في أروقة بلدية القامشلي


سيامند إبراهيم

من المسلم به إن إحدى سمات جمال المدن هي نظافتها, حدائقها,  تماثيل مبدعيها من شعراء وكتاب كبار رفعوا من اسمها, وصار تعرف هذه المدن بأسمائهم الكبيرة, ومما يزيد من رونق وأبهة هذه المدن أن تفرش بالأرصفة الملونة, وزرع الأشجار في كل شارع وساحة من أجزائها, وبذلك تبعث في رئتها أوكسجين جديد نقي, وبذلك فإنها تخفف التلوث المتصاعد  للغازات المنبعثة من عوادم السيارات وغيرها, وهكذا نرى أن تمايز المدن من خلال هذه العناصر التي ترتقي باسم, وسمعة المدينة, إلاً أن حالة القامشلي شيء آخر من الإهمال, فأغلب الساحات هي صورة عن خرائب تحسبها من مخلفات الحرب العالمية الثانية!!
فالإهمال والتسيب هي السمة العامة لمداخل ومخارج مدينة القامشلي باستثناء مدخلها ومخرجها من ناحية فيلات المطار!!
كم يحز في نفسي, وأشعر إن هذه المدينة الهادئة الجميلة مهملة كل الإهمال من قبل المحافظة أولاُ ومن بلديتها ثانياً, وأي زائر لهذه المدينة يلحظ ذلك بدون أي دليل سياحي وتاريخي, فالفساد والفوضى منتشرة ومتفشية في مفاصل هذه المدينة وأركانها,
فلنبدأ من دوار (زوري) حيث تبدو هذه الساحة الكبيرة المقفرة, ولا يدل على أن هذا الدوار هو بداية المدخل إلى مدينة القامشلي!! ومن المفروض أن تبنى وتزين بالنوافير المائية على أكمل وجهٍ, ومن ثم نتجه نحو دوار الهلالية الذي يئن تحت وطأة الإهمال والمهملات, وحاله حال دوار (زوري) أكوام من التراب الأحمر, وحجارة فيها, ثم ننحو نحو وسط المدينة حيث دوار سوني المحاصر من قبل عدة مخارج وهي أيضاً مهملة, ولا ننسى الرصيف المواجه لبلدية القامشلي حيث يفتقر إلى الرصيف, وفي الشتاء لا يستطيع أحد أن يسير هنالك من كثرة الحفر, والمطبات الموجودة فيه!
وأخيراً نشًرق نحو حي قدور بك, والعنترية حيث الأرصفة قديمة قدم بناء هذه المدينة , وأحياناً تجدها معدومة, و تكمل مشوارك نحو (دوار العلف) حيث هي كمثل أخواتها ساحات زوري, الهلالية, وسوني حيث الإهمال والقذارة, وأخيراً تقف في نهاية حي العنترية وترى ساحة المطاحن تئن صارخة أغيثوني من هذه الأوساخ والأتربة والإهمال التي تسري في أوصال هذا المدخل, ومنظرها يقزز النفس, ويزيدها بلة وجود سيارات الأجرة حيث تعم الفوضى هناك وكان الأجدر بالبلدية تخصيص كراج لهذه السرافيس وبذلك تخدم عدد أكبر من المواطنين, ولا ننسى أن إدارة الكهرباء العتيدة قد نسيت أو تناست أن تتمم  تمديد كهرباء الشارع المهم الممتد من محطة القطار إلى دوار المطاحن حيث نرى بسبب الظلام حدوث عشرات الحوادث المرورية هناك!
وأخيراً لا بد من الثناء على بعض أعمال البلدية في تزفيت وزرع عشرات الأشجار في القامشلي, لكن كل هذه الأعمال تجري ببطء, لكن مقابل هذا الزفت فإن البلدية قد أرهقت المواطنين بضريبة قدرها (14) ألف ليرة سورية وهي كلفة هذا الزفت لكل مواطن قاطن في هذه الشوارع, ونستغرب من تقدير البلدية لهذا المبلغ الفاحش.

