد يجانب مزاج قلة قليلة ، إلا أنه لا يجب أن نحمله أكثر مما يحتمل ، و لا أن نضعه في خانة المتعاملين مع الامبريالية و الاستعمار ، فقد يشط بنا الفكر ، و نفشل في إصابة الحقيقة ، و لكن النية تبقى سليمة ، و تظل الدوافع نقية ، و يبقى من حقنا أن نتساءل عن مغزى أن ينهض كلا من التقدمي و الوحدة بهذه المهمة ؟ و يحشدا لها هذا الجمع ؟ و الآن ؟ و بعد أن خفتت الأصوات الأخرى ؟ و لماذا مرجعية جديدة ……..
(ما احنا كنا طيبين) كما يقول المصريون ، و للأستاذ حميد أيضا قول في السياق : (طيب عزيزي .

إذا كنت تريد الوحدة و الاتحاد ، لماذا انفصلت عن حزبك إذا ؟) المرجعية كانت موجودة (التحالف) و قد ساهم هذان الطرفان في تأسيسها من الألف إلى الياء ، و قد كانت تضم الأغلبية الفاعلة من المنظمات الحزبية الموجودة وقتها ، و قد كان من الممكن أن تأتلف البقية الباقية معها بقليل من الصبر و تحمل للمسؤولية ، فلماذا نسفها الأستاذ حميد و من جلسوا في حضنه مع أول فرصة سنحت لهم ؟ فاقتنصوا عصفورين بحجر واحد : دعم  و تعميق الخلاف في البارتي و دفعه باتجاه الانقسام ، و تفريغ التحالف من زخمه بتجريده من مقومات التأثير و الفاعلية و الاستمرار على الشكل الذي تم تأسيسه و للأهداف التي بني من اجلها ، و مع أن هاتين المنظمتين حاولتا نفخ الروح فيه و بأكثر من صورة إلا أن ذلك كله لم ينفع و ما الدعوة الجديدة من التقدمي و الوحدة إلى بناء مرجعية جديدة ، إلا إقرار بترقين قيد التحالف و لو أن البعض أدرك ذلك متأخرا .
و حتى يكتمل المشهد ، و نكون منصفين ، فإن ردة الفعل الثأرية القبلية لدى البارتي ، باحتضان المنشقين عن منظمة الأستاذ حميد ، و تأسيس بنيان جديد ، أطلقوا عليه اسم الجبهة ، لم تكن أقل تأثيرا في تفتيت أوصال المنظمات الكردية ، و تهميشها و عزلتها ، نقول ذلك ليس انتقاصا من قيمة و من مكانة الذين انشقوا عن الأستاذ حميد ، و فيهم من أمضى عمره في النضال ، و تعرض للسجن و للملاحقة و لقسوة الحياة ، و لكن انطلاقا من مبدأ عدم التدخل السلبي في أي خلاف ينشب في منظمة كردية ، ناهيك عن تسعير أوارها و دفع الخلاف باتجاه التعميق وصولا إلى التقسيم ، و إلى حدوث ولادات جديدة غير طبيعية ، أتخمت ساحة التحزب الكردية ، و للتذكير فقط فإن أي انقسام حصل في المنظمات الكردية اجتمع فيه و دفع إليه المخطط الأمني و الأنانية المريضة و الأفق التحزبي الضيق و عصبية الريف المتخلفة ، و على أولئك الذين شقوا صفوف منظماتهم ، أو شجعوا هذه الظاهرة  أو قدموا أي دعم أو مساندة للعناصر الفاعلة في عمليات الانشقاق أن يختاروا بأنفسهم الخانة التي تناسبهم .


