أحمد زكريا
مازالت حركة التحرر الكوردستاني، تواصل هجومها السلمي، باتجاه فرض الحل السلمي الديموقراطي، على ساحة صراع، امتد ما يزيد عن خمس وعشرين عاماً، بين حركة التحرر الكوردية، وسياسات الاضطهاد، والإقصاء، والسحق العنصري، التي سيطرت على مفردات وأداء السياسة الرسمية التركية، وانتقلت، بداء العدوى، إلى ما جاور تركيا، من بلاد، تقتسم بحدودها السياسية، بلاد الكورد، والشعب الكوردي.
مازالت حركة التحرر الكوردستاني، تواصل هجومها السلمي، باتجاه فرض الحل السلمي الديموقراطي، على ساحة صراع، امتد ما يزيد عن خمس وعشرين عاماً، بين حركة التحرر الكوردية، وسياسات الاضطهاد، والإقصاء، والسحق العنصري، التي سيطرت على مفردات وأداء السياسة الرسمية التركية، وانتقلت، بداء العدوى، إلى ما جاور تركيا، من بلاد، تقتسم بحدودها السياسية، بلاد الكورد، والشعب الكوردي.
فرغم تجاهل الحكم التركي (ساسة وعساكر)، لمبادرة الحل السلمي، التي أطلقتها حركة التحرر الكوردية، عبر خارطة الطريق، التي تقدم بها القائد الكوردي المعتقل عبد الله أوجلان، والمعروفة بخارطة الطريق الكوردية، حيث تكتمت عليها دوائر الحكم التركية، عبر ما يقارب الشهرين، والتي واجهتها الدولة التركية بثلاثة سياسات متزامنة، كان أولها تسيير عشرات الحملات العسكرية، على مختلف مناطق كوردستان، لتعقب مجموعات قوات الدفاع الشعبي الكوردستاني، ومستغلة فرصة إعلان تلك القوات لوقف إطلاق النار، المتجدد، لعدة مرات، على مدار عامٍ كامل، تلك الحملات التي اسفرت عن فقدان ما يقارب سبعين مقاتلاً، من شباب قوات الدفاع الشعبي الكوردستاني، لحياتهم، نتيجة إصرار منظومة المجتمع لكوردستاني على الالتزام، والتمسك، بقرارها بوقف النار، لإتاحة الفرصة، للعمل السلمي، بهدف إنهاء الصراع المسلح، وعدم انصياعها لاستفزازات قيادة أركان الجيش التركي، وكان المحور الثاني لسياسات الحكم التركي هو عشرات الزيارات الدبلوماسية الخارجية من رجب طيب أردوغان رئيس الوزراء التركي، وعبد الله جول رئيس الدولة، و أحمد داود أوغلو وزير الخارجية التركي، والتي تمحورت جميعها حول تحسين علاقات تركيا بجيرانها المحيطين، لاكتساب ثقتهم وتأييدهم في سياساتها الداخلية، وتمكين الأداء التركي الخارجي كقوة إقليمية، في إطار غياب القوى الإقليمية العربية التقليدية الوازنة، وفي تنامي النفوذ والحضور المنافس التقليدي لتركيا وهو إيران، كما تمحورت تلك الزيارات حول عقد الاتفاقات الأمنية الموجهة بالتحديد لمقاومة وتحجيم تصاعد قوة حزب العمال الكوردستاني وحركة التحرر الكوردية بشكل عام، ولعل أخر التحركات هو التحرك باتجاه أرمينيا على النحو المعروف، لحصار حركة التحرر الكوردية من الشرق، والاتفاق الأمني مع الحكومة العراقية ضد حزب العمال، لحصار تلك الحركة من الجنوب.
أما المحور الثالث لتحرك الحكم التركي رداً على مبادرة خارطة الطريق الكوردية، فكانت إعلان عما يسمى الانفتاح التركي على الأكراد، ذلك الإعلان الذي تناول بعض الوعود الإصلاحية السطحية والهامشية الشكلية، التي لا تلبي الحد الأدنى من المطالب الكوردية، واحتياجات الشعب الكوردي، وطموحات حركة التحرر الكوردية، ذلك الإعلان الذي لم يتجاوز الحدود الكلامية، ولم يتم ترجمته أو الشروع في تنفيذه على محك الواقع العملي، في محاولة للالتفاف على حركة التحرر الكوردية، وخداع جماهير الكورد، بوعود براقة لن تتجاوز الورق إلى أرض الواقع، على الأقل حتى الآن.
