إعداد المحامي رديف مصطفى
معوقات عمل منظمات حقوق الإنسان في المنطقة العربية رؤية مختصرة إنني أدرك تماماً بان محاولة صياغة مشهد عام لحالة حقوق الإنسان في المنطقة العربية مهمة شاقة وتكاد تكون مستحيلة.
فلكل بلد خصوصيتة التي تؤدي إلى تشكيل حالة حقوق الإنسان فيه.
وعلى الرغم من هذه الخصوصية فإن أوضاع حقوق الإنسان في البلدان العربية تكاد تكون متشابهة ولا تختلف عن بعضها كثيراً نظراً لوجود عدة عوامل مشتركة لا زالت قوية كعامل الدين والثقافة واللغة,اضافة الى موقف الحكومات من الاتفاقيات والقانون الدولي لحقوق الإنسان والالتزام بالمعايير الدولية فعلى الرغم من توقيع غالبية الحكومات على الاتفاقيات الدولية الهامة والملزمة فان أدائها في مجال حقوق الإنسان يشير بوضوح إلى عدم وفائها بالتزاماتها فضلا عن كونها تمتلك سجلات سيئة في مجال حقوق الإنسان عبر انتهاكات حادة ومزمنة لهذه الحقوق حيث إن آليات إعمال معايير هذه الحقوق ضعيفة جدا إن لم نقل أنها معدومة .
إضافة إلى إن حركة حقوق الإنسان ضعيفة بمعنى المنجز رغم امتلاكها في العديد من البلدان موارد بشرية تمتلك تقنيات مهنية عالية إلى جانب امتلاكها للموارد المالية لكنها عموما ضعيفة في وضع الاستراتيجيات الجديدة وخطط العمل والتي تتم عادة بعيدا عن منطق المشاركة والتشاور حيث يقتصر الأخير على الأمور اليومية البسيطة هذا إلى جانب عدم توفر المناخ الدستوري والتشريعي والقانوني الملائم لعمل هذه المنظمات فضلا عن انعدام المناخ السياسي0 ماهية منظمات حقوق الإنسان: لا شك إن منظمات حقوق الإنسان المقصودة هنا هي المنظمات غير الحكومية والتي هي جزء لا يتجزأ من مؤسسات المجتمع المدني وتعرف بأنها توافق طوعي وحر تتلاقى فيه إرادة مجموعة من البشر يعبرون عن مصالح أفراد ويؤمنون بالمرجعية الدولية لحقوق الإنسان ويعتمدون المعايير والآليات الدولية الخاصة بتلك المرجعية على أساس من قيم الديمقراطية وقبول التعدد والاختلاف والتنوع بهدف إجراء عمليةالاصلاح والدمقرطة عبر الوسائل السلمية من اجل خلق جماعات ضغط احتجاجية تتحول إلى قوة اقتراحية بهدف إجراء إصلاحات ديمقراطية سلمية تؤدي إلى خلق توازن بين مصلحة الفرد الضعيف وسلطة الدولة القوية 0 المعوقات الخارجية :
1- إن قضية حقوق الإنسان هي قضية عالمية وتتضمن اتفاقيات ومعايير وآليات محددة ونظراً لكون منشأها الفكري غربي فإن موقف الحكومات الغربية من قضايا المنطقة وخصوصا فيما يخص الموقف من الصراع العربي الإسرائيلي وانحياز الحكومات الغربية حكومة الولايات المتحدة وحكومات الاتحاد الأوربي إلى جانب إسرائيل هذا من ناحية ومن ناحية أخرى موقف الحكومات الغربية من قضايا الإصلاح والديمقراطية وحقوق الإنسان في المنطقة واعتماد منطق يعتمد على معايير غير واضحة ومتناقضة أحياناً حيث تستخدم قضية الإصلاح كسلاح سياسي للضغط على الحكومات لتحقيق مكاسب سياسية واقتصادية لا تتوافق مع مصلحة شعوب المنطقة وتبقي على أنظمة الاستبداد.