و لكي لا يستشف من كل ما أوردناه ، أننا نثبط الهمم، و نحبط الآمال ، و نزرع اليأس في النفوس ، و نقف في وجه محاولات من الممكن ان تسفر عن نتائج مرجوة ، فإننا نعتقد أن الأمر يجب أن لا يتوقف عند طرح المشاريع و تسجيل المواقف ، و التلاعب بعواطف الأبرياء من الوطنيين ، و جرهم إلى مواقع تسيئ إلى مكانتهم ، و إشراكهم في مشاريع لا تتوفر لها مقومات الحياة ، و تحميل هذا الطرف أو غيره مسؤولية الاخفاق ، بل يتعدى إلى القائمين عليه بأن يتحلوا بالصدق مع أنفسهم ، و بالاخلاص في العمل ، و بالالتزام بحس الجماهير ، ونرى بأن أي مشروع فردي أوجماعي ، كبر او صغر ، و في أي شأن من شؤون الحياة ، و لكي يبصر النور ، و يؤدي الغرض المرجو منه ، فإنه يتوجب توفر شرطين لا ثالث لهما :
1 – الإرادة الصادقة و المخلصة
2- القرار المستقل
و بعيدا عن التشهير بأحد ، أو الانتقاص من وطنيته ، أو وضعه في دائرة التساؤول و التشكيك ، فإننا نعتقد ان هذين الشرطين لا يتوفران لا  في القائمين على أمر كل من التقدمي و الوحدة ، و لا في أولئك الذين يقودون المنظمات الكردية الأخرى ، فنحن نعتقد  أنه ولكي يتوفر ذلك فإن من المفروض أن تمتلك هذه المنظمات من الإمكانات و من التأييد الداخلي و الخارجي ما يوازي أو يزيد عن الضغط التي تتعرض له من السلطة الحاكمة ، و لا نعتقد أنها تمتلك ذلك الآن ، أو أنها ستتمكن منه في المدى المنظور ، فالقضية الكوردية  باعتبارها قضية سياسية ، لشعب مسلوب الإرادة ، و يتعرض لصنوف من المشاريع العنصرية التي تهدد وجوده ، لم تتعد حدود المنطقة الكردية بعد ، و لم يسمع بها الجماهير غير المسيسة في درعا و في حمص ، و لم تلق بظلالها على الإنسان السوري خارج المنطقة الكردية ، ناهيك عن دخولها المحافل السياسية العالمية ، و دائرة المصالح الدولية ، و على ذلك فإن المشهد السياسي للمنظمات الكردية في هذا القسم من كردستان ، سيظل يتسم بالركود ، و بالعزلة ، و بالفوضى ، و بظهور المزيد من الأسماء ، و بعدم التناسق و الانسجام في المواقف ، و في الاصطفافات ، و بكثير من الكلام و الطروحات و المشاريع ، و بقليل من العمل ، و من التحرك الميداني المنسجم مع الحدث ، إلى أن يتبلور حراك سياسي مؤثر يدفع بالوضع السياسي في سوريا عموما إلى الأفضل ، و يكون للأكراد فيه نصيب يتناسب و حجمهم و يلبي الحد الأدنى من حقوقهم المشروعة ، أو أن تتطور الأحداث بوتيرة غير مترقبة ، و بآلية غير محسوبة في العالم أو في كردستان ، تؤثر على مجمل االأوضاع في المنطقة و في الوضع السوري ايضا ، أما ما عدا ذلك فإن القضية الكردية ستبقى موكولة إلى الأفرع الأمنية ، و سيظل المحترفون في المنظمات الكردية يتعاملون مع هذه الأفرع دون غيرها ، يتحركون في دوائرها المرسومة ، و بشهادة من الأستاذ حميد نفسه.
ففي مقابلة له مع مجلة آسو ، و أثناء زيارته لكردستان العراق في السنة الماضية ، ذكر الأستاذ حميد بأن : (الأحزاب الكردية في سوريا ، و منذ أربعين سنة ، تدار من قبل الأجهزة الأمنية  ) .
و أنا أصدق الرجل ، و أقدر آراءه و مواقفه ، فهو يعرف ماذا يقول ، و هو يستند إلى تجربة تمتد لأكثر من نصف قرن ، و أنا أكنّ للأستاذ حميد تقديرا و احتراما خاصين : لأنه ينتمي إلى جيل الرواد في الوعي القومي ، و يكفيه شرفا أنه أحد مؤسسي أول تنظيم سياسي كردي في الجزء السوري من كردستان ، أضف إلى ذلك ، فإن الرجل يتميز عن أقرانه و عن المحيطين به و ممن ارتموا في أحضانه ، أو تمسكوا بجلابيبه ، أنه صادق مع نهجه ، و يكشف عن علاقاته ، و لقاءاته ، و رؤاه ، من غير مواربة و لاحرج ، بعيدا عن المزاودة ، يقول في الجمع ما يُسرّ به خاصته  .