ومن جانبٍ آخر، فقد دفعت الحكومة التركية، بالجيش التركي، إلى محك اختبارٍ جديد، بأن مددت في نهاية شهر سبتمبر/ أيلول 2009، موافقة البرلمان، على إطلاق يد الجيش، بتعقب قوات الدفاع الشعبي الكوردستاني، خارج الحدود التركية، بما يضع الجيش في ورطة اختبار عملي جديد، فقد بدا هذا التمديد من جانب “العدالة والتنمية”، تجاوباً مع رغبة الجيش، والقوى القومية المتشددة في الحسم العسكري للصراع، وفي الوقت نفسه، وضع الجيش أمام أحد احتمالين، في حال التصادم، مجدداً، مع حزب العمال الكوردستاني، فإما الانتصار، وإنهاء المشكلة، وسوف يتم تسجيل الانتصار، في حال وقوعه، كرصيد لصالح حزب العدالة والتنمية، ويرفع من شأنه سياسياً، لدى الجماهير التركية، ويقلص النفوذ الجماهيري للقوى القومية، وإما هزيمة جديدة مدوية للجيش، على غرار ما حدث في معارك الزاب 20 – 29 فبراير/ شباط 2008، ما يمثل ضربة قاصمة لنفوذ الجيش، على المستوى السياسي، ويقنن تراجع تأثير الجيش، والقوى القومية المتشددة، على الحياة السياسية في تركيا، وهو ما يصب لصالح رفع شعبية العدالة والتنمية، أيضاً، وتوسيع نفوذها، سياسياً، في أجهزة الدولة، والحياة السياسية بشكل عام، ويعفي العدالة والتنمية، من الحرج، في هذه الحالة، إذ أنها ستكون مضطرة للدخول في تفاوض سلمي مباشر، مع الطرف الآخر، وهو حركة التحرر الكوردية، دون أن يقع على الحكومة، وحزب العدالة والتنمية، أي لوم من القوى القومية، والجيش، فقد أخذ الجيش فرصته، وفشل للمرة الثانية خلال أقل من عامين.
والآن، فإن المبادرة الجديدة، بتسيير ثلاثة وفود إلى أنقرة، تحمل مقترحات حركة التحرر الكوردية بخصوص التسوية السلمية على أسس عادلة وديموقراطية، تؤكد على أن إختيار حركة التحرر الكردستاني للحل السلمي الديموقراطي، إنما هو اختيار جاد، واستراتيجي، وليس تمثيلية هزلية، وليس مضيعة واستهلاك للوقت، وليس من باب الدعاية الديماجوجية فارغة المضمون، إنه اختيار استراتيجي لتلك لحركة، وهي ماضية فيه، إلى أقصى حدود الجدية، تتعامل معه بمنتهى الوعي والإصرار، وفي الوقت نفسه، دون التنازل عن الحقوق المشروعة للشعب الكوردي، وفي المقدمة منها حق الدفاع الشرعي عن النفس، ضد تجاوزات الجيش، والمخابرات التركية، بحق الأبرياء، من جماهير الشعب الكوردي، وآخرها واقعة قتل قوات الجيش التركي، للطفلة جيلان، التي لم تتجاوز سني عمرها الأربعة عشر عاماً، بقذيفة مدفعية، لم ترحم براءة طفولتها، ولا جسدها الغض، فمزقته أشلاءً، دون أن يهتز الضمير التركي، فيهب محاسباً، القتلة، عما اقترفوه بحق طفلة بريئة، لم تكن عضواً بحزب العمال، وكل جريمتها، أن الله خلقها كوردية، ترعى أغنام أسرتها، على أرض آبائها، وأجدادها، فكانت جريمة الجيش البشعة، التي يندى لها جبين الإنسانية، لتزيد ما تلطخ به التاريخ العسكري التركي من عار وخسة في حق الأبرياء من الأطفال والمدنيين العزل.
وقد آثرت حركة التحرر الكوردية أن تتحرك على محورين أساسيين وفي اتجاهين متوازيين ومتزامنين، اتجاه إجراءات عملية لفرض الحل السلمي الديموقراطي بمنتهى الإصرار، واتجاه التمسك بحق الدفاع المشروع، ودون تنازل.
