قول على قول (انطباعات أولية.. حول ما طرحه صلاح بدر الدين)

  دهام حسن

طرح الأستاذ صلاح بدر الدين أفكارا ورؤى بدافع التفاهم والتلاقي السياسي الكوردي على الصعيد الوطني السوري عبر مشروع متكامل مطروح للدراسة والمناقشة والإغناء، ويبدو من كلام الأستاذ بدر الدين، أن المشروع سبق أن تم طرحه قبل عقد كامل، حينها تم توزيع المشروع على كافة الأحزاب والتنظيمات الكوردية… كما سبق للأستاذ فيصل يوسف أن طرح أفكارا قبل أيام تدخل ضمن إطار لملمة الشتيت السياسي الكوردي، ولا أعلم هل ما طرحه السيد يوسف تمثل وجهة نظر شخصية، أم تحمل بصمات حزبه (التقدمي)..

أقول هنا بمنتهى الصراحة، أنني لم أقف بالقراءة الممعنة فيما طرحه السيدان، (بدر الدين – يوسف) لأنني غير متفائل باستجابة الحركة السياسية الكوردية لما طرحاه، بل أقول أني متشائم، ويبدو لي أن الظروف لم تنضج بعد لدفع  المسؤولين أصحاب القرار لملاقاة هكذا أفكار ومشاريع، بل أن الكلام عن المجالس الوطنية أصبحت موضة ودخلت في خانة المزايدات الحزبية الرخيصة، يطرحها بعضهم في ندواتهم الحزبية دون جدية منهم، فهم يريدون مجلسا من أناس انتهازيين يقع عليهم اختيار المسؤول الحزبي ليفصل بالتالي المجلس على قياسه، أما مجلس ذو فعالية يتمتع بمسؤولية وصلاحيات، فليس في وارد تفكيرهم، أو البعض منهم إذا أردنا الدقة وعدم التعميم… فإلى هذه اللحظة لم يلق مشروع السيد صلاح بدر الدين أي رد فعل من قبل أي طرف حزبي من الأحزاب والتنظيمات الكوردية سواء إيجابا أم سلبا.! وهل قامت تلك الأحزاب التي كانت وما زالت تطرح موضوع (المجالس) في ندواتها بالكلام، هل قامت بعرض مشروع السيد بدر الدين على أعضائها بغاية مناقشته والرد عليه، لا أظن.! اللهمّ إذا استثنينا بعض الأقلام الغيورة لمتابعين ومثقفين، داولوا الموضوع عبر الإنترنيت والذين – مع تقديرنا لهم – لا يشكلون في الواقع الكردي سوى صيحات غيورة في قرار واد سحيق لا تسمع صيحاتهم.!

لقد وجدنا جميع الأطراف تقريبا يطرحون مسألة المجالس من عناصر مستقلة، لكنهم بنفس الوقت يريدون مجالس على كيفهم، لهذا فهم يركزون على عناصر مستقلة محددة لاحتوائهم، بغاية خدمة قادتهم وأحزابهم بالدرجة الأولى لا خدمة الحركة السياسية عامة، بعد أن أحسوا بالبون الواسع بينهم وبين الشارع الكردي غير المسيس، القائد الحزبي يقود حزبه بمفرده، فكيف يقبل بالمستقلين أن يقودوه، والسيد صلاح بدر الدين يطرح نسبة 60 بالمئة من قوام المجلس للمستقلين، معنى ذلك أن القائد المتنفذ يخسر كثيرا من نفوذه وصلاحياته، لهذا فأنه لن يوافق ألبتة على ما يطرحه الآخرون من مشاريع، أنه يريد مجلسا لحزبه لا للحركة السياسية الكوردية، لهذا فهو يسعى لجلب المستقلين الذين سيمتثلون لأوامر وتوجهات القائد أكثر حتى من الأعضاء الحزبيين أنفسهم..سبق أن تناولت هذه النقطة، حيث قلت أن مرجعية أي حزب هو مؤتمره الأخير، ولجنته المركزية، وما  صدر عنه من برامج..

أما أن يمتثل هؤلاء لمجلس غالبية أعضائه من المستقلين، فهذا أمر جار على غير العادة، لهذا فأني أشك أن يكون بعض المنادين به جادين في كلامهم، إلا في سبيل المزاودة، إلا في حالات أخرى كالضعف والترهل والإفلاس السياسي والتنظيمي..

أو إذا تيسر للقائد المسؤول من احتضان مستقلين لا رأي لهم سوى لغة الطاعة والامتثال له..