وتنتهي إلى عمليات إصلاح شكلية لا تلبي إلا المصالح السياسية للدول الغربية مقابل تخفيف الضغوط على أنظمة المنطقة ويصبح هذا الموقف سلاحاً بيد الأنظمة الحاكمة التي تقوم بحملات واسعة لتشويه سمعة نشطاء حقوق الإنسان بحجة تبنيهم فكرة غربية ومولاتهم للغرب عبر شعارات قومية ووطنية فضلا عن أن هذا الموقف أصبح سلاحاً فتاكاً بيد التيارات الدينية التي تعارض عموماً عمليات الإصلاح والدمقرطة وتقف بالضد من مشاركة المرأة ويقف غالبية رجال الدين بالضد من نشطاء حقوق الإنسان مستغلين هذا الموقف وربما أدى هذا الموقف إلى دفع ببعض حركات حقوق الإنسان إلى تبني خطابات بديلة كطرح مسالة الإعلان الإسلامي لحقوق الإنسان أو تبني اولويات قومية مثلا
2- عدم انتشار ثقافة حقوق الإنسان بالمعنى المعرفي سواءً لدى أفراد المجتمع أو لدى المؤسسات الحكومية أو لدى المؤسسات الإعلامية اوحتى لدى الجهات الحقوقية نفسها شكل عائقا جديا أمام نشطاء حقوق الإنسان وجعلهم فريسة سهلة لقمع السلطات0
3- الوصاية السياسة لبعض الجهات على منظمات حقوق الإنسان والتي تبعدها عن موقعها الحقيقي في لعب دورها الاحتجاجي الأقتراحي وتدفعها إلى اعتماد منطق القطيعة مع السلطة الحاكمة وبالتالي الوقوع في براثن العزلة والتقوقع أو أنها تندفع نتيجة مصالح سياسية للوصي وتتحول إلى لعبة أو دمية بيد السلطات الحاكمة بحجة العلاقة مع الحكومة فتفقد حيا ديتها وبالتالي مصداقيتها 0
4- عدم توفر البيئة الدستورية والتشريعية والقانونية والسياسية الملائمة لعمل منظمات حقوق الإنسان إضافة إلى وجود قوانين الطوارئ وفرض حالاته والمحاكم الاستثنائية وكثرة القوانين التي تساعد الموظف الحكومي على الإفلات من العقاب إضافة إلى عدم وجود قوانين تنظم الحياة الحزبية والعامة وإن وجدت فهي غير عصرية ولا تواكب التطور وتتعمد تقيد حرية تشكيل الأحزاب والجمعيات وتمنح رقابة واسعة للسلطات على نشاط هذه الأحزاب والجمعيات0
5- موقف الأنظمة العربية وبعض القوى والتيارات الرئيسية من قضية الإصلاح وعدم امتلاكها للإرادة الكافية لإجراء إصلاح حقيقي كضرورة مجتمعية ووطنية ملحة بل إن الكثير من الحكومات لا تمتلك حتى الرغبة في إجراء الإصلاح تحت حجج ومبررات واهية0
6- القمع المنظم لنشطاء المجتمع المدني بشكل عام واعتماد الأسلوب الأمني في معالجة المشكلات السياسية والمجتمعية وتقيد حرية الصحافة واقتصار دور الإعلام إلى كونه يوق من أبواق السلطة الحاكمة وتقيد حرية الجمعيات والاتحادات والنقابات لدرجة ضمان تبعيتها وإلحاقها بالسلطة0
7- غياب المشاركة السياسية واعتماد أنظمة شمولية وأنظمة الحزب الواحد أو أنظمة حكم الفرد وحرمان الكثير من الجماعات من المشاركة في الانتخابات وبالتالي من المشاركة في الحياة العامة وغياب مبدأ المواطنة0
8- انتشار الفكر الأصولي والعمليات الإرهابية ووسائل مكافحتها وربطها بالإسلام من قبل الغرب أضر بشكل فادح بنشاط منظمات حقوق الإنسان,عبر اعتماد المنظمات الإرهابية لثقافة العنف والقتل والكراهية بدلاً عن ثقافة الحوار والتسامح والسلم حيث تحاول بعض السلطات الحاكمة وبحجة مكافحة الإرهاب إلى تعزيز السيطرة الأمنية على المجتمع مما أدى إلى تعزيز ثقافة العنف والكراهية في المنطقة عموما 0 المعوقات الداخلية:
1- نقص الكوادر البشرية الكفؤة التي تتمتع بقدرات مهنية احترافية فضلا عن ضعف قدرتها على وضع الا سترا تيجيات وخطط العمل المناسبة على أساس مبدأ المشاركة والتشاور وذلك بسبب الحداثة النسبية للعمل في مجال حقوق الإنسان وعدم امتلاك منظماته للإرث النضالي الكافي لمواجهة الصعوبات والتحديات وبروز الفردية في الإدارة عبر منطق الهيمنة الشخصية البعيد عن العقل المؤسساتي والعمل المشترك 0
2- نقص الموارد المالية وشحها في كثير من الأحيان إذا ما استثنينا بعض الحالات النادرة فالدولة لا تقدم أي تمويل وهناك قيود جدية على جمع الأموال واشتراكات الأعضاء لا تلبي الحد الأدنى من الحاجات الأساسية والتمويل الأجنبي إذا لم يكن ممنوعا فعليه الكثير من التحفظات والقيود , صحيح إن منظمات حقوق الإنسان منظمات طوعية ولكنها ليست ابدأ جمعيات خيرية ولا شك بأنها بحاجة ماسةالى الموارد المالية فضلا عن حاجتها إلى كوادر بشرية متفرغة تقوم بإدارتها ومتابعة العمل الميداني الخاص بها 0
3- إن منظمات حقوق الإنسان هي قوة علنية إصلاحية بامتياز وهي تهدف إلى الإصلاح الديمقراطي الجذري والشامل التدريجي والهادىء عبر الوسائل السلمية وهي تشكل بحق جسراً بين السلطات الحاكمة والمجتمع وهي تلعب دوراً احتجاجياً في وجه ممارسة الانتهاكات وتتحول إلى قوة اقتراح من أجل الإصلاح وخلال هذه العملية تدخل في عمليات شد وجذب كثيرة مع الحكومات, بعض منظمات حقوق الإنسان وتحت تأثير وصاية سياسية حزبية تنادي بالقطيعة مع السلطات الحاكمة كونها يأست منها فتقع فريسة للعزلة والشعاراتية وتبتعد شيئاً فشيئاً عن موقعها الحقيقي في المجتمع وبعض المنظمات الأخرى وبحجة العلاقة مع السلطات الحاكمة وضرورتها تتحول إلى جهات مساومة وتصبح أداة بيد السلطة عن طريق أفراد يديرونها في الغالب تحقيقاً لطموحات ومصالح شخصية وإنني أعتقد بأن دور التيار الثالث الذي لا يدعو إلى القطيعة من جهة ولا يساوم ويهادن من جهة أخرى مازال ضعيفاً في المنطقة العربية وهو مازال يحبو لإيجاد موقعه الطبيعي في المجتمع .
4- ابتعاد الكثير من منظمات حقوق الإنسان في المنطقة العربية عن المرجعية الدولية لحقوق الإنسان والتوجه صوب مرجعيات قومية أو دينية بديلة بحجة الخصوصية حيث يؤدي ذلك إلى تناقصت عجيبة وغربية تؤثر على أداء هذه المنظمات ومصداقيتها في العمل إنني أعتقد بأن الإيمان بالمرجعية الدولية لحقوق الإنسان والعمل وفقها شرط جوهري وحاسم لنجاح أية منظمة تعمل في مجال حقوق الإنسان إضافة إلى العمل السري والذي بات يمارس على نطاق ضيق جدا والدخول في تحالفات مع جهات سياسية حيث إن عمل منظمات حقوق الا نسان يشترط العلنية والابتعاد عن منطق السياسة الحزبية0
5- ضعف التعاون بشكل عام بين القوى الديمقراطية في العالم ومنظمات المجتمع المدني سواء على المستوى المحلي أو الإقليمي أو الدولي .