و إذا كان الأستاذ حميد قد فاته أن يوضح كيفية إدارة الأجهزة الأمنية للمنظمات الكردية طيلة هذه العقود ، فأنا أستميحه عذرا فأضيف : بأن إدارة تلك الأجهزة لم تثبت على شكل واحد من التعامل منذ نهاية الخمسينيات و حتى اليوم ، و إنما تكيفت مع تبدل الأحوال ، و إذا كان عمل تلك الأجهزة قد انحصر منذ بداية التأسيس و حتى نهاية العقد السابع من القرن الماضي ، في العمل على اختراق المنظمات الكردية ، و ملاحقة و اعتقال العناصر النشطة فيها ، بقصد التعرف على المنضوين فيها و جمع المعلومات عن هيئاتها و عن شخصياتها لمعرفة تحركاتها و علاقاتها و توجهاتها ، بغية احتوائها و ضبطها ، و وضعها تحت السيطرة ، إلا أنه و ابتداء من عقد الثمانينيات من القرن المنصرم و حتى يومنا هذا ، فإن المنظمات الكردية نفسها ، وفرت على تلك الأجهزة مشقة التنقيب و التفحيص و البحث و المراقبة المكلفة ، فقد دبت الخلافات بين تلك المنظمات بصورة غير منطقية و غير مألوفة و انقسمت على نفسها و تكاثرت بشكل غير مفهوم ، و تبعثرت في الأزقة و الشوارع ما تبقى لها من أسرار ، و فقدت معها ما تبقى لها من هيبة و امتداد ، و أصبحت تلعق جراحها ، و تقضي الوقت في مهاترات لا طائل من ورائها ، و بذلك بات على الأجهزة الأمنية من السهولة بمكان ترويضها ، و تدجينها ، و وضع أطر لحركتها لا تتجاوزها ، و أنا أعتقد جازما أن هذه المبادرة لا تخرج هي الأخرى عن هذه الأطر التي ذكرناها ، و لو أنني لا أرى أن المشكلة تبدأ من هنا ، فهي لا تشكل بنظري إلا الجزء اليسير من المعضلة ، و أرى مضطرا أن أعود إلى الوراء ، و سأقبل أي نقد يصمني بأنني أسير الماضي ، و بأنني لا أريد الخروج منه ، و هو كلام منطقي أقبل به ، إذ يتوجب علينا أن نتطلع إلى الأمام ، و أن نتحسب للمستقبل ، و أننا إذا بقينا نتصيد الأخطاء ، و نقف عند التجارب الفاشلة ، فإننا لن ندرك قطار الزمن إلى الأبد ، بعد أن تجاوزنا بعقود .
إلا أننا نعود فنقول : إن الشعوب التي تجاوزت مآسيها ، و نكباتها ، و وضعت خلف ظهرها ، ما لحقها من دمار و عذاب ، انطلقت إلى الأمام بنفَس جديد ، و بعقلية جديدة ، و بتفكير استوعب تجربة الماضي ، و تسلحت بعدة الانطلاق إلى المستقبل ، و اعترف قادتها بأخطائهم فأقصوا أنفسهم ، أو تم إقصاءهم ، و أوجدت من التغيير ما يكفي لأن تنهض من جديد ، فواكبت الأحداث ، أما نحن فلم نحرك ساكنا في هذا الاتجاه ، فالوجوه التي نقع عليها صباح مساء ، لم تتبدل منذ عقود ، و الأسماء التي نتداولها شفاها و كتابة لم تتغير منذ القرن الماضي ، و الذين تكتلوا في منظماتهم ، ثم أجهزوا عليها فشطروها ، لا زالوا يصرون على أنهم يمثلون قضيتنا ، و من غير أن يقدموا اعتذارا ، أو أن يحاسبوا أنفسهم ، أو أن تتم محاسبتهم على تلك الجريمة ، إنهم مسؤولون اولا و آخرا عن الحالة المتردية التي تعيشها الساحة السياسية الكردية ، إنك تراهم في هذا اليوم يأتلفون و في اليوم التالي يتحالفون و في الذي يله يختلفون ثم يتخاصمون و ينقسمون ، و في كل مرة نصبح فيها على أسماء تنظيمات جديدة نحتاج فيها إلى أكثر من مرشد و مفسر و خبير يوضح لنا ما التبس علينا ، و لا ينتظرون وقتا طويلا حتى يخرجوا إلينا بطروحات جديدة و بمشاريع موعودة و يطالبوننا بتقديم الدعم و التأييد ، و مع أن الغلبة الغالبة من هؤلاء منقسمة عن تنظيماتها و عن بعضها إلا أنها لا تكف عن الدعوة إلى وحدة الصف و الكلمة والموقف ، و صدق من قال : شر البلية ما يضحك ، ففي أواخر العقد الثامن من القرن الماضي ، شقت ثلاث مجموعات صفوف أحزابها ، ثم ائتلفت فيما بينها و تلفعت بعباءة الوحدة ، و مع أنها عاودت فانقسمت على نفسها ، إلا أنها لم تتخل عن صبغتها الوحدوية ، و لأنها لم تعثر في الكردية على مرادفات للكلمة تكفي عددها ، لجأت إلى لغات أخرى للتأكيد على هذه النزعة المتأصلة فيها.