لذلك فقد كان قرار قيادة منظومة المجتمع الكوردستاني، بتوجيه ثلاثة وفود، تتكامل في وظيفتها، لتشكل في مجملها وفداً واحداً، فوفد مخيم مخمور إنما يمثل جماهير الشعب الكوردي من البسطاء في أرض كوردستان، بل وأكثر قطاعات تلك الجماهير تضرراً من الحرب الدائرة منذ خمسة وعشرين عاماً، أعني اللاجئين من بسطاء الشعب الكوردي، الذين حرمتهم مجريات الصراع من البيت الآمن والوطن المستقر، تلك الجماهير التي طالما التفت حول حقها المشروع في التحقق الذاتي، والمعيشة الآمنة والوجود الحر على أرض الآباء والأجداد، فالتفت حول قيادتها، وحملت قراراتها، ووضعتها موضع التنفيذ، فحملت مقترحات السلام متوجهة إلى أنقرة لعرضها ومناقشتها مع الطرف الآخر.
ووفد من قنديل، ممثلاً للمناضلين الذين امتشقوا السلاح دفاعاً عن حقوق وآمال شعبهم، منكرين لذاتهم، ومجسدين لأسمى وأنبل آيات الفداء دفاعاً عن طموحات شعب نحو التحرر، شعب مزقته حراب العنصرية، والتعصب القومي، والقهر، والإقصاء العنصري.
ووفد من أوروبا يمثل جماهير ومثقفي الكورد في المهجر، وبما يقطع الشك باليقين، ويقيم الحجة على توحُد الشعب الكوردي في الوطن والخارج حول برنامج تحرري موحد يعتمد على إرادة صلبة للحل السلمي الديموقراطي ترفعه منظومة المجتمع الكوردستاني، القائد الفعلي المبادر والجامع لإرادة الشعب الكوردي.
إن خروج هذه المبادرة، من سجن إميراللي، وترجمتها خلال أقل من ثمانية وأربعين ساعة من طرحها إلى إجراءات وخطوات عملية، هو تجسيد حي لمدى جدية حركة التحرر الكوردية في اختيار مسار الحل السلمي الديموقراطي، وإعلان للعالم كله، وللشعب التركي، والكردي، وشعوب المنطقة، لمدى صدقية توجهات حركة التحرر الكوردستاني، ومدى زيف، وعدم جدية، شعارات، وسياسات، وتوجهات القيادة السياسية التركية.
إنها محاولة جديدة، من حركة التحرر الكوردستاني، لفرض خيار الحل السلمي، على المعسكر التركي، وقد جاءت رداً على التصعيد العدائي، الذي تنتهجه القيادتان السياسية، والعسكرية التركية.
على المستويين، السياسي الخارجي، والعسكري الميداني.
ولا شك أن الاحتشاد الجماهيري الكوردي، حول الوفود الثلاثة، ومؤازرة الجماهير الكوردية لها، هو الضمان الأهم لإنجاح مهمة تلك الوفود، ولإيصال الصوت الكوردي، مباشرة، وبمطالب محددة، وواضحة، إلى النخبة السياسية التركية، لتعزيز مبادرة خارطة الطريق الكوردية، إن الالتفاف الجماهيري حول الوفود الثلاثة، هو ضمانتها الأكيدة للنجاح، في مهمتها الجريئة، والشجاعة، ويضيق الخناق أمام القوى المعادية للسلام، والتي تسعى لإزكاء الصراع، في كوردستان.
الكرة الآن باتت في ملعب السلطات التركية، وعلى مشهد من العالم بأسره، فإما قبول هذه المبادرة، والتعامل معها بالجدية المناسبة، وبروح المسؤولية، من حكومة، تجاه مواطنيها، وتجاه مسؤولياتها القانونية، والإجتماعية، والإنسانية، وإما التمسك بالصلف، والمراوغة السياسية التركية المعهودة، والتي لن تؤدي إلا إلى مزيد من إهدر الوقت، ونزيف الدماء، وتنامي التهديدات، التي تعيق استقرار المجتمع التركي، وتحبط نمو مقدراته، الأمر الذي ينعكس بصورة مباشرة، على وضع منطقة الشرق الأوسط، ككل، تهديدات قد تدفع قضية الصراع الداخلي في تركيا، إلى منزلقات لا تحمد عقباها، ولا يتمناها أحد.
القاهرة في 19/10/2009
أما المحور الثالث لتحرك الحكم التركي رداً على مبادرة خارطة الطريق الكوردية، فكانت إعلان عما يسمى الانفتاح التركي على الأكراد، ذلك الإعلان الذي تناول بعض الوعود الإصلاحية السطحية والهامشية الشكلية، التي لا تلبي الحد الأدنى من المطالب الكوردية، واحتياجات الشعب الكوردي، وطموحات حركة التحرر الكوردية، ذلك الإعلان الذي لم يتجاوز الحدود الكلامية، ولم يتم ترجمته أو الشروع في تنفيذه على محك الواقع العملي، في محاولة للالتفاف على حركة التحرر الكوردية، وخداع جماهير الكورد، بوعود براقة لن تتجاوز الورق إلى أرض الواقع، على الأقل حتى الآن.