6-عدم قدرة هذه المنظمات على إصلاح هيكلياتها بعيداً عن الانقسامات وعمليات التشرزم التي غالباً ما تسببها عمليات الشد والجذب مع السلطة الحاكمة من جهة ومع المعارضة السياسية من جهة أخرى إضافة إلى ضعف الإيمان بالمرجعية حيث يساهم ذلك في الابتعاد عن روح المشاركة والعمل المؤسساتي ويجعل المؤسسة فريسة سهلة لأنانيات فردية انتهازية تسخر عمل المؤسسة لشخصها وأنا أعتقد أننا نحن الشرقيون مازلنا ننجح في التجارب الفردية أكثر من التجارب الجماعية حتى اللحظة حتى باتت الفردية سمة النخب أيضاً 0
7- إن عدم تمتع نشطاء حقوق الإنسان بالحماية القانونية وتعرضهم لحملات الاعتقال والمضايقة وخصوصاً في حالات الاعتقال يخلق مشكلة أخلاقية عويصة داخل منظماتهم نظراً لعدم قدرة هذه المنظمات على رعاية عائلات المعتقلين وتوفير الدعم المادي لهم ولمعتقلهم .خلاصة : أعتقد بأن منظمات حقوق الإنسان لا يكيفها الحديث عن الشجاعة في ظل الظروف الأمنية السائدة البالغة التعقيد في غالبية البلدان العربية أو عن المهنية العالية فقط بل هي بحاجة إلى وضع استراتيجيات وخطط عمل تحقق لها الإنجازات الفعلية لممارسة دورها في عملية الإصلاح والدمقرطة التي باتت ضرورة مجتمعية ملحة في المنطقة .
وينبغي على هذه المنظمات أن تتوجه إلى الحكومات الغربية وإلى المنظمات الشقيقة العاملة في الدولة الغربية من أجل ممارسة الضغوط على حكوماتها بغية الكف عن استخدام المعايير المزدوجة تجاه المنطقة وقضاياها والعمل الجدي على إيجاد سلام عادل وشامل في منطقة الشرق الأوسط , والعمل علىاعطاء الأولوية لقضايا الإصلاح والديمقراطية وحقوق الإنسان .
وكما ينبغي على الحكومات العربية البدء بخطوات جدية نحو الإصلاح الجذري والشامل الهادىء والسلمي والديمقراطي بما يضمن التداول السلمي للسلطة من أجل أن يكون الوطن للجميع ومن أجل بناء دولة المواطنة دولة الحق والقانون وذلك عبر إطلاق سراح كافة سجناء الرأي والضمير وإلغاء حالات الطوارىء والمحاكم الاستثنائية وكافة القوانين الجائرة والعمل بموجب الشرعة الدولية لحقوق الإنسان والالتزام بالعهود والمواثيق الدولية دون أي تحفظ والعمل على إصدار قوانين تضمن حرية الأحزاب والصحافة والجمعيات المدنية السلمية والعمل على إيجاد حلول ديمقراطية عادلة لقضايا الشعوب والأقليات الغير العربية التي تعيش في المنطقة وإزالة آثار الغبن اللاحق بها ضمن اطر المتحدات الوطنية وعلى هذه السلطات أن تعترف بالتعددية والاختلاف وكل ما ينتج عن ذلك وعليها أن تعمل على تعزيز دور منظمات المجتمع المدني وحقوق الإنسان وأن تكف عن مضايقة نشطائها وأن تساهم بدورها في نشر ثقافة حقوق الإنسان والمجتمع المدني وأن تقر بمبدأ المشاركة السياسية لجميع المواطنين وفي ذلك مصلحة الوطن كل الوطن لا مصلحة فئة فاسدة سادت طويلا فأ نتجت حطاماً وخراب.
فلكل بلد خصوصيتة التي تؤدي إلى تشكيل حالة حقوق الإنسان فيه.
