لماذا تجميل وجه أتا تورك

دلدار كزالي

لقد دأب البعض في الآونة الآخيرة على تجميل وجه مصطفى كمال (أتا تورك)، و أصبح شغله الشاغل تبرئته من كل الآعمال الوحشية والبربرية التي ارتكبها بحق الشعب الكوردي ابان حكمه ، وكأنه بذلك وضع نفسه موضع
الشعب الكوردي، وينطق باسمه لتبرئة كمال أتا تورك من كل الجرائم المشينة والمهينة للشعب الكردي، من قتل وذبح مئات الالاف من الاطفال والشيوخ والنساء ، واعدام قادته على أعواد المشانق لمجرد مطالبتهم بحقوقهم كبشر، في ادنى مستوياتها.

هل يحق لأي كان أن يبرئ ويغفر ويبرر لشخص أتاتورك كل هذه الجرائم، وهو كان قائما على رأس السلطة التي نكلت بالكرد كل هذا التنكيل ، والتقتيل وتشريد الملايين ؟ هل يحق له أن يجد مبررات التنصل من المسؤولية التاريخية الملقاة على عاتق هؤلاء الجناة ؟ ولماذا يضع نفسه محاميا مجانيا من دون توكيل عن هؤلاء القتلة ؟ ولمصلحة من يكيل المديح تلو المديح له ؟ حتى يظن المرء بانه احد تلامذته كمال اتا تورك.
فاذا كان كذلك فيقل لنا صراحة بانه من هؤلاء ، وسائر على ذلك النهج، حتى نعيد حساباتنا نحن الكرد وليتبعه من يريد أن يتبعه على ذلك النهج .
والمؤسف أن هذا الشخص يدعي ليلا نهارا بأنه يمثل الكورد قاطبة ، ويمثل مصالحهم وفي هذا بالذات الخطر الحقيقي على شعبنا الكردي .

الا ان هذه المرافعة المجانية وتجميل وجه مصطفى كمال بهذا الشكل، والقاء تهم كل جرائمه على رفاقه الاخرين يثير فينا شكوكا كثيرة عن حقيقة هذا الشخص ، وانه بفعله هذا ان كان صادقا في كلامه ويؤمن بذلك فانه يقف بالضد من الشعب الكردي وابطاله التاريخيين العظماء امثال (الشيخ سعيد) ورفاقه
الآبطال .

وبدلا من مطالبة الدولة التركية بالاعتذار عن كل تلك الجرائم ومحاكمة تاريخية لهؤلاء على أفعالهم، وفظائعهم ضد الشعب الكردي، وتسخير ذلك كله لمصلحة هذا الشعب المظلوم حتى يومنا هذا ، لاستحصال حقوقه من هؤلاء الجناة ، نراه بهذه المرافعة المجانية عن كمال أتا تورك، يضع الشعب الكردي برمته وقيادته آنذاك موضع الاتهام بالعمالة للاجنبي ! !

وان هذا ليس من الكردايتي بشيئ.

بل العكس هو الصحيح، وان ذاكرة الشعب الكردي ليس ضحلة بهذا الشكل، وسوف لن يصدق هذه الاقاويل الكاذبة ، وسوف يأتي ذلك اليوم الذي سيحاكم فيه أتا تورك ، ورفاقه في الاجرام بحق الشعب الكري، وسيتبين حقيقة هؤلاء امامنا جميعا وكذلك حقيقة الذين يجملون وجوههم.

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

شيروان شاهين تحوّل الصراع في سوريا، الذي بدأ منذ 14 سنة كحركة احتجاجات شعبية، من حالة صراع بين ميليشيات مسلحة وسلطة منهكة على مستوى أطراف المدن والأرياف إلى صراع طال شكل الدولة ككل. حيث أفرزت الحرب الأهلية واقعًا وعنوانًا جديدًا في 8 ديسمبر 2024: انهيار دولة البعث وإعلان دولة القاعدة. تميّز حكم البعث، الذي بدأه أمين الحافظ “السني”…

اكرم حسين   طرح الأستاذ عاكف حسن في مقاله هل ما زلنا بحاجة إلى الأحزاب السياسية؟ إشكالية عميقة حول جدوى الأحزاب السياسية اليوم، متسائلاً عمّا إذا كانت لا تزال ضرورة أم أنها تحولت إلى عبء ، ولا شك أن هذا التساؤل يعكس قلقاً مشروعًا حيال واقع حزبي مأزوم، خاصة في سياقنا الكردي السوري، حيث تتكاثر الأحزاب دون أن تنعكس…

صلاح عمر   ثمة وجوه تراها حولك لا تشبه نفسها، تبتسم بقدر ما تقترب من الضوء، وتتجهم حين تبتعد عنه. وجوهٌ لا تعرف لها ملامح ثابتة، تتشكل وفقًا لدرجة النفوذ الذي تقترب منه، وتتلون بلون الكرسي الذي تطمح أن تجلس بقربه. هؤلاء هم “المتسلقون”… لا يزرعون وردًا في القلوب، بل ينثرون شوك الطمع على دروب المصالح. لا تعرفهم في البدايات،…

أزاد فتحي خليل*   لم تكن الثورة السورية مجرّد احتجاج شعبي ضد استبداد عمره عقود، بل كانت انفجاراً سياسياً واجتماعياً لأمة ظلت مقموعة تحت قبضة حكم الفرد الواحد منذ ولادة الدولة الحديثة. فمنذ تأسيس الجمهورية السورية بعد الاستقلال عام 1946، سُلب القرار من يد الشعب وتحوّلت الدولة إلى حلبة صراع بين الانقلابات والنخب العسكرية، قبل أن يستقر الحكم بيد…