ومن جانبٍ آخر، فقد دفعت الحكومة التركية، بالجيش التركي، إلى محك اختبارٍ جديد، بأن مددت في نهاية شهر سبتمبر/ أيلول 2009، موافقة البرلمان، على إطلاق يد الجيش، بتعقب قوات الدفاع الشعبي الكوردستاني، خارج الحدود التركية، بما يضع الجيش في ورطة اختبار عملي جديد، فقد بدا هذا التمديد من جانب “العدالة والتنمية”، تجاوباً مع رغبة الجيش، والقوى القومية المتشددة في الحسم العسكري للصراع، وفي الوقت نفسه، وضع الجيش أمام أحد احتمالين، في حال التصادم، مجدداً، مع حزب العمال الكوردستاني، فإما الانتصار، وإنهاء المشكلة، وسوف يتم تسجيل الانتصار، في حال وقوعه، كرصيد لصالح حزب العدالة والتنمية، ويرفع من شأنه سياسياً، لدى الجماهير التركية، ويقلص النفوذ الجماهيري للقوى القومية، وإما هزيمة جديدة مدوية للجيش، على غرار ما حدث في معارك الزاب 20 – 29 فبراير/ شباط 2008، ما يمثل ضربة قاصمة لنفوذ الجيش، على المستوى السياسي، ويقنن تراجع تأثير الجيش، والقوى القومية المتشددة، على الحياة السياسية في تركيا، وهو ما يصب لصالح رفع شعبية العدالة والتنمية، أيضاً، وتوسيع نفوذها، سياسياً، في أجهزة الدولة، والحياة السياسية بشكل عام، ويعفي العدالة والتنمية، من الحرج، في هذه الحالة، إذ أنها ستكون مضطرة للدخول في تفاوض سلمي مباشر، مع الطرف الآخر، وهو حركة التحرر الكوردية، دون أن يقع على الحكومة، وحزب العدالة والتنمية، أي لوم من القوى القومية، والجيش، فقد أخذ الجيش فرصته، وفشل للمرة الثانية خلال أقل من عامين.
والآن، فإن المبادرة الجديدة، بتسيير ثلاثة وفود إلى أنقرة، تحمل مقترحات حركة التحرر الكوردية بخصوص التسوية السلمية على أسس عادلة وديموقراطية، تؤكد على أن إختيار حركة التحرر الكردستاني للحل السلمي الديموقراطي، إنما هو اختيار جاد، واستراتيجي، وليس تمثيلية هزلية، وليس مضيعة واستهلاك للوقت، وليس من باب الدعاية الديماجوجية فارغة المضمون، إنه اختيار استراتيجي لتلك لحركة، وهي ماضية فيه، إلى أقصى حدود الجدية، تتعامل معه بمنتهى الوعي والإصرار، وفي الوقت نفسه، دون التنازل عن الحقوق المشروعة للشعب الكوردي، وفي المقدمة منها حق الدفاع الشرعي عن النفس، ضد تجاوزات الجيش، والمخابرات التركية، بحق الأبرياء، من جماهير الشعب الكوردي، وآخرها واقعة قتل قوات الجيش التركي، للطفلة جيلان، التي لم تتجاوز سني عمرها الأربعة عشر عاماً، بقذيفة مدفعية، لم ترحم براءة طفولتها، ولا جسدها الغض، فمزقته أشلاءً، دون أن يهتز الضمير التركي، فيهب محاسباً، القتلة، عما اقترفوه بحق طفلة بريئة، لم تكن عضواً بحزب العمال، وكل جريمتها، أن الله خلقها كوردية، ترعى أغنام أسرتها، على أرض آبائها، وأجدادها، فكانت جريمة الجيش البشعة، التي يندى لها جبين الإنسانية، لتزيد ما تلطخ به التاريخ العسكري التركي من عار وخسة في حق الأبرياء من الأطفال والمدنيين العزل.
وقد آثرت حركة التحرر الكوردية أن تتحرك على محورين أساسيين وفي اتجاهين متوازيين ومتزامنين، اتجاه إجراءات عملية لفرض الحل السلمي الديموقراطي بمنتهى الإصرار، واتجاه التمسك بحق الدفاع المشروع، ودون تنازل.