وعلى الرغم من هذه الخصوصية فإن أوضاع حقوق الإنسان في البلدان العربية تكاد تكون متشابهة ولا تختلف عن بعضها كثيراً نظراً لوجود عدة عوامل مشتركة لا زالت قوية كعامل الدين والثقافة واللغة,اضافة الى موقف الحكومات من الاتفاقيات والقانون الدولي لحقوق الإنسان والالتزام بالمعايير الدولية فعلى الرغم من توقيع غالبية الحكومات على الاتفاقيات الدولية الهامة والملزمة فان أدائها في مجال حقوق الإنسان يشير بوضوح إلى عدم وفائها بالتزاماتها فضلا عن كونها تمتلك سجلات سيئة في مجال حقوق الإنسان عبر انتهاكات حادة ومزمنة لهذه الحقوق حيث إن آليات إعمال معايير هذه الحقوق ضعيفة جدا إن لم نقل أنها معدومة .
إضافة إلى إن حركة حقوق الإنسان ضعيفة بمعنى المنجز رغم امتلاكها في العديد من البلدان موارد بشرية تمتلك تقنيات مهنية عالية إلى جانب امتلاكها للموارد المالية لكنها عموما ضعيفة في وضع الاستراتيجيات الجديدة وخطط العمل والتي تتم عادة بعيدا عن منطق المشاركة والتشاور حيث يقتصر الأخير على الأمور اليومية البسيطة هذا إلى جانب عدم توفر المناخ الدستوري والتشريعي والقانوني الملائم لعمل هذه المنظمات فضلا عن انعدام المناخ السياسي0 ماهية منظمات حقوق الإنسان: لا شك إن منظمات حقوق الإنسان المقصودة هنا هي المنظمات غير الحكومية والتي هي جزء لا يتجزأ من مؤسسات المجتمع المدني وتعرف بأنها توافق طوعي وحر تتلاقى فيه إرادة مجموعة من البشر يعبرون عن مصالح أفراد ويؤمنون بالمرجعية الدولية لحقوق الإنسان ويعتمدون المعايير والآليات الدولية الخاصة بتلك المرجعية على أساس من قيم الديمقراطية وقبول التعدد والاختلاف والتنوع بهدف إجراء عمليةالاصلاح والدمقرطة عبر الوسائل السلمية من اجل خلق جماعات ضغط احتجاجية تتحول إلى قوة اقتراحية بهدف إجراء إصلاحات ديمقراطية سلمية تؤدي إلى خلق توازن بين مصلحة الفرد الضعيف وسلطة الدولة القوية 0 المعوقات الخارجية :
1- إن قضية حقوق الإنسان هي قضية عالمية وتتضمن اتفاقيات ومعايير وآليات محددة ونظراً لكون منشأها الفكري غربي فإن موقف الحكومات الغربية من قضايا المنطقة وخصوصا فيما يخص الموقف من الصراع العربي الإسرائيلي وانحياز الحكومات الغربية حكومة الولايات المتحدة وحكومات الاتحاد الأوربي إلى جانب إسرائيل هذا من ناحية ومن ناحية أخرى موقف الحكومات الغربية من قضايا الإصلاح والديمقراطية وحقوق الإنسان في المنطقة واعتماد منطق يعتمد على معايير غير واضحة ومتناقضة أحياناً حيث تستخدم قضية الإصلاح كسلاح سياسي للضغط على الحكومات لتحقيق مكاسب سياسية واقتصادية لا تتوافق مع مصلحة شعوب المنطقة وتبقي على أنظمة الاستبداد.