وداعا ايها الحي الباقي

بدرالدين عرفات

المناضل السياسي البار محمد ملا أحمد ابن كردستان سوريا رحل الى مثواه الأخير, و لكن يستحيل علينا ان ننسى كل الأعمال التي قدمها الى ابناء شعبه الكردي في كردستان سوريا هو, و كافة افراد عائلته المشهودة لهم بكفاحهم و نضالهم القومي و الثقافي من اجل الحقوق المشروعة للشعب الكردي في كردستان سوريا .

رحل الفقيد بقلب مطمئن الى داره الأخيرة بعد مسيرة حافلة بالعطاءات السياسية و الأدبية و الفكرية في تاريخ شعبه الأبي .

لقد ترك لنا و لأبناء شعبه أرثا ثقافيا لا يستهان به نظرا لخبرته الطويلة في مسيرة الحركة الكردية في سوريا و معايشته الشخصية لها ,لقد عانى الجوع و الحرمان و الملاحقة و السجن و كان محطته الأخيرة بلا شك من احلك و اصعب مراحل حياته في ديار الغربة حيث المنفى الأختياري و الغربة القاسية القاتلة و التي بدورها لم ترحمه و اخد منه ما كل ما يتمناه الأنسان ألا وهو الحياة الرغيدة الهانئة و الصحة الممتازة .
 لقد خطفه غدر هذه الغربة المتوحشة على حين غرة و نهشت في روحه و جسده و وجدان مئات لا بل آلاف مؤلفة من ابناء شعبنا الكردي في المنافي الأختيارية القاسية بعد ان عجز الوطن و جلاوزتهم عن احتضانهم , لقد كان الحي الباقي محمد ملا أحمد مثالا للأخلاص, و الشهامة و الوفاء ولم يبخل في اية لحظة من لحظات عمره في تقديم الغالي و الرخيص من اجل عزة و رفعة كردستان و كانت محطات حياة المغفور له حافلة و شاهدة على عطاءته الكثيرة لقد كان متواضع الخلق و رابط الجأش و مخلصا الى ابعد الحدود و كان مستشارا من الدرجة الأولى عندما كنت تود الأقتراب منه بغية النصح و الأرشاد و خاصة اذا كان الآمر متعلق بتاريخ و مسيرة و كفاح الشعب الكردي في كردستان سوريا و حركته القومية .

لقد كان للراحل مسيرة حافلة في تاريخ الحركة الكردية و من النخبة الممتازة و من اكثر الشخصيات نزاهة و أخلاصا و تواضعا و كان هذا رصيدا و سندا قويا له خلال كفاحه ضمن صفوف الحركة الكردية و خلال مسيرته في كتابة الصفحات المشرقة و المشرفة للحركة الكردية في سوريا .

 حيث يشهد له التاريخ بأنه كان دقيق الوصف و التحليل و شديد الذكاء في الذاكرة رغم مرور حقبة لا يستهان بها, لقد و ضع كل النقاط على حروفها ووصف ادوية مناسبة للعل التي كانت قد اصابت كافة اطراف الحركة الكردية خلال مراحل نضالاها مع القوى الشوفينية و العنصرية و قطعان البعث التي قطعت أوصال وطنه اربا أربا, لقد كان الفقيد و رغم قدمه في السن دائم القراءة و الكتابة وكان اوضاع شعبه الكردي في كردستان سوريا و ما آلت اليها شغله الشاغل و كان مشاركا و ناشطا سياسيا من الدرجة الأولى و كان شخصية أجتماعية محبوبة في محيط الجالية الكردية في المانيا و الدول الأوربية المجاورة و يشهد الجميع للفقيد الغالي و حتى آخر رمق في عمره انخراطه في العمل السياسي المتواصل و دون أي كلل أو ملل .