 
 وحبذا لو خصصت بلديتنا بعض الوقت والجهد للأحياء الفقيرة أيضاً كحي قناة السويس الهلالية, العنترية, وقدور بك كما تهتم بمنطقة الوسطى والسياحي!!
 وحبذا لو وضعت هذه المناطق في مخططها وتجميل هذه المدينة أسوة بدول الجوار التي ترصف شوارعها بالأحجار وأسوة بالعاصمة دمشق , ولا نقول لرئيس بلديتنا أن ترصف فيها الرخام, ولكن بعض الزفت الذي هو من مخلفات بترول الجزيرة السورية, ولا نقول من حسابك الخاص أيضاً كما يفعل رؤساء بلديات دول الجوار, ولكن من خزينة البلدية التي هي بالأساس تجمع من جيوب هذا الشعب في النهاية,  كما قال الصحافي المصري إبراهيم نافع في جريدة الأهرام:” تفخر الحكومة بأن نصف ميزانيتها من الضرائب من جيوبنا”, وفي ظل الأزمة الاقتصادية العالمية التي فتكت باقتصاد العالم ودول العالم الثالث على وجه الخصوص فمن أين يأتي الفقراء بالضرائب والمخالفات اليومية التي تفرضها بلديتنا؟! وإن نفذت بلديتنا بعض هذه الأعمال سترتقي مدينتنا القامشلي “مدينة الحب” وسيزداد حبها أكثر إذا كانت نظيفة كقلوب عشاقها ولنزرع أشجاراً ولنخضر هذه الأرض كاخضرار روح محبيها للأبد.

siyamendbrahim@gmail.com

 
دوار الهلالية (المدخل الغربي المؤدي الى عامودا)


أحد الشوارع الرئيسية في المدينية


الشارع الرئيسي عند حي العنترية 

 


دوار الصوامع


المدخل المؤدي الى المطار

 

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

اكرم حسين   في السنوات الأخيرة، يتصاعد خطاب في أوساط بعض المثقفين والنشطاء الكرد في سوريا يدعو إلى تجاوز الأحزاب الكردية التقليدية، بل والمطالبة بإنهاء دورها نهائياً، وفسح المجال لمنظمات المجتمع المدني لإدارة المجتمع وتمثيله. قد تبدو هذه الدعوات جذابة في ظاهرها، خاصة في ظل التراجع الواضح في أداء معظم الأحزاب، والانقسامات التي أنهكت الحركة الكردية، لكنها في عمقها…

عدنان بدرالدين   بينما تتجه الأنظار اليوم نحو أنطاليا لمتابعة مجريات المنتدى الدبلوماسي السنوي الذي تنظمه تركيا، حيث يجتمع قادة دول ووزراء خارجية وخبراء وأكاديميون تحت شعار ” التمسك بالدبلوماسية في عالم منقسم”، يتبادر إلى الذهن تساؤل أساسي: ما الذي تسعى إليه أنقرة من تنظيم هذا اللقاء، وهي ذاتها طرف فاعل في العديد من التوترات الإقليمية والصراعات الجيوسياسية، خصوصًا…

جليل إبراهيم المندلاوي   في عالمنا المليء بالتحديات الجيوسياسية والأزمات التي تتسارع كالأمواج، هناك قضية كبرى قد تكون أكثر إلهاما من مسرحية هزلية، وهي “ضياع السيادة”، حيث يمكن تلخيص الأخبار اليومية لهذا العالم بجملة واحدة “حدث ما لم نتوقعه، ولكنه تكرّر”، ليقف مفهوم السيادة كضحية مدهوشة في مسرح جريمة لا أحد يريد التحقيق فيه، فهل نحن أمام قضية سياسية؟ أم…

أمجد عثمان   التقيت بالعديد من أبناء الطائفة العلوية خلال عملي السياسي، فعرفتهم عن قرب، اتفقت معهم كما اختلفت، وكان ما يجمع بينهم قناعة راسخة بوحدة سوريا، وحدة لا تقبل الفدرلة، في خيالهم السياسي، فكانت الفدرالية تبدو لبعضهم فكرة دخيلة، واللامركزية خيانة خفية، كان إيمانهم العميق بمركزية الدولة وتماهيها مع السيادة، وفاءً لما نتصوره وطنًا متماسكًا، مكتمل السيادة، لا يقبل…