وتنتهي إلى عمليات إصلاح شكلية لا تلبي إلا المصالح السياسية للدول الغربية مقابل تخفيف الضغوط على أنظمة المنطقة ويصبح هذا الموقف سلاحاً بيد الأنظمة الحاكمة التي تقوم بحملات واسعة لتشويه سمعة نشطاء حقوق الإنسان بحجة تبنيهم فكرة غربية ومولاتهم للغرب عبر شعارات قومية ووطنية فضلا عن أن هذا الموقف أصبح سلاحاً فتاكاً بيد التيارات الدينية التي تعارض عموماً عمليات الإصلاح والدمقرطة وتقف بالضد من مشاركة المرأة ويقف غالبية رجال الدين بالضد من نشطاء حقوق الإنسان مستغلين هذا الموقف وربما أدى هذا الموقف إلى دفع ببعض حركات حقوق الإنسان إلى تبني خطابات بديلة كطرح مسالة الإعلان الإسلامي لحقوق الإنسان أو تبني اولويات قومية مثلا
2- عدم انتشار ثقافة حقوق الإنسان بالمعنى المعرفي سواءً لدى أفراد المجتمع أو لدى المؤسسات الحكومية أو لدى المؤسسات الإعلامية اوحتى لدى الجهات الحقوقية نفسها شكل عائقا جديا أمام نشطاء حقوق الإنسان وجعلهم فريسة سهلة لقمع السلطات0
3- الوصاية السياسة لبعض الجهات على منظمات حقوق الإنسان والتي تبعدها عن موقعها الحقيقي في لعب دورها الاحتجاجي الأقتراحي وتدفعها إلى اعتماد منطق القطيعة مع السلطة الحاكمة وبالتالي الوقوع في براثن العزلة والتقوقع أو أنها تندفع نتيجة مصالح سياسية للوصي وتتحول إلى لعبة أو دمية بيد السلطات الحاكمة بحجة العلاقة مع الحكومة فتفقد حيا ديتها وبالتالي مصداقيتها 0
4- عدم توفر البيئة الدستورية والتشريعية والقانونية والسياسية الملائمة لعمل منظمات حقوق الإنسان إضافة إلى وجود قوانين الطوارئ وفرض حالاته والمحاكم الاستثنائية وكثرة القوانين التي تساعد الموظف الحكومي على الإفلات من العقاب إضافة إلى عدم وجود قوانين تنظم الحياة الحزبية والعامة وإن وجدت فهي غير عصرية ولا تواكب التطور وتتعمد تقيد حرية تشكيل الأحزاب والجمعيات وتمنح رقابة واسعة للسلطات على نشاط هذه الأحزاب والجمعيات0
5- موقف الأنظمة العربية وبعض القوى والتيارات الرئيسية من قضية الإصلاح وعدم امتلاكها للإرادة الكافية لإجراء إصلاح حقيقي كضرورة مجتمعية ووطنية ملحة بل إن الكثير من الحكومات لا تمتلك حتى الرغبة في إجراء الإصلاح تحت حجج ومبررات واهية0
6- القمع المنظم لنشطاء المجتمع المدني بشكل عام واعتماد الأسلوب الأمني في معالجة المشكلات السياسية والمجتمعية وتقيد حرية الصحافة واقتصار دور الإعلام إلى كونه يوق من أبواق السلطة الحاكمة وتقيد حرية الجمعيات والاتحادات والنقابات لدرجة ضمان تبعيتها وإلحاقها بالسلطة0
7- غياب المشاركة السياسية واعتماد أنظمة شمولية وأنظمة الحزب الواحد أو أنظمة حكم الفرد وحرمان الكثير من الجماعات من المشاركة في الانتخابات وبالتالي من المشاركة في الحياة العامة وغياب مبدأ المواطنة0
8- انتشار الفكر الأصولي والعمليات الإرهابية ووسائل مكافحتها وربطها بالإسلام من قبل الغرب أضر بشكل فادح بنشاط منظمات حقوق الإنسان,عبر اعتماد المنظمات الإرهابية لثقافة العنف والقتل والكراهية بدلاً عن ثقافة الحوار والتسامح والسلم حيث تحاول بعض السلطات الحاكمة وبحجة مكافحة الإرهاب إلى تعزيز السيطرة الأمنية على المجتمع مما أدى إلى تعزيز ثقافة العنف والكراهية في المنطقة عموما 0 المعوقات الداخلية:
1- نقص الكوادر البشرية الكفؤة التي تتمتع بقدرات مهنية احترافية فضلا عن ضعف قدرتها على وضع الا سترا تيجيات وخطط العمل المناسبة على أساس مبدأ المشاركة والتشاور وذلك بسبب الحداثة النسبية للعمل في مجال حقوق الإنسان وعدم امتلاك منظماته للإرث النضالي الكافي لمواجهة الصعوبات والتحديات وبروز الفردية في الإدارة عبر منطق الهيمنة الشخصية البعيد عن العقل المؤسساتي والعمل المشترك 0
2- نقص الموارد المالية وشحها في كثير من الأحيان إذا ما استثنينا بعض الحالات النادرة فالدولة لا تقدم أي تمويل وهناك قيود جدية على جمع الأموال واشتراكات الأعضاء لا تلبي الحد الأدنى من الحاجات الأساسية والتمويل الأجنبي إذا لم يكن ممنوعا فعليه الكثير من التحفظات والقيود , صحيح إن منظمات حقوق الإنسان منظمات طوعية ولكنها ليست ابدأ جمعيات خيرية ولا شك بأنها بحاجة ماسةالى الموارد المالية فضلا عن حاجتها إلى كوادر بشرية متفرغة تقوم بإدارتها ومتابعة العمل الميداني الخاص بها 0
3- إن منظمات حقوق الإنسان هي قوة علنية إصلاحية بامتياز وهي تهدف إلى الإصلاح الديمقراطي الجذري والشامل التدريجي والهادىء عبر الوسائل السلمية وهي تشكل بحق جسراً بين السلطات الحاكمة والمجتمع وهي تلعب دوراً احتجاجياً في وجه ممارسة الانتهاكات وتتحول إلى قوة اقتراح من أجل الإصلاح وخلال هذه العملية تدخل في عمليات شد وجذب كثيرة مع الحكومات, بعض منظمات حقوق الإنسان وتحت تأثير وصاية سياسية حزبية تنادي بالقطيعة مع السلطات الحاكمة كونها يأست منها فتقع فريسة للعزلة والشعاراتية وتبتعد شيئاً فشيئاً عن موقعها الحقيقي في المجتمع وبعض المنظمات الأخرى وبحجة العلاقة مع السلطات الحاكمة وضرورتها تتحول إلى جهات مساومة وتصبح أداة بيد السلطة عن طريق أفراد يديرونها في الغالب تحقيقاً لطموحات ومصالح شخصية وإنني أعتقد بأن دور التيار الثالث الذي لا يدعو إلى القطيعة من جهة ولا يساوم ويهادن من جهة أخرى مازال ضعيفاً في المنطقة العربية وهو مازال يحبو لإيجاد موقعه الطبيعي في المجتمع .
4- ابتعاد الكثير من منظمات حقوق الإنسان في المنطقة العربية عن المرجعية الدولية لحقوق الإنسان والتوجه صوب مرجعيات قومية أو دينية بديلة بحجة الخصوصية حيث يؤدي ذلك إلى تناقصت عجيبة وغربية تؤثر على أداء هذه المنظمات ومصداقيتها في العمل إنني أعتقد بأن الإيمان بالمرجعية الدولية لحقوق الإنسان والعمل وفقها شرط جوهري وحاسم لنجاح أية منظمة تعمل في مجال حقوق الإنسان إضافة إلى العمل السري والذي بات يمارس على نطاق ضيق جدا والدخول في تحالفات مع جهات سياسية حيث إن عمل منظمات حقوق الا نسان يشترط العلنية والابتعاد عن منطق السياسة الحزبية0
5- ضعف التعاون بشكل عام بين القوى الديمقراطية في العالم ومنظمات المجتمع المدني سواء على المستوى المحلي أو الإقليمي أو الدولي .