 لقد ارسى دعائم هيئة العمل المشترك للكرد السوريين في المانيا, رغم ظروف المرض اللعين الذي كان ينهش في جسده و كان احد المساهمين الأسساسيين على انشائها, و دعم اسباب صمودها و يندر ان غاب عن اجتماعات الهيئة ,الا ما ندر رغم اوضاعه الصحية الغير جيدة و كان مستشارا من النخبة الأولى في هيئة العمل المشترك للكرد السوريين في المانيا و كان في الحققية شخصية محترمة و مرموقة و وفية الى ابعد الحدود في كافة اوساط الهيئة, و صوته الجهوري القوي خلال أجتماعات الهيئة و قد كان المدافع الأمين عن ولادة هيئة العمل و صون كيانها و ذلك الصوت الجهوري ستبقى بلا شك في وجدان و ضمائر تلك الشخصيات التي عاشرته عن قرب فهنيئا لك ايها الفيقد الغالي, لمن يتحلى بتلك الصفات و نم قرير العينين و لينثر عليك رفاقك و اخوتك و ابناء شعبك على جسدك الطاهر تربة وطنك كردستان التي احببتها و رحلت و انت بعيدا عنها نم هادئا ايها الوفي المخلص في تراب وطنك و تنشق من عبيرها الى ابد الآبدين بعد ان حرمك اعداء الله و الوطن و الأنسانية من التمتع بتلك الأرض الغالية و المقدسة تغمدك الله بواسع رحمته و ستبقى نبراسا و مشعلا ينير لنا طريق ليلنا المظلم.

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف تعود سوريا اليوم إلى واجهة الصراعات الإقليمية والدولية كأرض مستباحة وميدان لتصفية الحسابات بين القوى الكبرى والإقليمية. هذه الصراعات لم تقتصر على الخارج فقط، بل امتدت داخليًا حيث تتشابك المصالح والأجندات للفصائل العسكرية التي أسستها أطراف مختلفة، وأخرى تعمل كأذرع لدول مثل تركيا، التي أسست مجموعات كان هدفها الأساسي مواجهة وجود الشعب الكردي، خارج حدود تركيا،…

روني آل خليل   إن الواقع السوري المعقد الذي أفرزته سنوات الحرب والصراعات الداخلية أظهر بشكل جلي أن هناك إشكاليات بنيوية عميقة في التركيبة الاجتماعية والسياسية للبلاد. سوريا ليست مجرد دولة ذات حدود جغرافية مرسومة؛ بل هي نسيج متشابك من الهويات القومية والدينية والطائفية. هذا التنوع الذي كان يُفترض أن يكون مصدر قوة، تحوّل للأسف إلى وقود للصراع بسبب…

خالد حسو الواقع الجميل الذي نفتخر به جميعًا هو أن سوريا تشكّلت وتطوّرت عبر تاريخها بأيدٍ مشتركة ومساهمات متنوعة، لتصبح أشبه ببستان يزدهر بألوانه وأريجه. هذه الأرض جمعت الكرد والعرب والدروز والعلويين والإسماعيليين والمسيحيين والأيزيديين والآشوريين والسريان وغيرهم، ليبنوا معًا وطنًا غنيًا بتنوعه الثقافي والديني والإنساني. الحفاظ على هذا الإرث يتطلب من العقلاء والأوفياء تعزيز المساواة الحقيقية وصون كرامة…

إلى أبناء شعبنا الكُردي وجميع السوريين الأحرار، والقوى الوطنية والديمقراطية في الداخل والخارج، من منطلق مسؤولياتنا تجاه شعبنا الكُردي، وفي ظل التحولات التي تشهدها سوريا على كافة الأصعدة، نعلن بكل فخر عن تحولنا من إطار المجتمع المدني إلى إطار سياسي تحت اسم “التجمع الوطني لبناء عفرين”. لقد عملنا سابقاً ضمن المجتمع المدني لدعم صمود أهلنا في وجه المعاناة الإنسانية والاجتماعية…