لذلك فقد كان قرار قيادة منظومة المجتمع الكوردستاني، بتوجيه ثلاثة وفود، تتكامل في وظيفتها، لتشكل في مجملها وفداً واحداً، فوفد مخيم مخمور إنما يمثل جماهير الشعب الكوردي من البسطاء في أرض كوردستان، بل وأكثر قطاعات تلك الجماهير تضرراً من الحرب الدائرة منذ خمسة وعشرين عاماً، أعني اللاجئين من بسطاء الشعب الكوردي، الذين حرمتهم مجريات الصراع من البيت الآمن والوطن المستقر، تلك الجماهير التي طالما التفت حول حقها المشروع في التحقق الذاتي، والمعيشة الآمنة والوجود الحر على أرض الآباء والأجداد، فالتفت حول قيادتها، وحملت قراراتها، ووضعتها موضع التنفيذ، فحملت مقترحات السلام متوجهة إلى أنقرة لعرضها ومناقشتها مع الطرف الآخر.
ووفد من قنديل، ممثلاً للمناضلين الذين امتشقوا السلاح دفاعاً عن حقوق وآمال شعبهم، منكرين لذاتهم، ومجسدين لأسمى وأنبل آيات الفداء دفاعاً عن طموحات شعب نحو التحرر، شعب مزقته حراب العنصرية، والتعصب القومي، والقهر، والإقصاء العنصري.
ووفد من أوروبا يمثل جماهير ومثقفي الكورد في المهجر، وبما يقطع الشك باليقين، ويقيم الحجة على توحُد الشعب الكوردي في الوطن والخارج حول برنامج تحرري موحد يعتمد على إرادة صلبة للحل السلمي الديموقراطي ترفعه منظومة المجتمع الكوردستاني، القائد الفعلي المبادر والجامع لإرادة الشعب الكوردي.
إن خروج هذه المبادرة، من سجن إميراللي، وترجمتها خلال أقل من ثمانية وأربعين ساعة من طرحها إلى إجراءات وخطوات عملية، هو تجسيد حي لمدى جدية حركة التحرر الكوردية في اختيار مسار الحل السلمي الديموقراطي، وإعلان للعالم كله، وللشعب التركي، والكردي، وشعوب المنطقة، لمدى صدقية توجهات حركة التحرر الكوردستاني، ومدى زيف، وعدم جدية، شعارات، وسياسات، وتوجهات القيادة السياسية التركية.
إنها محاولة جديدة، من حركة التحرر الكوردستاني، لفرض خيار الحل السلمي، على المعسكر التركي، وقد جاءت رداً على التصعيد العدائي، الذي تنتهجه القيادتان السياسية، والعسكرية التركية.
على المستويين، السياسي الخارجي، والعسكري الميداني.
ولا شك أن الاحتشاد الجماهيري الكوردي، حول الوفود الثلاثة، ومؤازرة الجماهير الكوردية لها، هو الضمان الأهم لإنجاح مهمة تلك الوفود، ولإيصال الصوت الكوردي، مباشرة، وبمطالب محددة، وواضحة، إلى النخبة السياسية التركية، لتعزيز مبادرة خارطة الطريق الكوردية، إن الالتفاف الجماهيري حول الوفود الثلاثة، هو ضمانتها الأكيدة للنجاح، في مهمتها الجريئة، والشجاعة، ويضيق الخناق أمام القوى المعادية للسلام، والتي تسعى لإزكاء الصراع، في كوردستان.
الكرة الآن باتت في ملعب السلطات التركية، وعلى مشهد من العالم بأسره، فإما قبول هذه المبادرة، والتعامل معها بالجدية المناسبة، وبروح المسؤولية، من حكومة، تجاه مواطنيها، وتجاه مسؤولياتها القانونية، والإجتماعية، والإنسانية، وإما التمسك بالصلف، والمراوغة السياسية التركية المعهودة، والتي لن تؤدي إلا إلى مزيد من إهدر الوقت، ونزيف الدماء، وتنامي التهديدات، التي تعيق استقرار المجتمع التركي، وتحبط نمو مقدراته، الأمر الذي ينعكس بصورة مباشرة، على وضع منطقة الشرق الأوسط، ككل، تهديدات قد تدفع قضية الصراع الداخلي في تركيا، إلى منزلقات لا تحمد عقباها، ولا يتمناها أحد.
القاهرة في 19/10/2009
ملحوظة: تم تحرير المقال بتاريخ 19/10/2009، في نفس يوم انظلاق وفد السلام، من مخمور وقنديل، وتأخر نشره لأسباب خارجة عن إرادة الكاتب، ومع ذلك فالاعتذار واجب من الكاتب للقراء.
أحمد زكريا