الحركة الكردية .. عريقة و متجذرة وتؤدي دورا تاريخيا

  افتتاحية الديمقراطي *

دأبت الأوساط الشوفينية على ممارسة أساليبها المعهودة في انتهاج سياسة رجعية وعنصرية إزاء القضية الكردية ، ولذا فهي مستمرة في محاربة الحركة الكردية عبر إلصاق تهم باطلة بها وتقديم صورة مشوهة ومضللة عنها إلى الرأي العام ..وخلال عشرات السنين كانت الحركة الكردية هدفا لحملات متواصلة استهدفت إضعافها وبذر الخلافات واختلاق الانشقاقات فيها و بث الأقاويل التي تردد دون توقف بأن الحركة الكردية منقسمة ومتفتتة ..الخ .

إلى إن وصل الأمر في الآونة الأخيرة الى طرح مقولات بأن الحركة الكردية يجب إنهائها وإلغائها!! ولعل من يتابع بعض الكتابات سيجد أصداء هذه المقولات في ما ينشره بعض الكَتَبَة (الأكراد).
إن الجماهير الكردية، وهي التي تعاني الأمرين من سياسات الاضطهاد والتفرقة،تدرك جيدا أهمية وجود الحركة،وتلمس أنها موجودة،وأدت واجبها التاريخي في حماية الشعب الكردي بكفاءة في ظل ظروف بالغة القساوة والتعقيد،وهي ليست بهذه المواصفات السلبية التي يرسمها الخصوم،بل على العكس،فهي حركة عريقة و متجذرة في المجتمع الكردي،وتمتلك عوامل القوة والفعالية،وهي اليوم تشكل جزءا هاما من الحركة الوطنية والديمقراطية في البلاد،وتعمل متعاونة معها وفق برنامج وسياسة عصرية تجسدت في صيغة(إعلان دمشق) الذي طرح مهام نبيلة تتجسد في النضال من أجل التغيير الديمقراطي السلمي،وإيجاد حل ديمقراطي عادل للقضية الكردية،وبناء الدولة المدنية التي يتساوى فيها جميع مكونات مجتمعنا السوري في الحقوق والواجبات .
طبعا من غير الواقعي نفي وجود معضلات تعاني منها الحركة السياسية في سوريا ومن ضمنها الحركة الكردية ..وهذه المعضلات ليست بالجديدة ولم تأتي من فراغ أو من المجهول،وقد باتت مراميها مفهومة وتنكشف يوما بعد يوم هوية من يختلقها ومن ينفذها..

ولأن تلك المرامي أصبحت مكشوفة فهي تفقد مفاعيلها وتتراجع تأثيراتها مع الزمن نظرا للخبرة التي تتراكم لدى الناس إزائها، وقد وصل وعي الجماهير إلى درجة يصعب معها تمرير تلك الأساليب .


إن أساليب التضليل والتمسك بالسياسات العنصرية والترويج للشعارات المخادعة والمضللة، بعد أن سقطت عنها الأقنعة، باتت اليوم من مخلفات الماضي ، وهي لم تثمر سوى عن مآسي عانى منها الشعب الكردي وألحقت الأذى بمجمل القضايا الوطنية السورية ..

ولذا فليس هناك خيار وطني سوى إلغاء تلك السياسات ، والتخلي عن مثل تلك الطروحات ..ثم أن الحقائق الواضحة ومجريات الحياة والتطورات بمجملها تشير ليس إلى زوال ونهاية حركة شعب مضطهد تطالب برفع الظلم وتحقيق الديمقراطية،كالحركة الكردية،وإنما تؤكد بأن الاضمحلال والزوال هو مصير السياسات الرجعية و الشوفينية والعنصرية المتخلفة..
أما ما يردده الكتبة من (الأكراد) عن نهاية الحركة فهي لا تعدو عن كونها أمنية سوداء وتعبير عن ما وصل إليه الحال لديهم هم من رداءة ، ليس إلا ..

* جريدة نصف شهرية يصدرها الحزب الديمقراطي التقدمي الكردي في سوريا – العدد 528 أوائل تموز 2009

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

شيروان شاهين تحوّل الصراع في سوريا، الذي بدأ منذ 14 سنة كحركة احتجاجات شعبية، من حالة صراع بين ميليشيات مسلحة وسلطة منهكة على مستوى أطراف المدن والأرياف إلى صراع طال شكل الدولة ككل. حيث أفرزت الحرب الأهلية واقعًا وعنوانًا جديدًا في 8 ديسمبر 2024: انهيار دولة البعث وإعلان دولة القاعدة. تميّز حكم البعث، الذي بدأه أمين الحافظ “السني”…

اكرم حسين   طرح الأستاذ عاكف حسن في مقاله هل ما زلنا بحاجة إلى الأحزاب السياسية؟ إشكالية عميقة حول جدوى الأحزاب السياسية اليوم، متسائلاً عمّا إذا كانت لا تزال ضرورة أم أنها تحولت إلى عبء ، ولا شك أن هذا التساؤل يعكس قلقاً مشروعًا حيال واقع حزبي مأزوم، خاصة في سياقنا الكردي السوري، حيث تتكاثر الأحزاب دون أن تنعكس…

صلاح عمر   ثمة وجوه تراها حولك لا تشبه نفسها، تبتسم بقدر ما تقترب من الضوء، وتتجهم حين تبتعد عنه. وجوهٌ لا تعرف لها ملامح ثابتة، تتشكل وفقًا لدرجة النفوذ الذي تقترب منه، وتتلون بلون الكرسي الذي تطمح أن تجلس بقربه. هؤلاء هم “المتسلقون”… لا يزرعون وردًا في القلوب، بل ينثرون شوك الطمع على دروب المصالح. لا تعرفهم في البدايات،…

أزاد فتحي خليل*   لم تكن الثورة السورية مجرّد احتجاج شعبي ضد استبداد عمره عقود، بل كانت انفجاراً سياسياً واجتماعياً لأمة ظلت مقموعة تحت قبضة حكم الفرد الواحد منذ ولادة الدولة الحديثة. فمنذ تأسيس الجمهورية السورية بعد الاستقلال عام 1946، سُلب القرار من يد الشعب وتحوّلت الدولة إلى حلبة صراع بين الانقلابات والنخب العسكرية، قبل أن يستقر الحكم بيد…