ما حدث في التحالف يؤكد ذلك، فقد كان المستقلون ملكيين أكثر من الملك، عندما صوت الحضور والغائبين معا لجهة واحدة إثر إشكالية بين الأطراف، إذا كان الحضور قد عاينوا الإشكالية، فصوتوا لطرف ما، فكيف بالغائبين أن يصوتوا لصالح الفريق نفسه وهم لم يكونوا في الاجتماع .! هكذا أحيانا يراد بالمستقلين أن يكونوا أتباع دون رأي لهم، مع احترامي لكل ذي رأي مهما اختلفت معه..

أيها الأخوان..

المسألة تقتضي قبل طرح المشاريع المخلصة، تقتضي مشروعا أكثر تطلبا، وهو الموادعة بين القيادات، الخطوة الأولى المجدية حقا في الطريق الصحيح هي الجمع بين هؤلاء القادة المسؤولين ولو على كأس من الشاي، ودون إثارة المسائل الخلافية حتى، ولا باس أن يقوم بهذا المسعى عدد من المستقلين على أن يعرضوا نتائج سعيهم فيضعوها أمام شعبهم، ليتحمل كل قائد مسؤولية موقفه، لا أن يظهر بوجهين أي بموقفين يناقض أحدهما الآخر، وحتى تكون الجماهير على معرفة ودراية بكل المواقف.رغم كل هذا يبقى  الأهم أولا التهادن والمصالحة، ووقف الاحتراب الكلامي، والإساءة وحشد الناس ضد بعضهم،  

ثمة من لا يريدون أن تتم هكذا خطوات، وربما لا يملكون القرار..

فكل مشاريعكم للأسف – أيها الأخوة – ستذهب أدراج الرياح طالما النية عند البعض غير ذلك، قد تقولون ليس من الضروري أن يتفق جميع الأفرقاء على المشروع، حسنا فإذن علينا الجمع بين المتفقين مبدئيا على مائدة الاجتماع، فمتى تمكنتم أخوتي أصحاب المشاريع الطموحة من الجمع بين تلك القيادات، عندها يمكن أن تتكلموا عن مشاريعكم، أما قبل ذلك فلاشيء يمكن أن يتحقق، لكن بعد هذه الخطوة خطوة المصالحة عند لمّ شمل الأخوة الأعداء، يمكن حينها أن نتيقن أننا مقدمون على خطوات جادة ومجدية، وقد نبصر تصاعد الدخان الأبيض… 

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

عنايت ديكو سوريا وطن محكوم بالشروط لا بالأحلام. سوريا لن تبقى كما يريدها العرب في الوحدة والحرية والاشتراكية وحتى هذا النموذج من الإسلاموية، ولن تصبح دولة كما يحلم بها الكورد، من تحريرٍ وتوحيد للكورد وكوردستان. هذا ليس موقفاً عدمياً، بل قراءة موضوعية في ميزان القوى، ومصارحة مؤلمة للذات الجماعية السورية. فمنذ اندلاع شرارة النزاع السوري، دخلت البلاد في مرحلة إعادة…

محمود برو حين يتحدث البعض عن كوردستان على أنها أربعة أجزاء، ثم يغضون الطرف عن وجود كوردستان الغربية، ويحاولون النقص من حقوق شعبها تحت ذرائع مبرمجة ومرضية للمحتلين ،فهم لا ينكرون الجغرافيا فقط، بل يقصون نضالاً حقيقياً ووجوداً تاريخيا و سياسياً للكورد على أرضهم. إنهم يناقضون انفسهم ويدفعون شعبهم إلى متاهات صعبة الخروج كل ذلك بسبب سيطرة الادلجة السياسية…

حوران حم واقع يصرخ بالفوضى في مشهد يعكس عمق الأزمة البنيوية التي تعيشها الحركة الكوردية في سوريا، تتوالى المبادرات التي تُعلن عن تشكيل وفود تفاوضية موسعة، تضم عشرات الأحزاب والتنظيمات، تحت مسمى التمثيل القومي. غير أن هذا التضخم في عدد المكونات لا يعكس بالضرورة تعددية سياسية صحية، بل يكشف عن حالة من التشتت والعجز عن إنتاج رؤية موحدة وفاعلة….

مصطفى منيغ/تطوان باقة ورد مهداة من بساتين تطوان ، إلى عراقية كردية ملهمة كل فنان ، مُلحِّناً ما يطرب على نهج زرياب قلب كل مخلص لتخليص ما يترقب تخليصه من تطاول أي شيطان ، على أرض الخير العميم وزرع نَضِر على الدوام وجنس لطيف من أشرف حسان ، بنظرة حلال تداوى أرواحا من داء وحدة كل عاشق للحياة العائلية المتماسكة…