ماذا بعد مبادرة الاعتذار الذي أقدم عليه الكتاب الكرد ال45 مطلقي النداء الشهير ؟

شادي حاجي

لقد جرت العادة في الدول المتحضرة أن يعتذر أي مسؤول قصر في واجبه أو ارتكب خطأ ما في حق شعبه والأمانة التي يحملها ، وكما تعلمون جيدآ أن العالم لم يعد يعتبر الاعتذار والتنازل والاستقالة ضعفآ ، خصوصآ عندما يتعلق الأمر بمسؤوليات كبرى ، بل بات يعتبره قيمة أخلاقية تنم عن شعور رفيع بالمسؤولية .

ثقافة الاعتذار يجيدها الواثقون من أنفسهم ،،، ويقبل عليها الأحرار بلا تردد ، فقط يحاربها المساكين الجهلة ،،، ويخاف منها ضعاف النفوس ، فهي صفة النبلاء ،،، وخصلة الأقوياء ولاتعترف بوجود الملائكة على الأرض ، فالاعتذار لن ينقص من قدر الانسان بل يزيده رفعة ومكانة .
فهل آن الآوان للمسؤولين السياسيين الكرد في سوريا الذين لم يقصروا في واجبهم فحسب ، بل فشلوا في انجاز أي مشروع من المشاريع الوطنية التي وضعوها (المؤتمر الوطني ومحاولة ايجاد مرجعية سياسية موحدة – مجلس سياسي كردي – مشروع الحركة الوطنية الكردية) .

تلك المشاريع التي كانت تعتبر مشاريع حيوية نهضوية شاملة ومفصلية بالنسبة للشعب الكردي في سورية وقضيته الوطنية العادلة ، بالإضافة الى أنها كانت مطلبآ جماهيريآ عامآ ، وأيضآ فشلوا ليس في عدم الحفاظ على الأطر التي شكلوها (التحالف – الجبهة – التنسيق)  فحسب ، بل في تفعيل وتطوير وتقوية هذه الأطر كما يجب ، كما فشلوا في حماية الشعب الكردي من كافة الكوارث التي حلت بهم نتيجة القرارات والقوانين والمراسيم والاجراءات الاستثنائية الجائرة التي أصدرتها الحكومات السورية المتعاقبة على السلطة بحقهم منذ أكثر من نصف قرن من الزمن ، وارتكبوا أخطاء فادحة أرهقت الجيل الحالي وسترهق الأجيال المقبلة كثيرآ وتكبدهم الكثير من الوقت والجهد بحيث أن كل طفل كردي يولد سيقع على كاهله حمل مالايمكن حمله من المسؤولية تجاه شعبه وقضيته العادلة ، وسيدفعون ثمنآ باهظآ بسبب السياسات الفاشلة التي اتبعوها خلال مسيرتهم ، والأدلة والبراهين كثيرة لامجال هنا لتقديمها تفاديآ للإطالة ، بحيث لايمكن أن يغفر لهم ذلك ، ويتركهم الشعب الكردي الأبي أن يستمروا في تدميره وتدمير مستقبل أولاده.


لذلك الاعتراف بالخطأ والفشل ، وتقديم الاعتذار للشعب والاستقالة من المناصب والمسؤوليات ، لإتاحة الفرصة للغير وخاصة من جيل الشباب للخوض في غمار السياسة بقوة واقتدار ليس عجيبآ ولامنة .

لماذا ؟ لأنكم ياأيها الساسة مدركون تمامآ لحجم أخطاءكم لكنكم تتكابرون وتمتنعون عن الاعتذار ، وتطالبون الشعب أن تقبلكم كما أنتم ، واعلموا أن من يكون على هذه الشاكلة هم الذين يعانون من ضعف الشخصية وعدم القدرة على مواجهة المواقف وكذلك يمكن وصفهم بالغرور ، فليس العيب أن يخطأ ويفشل  الانسان بل العيب في أن يستمر بالخطأ والفشل.


هل سنشهد أن يقدم ال45 مسؤولآ الى الاعتذار والاستقالة ؟ .

اسوة بالكتاب الكرد ال45 مطلقي النداء الشهير الذين أقدموا وبكل جرأة وشجاعة على الاعتذار وبشكل علني وواضح وصريح وسوف أقتبس لكم  ما جاء في النداء وبالحرف (نسارع نحن كبادرة حسن نية ، وبشعور عال من التفهم والمسؤولية ، الى الاعتذار من أي اسم كان ، سواء أكان شخصية سياسية أو ثقافية أو اجتماعية ، فيما اذا أحس أننا أسأنا إليه من قصد أو من غير قصد) انتهى الاقتباس .

 أقول هذا وأنا أعرف حق المعرفة بأنه من الصعب جدآ أن يقدم أي منكم (وأقصد السياسيين)  الى الاعتذار للشعب الكردي في سوريا لأنكم بعيدون جدآ عن مثل هذه الثقافة – ثقافة الاعتذار والاعتراف بالخطأ والفشل ، لأنها غير واردة أبدآ في قاموس أصحاب القرار والإصدار السياسي الكردي في سوريا كما هي غير واردة أبدآ عند باقي أفراد الشعب فيما بينهم ، ولكن يبقى الأمل في أن يفاجئنا أحدكم بالاعتذار والاستقالة يومآ ، وسنبقى متفائلين وننتظر .

بالرغم من أن اعتذاركم سيكون صعب الهضم .
 ألمانيا

 في 23-10-2009 

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…

مصطفى جاويش بعد مضي عام على معركة ردع العدوان وعلى سقوط النظام السوري ووصول احمد الشرع الى القصر الرئاسي في دمشق بموجب اتفاقيات دولية واقليمية بات الحفاظ على سلطة الرئيس احمد الشرع ضرورة وحاجة محلية واقليمية ودولية لقيادة المرحلة الحالية رغم كل الاحداث والممارسات العنيفة التي جرت ببعض المحافظات والمدانة محليا ودوليا ويرى المجتمع الدولي في الرئيس احمد الشرع انه…

ماهين شيخاني مقدمة يواجه الشعب الكوردي في سوريا منذ عام 2011 تحولات سياسية وأمنية عميقة، أفرزت بيئة معقدة تتداخل فيها عوامل داخلية وخارجية. وفي ظل غياب تسوية سياسية شاملة، برزت ثلاثة أطراف رئيسية تركت أثراً مباشراً على مسار القضية الكوردية وعلى الاستقرار الاجتماعي والسياسي في مناطق توزع الكورد. هذا “الثالوث” يشمل الجماعات المتطرفة، والإدارة الذاتية، والمجلس الكوردي، وكلٌّ منها يمتلك…

حسن مجيد في الوضع الكوردي العام وبشكل خاص في إقليم كوردستان العراق كل أصناف المعارضة مرفوضة وخاصة المسلحة منها فالقيام بأعمال الشغب حتى لو لم تكن مرتبطة بأجندات إقليمية أو خارجية فقط يحق لك أن تعارض ضمن مجالات حرية الرأي والتعبير . إن النيل من المنجز بطرق غير شرعية وتخريبية تخدم المتربصين والذين لايريدون الخير للكورد . الواجب الوطني…