حتى تكون المرجعية أكثر نزاهة وديموقراطية

خالص مسور

نعم، فالمرجعية او المجلس السياسي يبدو اليوم – وأكثر من أي وقت مضى – على أنه مطلب جماهيري كردي ملح، وبالحقيقة فإن الفكرة جاءت متأخرة وكان يجب أن يتجسد على أرض الواقع منذ مدة بعيدة، وذلك كوسيلة للقضاء على التشرذم السياسي الكردي، بالإضافة إلى تحقيق انجازات سياسية مهمة على أرض الواقع، وتشكيل موقف موحد أمام الجهات التي حصرت بيدها مصير الكرد وحقوقهم القومية هذه الحقوق التي أضحت اليوم في خطر داهم، وخاصة بعد تزايد شوفينية الحكومات المحلية وضغطها اللامعهود على الحالة السياسية والإقتصادية للشعب الكردي.
 ولهذا نعتقد أن فكرة المرجعية جاءت لأسباب موضوعية منها كنتيجة – وكما قلنا- لحالة من المراوحة في المكان على الصعيد السياسي والجماهيري والإنجازاتي التي بدأت تعاني منها الأحزاب السياسية الكردية، والثاني هو ضغط الحكومات المحلية القمعية ثم التطورات المتسارعة في المنطقة تجاه القضية الكردية وخاصة ما يجري اليوم في تركية واعترافها ببعض الحقوق القومية للكرد.

ولكني سوف لن أطول في الكلام وسأقترح فكرة أراها منطقية تؤدي إلى إنجاح تجربة المرجعية والتي ربما ستنشأ عما قريب، والفكرة تنحصر بخصوص كيفية انتخاب المستقلين إلى هذه المرجعية الكردية المقترحة، فالمرجعية أو المجلس السياسي الكردي المزمع إنشاؤه لا اعتراض لدي على إنشائهما وإن كنت أفضل صيغة المجلس الوطني أسوة بالمجلس الوطني الفلسطيني.

ولهذا نرى لكي تأخذ المرجعية مسارات ديموقراطية الطابع سواء من حيث الانتساب إليها أو في طريقة اتخاذ قراراتها، ولتكون مدرسة وواحة خضراء يتعلم منها الكرد الشيء الكثير من الديموقراطية وقبول الآخر المختلف.
وحسبما علمت من اجتماع التحالف الأخير أن لجنة تحضيرية ستتشكل أو تشكلت للدعوة لعقد مؤتمر وطني تنبثق عنه مرجعية كردية تقع على عاتقها معالجة مختلف القضايا المصيرية المتعلقة بالشأن الكردي وهذا شيء إيجابي ومثير إن تم إنجازه على أن يشارك فيها كل الفعاليات الكردية.

ولكن حتى لا تخرج المرجعية عن مسارها الديموقراطي فسأقترح الخطاطة الترسيمية التالية: بالإضافة إلى ما اقترحه بعض السادة الحضور من أن تكون عضوية المرجعية مناصفة بين الأحزاب والمستقلين وقراراتها بموافقة ثلثيى الأعضاء أو بـ 50 +1وهذا ما لايختلف عليه إثنان.

ولكن ما نضيفه ونقترحه يدور حول طريقة إختيار الأعضاء المستقلين إلى المرجعية، لا جدال من أن الأحزاب ستختار ويحق لها أن تختار ممثليها إلى المرجعية بطريقتها الخاصة.

بينما لايحق لها ولا للوطنيين المستقلين الموجودين بالتحالف ولا لأحد من الناس أن يقترح أسماء المستقلين إلى المرجعية اقتراحاً، لأنه وعندها ستتدخل المحسوبيات والصداقات وماشابه مما هو معروف في مثل هذه الحالات الحثيثة، وستصبح المرجعية عندها ملهاة في غير أوانها وسينفر منها الجماهير وستعود الأمور إلى المربع الأول وإلى نقطة الصفر بل أبعد من نقطة الصفر، لأن التجربة الأولى إذا فشلت فمن الصعب إنقياد الجماهير إليها مرة ثانية.

