القضية الكردية في سوريا قضية وطنية بامتياز وقضية ديمقراطية بامتياز

  طريق الشعب *

منذ بداية انطلاقة الحزب اليساري الكردي في سوريا في 5 آب 1965، وهو يطرح نفسه على الساحة السياسية كحركة وطنية وكحركة تقدمية وكحركة ديمقراطية في آن واحد، وقد تم تكريس ذلك في كافة محطاته الحزبية وبرامجه السياسية، وهو يؤكد في أدبياته وبياناته باستمرار على هذا التوجه الاستراتيجي.

يؤكد الحزب بأن الهم القومي الكردي ليس همه الوحيد، وإنما يمتد همه إلى الهم الوطني السوري العام، وإلى كافة قضاياه السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وعلى هذا فإنه يتألم لآلام أي مواطن سوري في أية محافظة سورية ومهما كان انتماؤه القومي أو الديني ويفرح لأفراحه، ويساند كافة القضايا الوطنية السورية
 وفي حواراته مع كافة القوى الوطنية والديمقراطية في البلاد يؤكد الحزب على هذا التوجه الاستراتيجي، ويمكن التأكيد بأن هذا الموقف يمثل موقف مجموع الأحزاب الكردية في سوريا، بل أنه يمثل ويعبر عن موقف الشعب الكردي بشكل عام.

 وفي الحوارات التي جرت في عام 2004 بين الأحزاب الكردية ومجموعة من القوى والأحزاب والشخصيات الوطنية السورية تم التأكيد على هذه الحقيقة، وتم بناء إطار سياسي سميّ بلجنة التنسيق جاء في أحد بنود الوثيقة التي تم التوصل إليها، بأن القضية الكردية في سوريا قضية وطنية بامتياز، وهذا هو مضمون ما تم التوصل إليه في إعلان دمشق للتغيير الوطني الديمقراطي، وما يتم التأكيد عليه في الحوار الجاري من أجل بناء تيار وطني ديمقراطي.
إن التأكيد على أن القضية الوطنية في سوريا تحل في الإطار الوطني السوري وفي إطار وحدة البلاد أرضاً وشعباً، يعني أنه لا يمكن حلها بمعزل عن القضية الوطنية السورية، وبمعزل عن القوى الوطنية والديمقراطية في البلاد، كما تعني أيضاً أن الشعب الكردي في سوريا جزء من الشعب السوري، وأن حركته الوطنية جزء من الحركة الوطنية والتقدمية والديمقراطية في البلاد.
يؤكد الحزب أيضاً بأنه إذا كانت القضية الكردية في سوريا قضية وطنية بامتياز، فإن الصفة الأخرى التي تكمل وصف طبيعة هذه القضية العادلة هي أنها قضية ديمقراطية بامتياز، وهناك ترابط جدلي بينهما، وإذا كان الشعب الكردي السوري عامة يفتح صدره للحريات الديمقراطية، فإن الشعب الكردي في سوريا خاصة يفتح صدره لها مرتين، مرة مع كل الشعب السوري، ومرة أخرى لأنه كلما اقتربت الديمقراطية، كلما اقترب الشعب الكردي من حقوقه القومية والديمقراطية، ولهذا فإن النضال من أجل الديمقراطية لدى حزبنا يكتسب أهمية كبيرة، وتكتسب بذلك المسألة الديمقراطية أيضاً قيمة بذاتها، وعلى هذا الأساس فإن النضال من أجل إطلاق الحريات الديمقراطية، حرية التعبير عن الرأي ، حرية الصحافة، حرية التنظيم، حرية التظاهر والإضراب، والنضال من أجل إلغاء الأحكام العرفية ورفع حالة الطوارئ، مسألة مبدئية لدى الحزب لا تهاون فيها.
إن القوى الوطنية والتقدمية والديمقراطية في البلاد مدعوة إلى تفهم هذه الحقيقة والانفتاح عليها، وأن تتخلى عن مخاوفها وشكوكها لأن هذه المخاوف والشكوك نابعة إما من عدم استيعابها للحقيقة، أو من تأثرها بالإشاعات المغرضة، أو من مواقف شوفينية لا مبرر لها، فنحن وعلى طول الخط حاربنا الموقف الانعزالي الكردي بنفس الدرجة التي حاربنا فيها الموقف الشوفيني العربي، وانطلقنا دوماً من الأرضية السورية، ومن التوفيق الدقيق بين ما هو قومي كردي وما هو وطني سوري على أنه كعلاقة الجزء بالكل والخاص بالعام، ولا تعارض بين الاثنين.

  

* الجريدة المركزية للحزب اليساري الكردي في سوريا – العدد (333) تشرين الثاني 2009

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

شادي حاجي في السنوات الأخيرة، بات من الصعب تجاهل التحوّل المتسارع في نبرة الخطاب العام حول العالم . فالعنصرية والكراهية والتحريض عليهما لم تعودا مجرّد ظواهر هامشية تتسلل من أطراف المجتمع، بل بدأت تتحول، في أكثر الدول ديمقراطية ولم يعد ينحصر في دول الشرق الأوسط ( سوريا . لبنان – العراق – تركيا – ايران وو .. نموذجاً ) وحدها…

ياسر بادلي ليس اختيارُ الرئيس العراقيّ السابق، برهم صالح، مفوّضاً سامياً لشؤون اللاجئين حدثاً عابراً يمرّ على أطراف الأخبار؛ بل هو لحظةٌ ينهضُ فيها تاريخُ شعبٍ كامل ليشهد أن الأمم التي صُنعت من الألم تستطيع أن تكتب للإنسانيّة فصلاً جديداً من الرجاء. فالمسألة ليست منصباً جديداً فحسب… إنه اعترافٌ عالميّ بأنّ الكورد، الذين حملوا قروناً من الاضطهاد والتهجير، ما زالوا…

المحامي عبدالرحمن محمد   تتواصل فصول المسرحية التركية وسياساتها القذرة في الانكار والنفي للوجود التاريخي للشعب الكوردي على ارضه كوردستان، ومحاولاتها المستمرة لالغاء ومحو كلمتي كورد وكوردستان بوصفهما عنوانا للهوية القومية الكوردية والوطنية الكوردستانية من القاموس السياسي والحقوقي والجغرافي الدولي، سواء على جغرافيا كوردستان او على مستوى العالم. تارة يتم ذلك بحجة وذريعة الدين (الاسلام)، وتارة اخرى باسم الاندماج والاخوة،…

  إبراهيم اليوسف وصلتني صباح اليوم رسالة من شاعرة سورية قالت فيها إنها طالما رأتني وطنياً لكنها تجدني أخرج عن ذلك، أحياناً. رددت عليها: صديقتي، وما الذي بدر مني بما يجعلك ترين وطنيتي منقوصة؟ قالت: أنت من أوائل الناس الذين وقفوا ضد ظلم نظام البعث والأسد. قلت لها: ألا ترينني الآن أقف أيضاً ضد ظلم السلطة المفروضة- إقليمياً ودولياً لا…