يا سيدي : إذا كانت قلة قليلة احترفت السياسة ، و انغمست في مصالحها ، و فضلت الشهرة الزائفة على مستقبل شعب بأكمله ، و انعزلت عن محيطها ، و عن الجماهير و قضاياها ، و بات هاجسها الأول الاحتفاظ بمواقع لا تسمن و لا تغني من جوع ، و ترى أن من حقها أن تخرج في كل مرة بطروحات و بمشاريع جديدة قديمة ، تتيح لها الاستمرار في الضحك على ذقون الأبرياء من الوطنيين ، فإن من حقنا أيضا أن نتأنى ، و أن نتمعن ، و أن نتحرى ، و أن نقول ما نقتنع به ، و أن نعيد على أسماععهم ما أتحفنا به الأستاذ حميد : يا عزيزي : إذا كنت جادا و مخلصا و مؤمنا بضرورة بناء مرجعية ، فلماذا قضيت على  مرجعية كانت قائمة ، و كانت حصيلة جهود مشتركة من أغلب المنظمات الكردية الفاعلة وقتها ، و عبرت عن توجهات و قناعات المنضوين فيها ، إلا أن ذلك لم يرق لك ، حملت معاولك ، و رحت تحطم في البنيان ، حتى لم تبق حجرا على حجر ، و ما أن انتهيت ، حتى ارتفع منك الصوت ثانية ، تدعو إلى بناء مرجعية كردية جديدة – هو لعب عيال –
إننا نرى أن الأرضية اللازمة ، و عوامل النجاح و الديمومة لطروحات و مشاريع من هذا القبيل غير قائمة في الوقت الراهن و لأسباب عديدة : فالذين يتقدمون صفوف المنظمات الكردية فقدوا ثقة الجماهير ، و افتقدوا الثقة فيما بينهم ، هذا من جهة ، و من جهة أخرى ، فإنه من الصعوبة بمكان إن لم يكن مستحيلا ، أن يجتمع هذا العدد الكبير من المنظمات المتباينة نفوذا و توجهات و امتدادات و علاقات على طاولة واحدة ، و ليس غريبا أن نشهد المزيد من الولادات و الانقسامات و لما تبدأ الخطوة الأولى ، أضف إلى ذلك أن الذين يطرحون هذه المشاريع يفتقرون إلى عاملين مهمين : الإرادة و القرار المستقل .
و حتى لو تجاوزنا كل ذلك نظريا ، و شهدت مرجعية جديدة النور ، فمن يضمن أنها لن تتعرض هي الأخرى إلى التخريب و الهدم ، كما حصل لسابقتها ، فأولئك الذين لم يترددوا في تصفية رفاقهم ، و تقسيم منظماتهم ، و ضرب حلفائهم ، و تمزيق اوصال التحالف ، لن يكونوا أكثر إنصافا مع المرجعية الجديدة المنشودة .

   

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…

عنايت ديكو   الوجه الأول: – أرى أن صفقة “بهچلي – أوجلان” هي عبارة عن اتفاقية ذات طابع أمني وجيوسياسي بحت، بدأت معالمها تتكشف بشكل واضح لكل من يتابع الوضع عن كثب، ويلاحظ توزيع الأدوار وتأثيراتها على مختلف الأصعدة السياسية، الأمنية، والاجتماعية داخل تركيا وخارجها. الهدف الرئيسي من هذه الصفقة هو ضمان الأمن القومي التركي وتعزيز الجبهة الداخلية بجميع تفاصيلها…

اكرم حسين العلمانيّة هي مبدأ سياسي وفلسفي يهدف إلى فصل الدين عن الدولة والمؤسسات الحكومية ، وتنظيم الشؤون العامة بما يعتمد على المنطق، والعقلانية، والقوانين الوضعية بدون تدخل ديني. يتضمن مبدأ العلمانيّة الحفاظ على حرية الدين والمعتقد للأفراد، وضمان عدم التمييز ضد أي شخص بسبب دينه أو اعتقاده. تاريخياً ظهرت العلمانية مع اندلاع الثورة الفرنسية حيث خرجت الطبقة البرجوازية…