6-عدم قدرة هذه المنظمات على إصلاح هيكلياتها بعيداً عن الانقسامات وعمليات التشرزم التي غالباً ما تسببها عمليات الشد والجذب مع السلطة الحاكمة من جهة ومع المعارضة السياسية من جهة أخرى إضافة إلى ضعف الإيمان بالمرجعية حيث يساهم ذلك في الابتعاد عن روح المشاركة والعمل المؤسساتي ويجعل المؤسسة فريسة سهلة لأنانيات فردية انتهازية تسخر عمل المؤسسة لشخصها وأنا أعتقد أننا نحن الشرقيون مازلنا ننجح في التجارب الفردية أكثر من التجارب الجماعية حتى اللحظة حتى باتت الفردية سمة النخب أيضاً 0
7- إن عدم تمتع نشطاء حقوق الإنسان بالحماية القانونية وتعرضهم لحملات الاعتقال والمضايقة وخصوصاً في حالات الاعتقال يخلق مشكلة أخلاقية عويصة داخل منظماتهم نظراً لعدم قدرة هذه المنظمات على رعاية عائلات المعتقلين وتوفير الدعم المادي لهم ولمعتقلهم .خلاصة : أعتقد بأن منظمات حقوق الإنسان لا يكيفها الحديث عن الشجاعة في ظل الظروف الأمنية السائدة البالغة التعقيد في غالبية البلدان العربية أو عن المهنية العالية فقط بل هي بحاجة إلى وضع استراتيجيات وخطط عمل تحقق لها الإنجازات الفعلية لممارسة دورها في عملية الإصلاح والدمقرطة التي باتت ضرورة مجتمعية ملحة في المنطقة .
وينبغي على هذه المنظمات أن تتوجه إلى الحكومات الغربية وإلى المنظمات الشقيقة العاملة في الدولة الغربية من أجل ممارسة الضغوط على حكوماتها بغية الكف عن استخدام المعايير المزدوجة تجاه المنطقة وقضاياها والعمل الجدي على إيجاد سلام عادل وشامل في منطقة الشرق الأوسط , والعمل علىاعطاء الأولوية لقضايا الإصلاح والديمقراطية وحقوق الإنسان .
وكما ينبغي على الحكومات العربية البدء بخطوات جدية نحو الإصلاح الجذري والشامل الهادىء والسلمي والديمقراطي بما يضمن التداول السلمي للسلطة من أجل أن يكون الوطن للجميع ومن أجل بناء دولة المواطنة دولة الحق والقانون وذلك عبر إطلاق سراح كافة سجناء الرأي والضمير وإلغاء حالات الطوارىء والمحاكم الاستثنائية وكافة القوانين الجائرة والعمل بموجب الشرعة الدولية لحقوق الإنسان والالتزام بالعهود والمواثيق الدولية دون أي تحفظ والعمل على إصدار قوانين تضمن حرية الأحزاب والصحافة والجمعيات المدنية السلمية والعمل على إيجاد حلول ديمقراطية عادلة لقضايا الشعوب والأقليات الغير العربية التي تعيش في المنطقة وإزالة آثار الغبن اللاحق بها ضمن اطر المتحدات الوطنية وعلى هذه السلطات أن تعترف بالتعددية والاختلاف وكل ما ينتج عن ذلك وعليها أن تعمل على تعزيز دور منظمات المجتمع المدني وحقوق الإنسان وأن تكف عن مضايقة نشطائها وأن تساهم بدورها في نشر ثقافة حقوق الإنسان والمجتمع المدني وأن تقر بمبدأ المشاركة السياسية لجميع المواطنين وفي ذلك مصلحة الوطن كل الوطن لا مصلحة فئة فاسدة سادت طويلا فأ نتجت حطاماً وخراب.
سوريا –كوباني في 26/7/2006
ملاحظة: قرأت هذه الورقة بصفتي رئيس مجلس إدارة الجنة الكردية لحقوق الإنسان في سوريا في ورشة العمل التي نظمها مركز عمان لدراسات حقوق الإنسان في عمان بتاريخ 27-28-7-2006حول آليات عمل منظمات المجتمع المدني الصعوبات والآفاق والتي شارك فيها العديد من الهيئات المدنية والمنظمات الحقوقية في سوريا0