ومن الأنسب لاختيار الأعضاء المستقلين هو أن تبادر الأحزاب السياسية إلى فتح باب الترشيح الطوعي والحر أمام المستقلين لمن يجد في نفسه الكفاءة والقدرة للقيام بخدمة شعبه ووطنه ومن مختلف شرائح المجتمع ومكوناته، على أن يقوم هؤلاء في احتماع خاص وبحضور ممثلي الأحزاب، وفي حال كثر عددهم أكثر مما هو مطلوب، أن يختاروا من بينهم العدد المطلوب للمرجعية، ولنفترض أن العدد المطلوب من المستقلين هو (15) مستقلاً على سبيل المثال فيقوم هؤلاء باختيار (15) اسماً من بينهم على أن يكون لكل منهم الحق في أن يصوت لقائمة تضم (15) اسماً، وبعد انهاء التصويت سيتم اتخاذ الفائزين الـ(15) الأوائل منهم وهؤلاء سيكونون هم المنتخبون إلى المرجعية المنتخبة بكل أريحية وديموقراطية.

وستصبح المرجعية في هذه الحالة قمة الديموقراطية الكردية الظافرة وقلعتها المنيعة، لأن الشعب هو الذي اختار فيها ممثليه إلى المرجعية بنفسه وبشكل ديموقراطي سليم لا لبس فيه، وليس بناء على اقتراح من الأحزاب أو تزكية من شخص آخر،  وبخلاف هذا سيكون مصير المرجعية الفشل حتى قبل أن تبدأ.

والحادثة الأكثر تعبيراً عن الحالة المعاكسة، هو ما قاله ذاك الرجل الذي سألني بعد انعقاد مجلس التحالف الأخير لماذا لم يستدعوني أنا…؟ فأنا أيضاً وطني غيور… ومن الذي اختار واستدعى هؤلاء الذين وجدنا صورهم في المواقع الإنترنيتية أثناء انعقاد مؤتمر التحالف الأخير…؟ فكلامه هنا بليغ الدلالة عما ذهبنا إليه وهو محق في سؤاله.

فالرجل لم يكن يعترض على الشخصيات التي حضرت المؤتمر التحالفي… بل كان سؤاله عفوياً منصباً عن كيفية اختيار الحضور من المستقلين.

ولهذا نكون قد قدمنا اقتراحنا مجرد اقتراح لاغير في تشكيل المرجعية الكردية.

وكل شيء لايدرس جيداً سيكون مصيره الإهمال والفشل، والكرد السوريون لايتحملون أكثر مما تحملوه حتى الآن من التذرر والتفرقة والتشظي السياسي.

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

صلاح بدرالدين ملاحظة برسم شركاء الوطن باالإدارة الانتقالية واذا كان من حق الإدارة العسكرية ذات اللون الواحد تسييرشؤون البلاد بعد نيلها شرف اسقاط نظام الاستبداد – وهو عمل يحظى بكل التقدير – من جانب معظم السوريين الذين ناضلوايضا منذ عقود، وساهموا في اضعاف النظام، وقدموا في سبيل ذلك التضحيات الجسام، ولاشك انهم يتاملون ان يتم تنظيم الحوارات الداخلية…

فرحان كلش الملاحظ أن هناك تكالب دولي واقليمي مثير للريبة على المساهمة في تثبيت أقدام الإدارة الجديدة في دمشق، هذا الإندفاع ربما له أسبابه بالنسبة لكل دولة، فالدول الغربية تنطلق من الخطورة التي تشكلها الأحزاب اليمينية المعادية لللاجئين والتي تهدد الحكومات اليسارية واليمين الوسط الأوربي، لذلك نشهد أن هذه الحكومات تتقاطر إلى دمشق والمؤتمرات الخاصة بها بهدف التخلص من ملف…

عبدالرحمن کورکی (مهابادي)* يتجلّى الحل الحقيقي لمشكلة الاستقرار والأمن والتعايش في إيران والشرق الأوسط بشكل أوضح، يوماً بعد يوم. وهذا الحل هو “إسقاط دكتاتورية ولاية الفقيه الحاكم في إيران”. فلماذا؟ قبل التطرق إلى الإجابة على هذا السؤال، لا بد من الإقرار بحقيقة جلية وهي أن القوة الوحيدة التي وقفت منذ البداية موقفًا راسخًا ضد دكتاتورية ولاية الفقيه،…

خليل مصطفى اعتقدتُ (وكورد سوريا) أنه مع سقوط نظام البعث وفروعه الأمنية… ستختفي أصوات وكتابات شهود الزور (السُّفهاء) الأشد كفراً ونفاقاً من أعراب سوريا المُعاصرين.؟ لكن: الاعتقاد تلاشى بظهورهم (شهود الزور السُّفهاء) على وسائل التواصل الاجتماعي (فيسبوك، تويتر، يوتيوب انستجرام) وهُم ينبحُون دفاعاً عن أيديولوجيتهم النتنة… رغبة منهُم بإبقاء كورد سوريا مُهمشين إلى الأبد بلا هوية قومية، تماماً كنباحهُم (الهستيري):…